"نيويورك تايمز" تدحض الرواية
خبير حقوقي: تصعيد الاحتلال بإعدام المسعفين في رفح يهدد القانون الدولي ويدعو للمحاسبة

حصلت صحيفة "نيويورك تايمز" على فيديو من دبلوماسي في الأمم المتحدة، يظهر أضواء وعلامات الهلال الأحمر على سيارات الإسعاف التي استهدفتها إسرائيل في رفح، ما أسفر عن استشهاد عدد من المسعفين.
وأظهر الفيديو المصوّر، الذي نشرته "نيويورك تايمز"، وبشكل واضح، أن مركبات الإسعاف والإطفاء التي كان يستقلها المسعفون وطواقم الدفاع المدني، كانت معلّمة بوضوح، وأضواء الطوارئ كانت مضاءة، أثناء تعرضهم لإطلاق النار من قبل قوات الاحتلال.
وسُمع في المقطع، الذي جرى تداوله على نطاق واسع، دوي رصاص إسرائيلي أُطلق صوب رجال الإسعاف في المنطقة، حيث حاول في حينه المسعف مصوّر الفيديو الاحتماء.
ويدحض هذا المقطع رواية الجيش الإسرائيلي، التي نشرها في الحادي والثلاثين من مارس/آذار الماضي عن هذه الواقعة، وزعم فيها أنه لم يهاجم مركبات إسعاف عشوائيًا، إنما رصد اقتراب عدة سيارات بصورة مشبوهة من قوات الجيش، دون قيامها بتشغيل أضواء أو إشارات الطوارئ، ما دفع القوات لإطلاق النار صوبها، وفق ادعائه.
وزعم الجيش أنه قضى في مهاجمته طواقم الدفاع المدني والهلال الأحمر على "أحد عناصر الجناح العسكري لحركة حماس، إضافة إلى ثمانية آخرين ينتمون للحركة الفلسطينية وللجهاد الإسلامي".
من جانبه، قال المحامي فريد الأطرش إن هذه الأفعال تمثل "جرائم حرب" واضحة ومخالفة للقانون الدولي الإنساني، وبالأخص اتفاقيات جنيف.
وأكد الأطرش، في تصريح لوكالة شهاب، أن هذه الأفعال تندرج تحت بند التجريم في ميثاق روما المؤسس لنظام المحكمة الجنائية الدولية، حيث تُعتبر انتهاكات خطيرة للقوانين المعتمدة على النزاعات الدولية المسلحة. وأوضح الأطرش أن "تعمد شن هجمات ضد موظفين أو منشآت أو وحدات طبية، وأفراد يستخدمون الشعارات المميزة في تنفيذ مهام المساعدات الإنسانية، يُعد جريمة حرب وفقًا للقانون الدولي".
وأضاف أن مثل هذه الهجمات، التي تشمل استهداف المباني الطبية ووسائل النقل المعنية بتقديم المساعدات الإنسانية، محظورة بموجب اتفاقيات جنيف.
وتابع الأطرش أن هذه الانتهاكات تتطلب "توسيع نطاق الاتهام أمام المحكمة الجنائية الدولية لتشمل كل من يثبت ارتكابه لهذه الجرائم"، مشيرًا إلى ضرورة وجود "إرادة دولية حقيقية لوقف هذه الجرائم" مثل القتل المتعمّد بحق المدنيين، التي تُعد أيضًا جزءًا من جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية.
وأشار الأطرش إلى أن "غموض المساءلة والإفلات من العقاب يشكلان حصانة لقوة الاحتلال، مما يشجعها على ارتكاب المزيد من الجرائم دون محاسبة"، مؤكدًا أن "هذا يُعد مقدمة لانهيار سيادة القانون الدولي الإنساني".
وقال الأطرش، في ختام تصريحاته: "غياب احترام قواعد القانون الدولي يُنذر بسيادة القوة والتعسف، ويشكل نسفًا للقيم الإنسانية التي ناضل العالم من أجلها". وفي هذا الإطار، أشارت المتحدثة باسم الهلال الأحمر الفلسطيني، نبال فرسخ، إلى أن الفيديو الذي نشرته "نيويورك تايمز" لاستشهاد عمال الإغاثة، عُثر عليه في هاتف أحد المسعفين.
وأكدت، في حديث صحفي، أن الفيديو يدحض الرواية الإسرائيلية بأن مركبات الإسعاف المستهدفة في رفح لم تكن مضاءة. بدورها، اعتبرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية أن الفيديو يثير الشكوك حول رواية الجيش. وسلّطت الجريمة التي ارتكبها الجيش الإسرائيلي في رفح مؤخرًا، بحق طواقم الهلال الأحمر والدفاع المدني الفلسطيني، الضوء على الانتهاكات المستمرة التي يتعرض لها العاملون في المجال الإنساني في قطاع غزة.
وفي الثلاثين من مارس/آذار الماضي، أعلنت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني انتشال جثامين أربعة عشر شهيدًا، من بينهم ثمانية مسعفين من طواقمها، وخمسة من طواقم الإنقاذ، وموظف يتبع لوكالة الأمم المتحدة، إثر فقدان آثارهم قبل ثمانية أيام بعد أن حاصرتهم قوات الاحتلال الإسرائيلي.
واستُشهد هؤلاء المسعفون في إطلاق الاحتلال النار على سيارات إسعاف في رفح بجنوب قطاع غزة، في الثالث والعشرين من مارس/آذار الماضي.