في الذكرى السنوية الثانية عشر لإنتصار المقاومة في حرب تموز
السيد حسن نصر الله: الرهان على إسقاط النظام في إيران أو تغيير وجهته عبر الحصار والعقوبات لن يتحقق

اكد امين عام حزب الله اللبناني، السيد حسن نصرالله، أن الرهان المتبقي عند الأميركي والإسرائيلي هو الرهان على العقوبات ضد إيران، وأن الرهان على إسقاط النظام في إيران أو تغيير وجهته عبر الحصار والعقوبات لن يتحقق، مشدداً بأن إيران اليوم هي أقوى من أي زمن مضى وهي الأقوى في المنطقة ونظامها قوي ومستحكم وثابت.
أمل شبيب/ لبنان
إنها الضاحية، العزة والإباء، الأبية بأهلها وشبابها ورجالها، في الرابع عشر من آب 2006 إنتصرت المقاومة، كانت الضاحية الأبية قد نالت منها صواريخ العدو الإسرائيلي، دخلها أهلها ورفعوا الرايات،لم يهابهم الموت ولا دمار الحجر، إثنا عشر عاماً واليوم استعادت الضاحية مشهد الإنتصار الكبير، رفعت الرايات بأيادي أهلها الأوفياء، رفعوا الأصوات ملبين النداء للرجل المفدى والأمين على الدماء والأرواح، حشود سياسية وإجتماعية وثقافية وإعلامية ووفود شعبية وشخصيات عربية حضرت الإحتفال الكبير الذي أقامه حزب الله في السنوية الثانية عشر لذكرى الإنتصار الإلهي الذي حققته المقاومة وشعبها في الحرب التي شنّها العدو الإسرائيلي على لبنان في تموز 2006، بداية الإحتفال بدأ بآيات من الكتاب الكريم ثم مع باقة من الأناشيد الثورية من وحي المناسبة قدمتها الفرقة الإنشادية لحزب الله، ومع الهتافات الملبية لقائد المقاومة أطل أمين عام حزب الله سماحة السيد حسن نصر الله عبر الشاشة متوجهاً بالشكر الكبير للجهورية الإسلامية الإيرانية على وقوفها الى جانب الشعب اللبناني ومقاومته خلال حرب تموز 2006 وبعد الحرب، ثم قدّم الشكر والتحية لكل الذين شاركوا في صنع هذا الانتصار من رجال المقاومة والجيش والقوى الأمنية وفصائل المقاومة والشهداء والجرحى والرؤساء السابقين والحاليين والقوى والاحزاب ووسائل الاعلام.
بعد الشكر أكّد سماحة السيد حسن نصر الله أننا نحتفل بهذه الذكرى العزيزة وسنصرّ على الاحتفال بهذه الذكرى وسنحتفل بعد أيام في مدينة الهرمل بالذكرى السنوية الاولى لعيد التحرير الثاني على الارهاب والجماعات التكفيرية، وفي كلمته أضاف بأنه ما كان يجري منذ سبع سنوات الى اليوم هي حرب تموز كبرى على المنطقة وتريد أن تحقق نفس الاهداف التي سعت اليها حرب تموز 2006 وكما خرجنا من حرب تموز 2006 منتصرين سنخرج قريباً جداً من هذه الحرب الكبرى على منطقتنا منتصرين"، مؤكداً أن المقاومة اليوم أكثر ثقة بالوعد بالنصر.
وحول مرحلة عدوان تموز 2006، أشار سماحة السيد حسن نصر الله أن حرب 2006 كانت لتحقيق أهداف الأميركيين للسيطرة على المنطقة وعندما فشلت فشل المشروع، وأن المشروع الأميركي سقط عندما إنتصرت المقاومة في تموز وفي غزة وعندما صمدت سوريا وإيران"، موضحاً أن الصمود في لبنان أسقط الخطة وأجّل طموحات أميركا والكيان الإسرائيلي لسنوات وأوجد تحولات عززت المقاومة، وذكر أنه "لو سقطت المقاومة في 2006 لحوصرت سوريا من أجل إسقاطها لكنّهم فشلوا"، وأشار الى أنه "في المرحلة الجديدة بعد 2006 أدخلوا المنطقة في حروب لتحقيق الأهداف السابقة وتكريس هيمنة "إسرائيل".
وفي ملف إستعدادات كيان العدو للحرب، لفت سماحة السيد أن العدو اليوم يعيد بناء نفسه على ضوء الهزيمة في 2006 وإعادة النظر بعقيدته القتالية، فـإسرائيل اليوم تعمل في كل خططها بناءً على أن العدو المقابل جدّي وقادر، كاشفاً أنه لأوّل مرة في تاريخ الكيان الصهيوني توضع خطط لمواجهة الدخول إلى منطقة إصبع الجليل، مشدداً على أن المقاومة اليوم في لبنان بما تمتلك من سلاح وإمكانات وخبرات وتجارب وإيمان وعزم وشجاعة هي أقوى من أي زمان مضى منذ انطلاقتها في هذه المنطقة، مضيفاً أن حزب الله والمقاومة في لبنان اليوم أقوى من الجيش الاسرائيلي وأقوى إيماناً بحقنا من ايمانكم بقضيتكم الباطلة.
وفي الملف السوري رأى سماحة السيد نصر الله أن اسرائيل شاركت في الحرب على سوريا ودعمت الارهابيين وبنت آمالاً على وصول حكومة الى سورية تتخلى عن الجولان، معتبراً أن معركة الشحادة التي يخوضها نتنياهو الآن في سوريا هي لإخراج إيران وحزب الله من هناك،كاشفاً عن ضغوط هائلة خلف الكواليس على الحكومة اللبنانية لتسوية الحدود البرية والبحرية لمصلحة إسرائيل، مضيفاً أن "الكل يعرف أن المعارك التي خيضت في سوريا تحتاج إلى أدمغة كبيرة وقدرات هائلة".
بعدها لفت السيد نصر الله أن العدو يقف اليوم حائراً أمام صمود غزة التي كرّست معادلة القصف بالقصف، مضيفاً أن أميركا وإسرائيل توقعتا أن تخضع غزة بالحرب والحصار لكنّها لم تخضع رغم تخاذل العالم أجمع.
وخلال كلمته أشار السيد نصر الله الى أن أكثر ما تحلم به إسرائيل اليوم هو تكريس "صفقة القرن" التي تضمن لها القدس كاملة كعاصمة، وأن صفقة القرن التي أتى بها ترامب بكل جبروته تواجه مشاكل كبيرة وقد تسقط، كما أنه لا يوجد أي فصيل أو مسؤول فلسطيني قادر أو موافق على تحمّل مسؤولية التوقيع على صفقة القرن، مؤكداً أن صمود سوريا واليمن والعراق غيّر الوقائع ودفع صفقة القرن إلى الفشل وكذلك فشل المحور السعودي في المنطقة أفشل صفقة القرن، كما أن السعودية تواجه سلسلة أزمات كبيرة مع العديد من الدول والجهات في العالم، وأن اللجوء إلى ارتكاب المجازر في اليمن هو دليل على فشل المحور السعودي في هذه الحرب.
والى اليمن إنتقل السيد نصر الله للحديث عن اليمن وشهداء اليمن الأبرياء، هؤلاء الذين رفضوا الإستسلام للعدوان السعودي يقتلون اليوم في وضح النهار، لافتاً أن من سفك دماء الأطفال في اليمن هو نفسه من سفك دماء اللبنانيين، قائلاً "من الضاحية إلى ضحيان في اليمن الذي قتلكم هو الذي قتل أطفالنا في لبنان وكما انتصرت دماء اطفالنا ستنتصر دماء أطفالكم".
ومن اليمن إنتقل سماحة السيد نصر الله متحدثاً في موضوع العقوبات على الجمهورية الاسلامية في ايران، مشيراً أن الحرب على إيران أخذت وجهة اقتصادية وإثارة اضطرابات داخلية لأن مواجهتها المباشرة لن تنجح، مضيفاً أن الرهان المتبقي عند الأميركي والإسرائيلي هو الرهان على العقوبات ضد إيران، وأن الرهان على إسقاط النظام في إيران أو تغيير وجهته عبر الحصار والعقوبات لن يتحقق، مشدداً بأن إيران اليوم هي أقوى من أي زمن مضى وهي الأقوى في المنطقة ونظامها قوي ومستحكم وثابت.كما أشار سماحته الى أن العقوبات الأميركية على إيران وحزب الله ستؤثر لكنّها لن تمس من قوتنا وتأثيرنا، وأن كل ما قاموا به ضد إيران جعلها أقوى والعقوبات لن تمس عزيمتها وقوتها وثباتها.
بعدها تطرق سماحته الى المستوى الداخلي اللبناني قائلاً أن الحوار والتواصل بين القيادات السياسية يؤدي إلى تشكيل حكومة جديدة في لبنان، وأن انتظار حصول متغيرات إقليمية لتشكيل الحكومة لا يخدم مصلحة المراهنين على ذلك، وإذا تأكدنا من رهان البعض على متغيرات إقليمية سيكون لنا موقف آخر في تشكيل الحكومة.
أما في موضوع ملف الفساد ومحاربته، لفت سماحته بأنه كما عملنا بالمقاومة وبالتعاون مع حلفائنا وبرؤيتنا سنعمل على مكافحة الفساد، منبهاً أن الصراعات السياسية والشتائم والاتهامات لا تحقق الانماء والخدمات في لبنان، وأنه في الانماء والخدمات يحتاج الامر إلى مقاربة مختلفة وهو لا يتنافى مع الانتقاد والمطالبة، كما توقف سماحته عند التحالف بين حزب الله وحركة أمل قائلاً: "لم يكن هناك خلاف في الآونة الاخيرة بين حزب الله وحركة أمل، قد يكون هناك اختلاف في وجهات النظر لكن يتم حلها، وأن الذي يريد انماء يريد تعاون حزب الله وحركة أمل والذي يريد فتنة بين الطرفين لا يريد الانماء، مشيراً أن الذي يريد شيئاً غير التعاون بين حزب الله وحركة أمل لن يحصل ذلك ونحن اتخذنا قراراً تاريخياً بالتعاون والمشاركة والتلاحم الوجودي.
إذاً، إنتصار تموز إنتصار لكل العالم، فحزب الله اليوم أكثر ثقة وتوكلاً على الله أكثر من اي زمن مضى وبوعده للنصر للمجاهدين... هكذا أكّد سماحته خلال كلمته، خاتماً خطابه بتوجيه التحايا للشعب ولأشرف الناس الذين كان منهم النصر ولهم...
فبكم ننتصر، بإرادتكم، بعنفوانكم، بصبركم، وعزّكم، وكل نصر والمقاومة وشعبها ورجالها وقاداتها وشبابها بألف ألف خير...