الثلثاء 15 ذوالقعدة 1446 
qodsna.ir qodsna.ir
عبدالباري عطوان يكتب:

هل بَدَأ الأمير بن سلمان في تَنفيذِ تَهديداتِه بنَقلِ الحَرب إلى العُمُق الإيرانيّ بالنَّظرِ إلى الهُجوم الدَّمَويّ في الأهواز؟

الرئيس ترامب يَفْرِض حِصارًا اقتصاديًّا خانِقًا على إيران ربّما يَبلُغ ذروته في تِشرين ثاني (نوفمبر) المُقبِل عِندما يبدأ تطبيق الشَّق الأهَم مِنه، أي حَظْر تَصدير النِّفط، والهَدف الأساسيّ هو إنهاكُ النِّظام الإيرانيّ، وزَعزَعة استقراره كمُقَدِّمة لتَغييرِه عَسكريًّا في نِهايَة المَطاف، وعَلَّمتنا التَّجارِب أنّ حُروب أمريكا فِي مِنطَقتنا ليسَت فُجائِيّةً، وإنّما ثِمارٌ سَوداء لاستراتيجيّات مَوضوعَة ومُتَّفَق عليها وتتهَيأ أسبابها مُنذ سَنوات.

وكالة القدس للانباء(قدسنا) في تحليل له، أشار المحلل والكاتب الفلسطيني البارز، عبدالباري عطوان إلي الهجوم الإرهابي الذي حدث مؤخرا في مدينة اهواز وكتب: «عِندما يَصِف الرئيس الأمريكيّ دونالد ترامب إيران بأنّها تَقِف خلفَ مُعظَم، إن لم يَكُن جميع، الهَجَمات الإرهابيّة في العالم، ويَتعَّهَد الأمير محمد بن سلمان، وليّ العَهد السعوديّ، قبل عام بأنّه لن يَنتَظِر حتّى تُصبِح المَعرَكة مع إيران على الأرضِ السعوديّة، وسيُصَدّرها إلى عُمُقِها، وتُؤكِّد دولة الاحتلال الإسرائيليّ بأنّها ستُواصِل غاراتِها في العُمُق السوريّ لمَنعِ إيران وأذرُعِها العسكريّة من إقامَة قواعِد صاروخيّة فيه، فإنّ الهُجوم الدَّمويّ الذي استهدَف عَرضًا عَسكريًّا إيرانيًّا يوم السبت في الأهواز، جنوب غَرب البِلاد، وأسفَر عن مقتل 29 شخصًا بينهم أطفال ونِساء ليس مُفاجِئًا، بل نَعتقِد أنّه جاءَ مُتأخِّرًا، وأنّ هَجَماتٍ أُخرَى ربّما تكون أكثَر دَمويّةً في الطَّريق، فالمِنطَقة تَقِف على أعتابِ حَربٍ استخباريّة إرهابيّة غير مَسبوقة ومُدَمِّرة لجَميعِ أطرافِها.»

 

واضف عطوان: «الرئيس ترامب يَفْرِض حِصارًا اقتصاديًّا خانِقًا على إيران ربّما يَبلُغ ذروته في تِشرين ثاني (نوفمبر) المُقبِل عِندما يبدأ تطبيق الشَّق الأهَم مِنه، أي حَظْر تَصدير النِّفط، والهَدف الأساسيّ هو إنهاكُ النِّظام الإيرانيّ، وزَعزَعة استقراره كمُقَدِّمة لتَغييرِه عَسكريًّا في نِهايَة المَطاف، وعَلَّمتنا التَّجارِب أنّ حُروب أمريكا فِي مِنطَقتنا ليسَت فُجائِيّةً، وإنّما ثِمارٌ سَوداء لاستراتيجيّات مَوضوعَة ومُتَّفَق عليها وتتهَيأ أسبابها مُنذ سَنوات.»

 

وفي جانب من تحليله، يؤكد عطوان: «إيران دَولةٌ قويّةٌ، تَمْلُك مَشروعًا استراتيجيًّا، تُريد تعزيزه بقُدرةٍ عسكريّةٍ محليّةٍ وإقليميّةٍ نُواتها قُدرَة صاروخيّة قادِرَة على حَسم الأُمور على الأرض، وتَفريغِ الهَيمنة الجويّة الغربيّة مِن أقوى أسلِحَتها، أي فرض الرُّعب، وبالتَّالي الاستسلام على الطَّرفِ الآخَر مُبكِرًا، وانتقَلت من تَصديرِ الثَّورة، إلى تصدير القُوّة الصاروخيّة، والمِيليشيات العسكريّة المُوازِيَة، الأمر الذي باتَ يُشَكِّل قلقًا “وجوديًّا” لمُعظَم خُصومِها، وخاصَّةً إسرائيل والمملكة العربيّة السعوديّة«

 

وأشار إلي التعاون السعودي الامريكي فيما يتعلق بايران والمنطقة وكتب: «الأمير محمد بن سلمان، وليّ العَهد السعوديّ، والحَليف الأوثَق للرئيس ترامب في المِنطَقة، والعَمود الفِقَري لاستراتيجيّته في زعزعة أمن واستقرار إيران مِن الداخل، ما كانَ سيُدلِي بهَذهِ التَّصريحات قبلَ عامٍ التي هَدَّد فيها بنَقل الحَربِ إليها، لولا اطّلاعِه على الخُطَط الأمريكيّة والإسرائيليّة المُشتَركة لتَغييرِ النِّظام الإيرانيّ، ومَراحِلها المُتعدِّدة، فهَذهِ هِي المَرَّة الأُولى في تاريخ الصِّراع السعوديّ الإيرانيّ التي يَتجَرّأ فيها مَسؤولٌ سُعوديٌّ على الحَديث عَلنًا عن “نوايا” بتَثوير الأقليّات الطائفيّة والعِرقيّة في الدَّاخِل الإيرانيّ، فجَميع المُلوك السُّعوديين لم يُجاهِروا مُطلَقًا ورَسميًّا بالتَّدخُّل الرسميّ في دُوَلٍ أُخرَى، واتِّخاذ زِمام المُبادَرة بنَقلِ الحَربِ إليها إلا في العَهد الحاليّ، مِثلَما شاهَدنا في اليمن، وسَنُشاهِد في إيران.»

وأشار عطوان إلي تغريدة عبد الخالق عبد الله  الاماراتي بعد الهجوم، وقال: «لا نَعتَقِد أنّ “التَّغريدة” اللَّافِتة التي أطلَقها الدكتور عبد الخالق عبد الله الذي يُوصَف بأنّه أحَد أبرز مُستشاري الشيخ محمد بن زايد، وليّ عهد أبو ظبي، ونَفَى فيها صِفَة الإرهاب عن هُجومِ العَرض العسكريّ، وأضفَى عليه صفة المشروعيّة، جاءَت زلّة لِسان، وإنّما بتَوجيهٍ مُباشِرٍ ومَدروسٍ من قِيادَتِه بالتَّنسيق مع نَظيرَتها السعوديّة، وإلا يَتِم حذفها بسُرعة كوَسيلةٍ للتَّبرُّؤ مِنها، وزَجْ صاحِبها في السِّجن، ولكن هذا لم يَحْدُث.»

وأوضح عطوان:«نَشْرَح أكثَر ونقول بأنّ الحديث في المَجالات العسكريّة ليسَت مَيدانًا مَفتوحًا للاجتهاد أمام المُغرِّدين العَرب والخليجيين تحديدًا، وكُل كَلِمة محسوبة بدقّة وعِناية فائِقة، ومُوحىً بِها، لإيصال رسالة مُحَدَّدة إلى أكثَر مِن جِهَة، فالدكتور عبد الله أكاديمي سياسي، وليس ناطِقًا عَسكريًّا، ليَقول بأنّ “نقل المعركة إلى العُمُق الإيرانيّ خِيارٌ مُعلَنٌ وسيَزداد خِلال المَرحلةِ المُقبِلة”، انْطِلاقًا مِن تقديراتٍ شَخصيّةٍ بحْتَةٍ. بالنَّظَر إلى ما تَقدَّم، نستطيع أن نَجْزِم بأنّنا نَقِف الآن أمام حَرب أجهزة استخباريّة تَستهدِف العُمُق الإيرانيّ، تأتِي في إطارِ خُطَّةٍ مُحكَمةٍ تُرَكِّز على تَجنيدِ بعض الأقليّات العربيّة والعِرقيّات السنيّة والأذريّة والبلوشيّة (تقع مُعظَمها في جَنوبِ شَرق إيران بمُحاذاة باكِستان وأفغانستان وتُمَثِّلها مُنَظَّمة جُند الله السنيّة المُتَشدِّدة)، على غِرار ما حَدَث في أفغانستان إبّان الحِقبَةِ السُّوفييتيّة، والتي انتَهت بانهيارِ نِظام محمد نجيب الله الشيوعيّ.»

 

وتابع: «رُبّما مِن السَّابِق لأوانِه القَول بأنّ فُرَص هذا المُخَطَّط مِن النَّجاح كبيرة، فالمُقارَنة بين سُلطَة الثَّورة الإسلاميّة في إيران والنظام الشيوعي الأفغاني غير جائِزَة، وفي غير محلّها، رغم أنّ الوِلايات المتحدة هِي رأس حِربَة في المُخَطَّطَين، والسعوديّة هِي أحَد أبرَز اللَّاعِبين في دَعْمِها ماليًّا وعَسكريًّا وطائِفيًّا وأيديولوجيًّا، فالفَوارِق هُنا كَبيرةٌ جِدًّا، مُضافًا إلى ذلِك أنّ الزَّمَن تَغيَّر أيضًا.»

وختم عطوان بالقول: «إيران تَمْلُك خِبرَةً أكثَر عُمْقًا في الحُروب “الاستخباريّة” بالمُقارَنةِ مع المملكة العربيّة السعوديّة وبَعضِ حُلفائِها في مِنطَقَة الخليج (الكويت وقطر وسَلطَنة عُمان أدانَت الهُجوم الدموي على العَرض العسكريّ ووصفته بالإرهاب)، وازدادَت هذه الخبرة “عَمليّاتيًّا” مِن خِلال خوض الأذرعة الاستخباريّة الإيرانيّة ثَلاث حُروب بشَكلٍ مُباشِر، في ثلاثَة ميادين قِتاليّة هي سورية والعِراق واليمن ضِد الدولة الإسلاميّة خُصوصًا، وبصُورةٍ غير مُباشِرةٍ في جنوب لبنان وقِطاع غزّة، أمّا الخِبرة الاستخباريّة السعوديّة، فلم تُختَبر عَمليًّا إلا في دولتين هُما اليمن وسورية، وجاءَت الإنجازات “مُتواضِعةً” حتّى الآن على الأقَل، بالنَّظرِ إلى النَّتائِج. إيران تُواجِه، ومُنذ ثلاثين عامًا، تدخُّلاتٍ خارجيّةٍ، وثَوَراتٍ داخليّة، وحَركات انفصاليّة مع الجارِ العراقيّ، وكان لافِتًا أنّ الانهيار لم يَكُن أحَد الأخطار التي تُهَدِّد نِظامها في أيِّ يومٍ مِن الأيّام، بل إنّها تُصبِح أكثَرَ قُوَّةً وصَلابَةً، وتَخرُج من إنجازٍ عَسكَريٍّ لتَدخُلَ في آخَر.»




محتوى ذات صلة

رئيس تحرير جريدة "المستقبل" العراقية لـ "قدسنا ":

ترامب وبايدن هما من نفس المحتوى الفكري التي تغذيه الماسونية الصهيونية
رئيس تحرير جريدة "المستقبل" العراقية لـ "قدسنا ":

ترامب وبايدن هما من نفس المحتوى الفكري التي تغذيه الماسونية الصهيونية

أكد رئيس تحرير جريدة "المستقبل" العراقية "علي الدراجي" في حديث لوكالة القدس للأنباء (قدسنا) ان بايدن و ترامب هما من نفس المحتوى الفكري التي تغذيه الماسونية الصهيونية.

|

رئيس تحرير جريدة "المستقبل" العراقية لـ "قدسنا ": 

ترامب وبايدن هما من نفس المحتوى الفكري التي تغذيه الماسونية الصهيونية
رئيس تحرير جريدة "المستقبل" العراقية لـ "قدسنا ":

ترامب وبايدن هما من نفس المحتوى الفكري التي تغذيه الماسونية الصهيونية

أكد رئيس تحرير جريدة "المستقبل" العراقية "علي الدراجي" في حديث لوكالة القدس للأنباء (قدسنا) ان بايدن و ترامب هما من نفس المحتوى الفكري التي تغذيه الماسونية الصهيونية.

|

ما هو الثمن الذي حصلت عليه السلطة مقابل سحب دعوى ضد أمريكا بشأن القدس؟

ما هو الثمن الذي حصلت عليه السلطة مقابل سحب دعوى ضد أمريكا بشأن القدس؟

اعتبر رئيس الهيئة المقدسية لمناهضة التهويد ناصر الهدمي سحب السلطة عن شكوى تقدمت بها إلى محكمة العدل الدولية بشأن اعتراف إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بالقدس عاصمة موحدة للاحتلال بأنها خيانة وطعنة في الظهر.

|

إدارة بايدن تنوي تقديم خطة جديدة للسلام بين الفلسطينيين و "اسرائيل"..

محللون فلسطينيون: الدور الأميركي ليس نزيها و أي مبادرة اميركية ستهدف إلي إدارة الأزمة وواشنطن تريد نقل معظم اهتمامها للصراع الصين
إدارة بايدن تنوي تقديم خطة جديدة للسلام بين الفلسطينيين و "اسرائيل"..

محللون فلسطينيون: الدور الأميركي ليس نزيها و أي مبادرة اميركية ستهدف إلي إدارة الأزمة وواشنطن تريد نقل معظم اهتمامها للصراع الصين

أكد خبراء و محللون سياسيون فلسطينيون لـ«قدسنا» أن الولايات المتحدة الأميركية تمارس الخداع السياسي تحت مسمى مبادرات السلام، فأي خطة أميركية جديدة للسلام بين الفلسطينيين و "اسرائيل" ستهدف إلي إدارة الأزمة في المنطقة لصالح الاحتلال الإسرائيلي.

|

المستعمل تعليقات

الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS
فيديو

وكالةالقدس للأنباء


وكالةالقدس للأنباء

جميع الحقوق محفوظة لوکالة القدس للأنباء(قدسنا)