qodsna.ir qodsna.ir

الاحتلال والسلطة و
الانتخابات التشريعية

وكالة القدس للأنباء (قدسنا)

وكالة القدس للأنباء (قدسنا): كشفت وسائل إعلام إسرائيلية عن وجود مخاف لدى الإدارة الأمريكية من احتمالية فوز حركة المقامة الإسلامية "حماس" بالانتخابات التشريعية الفلسطينية التي ستجري في 22 ايار/مايو القادم، بسبب ما تعانيه حركة فتح من ضعف وانقسام كبيرين.

 

وكان موقع "والا" الاسرائيلي قد ذكر نقلا عن مسؤولين إسرائيليين أن وزير الخارجية الامريكية انتوني بلينكن ناقش مع وزير خارجية الاحتلال "غابي اشكنازي" مخاوف كلا الجانبين من فوز حركة حماس، وضرورة التصدي لذلك ومنع حدوثه.

 

كما ناقش الطرفان الأمريكي والصهيوني الانقسام الداخلي في حركة فتح واحتمالية أن يؤدي ذلك الى إضعاف الحركة التي ينتمي اليها رئيس السلطة محمود عباس، ويمهد الطريق لفوز حماس.

 

وأظهرت المتابعات وجود انقسام داخل حركة فتح حيث انقسمت قوائم الحركة إلى ثلاث قوائم في حين قدمت حماس قائمة واحدة وصفت بالمتماسكة. ويأتي هذا الانسجام في موقف حركة حماس على الرغم من الحرية التي تمتلكها حركة فتح في الضفة الغربية باعتبارها الحركة التي تقود السلطة، والتي كانت قد وجّهت جميع طاقاتها إلى إيجاد شكل سياسي خاص للحكم في الأراضي الفلسطينية المحتلة اتسم بمحاولة الحركة تحييد الجماهير عن الاهتمام بالشأن العام.

 

وكمثال لهذه المضايقات على حركة حماس من جانب قوات الاحتلال فقد بادرت قوات الاحتلال الإسرائيلي، الثلاثاء الماضي باعتقال الشيخ حسن الورديان، أحد مرشحي قائمة "القدس موعدنا"، التابعة لحركة "المقاومة الإسلامية"(حماس)، والتي ستخوض الانتخابات التشريعية المقبلة، وهو أول مرشح في القائمة يتم اعتقاله بعد تسجيلها رسمياً لدى لجنة الانتخابات المركزية الفلسطينية.

 

وهكذا وبمجرد الانتماء للحركة أو تقديم خدمات لها يكفي لكي تقوم قوات الاحتلال باعتقال الشخص وتقييد حركته، ويتضاعف هذا الاحتمال بحسب مستوى النشاط وموقع المسؤولية داخل الحركة، وهو أمر يتعارض بالضرورة مع متطلبات العمل العامّ، الذي يحتاج قدراً كبيراً من العلنية والأريحية وحرّية التحرّك. ومع ذلك كلّه، تمكّنت حماس من اختيار أعضاء قائمتها في الضفّة الغربية.

الانشقاقات في حركة حماس لها جذور تاريخية

 

وبالعودة إلى حركة فتح فنلاحظ أن ظاهرة الانشقاق في الحركة لها جذور تاريخية طويلة فمنذ الإعلان عن الحركة ظهرت الانشقاقات أثناء الانتفاضة عام 1983، وكانت بعض الأسباب في الخلافات داخل الحركة يعود إلى الاختلاف الأيديولوجي أو السياسي بين أعضاء الحركة وقياداتها. لكنّ الاختلافات التي عصفت بها أخيراً هي اختلافات شخصية صرفة، وفي أحسن أحوالها تنادي بالإصلاح التنظيمي، لتخليص الحركة من حالة الهيمنة المركزية السلطوية عليها، وهي الحالة التي تقصي العديد من المصالح والشخصيات ومراكز النفوذ، دون أن يطرح المخالفون للخطّ الرسمي للحركة مقاربات سياسية جديدة تعيد النظر في المسار السياسي الراهن.

 

الاحتلال والسلطة لا يرغبان في إجراء الانتخابات لكن لا يقدران على منعها

 

ومن خلال استعراض مواقف الأطراف من إجراء الانتخابات، نجد أن أكثر من يخشاها هم، السلطة والاحتلال والولايات المتحدة الأمريكية الحليف الاستراتيجي للكيان، والسبب في هذه الخشية لدى هذه الأطراف هو من تعزيز قوة "حماس" في الضفة الغربية، ما يشكل تهديداً للكيان والسلطة الفلسطينية معا.

 

وترغب كل من السلطة الفلسطينية والكيان الصهيوني إلغاء هذه الانتخابات خوفا من فوز حركة حماس لكن كل من الحركة والاحتلال يتمنيان أن يتخذ الطرف المقابل قرارا بمنع إجراء الانتخابات لكن السلطة الفلسطينية غير قادرة على تحمل مسؤولية التراجع، وتتمنى أن تتخذ حكومة الاحتلال قراراً لا يسمح بإجراء الانتخابات في القدس، والاحتلال في المقابل لا يرغب في أن يتحمل مسؤولية إفشال الانتخابات الفلسطينية أمام المجتمع الدولي.

 

أطراف دولية وإقليمية لا ترغب في إجراء الانتخابات

 

والأطراف الدولية والإقليمية لا ترغب كذلك في إجراء هذه الانتخابات فالولايات المتحدة الأمريكية وعلى الرغم من تأييدها المعلن لهذه الانتخابات إلا انها لا تخفي خشيتها من فوز حركة حماس أما الأطراف الإقليمية فتخشى من نتائج هذه الانتخابات وتعزيز مواقف المعارضة الإسلاميّة في بلدانها.

 

الموقف الوحيد الذي يدفع بقوة نحو إجراء الانتخابات هو الدول الأوروبية، وخصوصاً الدول المانحة للسلطة، ودافعها الرئيس هو عدم دعم سلطة غير منتخبة ولا تتمتع بشرعية دستورية، وهو ما يتعارض مع قوانينها ومبادئها.

 

تدير حركة "حماس" العملية بذكاء وثقة، ولكن ذلك لا يعني أنها متحمسة لإجراء الانتخابات، وهي تدرك أن خيار المغالبة والتنافس سينعكس سلباً على كوادرها في الضفة، وهو ما حدث قبل إجراء الانتخابات، بعد اعتقال العشرات من قيادتها، ومنهم مرشحون في قائمتها الانتخابية، كما أنها متخوفة من عدم تسليم حركة "فتح" بالنتائج في ما لو فازت في الانتخابات، ما سيزيد الاحتقان الفلسطيني الداخلي.