في حوار خاص لـ«قدسنا» بالتزامن مع بدء العام الرابع للعدوان على اليمن الذي تقوده السعودية
عضو المكتب السياسي لأنصار الله: السعودية تعمل جاهدة للوصول بقطار التطبيع مع العدو الإسرائيلي الى آخر محطاته//لا ننسى الدور الكبير الذي لعبته القنوات ووسائل الإعلام وإذاعات محور المقاومة في نقل الصورة الحقيقية والواقع

ثلاث سنوات مرّت على الحرب السعودية على اليمن، وما زال التحالف العربي يلقي بهمجيته وعدوانه على شعب لم ولن يستسلم رغم العديد من النتائج الإجتماعية والإقتصادية التي استباحت الحجر والبشر والشجر، وكالة القدس للأنباء إلتقت في لبنان بعضو المكتب السياسي لأنصار الله ومدير عام شبكة المسيرة إبراهيم الديلمي وكان اللقاء التالي.
خاص قدسنا/ لبنان، أمل شبيب
ثلاث سنوات مرّت على الحرب السعودية على اليمن، وما زال التحالف العربي يلقي بهمجيته وعدوانه على شعب لم ولن يستسلم رغم العديد من النتائج الإجتماعية والإقتصادية التي استباحت الحجر والبشر والشجر، وكالة القدس للأنباء إلتقت في لبنان بعضو المكتب السياسي لأنصار الله ومدير عام شبكة المسيرة إبراهيم الديلمي وكان اللقاء التالي...
- ثلاث سنوات من العدوان السعودي، كيف يمكن تقديم المشهد اليمني اليوم؟
بعد ثلاث سنوات من الحرب السعودية على اليمن، يمكن تقديم المشهد اليمني من ثلاث جوانب، المشهد الأول هو مشهد العدوان الغير مسبوق والذي استباح كل شيء، الحجر والبشر والشجر ولم يبق شيء إلاّ وتم استهدافه، من النساء والأطفال، ومحاصر اليمنيين وحرمانهم من حرياتهم ومن حرية التنقل نتيجة استخدام الأسلحة المحرمة دولياً، والتي أنتجتها دول العالم الغربي والأوروبي والأميركي تحديداً، هذا المشهد التراجيدي في القرن الواحد والعشرين والمأساة التي يتعرض لها الشعب اليمني قام ويستمر أمام سكوت وصمت العالم أجمع، بل ربما مساهم في هذا المشهد بشكل أو بآخر.
المشهد الأخر الذي تعكسه هذه الحرب، هو مشهد الصمود للشعب اليمني والإستبسال الكبير في مختلف الساحات ومختلف جبهات المواجهة، وهو ما ظهر من خلال عطاء الشعب اليمني سواء على المستوى المدني أو المستوى العسكري المتمثل بالجيش واللجان الشعبية، هو مشهد عظيم سطّره اليمنيون وأكدوا أن الشعوب عندما تنهض بمسؤولياتها تقرر المواجهة، وعندما تستبسل في مواجهة المشاريع التي تهدف الى تغيير هوتيها وثقافتها تؤكد ان الحديد ليس هو من يملك القوة، إنما الحق هو الأقوى من خلال سبل المواجهة المختلفة والمتعددة وعلى رأسها المقاومة.هذا المشهد العظيم قد تستلهم منه شعوب المنطقة العربية والإسلامية الكثير الكثير خلال ثلاث سنوات أمام الفارق الكبير من الإمكانيات، ولا يمكن مقارنته على الإطلاق، ولكن أثبت اليمنيون أنهم شعب قادر وواع وحريّ به أن يحصل على النصر الكامل بإذن الله.
المشهد الثالث هو فضح المنظومة الدولية، وما يُسمى بالمجتمع الدولي، وأيضاً تبيان أن ما يُسمى بالقانون الدولي وشرعة حقوق الإنسان وضعها السعوديون والأميركيون والصهاينة في عدوانهم على اليمن تحت أقدامهم، أمام صمت العالم، وهذا مما يؤدّي بالضرورة الى مراجعة كبيرة من قبل المجتمع الإنساني وكل التشريعات والقوانين التي حكمت خلال الفترة الماضية والقرون التي مضت.
- للإعلام دور مهم في مقاومة هذا العدوان الهمجي، كيف تحدى الإعلام اليمني الحصار السعودي؟
في حقيقة الأمر أن الجانب الإعلامي حمل على عاتقه مسؤولية كبيرة برغم شحّة الإمكانيات وبرغم التصدّع في الجبهة الداخلية نتيجة تعدد الولاءات الحزبية لدى القائمين على الوسائل الإعلامية في اليمن، والتي كانت أغلبيتها رسمية تديرها السلطة اليمنية بشكل أو بآخر، وهناك إعلام حزبي وإعلام المكونات، وبالتأكيد هذا الإعلام المسيس حزبياً إنخرط بأشمله في المشروع الذي يستهدف اليمن وإلتحق بقافلة الرياض وأبو ظبي، وعمل على صياغة المشهد اليمني بما يخدم مصالح العدوان، وذهب بإتجاه المرتزقة الذين باعوا ضمائرهم وإتجهوا بعيداً عن مبادئ الوطن والإنتماء للوطن.
الإعلام الرسمي عانى من التصدع نتيجة الهشاشة التي أصابت المؤسسات المدنية والعسكرية قبل العدوان وبعده نتيجة الأزمة السياسية التي كانت حاصلة في اليمن والخلاف بين الفرقاء اليمنيين، وعندما دخلت القوى الوطنية على الخط وواجهت هذا المشروع، حملت على عاتقها إعادة تفعيل مؤسسات الدولة، لكنها واجهت صعوبات جمّة كبيرة تجلّت في وسائل الإعلام التي كانت خاضعة بشكل أو بآخر للنظام السلطوي القديم بكوادرها وعقيدتها وأفكارها، وربما ايضاً بإداراتها وموظفيها، وكثير منهم غادروا اليمن الى الخارج مما أضاف عبئاً جديداً على القوى السياسية والوطنية والثورية لسدّ هذا الفراغ والقيام بواجبها في المجابهة الإعلامية من خلال الهيئة الإعلامية لأنصار الله وتكتل الهيئات الإعلامية للأحزاب التي تقف في وجه العدوان وأيضاً من خلال اللجنة الثورية التي حملت مهمة تفعيل وزارة الإعلام وهيئاتها المختلفة بالإمكانيات المتاحة في تلك الفترة والتي لا زلنا نعاني منها الى يومنا هذا نتيجة الشحّ في الإمكانيات، وأيضاً تسرّب المدراء والموظفين.
- ماذا عن تجربة قناة المسيرة في مواجهة هذا العدوان الغاشم؟
قناة المسيرة بدأت كرافد للإعلام اليمني ومرآة للإعلام الحزبي الذي سطّرته بطولة اليمنيين، وأيضاً مرآة للمنظمات الحكومية والإنسانية اليمنية التي أخذت على عاتقها كشف وفضح جرائم العدوان بحق اليمن واليمنيين.لهذا إنطلقنا من أساسين رئيسيين، أولهما المعلومة الصادقة والإبتعاد عن الفبركات والاكاذيب التي قد يستسيغها الكثيرون من الإعلاميين في الأزمات والحروب أو حتى في ظلّ الأوضاع السياسية الطبيعية.
الأمر الآخر الذي عملنا عليه ولا زلنا هو عدم اللجوء الى اسلوب التجريح أو الشخصنة لأن هذا الإسلوب هو الإسلوب العاجز الذي لا يمتلك الحجة ولا المنطق، فأنا أعتقد من وجهة نظري أنه بعون الله تعالى وبالإنطلاق من هاتين الركيزتين الأساسيتين:الصدق وعدم التجريح أو الشخصنة، ساهم الى حد كبير في إرساء رسالتنا ومنظوميتنا، كما أننا لا ننسى الدور الكبير الذي لعبته القنوات ووسائل الإعلام وإذاعات محور المقاومة في نقل الصورة الحقيقية والواقع مثل قناة المنار والميادين في لبنان وقناة العالم في ايران.
- هل من إحصائيات تشير الى الخسائر الإعلامية خلال السنوات الثلاث من الحرب على اليمن حتى اليوم؟
أعتقد أن وزارة الإعلام اليمنية وتجمع الصحفيين اليمنيين الذي أُنشئ مؤخراً بصدد إنشاء إحصائية كاملة لكل الأذى الذي طال مؤسسات الإعلام اليمنية سواء على المستوى الشخصي كما حصل لكثير من أفراد وطواقم وسائل الإعلام من شهداء وجرحى ومفقودين ايضاً، وايضاً ما حصل من استهدف للبنى التحتية الإعلامية من خلال استهداف مبنى تلفزيون صنعاء ومبنى تلفزيون عدن ومبنى قناة المسيرة في صعدة، وبعض الوسائل الإعلامية الأخرى.
- من الجانب الإعلامي ننتقل للحديث عن النتائج الإجتماعية والإقتصادية المترتبة نتيجة هذا الحصار؟
تركزت النتائج الإقتصادية بداية على تدمير البنى التحتية بشكل شامل وممنهج، بعدها كان تدمير الموانئ والمطارات ومحطات الكهرباء، ومحطات المياه والمدارس والمستشفات والجسور والطرقات وكل ما يمتّ الى الحياة بصلة، ومن خلال استمرار الحصار والتضييق على اليمن واليمنيين ومنع الرحلات الجوية والبحرية من الدخول الى اليمن، ما ساهم بشكل كبير في مضاعفة الأعباء على اليمنيين، ووصول البضائع الى اليمن بأسعار مضاعفة وأضعاف مضاعفة، إضافة الى قيام قوى العدوان بنقل البنك المركزي من صنعاء الى عدن وحرمان أكثر من مليون ومئتين ألف موظف يمني من رواتبهم لأكثر من 12 شهر الى هذه اللحظة.
هذه الحالة الإقتصادية المتفاقمة ساهمت في تدهور الحالة الإنسانية والصحة عند الكثير من أبناء اليمن، وايضاً ساهمت على المستوى الإجتماعي في تسرّب عشرات الآلاف من التلامذة اليمنيين والطلاب وحرمانهم من الإلتحاق بمدارسهم وجامعاتهم سواء داخل اليمن أو خارجه،ولا ننسى حرمان الشعب اليمني من فرص العلاج في بعض الدول العربية مثل الأردن ومصر أو الأوربية مثل ألمانيا، هذا الحصار رفع مستوى الوفيات الى المئات المئات مع ندرة الطاقم الطبي في اليمن نتيجة الحرب.
على المستوى الإجتماعي، يأتي تمزيق النسيج الإجتماعي اليمني في المرتبة الأولى، وما نتج عنه من إيجاد صراعات ذات بعد مناطقي وجبهوي وقِبلي في اليمن، وتقسيم اليمن ومحاولة إعادته الى ما قبل الوحدة عام 1990، وخلق صراعات وإفرازات وأحقاد، كما حاول العدوان بشكل كبير بتركيز الصراع على الجانب المذهبي والطائفي، لكن والحمد لله فشل فشلاً ذريعاً، وإن كان نجح في إيجاد صراعات وخلفيات ذات طابع مناطقي.
ومن جانب آخر، خلّف هذا العدوان آثار إجتماعية كبيرة جداً يمكن حصرها بعشرات الآلاف من الأيتام والأرامل والجرحى والمعوقين، والدمار الحاصل في البيوت والمساكن أدى الى لجوء اليمنيين للنزوح الداخلي والخارجي وهذه ظاهرة شهدها اليمن لأول مرة في تاريخه، ومع استمرار العدوان ستستمر هذه الآثار مع صمت وتواطئ المجتمع الدولي على ما يدور في اليمن.
- كيف تنظرون الى موضوع المساعدات التي تصل الى الشعب اليمني؟
الحديث الممزوج دائماً عن المساعدات والتي لا نعتبرها إلاّ صدقات مدفوعة يُراد من خلالها كسب مواقف سياسية، والشعب اليمني لا يريد هذه الصدقات إنما يريد رفع الحصار لإعادة الحياة الطبيعية الى اليمن، واستيراد حاجاتهم من الخارج بأنفسهم، لأن الشعب اليمني شعب عزيز، كريم، ويرفض هذه المساعدات رغم قلّتها وهي لا تستطيع أن تفي بالحاجة التي أفرزها هذا العدوان.
- الحديث اليوم عن مفاوضات سرية أو علنية، هل هذه المفاوضات قائمة وموجودة بالفعل؟
لا يوجد مفاوضات على الإطلاق، وإنما هناك لقاءات وإتصالات من قبل بعض السفراء والمبعوثين من هنا وهناك، وفي تشخيصي لهذه الإتصالات واللقاءات، فهي تهدف فقط الى إنتراع استسلام أنيق، ففي السابق عمل هؤلاء المبعوثين على إستسلام مذل، إلاّ أن المجتمع الدولي وصل الى قناعة كبيرة وهي من غير الممكن إقناع القوى السياسية والثورية اليمنية الوطنية التي تقف في مواجهة العدوان بإستسلام أنيق لكي يخرجه بوجه آخر، لكن اليمنيون اليوم قرروا بهذه المواجهة إنتزاع حقهم الكامل والشامل في الوصول الى تسوية سياسية لحفظ أمنهم ووحدتهم واستقرارهم، تلبي كل تضحياتهم وإنجازاتهم التي قدمها اليمنيون خلال السنوات الثلاث.
- في حال وافقت السعودية على مفاوضات، وإن كانت غير موجودة كما ذكرت، ما هي مطالبكم كيمنيين؟
مطالبنا سيادة وإستقلال وعدم التدخل في شؤوننا كشعب يمني، وأيضاً حريتنا في إمتلاك القرار، لا نريد ان نكون تابعين لأي قوى إقليمية أو دولية تحاول فرض إرادتها علينا، السعودية اليوم لا تريد من اليمنيين ولا من العرب ولا من المسلمين أن يقفوا على جبهة الحياد أو أن يكون لهم مواقف معينة في بعض القضايا التي تختص بالصراع الإقليمي والدولي، وإنما يريدون أن يتحكوا بدول المنطقة وفرض خياراتهم عليها، كما يحصل في اليمن والعراق وسوريا، ويجب أن لا ننسى موقفهم من القضية الفلسطينية، الصراع مع السعودية اليوم ذات بعد اساسي ورئيسي في القضية الفلسطينية، إذ تهدف السعودية وتعمل جاهدة للوصول الى قطار التطبيع مع العدو الإسرائيلي الى آخر محطاته، والشعوب العربية وعلى رأسها الشعب اليمني يرفض الإنخرط في هذا المسار على الرغم من وجود بعض الحكومات العربية التي انخرطت في هذا المشروع.
- برأيكم ما هو موقف المجتمع الدولي من هذا العدوان؟
أكبر كذبة في التاريخ هو وجود المجتمع الدولي أو وجود أمم متحدة، أو أن هناك من يسعى كما هي أدبيات مجلس الأمن الدولي للحفاظ على الأمن والسلم الدوليين، بل على العكس، ما شاهدناه ونشاهده أن الأمم المتحدة وما يسمى المجتمع الدولي ومجلس الأمن هم شركاء في هذا العدوان، ومتواطئين مع السعودية بل ميسّرين لهذا العدوان، وطبعاً من خلال تبنيه للقرار الدولي والذي جاء بعد العدوان بعدة أيام، بالرغم من أن القرار الدولي 22/16 الذي طالما يتحدثون عنه لا يبرر لهم أفعالهم اليوم، هذا القرار أتخذ كغطاء للإستمرار في هذا العدوان، لذا المجتمع الدولي مجتمع منافق بكل ما تعنيه الكلمة، ولا يهمّه إلا مصلحته والمال والإقتصاد الذي توفره السعودية والإمارات العربية المتحدة وبسخاء كبير لتغذية الصراع ذات البُعد الطائفي والمناطقي في مختلف الساحات العربية والإسلامية، بينما لا نجد هذا السخاء متوفر في القضايا العربية والإسلامية والقومية، لهذا نحن لا نعوّل على المجتمع اليمني لأن ثقتنا بشعبنا والإستمرار في التضحية والعطاء والفداء للحصول على السيادة والأمن هو الأهم.
- في ختام اللقاء، عضو المكتب السياسي لأنصار الله ابراهيم الديلمي، ماذا تقول؟
أود أن أختم بأن المجتمع الدولي يكفي به فضيحته في القضايا العربية المختلفة واهمها قضية فلسطين، نحن نشاهد يومياً كيف اكتوت ولا زالت تكتوي هذه الشعوب بنيران المجتمع الدولي الذي يدعم مصالح القوى الكبرى الإستعمارية، ولا ينظر بعين الإنسانية الى المجتمعات التي تُدمّر يومياً.
وفي الختام أشكر وكالة القدس للأنباء(قدسنا) على نقل الصورة الواقعية والحقيقية للواقع اليمني.