وثیقة حماس الجدیدة تنتهج لغة المرونة واللیونة

وکالة القدس للانباء(قدسنا) وثیقة حماس الجدیدة التی تداولتها المواقع الالکترونیة والصحف الورقیة والمواقع التلفزة ، تشیر إلى أن حرکة حماس تنتهج نهجا جدیدا یتواءم مع المتغیرات المحلیة والإقلیمیة والدولیة ، وتهدف هذه الوثیقة الجدیدة التی تحمل إحدى وأربعون بندا إلى کسر عزلتها السیاسیة والدولیة .

تتواءم هذه الوثیقة حسب ما تراه أجندات قطر وترکیا التی تتلاءم سیاساتها مع سیاسة الغرب والسیاسات الدولیة ، لا نستطیع القول بوجود هذه الوثیقة الجدیدة أن حرکة حماس تعانی من قصور سیاسی بل تعانی من تبدد أفکارها القدیمة لتتحول إلى أفکار جدیدة تتماشى مع متطلبات العصر والمتغیرات القائمة فی المنطقة .

حملت الوثیقة رسائل عدیدة للدول الغربیة والمجتمع الدولی بأنها حرکة تحرریة وطنیة فلسطینیة ترفض کل أنواع التطرف والعنف والإرهاب. ان حماس فی هذه الوثیقة تؤکد علی انها تعتبر جزء من حرکة الإخوان المسلمین وبما أن حرکة الإخوان المسلمین قد تضعها أمیرکا مستقبلا ضمن قائمة الإرهاب ، هذا یعنی أن حرکة حماس ضمن بنود وثیقتها الجدیدة تأبه الإرهاب وتدینه، وهذا الامر من جهته یعنی انفصالها تدریجیا وبشکل غیر مباشر عن حرکة الإخوان المسلمین ، وإنها حرکة وطنیة فلسطینیة بحته . وثیقة حماس الجدیدة تحتوی على تناقضات کثیرة.

المعروف أن حماس تؤمن بأن فلسطین من البحر إلى النهر ، لکن فی بنود وثیقتها الجدیدة تؤکد بأن فلسطین فقط على حدود 1967 ، وذلک دون تحدید الأراضی أو الحدود، وهذا یعنی أن الدولة الفلسطینیة قد تکون فی غزة فقط أو على أی شبر من أراضی 1967. وبما ان الحدود الرسمیة للدول الفلسطینیة غیر محددة حسب حسب وثیقة حماس الجدیدة؛ یمکن القول أن حماس تنازلت عن 82% من أراضی فلسطین التاریخیة ، وهذا التناقض یضعها ضمن القصور السیاسی وقبول الوضع الراهن .

اعتراف حرکة حماس ضمن وثیقتها الجدیدة بالیهود واعتبارهم کجزء من الدیانات الثلاثة وإنها غیر معادیة للیهودیة من جهة، و تأکیدها علی أن الحرکة الصهیونیة هی العدو ونسیانها الأحزاب الیمینیة المتطرفة التی هی أساس مشاکل الشعب الفلسطینی من جهة اخری، تؤکد لنا بأن هذه اللغة هی لغة المرونة واللیونة، و أن تغییر اللهجة جاء من اجل أن تتماشى مصالح حرکة حماس بما تراه الدول المانحة لها وأصدقاء الدول المانحة للحرکة.

نهجت حرکة حماس نهجا جدیدا عبر وثیقتها ولکنها لم تتبنى مبادرات جدیدة تؤول إلى دولة فلسطینیة مستقلة ، وکأنها تواکب الحالة الاستعماریة وتوثقها بطرق غیر مباشرة. تعتبر الوثیقة نقلة خاصة وانقلاب سیاسی على أسس المقاومة وأنها ستسیر نحو التسویة مع دولة إسرائیل ، وأنها أمام قالب جدید من الصراع، وتسیر نحو الاعتراف التدریجي بإسرائیل، کما إنها ستسیر على نهج أوسلو وتنازلات أخرى وکأن الوثیقة هی أداة لتسیر بنود أوسلو .

تحدثت الوثیقة الجدیدة عن الشراکة الفلسطینیة ، وإنها جزء وطنی تحرری لا ینفصل عن منظمة التحریر الممثل الشرعی الوحید للشعب الفلسطینی. هذا الامر إشارة إلی رغبة الحرکة فی المصالحة الفلسطینیة حسب ما ترتقیه المصلحة ورغبتها فی استحواذ مواقع متقدمة فی السیاسة الفلسطینیة .

تُعبر الوثیقة عن خطاب غیر متشدد بل معتدل بعیدا عن التعصب والتشنج، وعلیه یمکن القول بأن صدور الوثیقة فی هذه الفترة مقصود لإعادة علاقاتها الخارجیة وکسر عزلتها مع دول الجوار وبالتحدید مع مصر التی أضحت العلاقة بینهما علاقة اقرب إلى المرونة ونبذ الخلافات بینهما.

وفی الختام یمکن القول بان حماس ترید بهذه الوثیقة أن توصل رسالة مفادها إننا نسیر وفق ما تتطلبه التطورات الخارجیة ، وإنها تحاول إرضاء قطر وترکیا والمجتمع الدولی . ولکن هل هذا الوثیقة تشریع لاستسلام ؟ أم دهاء من حرکة حماس فی مواکبة المتغیرات حسب ما تقتضیه مصلحتها ؟
 

بقلم الکاتبة : تمارا حداد