السبت 12 ذوالقعدة 1446 
qodsna.ir qodsna.ir
عمليات نوعية وتكتيكات متقدمة..

من رفح إلى الشجاعية.. القسام يفتح "أبواب الجحيم" ويضرب جنود الاحتلال بـ"كمائن الموت"

من بيت حانون للشجاعية إلى رفح، تضرب كتائب القسام جنود الاحتلال الإسرائيلي، من خلال سلسلة عمليات نوعية وقاتلة، اتسمت بالتنسيق العالي و"كمائن الموت" المحكمة، التي أظهرت تطوراً في تكتيكات العمل المقاوم رغم استمرار الحصار والهجمات الجوية المكثفة.

حيث أعلنت مصادر إسرائيلية، عن إصابة تسعة جنود من جيش الاحتلال الإسرائيلي، بينهم ضابط كبير برتبة عقيد، في عملية نفذتها المقاومة الفلسطينية في حي الشجاعية شرق مدينة غزة.

 

 وتأتي هذه العملية ضمن سلسلة من العمليات المنسقة التي نفذتها فصائل المقاومة خلال الأسبوع الأخير، حيث بدأت العمليات في بيت حانون شمال القطاع، وتوسعت لاحقاً إلى رفح جنوباً، قبل أن تفاجئ جيش الاحتلال لإسرائيلي بعملية نوعية في الشجاعية، وصفت بالأعنف خلال الأيام الماضية.

 

هذه العمليات، وفق خبراء عسكريين، تمثل تطوراً استراتيجياً في أداء المقاومة، إذ تنقل المعركة من موقع الدفاع إلى الهجوم التكتيكي، وتربك حسابات الاحتلال، خصوصاً في ظل حديث متصاعد داخل الاحتلال عن غياب الأفق السياسي وجدوى العمليات البرية المتواصلة.

 

كما تسعى المقاومة، من خلال "كمائن الموت"، إلى نقل جزء من كلفة الحرب إلى جيش الاحتلال نفسه، ومع دخول الحرب شهرها التاسع عشر، تؤكد المقاومة أنها ما زالت تملك أوراق قوة ميدانية قادرة على إحداث فرق في موازين الاشتباك. ويرى مراقبون أن توقيت هذه العمليات يكتسب أهمية خاصة، إذ تتزامن مع تصاعد الانتقادات داخل الكيان بشأن جدوى استمرار الحرب على غزة، حيث تزداد الأصوات المعارضة التي تعتبر أن الحرب تخدم رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو سياسياً، دون تحقيق أهداف واضحة.

 

ورغم أن مثل هذه العمليات لا تُعد سبباً مباشراً لإنهاء الحرب، إلا أنها تسهم في رفع كلفة استمرار التوغل العسكري في غزة، حيث لم يعد الفلسطيني وحده من يدفع الثمن، بل الجندي الإسرائيلي أيضاً، وهو ما يعكس واقعاً مغايراً لتقديرات سابقة تحدثت عن انهيار المقاومة خلال الأشهر الأولى من الحرب.

 

 وتُعد كمائن الأنفاق والتفجير عن بُعد، إلى جانب الاشتباكات المباشرة، أبرز الأساليب التي تستخدمها كتائب القسام في استنزاف قوات الاحتلال، ضمن استراتيجية تعتمد على المفاجأة والتكلفة البشرية العالية، ما يزيد من الضغوط السياسية والعسكرية على قيادة الاحتلال الإسرائيلي.  

 

"المقاومة متماسكة"

 

وأجمع خبراء ومحللون على أن المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة لا تزال متماسكة وقادرة على القتال بعد أكثر من عام ونصف العام من الحرب، مؤكدين أن مزاعم الاحتلال بإنهاك المقاومة غير صحيحة، وأن الاحتلال يواجه تحديات ميدانية كبيرة مع استمرار المقاومة في توجيه ضربات لجيش الاحتلال الإسرائيلي.

 

وبحسب الخبير العسكري والإستراتيجي اللواء فايز الدويري، فإن فيديوهات عمليات المقاومة التي عُرضت مؤخرا والتي توثق عمليات عسكرية ضد الجنود الإسرائيليين تعكس "وضعا ميدانيا متماسكا للمقاومة"، لافتا إلى أن طبيعة حركة جيش الاحتلال سمحت للمقاومة بالتحرك والاشتباك وإيقاع خسائر.

 

وأوضح الدويري، أن التقديرات تشير إلى وجود ما بين 30 و40 ألف مقاتل من حركة المقاومة الإسلامية (حماس) لا يزالون موجودين في غزة، مؤكدا أن المقاومة ستواصل التصدي للعمليات العسكرية الإسرائيلية، وأن المقاربة العسكرية الإسرائيلية ستفشل في النهاية.

 

ووفق الدويري، فإن جيش الاحتلال اتخذ وضعية دفاعية تعتمد على عمليات المراقبة، مما يدفع مقاتلي الفصائل الفلسطينية للتدخل ضد قواته بمقاربة عسكرية محددة هي حرب العصابات، تحت عنوان "حرب الاستنزاف".

 

 ولفت إلى أن أداء المقاومة يُعرف في الأدبيات العسكرية باسم عمليات "سمكة الصحراء"؛ أي الظهور في الزمان والمكان غير المتوقعين، وممارسة الترويع والصدمة عبر إيقاع أكبر خسائر ممكنة ثم الانكفاء والانسحاب.

 

واستدل الخبير العسكري بعمليات المقاومة في أحياء الشجاعية والتفاح بمدينة غزة وبيت حانون شمالا، إضافة إلى ما يحدث في جنوبي القطاع. ومن جانبه، قال الخبير العسكري والإستراتيجي العميد إلياس حنا، إن العمليات العسكرية للمقاومة تكررت مؤخراً بعد توقف طويل عندما بدأ جيش الاحتلال تنفيذ سياسة "القضم المتدرج" في قطاع غزة، مؤكدًا على أن هذه الكمائن ترسم معادلة جديدة للمرحلة القادمة إذا قرر الاحتلال التوغل في القطاع.

 

 ورجح حنّا أن تكون الحكومة الإسرائيلية اتخذت قراراً بالدخول عسكرياً إلى غزة واستدعاء الاحتياط، موضحاً أن المقاومة ستواجه هذا التصعيد باعتماد إستراتيجية "اضرب واهرب" وحرب العصابات بهدف استنزاف قوات الاحتلال على المدى الطويل. وفي تحليله لعناصر القوة لدى المقاومة، أكد العميد أن العنصر الأهم هو استطاعتها الوصول إلى مناطق يعتبرها جيش الاحتلال آمنة، سواء في رفح جنوباً أو بيت حانون شمالاً، إضافة إلى قدرتها على تنفيذ العمليات والانسحاب بنجاح.  

 

  "هجوم تكتيكي منسق"

 

ومن جهته، أكد المحلل العسكري والأمني رامي أبو زبيدة أن سلسلة العمليات العسكرية الأخيرة للمقاومة في مدينة رفح تشير إلى تحول استراتيجي واضح، من مرحلة الدفاع إلى مرحلة الهجوم التكتيكي المنسق.

 

 وأوضح أبو زبيدة في تصريح خاص بوكالة "شهاب" للأنباء، أن هذا التحول يتجلى من خلال النمط المتصاعد للعمليات، الذي يشمل تفجير عبوات أرضية ضد قوات مدرعة، واستهداف وحدات نوعية مثل لواء "جولاني" داخل المباني، وتنفيذ كمائن متعددة الاتجاهات.

 

 وأشار أبو زبيدة إلى أن هذه العمليات نفذت في عمق رفح وليس على أطرافها، مما يدحض الرواية الإسرائيلية حول السيطرة على المدينة.

 

ولفت إلى أن توقيت هذه الضربات جاء متزامناً مع إعلان جيش الاحتلال الإسرائيلي بدء مرحلة السيطرة على رفح، مما يؤكد أن المقاومة كانت تتحرك وفق خطة مضادة مسبقة، وأنها ما تزال قادرة على المناورة والضرب في المناطق التي يدعي الاحتلال السيطرة عليها.

 

وأضاف المحلل العسكري أن المقاومة تعتمد في عملياتها على شبكة عبوات أرضية مزروعة في عمق المدينة، إلى جانب وحدات صغيرة خفيفة الحركة تنفذ هجمات متزامنة في أكثر من محور.

 

كما تستخدم المباني المفخخة لخلق بيئة قتالية معقدة، تجمع بين الكمائن الأرضية والضربات داخل الأبنية، مما يجعل مواجهتها صعبة للقوات الإسرائيلية التي تعتمد بشكل كبير على التغطية الجوية والنارية للتحرك. من ناحية أخرى، أكد أبو زبيدة أن هذه العمليات لا تقتصر على تأثيرها الميداني فحسب، بل تمتد إلى ضرب الجبهة الداخلية الإسرائيلية. وأوضح أن الخسائر المتكررة بين صفوف جيش الاحتلال الإسرائيلي، بما في ذلك انهيار المباني على القوات وتفجير العبوات المزدوجة، أدت إلى تدهور معنويات الجنود، خاصة مع تزايد امتناع جنود الاحتياط عن الاستجابة لنداءات التعبئة.

 

وخلص المحلل العسكري إلى أن المقاومة تمكنت، من خلال هذه العمليات، من تفكيك الادعاءات الإسرائيلية حول "السيطرة" على رفح، مؤكداً أن ما يحدث على الأرض يثبت أن السيطرة الإسرائيلية مجرد تواجد محدود وغير آمن، بينما تعمل المقاومة بخطة استنزاف ناجحة تعكس كفاءة قيادية وقدرة على التحكم في الميدان رغم كل محاولات القصف والمراقبة.

 

ويواصل جيش الاحتلال عدوانه على قطاع غزة، بعد تنصله من اتفاق وقف إطلاق النار منذ 18 مارس المنصرم، وذلك عقب انتهاء المرحلة الأولى من الاتفاق والتي استمرّت 50 يومًا.


| رمز الموضوع: 403755







المستعمل تعليقات

الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS
  1. أسير إسرائيلي: إذا أردتم أن تعرفوا عدد الأسرى إسألوا سارة نتنياهو
  2. إصابة 9 جنود إسرائيليين بينهم نائب قائد فرقة وقائد كتيبة في الشجاعية بغزة
  3. في إطار جمعات الغضب.. مدن إيرانية تنظم وقفات تضامنية مع غزة
  4. صنعاء تستهدف "بن غوريون" بصاروخ باليستي فرط صوتي.. وتُهاجم هدفاً في يافا المحتلة
  5. كتائب القسام توقع قوة إسرائيلية في حقل ألغام.. وجنود الاحتلال بين قتيل وجريح
  6. المشّاط للإسرائيليين: لا تراجع عن إسناد غزّة.. الزموا الملاجئ ردّنا سيكون مزلزلاً
  7. الإدارة الأميركية ترضخ.. القوات اليمنية تستفرد بالعدو الصهيوني
  8. انصار الله: إعلان ترامب فشل لنتنياهو
  9. سرايا القدس تسيطر على مُسيرة إسرائيلية شرق مدينة غزة
  10. العدوان الإسرائيلي على مطار صنعاء الدولي.. هجوم استعراضي موجه للداخل الصهيوني
  11. عدوان أمريكي إسرائيلي غاشم على اليمن بعشرات الطائرات
  12. وزير الخارجية الإيراني: الدعم القاتل لإبادة نتنياهو الجماعية في غزة، وشن الحرب نيابةً عنه في اليمن، لم يُحققا شيئاً للشعب الأميركي
فيديو

وكالةالقدس للأنباء


وكالةالقدس للأنباء

جميع الحقوق محفوظة لوکالة القدس للأنباء(قدسنا)