قائد في قوات الدفاع الشعبية السودانية لـ«قدسنا»:
وجود السودان للقتال في اليمن توريط للسودان في الجرائم الدولية وإنتهاك سيادة وطنية لدولة

إن الحلف الذي يوجد فيه الجيش السوداني اليوم هو حلف يقوده محمد بن سلمان ومحمد بن زايد وهؤلاء هم سماسرة صفقة القرن، يبيعون القدس، يبيعون اليمن من أجل تحقيق أهدافهم دون رأفة ودون رحمة.
وكالة القدس للانباء(قدسنا) أمل شبيب/ لبنان -
لم تكن الثورة الإسلامية في ايران ثورة لزمان معين ومكان محدد، بكل كانت ثورة لكل الشعوب العالمية التي رفضت وترفض اي شكل من اشكال الإستسلام، وهي لا زالت حتى اليوم الثورة النموذج لصحوة الإسلام والمسلمين المدركين لحقيقة أهداف أميركا وحلفائها.
البداية كانت فلسطين، واليوم أصبحت اليمن ايضاً، القضية التي تتطلب وقفة ضمير صاح، وسلاح لمقاومة هذا الإرهاب بأي شكل من الأشكال.
في حوار عن اليمن، وفلسطين، ومبادرة "مقدسيون" كان لوكالة قدسنا لقاء مع «عبد الباقي عثمان»* عبد الباقي مشرف عام مبادرة مقدسيون وأحد قادة قوات الدفاع الشعبية السودانية.
بداية دعنا نتعرف على السودان التي نشأت لتتبنى مشروع المقاومة؟
السودان كانت مشروعاً إسلامياً كبيراً، مشروع مقاوم بإمتياز، ولو عدنا الى العام 1989 وما شهدته ثورة الإنقاذ، والإنقلاب العسكري المدعوم بثورة شارك فيه ألف مقاتل غالبيتهم من المجاهدين إلتحقوا بالجيش بتعليمات من الحركة الإسلامية من أجل إيجاد مشروع إسلامي مقاوم يرفض التعامل والتطبيع مع اسرائيل، لكن في العام 1999-2000 تغير هذا المشروع في السودان نتيجة العلاقات التي نشأت مع أميركا واستمرّ الى ما هو عليه حتى يومنا هذا.
ما هي اسباب إنتقال السودان من محور المقاومة الى محور الممانعة؟
بإختصار السودان اليوم بلد بلا قائد، بلا مشروع، ولو عدنا الى ايام المفكر الدكتور حسن عبد الله الترابي، سواء إتفقنا معه أو إختلفنا معه في بعض الأفكار، كانت السودان في وضع مغاير لما هي عليه اليوم، كان هذا الرجل قائداً يحمل مشروعاً حضارياً ومشروعاً مقاوماً، وأسّس المؤتمر الشعبي العربي الإسلامي، جمع كل أطياف المقاومة في العالم، الإسلامية والقومية وتوجهاتها، وسعى من أجل الوحدة الإسلامية، يعني كان هدفه وحدة الإسلام، لذلك، فترة الترابي كانت فترة مهمة نوعاً ما للسودان، وللحد من أهمية هذه الوحدة الإسلامية بدأ الإنقلاب على الترابي بتخطيط ودعم أميركي، وأغلقت مكاتب حركات الجهاد الإسلامي وحماس وغيرها، وتغيرت وجهة السودان وبدأت التنازلات عن اهداف الوحدة الإسلامية والمقاومة بشتى أنواعها تأخذ حيزاً مهماً على صعيد الدولة، وهنا نقول: فقدنا القائد، فقدنا المشروع، أصبح المشروع يتخبط ويريد مواصلة الحكم بأي صورة أمام كل هذه المتغيرات لا سيما أمام الأزمة الأقتصادية.
لندخل الى اليمن، لماذا ارسلت السودان قوات للقتال ضد اليمن؟ ومن الذي أخذ القرار بإرسال هذه الوحدات؟
إتخاذ قرار مشاركة السودان الحرب ضد اليمن كان بترتيب من طه عثمان "مدير مكتب رئيس الجمهورية وكان عميلاً للسعودية والCIA"، وهو رجل معروف بولائه لكل من أميركا والسعودية، وعندما يكون الولاء لأميركا والسعودية يصبح الهدف واضحاً أي هدف مادي، ونظراً لموقع طه عثمان كمدير مكتب الرئيس يأتي التأثير السلبي على تفكير الرئيس وتوجهاته، ولم يكن هذا السعي سعياً منفرداً إنما كان بالتعاون مع وزير الخارجية المقال ومدير جهاز الأمن السابق ظناً منه أنه بتحسين العلاقات مع أميركا سيُرفع الحظر وستُحلّ المشكلة الإقتصادية في السودان.
إذاً، دخول السودان الحرب ضد اليمن هو بقوات ووحدات محددة وليس بالجيش السوداني لأن بعض القيادات في الجيش السوداني كانت ولا زالت تعارض وترفض هذه المشاركة في الحرب ضد اليمن، اضافة الى أن وجود السودان في اليمن مختلف لقرار البرلمان السوداني، ولم يكن بناءً على قرار جامعة الدول العربية، ومخالف لقرارات الأمم المتحدة، وهذا توريط للسودان في الجرائم الدولية وإنتهاك سيادة وطنية لدولة، ودعم الفتن الطائفية وإنتهاك حقوق الإنسان وقتل الأبرياء.
من المسؤول عن الوضع الإقتصادي في السودان؟
الإقتصاد في السودان إقتصاد منهار، وهذا الإنهيار هو مسؤولية القيادات والرأسماليين والنافذين في الدولة والفاسدين سواء من قيادات وأحزاب، فالسودان كبلد يملك قوى إقتصادية كبرى كالبترول ومقومات زراعية وثروة معدينة وثروة حيوانية، ورغم وجود هذه القوى الإقتصادية يعاني السودان من إنهيار اقتصاده بين الدول الغنية، لأن الإستفادة من هذه القوى كان وما زال لصالح فئات محدودة وليس لصالح للشعب المغلوب على أمره رغم قياهه بتحركات وحراكات رافضة للقمع، لكن عندما يحكم البلد عصابة تحالف بين قوى ورؤوس أموال ومحبين للسلطة هكذا تكون النتيجة.
التغير في السودان قادم أم لا؟
هي محاولة تغيير وليس تغييراً بكل ما للكلمة من معنى، البشير حاول أن يثبت نفسه، حاول أن يقود التغيير والقيام ببعض الإصلاحات لكن الوضع سيء جداً، فالحزب الحاكم وقيادات الإسلاميين سعوا الى تحميله أزمات كبيرة على مختلف الصعد. النخب السياسية في السودان فاسدة لا تركّز على الهمّ العام ولا على همّ المواطن، وهنا المشكلة الكبرى، حتى اليوم لا توجد أحزاب خدماتية تركز على وضع الضعفاء والمساكين ومطالبهم، فهي أحزب مبينة على أفكار طائفية وإيديولوجيات ضيّقة وأسس عرقية وعلمانية وغيرها، لهذا السودان اليوم دولة غير مستقرة، لا على اساس الحدود ولا على أساس الدستور، ولم تستفد من أي تجربة في العالم، ولو أخذنا مثلاً نموذج الجمهورية الإسلامية الإيرانية فهي دولة تتبنى المشروع الإسلامي ورغم كل محاولات المعارضة، لكن المشروع العام مشروع إسلامي، وثورة الإنقاذ لو اعتمدت هذا النموذج لإستفادت وكانت السودان دولة مختلفة عما هي عليه اليوم.
لندخل في قضية فلسطين، كيف تنظرون الى دور السودان في دعم قضية فلسطين؟
دور السودان في دعم القضية الفلسطينية وإرتباطها بالقدس ارتباط قديم ومتين ايضاً، ولو عدنا الى التاريخ لوجدنا أن الشعب السوداني كان يلبي الدعوة لحماية القدس كما حصل أيام اسماعيل الأزهري ورفاقه، مروراً بعلي مطر وغيرهم، لذا كانت السودان وما زالت سند دائم للقضية الفلسطينية، فعندما خذل العرب النكسة كان للسودان موقفاً مغايراً جاء بشخص رئيس وزرائها محمد أحمد المحجوب عند إنعقاد القمة العربية في الخرطوم عام 1967، وتحدث بإسم كل الدول العربية في الأمم المتحدة رافعاً شعار "لا صلح، لا تفاوض، لا إعتراف"، وكانت قمة مخالفة تماماً لمبادرة السلام العربية في قمة بيروت 2002 التي أعتمدت شكل من أشكال التطبيع مع اسرائيل وبعدها.
ماذا عن الدور الإيراني في دعم قضية فلسطين؟
توجد حقيقة واضحة جداً أن الثورة الإسلامية في ايران بقيادة الإمام الخميني (قدس سره) كانت ثورة إسلامية بكل تفاصيلها وكان واجب على كل مسلم نصرتها، بل هي أول ثورة إسلامية خرجت لتجديد للإسلام صحوته وقامت بإطلاق يوم القدس العالمي وهي سُنّة حسنة أوقدت ولا زالت في نفوس الناس جذوة وحماسة في الوقت الذي كانت معظم دول العالم العربي وحتى الإسلامي تحاول وأد هذه القضية ودفنها.
ما جاءت به الثورة الإسلامية هو إلهام لشعوب العالم برفض الظلم والإستسلام، واستلهمت منها الشعوب المستضعفة والقوية الكثير من المعاني والأفكار،واستعادت بعض الشعوب قوتها بعد الإنتصار الذي حققته الثورة الإسلامية وعلى رأسها السودان التي استفادت من الثورة الإسلامية، فأنشأت منظومات مشابهة لها، كقوة الدفاع الشعبية وهي قوة عسكرية تتبع للثورة مماثلة للحرس الثوري الإسلامي، ايران كانت ولا زالت حتى اليوم تدعم قضية فلسطين وحتى دعمها للسودان ولسوريا هو دعم ناتج على ضرورة وواجب نصرة الشعوب، والأهم أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية تدعم الشعوب ولا تدعم الأشخاص.
"مقدسيون" مبادرة فردية من شباب السودان لدعم قضية فلسطين، كيف بدأت "مقدسيون" وأين هي اليوم؟
بداية الأمر مبادرة مقدسيون كانت مبادرة خجولة وضعيفة جداً، إنطلقت الفكرة منذ ثلاث سنوات مع مجموعة شباب من العسكر والمجاهدين بعد الدعوة للحوار الوطني وإستقبال رئيس السودان ل "تراجي مصطفى" رئيس جمعية الصداقة الإسرائيلية السودانية، يومها لاحظنا أن بعض التغييرات السياسية بدأت تنتشر بشكل سري في مؤسسات الدولة، وأن الهدف هو التطبيع، ناهيك عن بعض القرارات بإمكانية مناقشة التطبيع مع اسرائيل، رغم سرية هذه الأفكار إلاّ أننا كشباب عسكريين كنا على إطلاع عليها، بل وشكلت وعي واسع بضرورة البدء بوضع حدّ للعلب بمستقبلنا وإتخاذ القرارات التي تنافي توجهاتنا، سيما معرفتنا التامة ببعض الجلسات السرية التي كانت تحصل مع الموساد الإسرائيلي، فعندما ام استقبال تراجي مصطفى، وقُطعت العلاقات مع ايران وإنتشرت الدعوات للتطبيع مع اسرائيل بشكل علني في مؤتمر الحوار الوطني، وبدأ الترويج أن التطبيع مع اسرائيل قضية سياسية وليست قضية عقائدية، ولخلاف هذه التوجهات مع معتقداتنا سيما أننا نعرف وندرك وبوعي كامل أن التطبيع مع اسرائيل مسألة وقضية عقائدية بتنا على علم واضح أن مستقبل السودان هو مستقبل قائم على التطبيع مع عدو هو اسرائيل، لذا كان لا بدّ من القيام بفعل ما للحد من هذا التلاعب بوعينا وفهمنا وتوجهاتنا، فأسسنا مع مجموعة من الشباب العسكري ومؤسسات الدولة، كتيبة تعارض هذا التطبيع، وكانت فكرة إنطلاقة مبادرة مقدسيون من السودان، وإنطلقت الى غزة ثم الجزائر واليوم في القدس ايضاً، ذلك لأن قضية فلسطين قضية تجمع العالم على مختلف الأراضي في دول العالم.
ما هي الأنشطة التي قمتم وتقومون بها؟
هدفنا هو دعم القضية الفلسطينية، بداية قمنا بهذا الدعم بشكل سري، ثم تطور هذا الدعم وخرج الى النور مع قرار ترامب بنقل السفارة الإسرائيلية الى القدس، هذا القرار شكّل دفعة قوية لنا لتحريك الشباب أكثر للقيام بتحركات مختلفة في معظم الأراضي التي تدعم القضية الفلسطينية، خرجنا من إطار الأحزاب الضيقة، من الإطار الإسلامي الى الإطار القدسي العام، نحن اليوم نقوم بأنشطة في غزة، ولديا وجود وتحركات في اليمن والجزائر.
"مقدسيون" يعني القدس بعيداً عن اي إنماء مذهبي، لأن ما يجمعنا هو القدس ونجتمع مع كل من يرى القدس وجهة له ويرى تحرير القدس هدفاً له.
ولنا بين الشباب العربي تأثير قوي، فحتى اليوم بلغت عضوية مبادرة مقدسيون حوالي خمسة آلاف عضو على مستوى العالم، وتم تقسيمهم الى وحدات ومجموعات خاصة لكل منها مهامها المنوعة، بعضها عسكري وبعضها لوجستي.
ما هي أهداف مبادرة "مقدسيون"؟
لمبادرة "مقدسيون أهداف مختلفة أهمها:
1. إقالة نائب رئيس الوزراء مبارك الفاضل لأنه دعا الى التطبيع مع اسرائيل.
2. إقالة الولاة والبرلمانيين والوزراء الذين دعوا للتطبيع مع اسرائيل.
3. منع الإعلاميين والسياسيين الذين دعوا للتطبيع مع اسرائيل من العمل العام.
4. تفنيد دعاوى شيوخ الضلالة والفتنة الذين اباحوا التطبيع مع الكيان الإسرائيلي.
5. هدف اساس تأسيس قوة عسكرية للقتال في فلسطين على غرار الكتيبة السودانية في حرب ال48.
6. وأهم ما أنجز من الأهداف حتى اليوم هو تحميس كتلة التغيير بالبرلمان السوداني لسحب الجيش من اليمن.
7. تم إقالة تراجي مصطفى رئيس جمعية الصداقة الإسرائيلية السودانية من البرلمان السوداني بحجة الغياب وكان للمبادرة دور كبير.
لكل الشباب العربي وغير العربي الذي يؤمن بقضية الشعوب وقضايا الأمم المستضعفة التي ترفض اي شكل من أشكال الإرهاب، ماذا تقولون؟
أقول للشباب بإسمي وبإسم مبادرة مقدسون، أنتم التغيير، أنتم المستقبل، مسؤوليتكم اليوم تحرير فلسطين، وتحرير اليمن من أعداء الأمة الذين يستبيحون الدماء دون رأفة، ويقتلون الأطفال وينهبون الأوطان، وأقول للشعب السوداني بأن الحلف الذي يوجد فيه الجيش السوداني اليوم هو حلف يقوده محمد بن سلمان ومحمد بن زايد وهؤلاء هم سماسرة صفقة القرن، يبيعون القدس، يبيعون اليمن من أجل تحقيق أهدافهم دون رأفة ودون رحمة.
______________
*نبذة عن عبد الباقي عثمان عبد الباقي:
• مدير مركز الخرطوم الدولي لحقوق الإنسان- فرع الطائف.
• عضو هيئة قيادية في الحركة الجماهيرية الحقوقية.
• مشرف عام مبادرة مقدسيون لمناهضة التطبيع ودعم المقاومة.
• عضو التجمع العربي والإسلامي لدعم خيار المقاومة.
• مدير تنفيذي للمركز الأفريقي للصحة والتعليم.
• عضو الإتحاد العالمي للطب البديل والتكميلي.
الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS