کتائب "القسام" تطوّر دفاعاتها فی قطاع غزة وتستعد للمواجهة المقبلة
وکالة القدس للأنباء (قدسنا) - وکالات - بعد أیام من الصمت وتعدّد الروایات، أکد قیادی بارز فی حرکة "المقاومة الإسلامیة" (حماس)، أنّ ذراع حرکته العسکریة، "کتائب الشهید عزالدین القسام"، تشقّ طریقاً حدودیاً مع الأراضی الفلسطینیة المحتلة عند خط الحدود الزائل شرقی قطاع غزة، وهو ما یطرح أسئلة عن استراتیجیة جدیدة للقسّام، بدت بعد الحرب الأخیرة.
وعندما انتهت الحرب صیف العام الماضی، سارعت "کتائب القسام" إلى إنشاء موقع عسکری ضخم، لا یبعد إلا أمتاراً قلیلة عن موقع عسکری إسرائیلی ومستوطنة شمالی قطاع غزة، وتُطلق الکتائب على الموقع اسم "فلسطین العسکری"، لکن الغزّیین یطلقون علیه اسم موقع "جکر"، أی (العند).
ولوحظ أخیراً أنّ "القسام" زادت من تواجدها فی مناطق حدودیة مع الکیان، وسط قراءات مختلفة للأمر، وصار الشریط الحدودی بین غزة والأراضی المحتلة شرقاً وشمالاً، مکاناً لحفریات مستمرة ومتواصلة، ولمواقع مراقبة جدیدة أقامتها الکتائب، على ما یبدو لرصد الاحتلال وآلیاته.
وشکا إسرائیلیون یقیمون قرب الموقع العسکری شمال القطاع، للتلفزیون الإسرائیلی قبل نحو الشهر، من إصابة "کنیس یهودی" فی مستوطنتهم، بنیران قناص من الموقع.
والمفارقة أنّ التلفزیون الإسرائیلی الذی أنجز التقریر حاول تبریر الأمر بأنه غیر مقصود، وأنّ الرصاصة جاءت أثناء تدریب عسکری لـ "حماس" ولیست مقصودة، وردّ الجیش الإسرائیلی على الحادثة وطمأن المستوطنین بأنه یتابع ما یجری فی موقع "حماس" العسکری.
وقال عضو المکتب السیاسی لـ "حماس" فتحی حماد، فی احتفالیة تأبین شهید فی خانیونس جنوب القطاع، إنّ "کتائب القسام بدأت تشق طریقاً على الحدود مع العدو الصهیونی، وتتحیّن الفرصة للانقضاض علیه".
وأضاف حماد أنّ "الطریق یمتد على طول الحدود وعلى مسافة 250 متراً إلى 300 متراً، وتتفاوت من منطقة إلى أخرى".ولم یذکر حماد مزیداً من التفاصیل.وتتکتم "حماس" على هذا الأمر، ورفض أکثر من قیادی التعلیق على الموضوع.
فی الأثناء، قال الکاتب والمحلل السیاسی حسام الدجنی فی حدیثٍ إلى "العربی الجدید"، إنّ "إنشاء القسام والمقاومة الفلسطینیة لطریق حدودی مع الأراضی المحتلة عام 1948 یأتی ضمن الاستعدادات المتواصلة لتحریر فلسطین، ولجم أی عدوان إسرائیلی محتمل على القطاع".
ولفت الدجنی إلى أنّ "ما یجری على الحدود مع الکیان، یدلل على أنّ أداء وقوة المقاومة بعد الحرب الأخیرة القاسیة علیها وعلى غزة، سیکون أکثر تطوراً وقدرة وتحدیاً للإسرائیلیین"، مشیراً إلى أنه بات "من الواضح اختلاف التعامل والوعی الإسرائیلی مع المقاومة فی غزة، فتعامل ما قبل الحرب، لیس کما بعد الحرب الأخیرة".
ویعتقد أنّ "إسرائیل التی صمتت على موقع المقاومة شمالاً، وعلى شارع المقاومة شرقاً، باتت تخشى المقاومة ورد فعلها أکثر من أی وقت مضى، وأنّ أکبر دلالة على ذلک، تصریحات المسؤولین العسکریین وقادة الجیش المتواصلة، والتی تطرح حلولاً لأزمات غزة خشیة الانفجار".
وشدد الکاتب والمحلل السیاسی أنّ "المقاومة لم تعد لقمة سائغة کما کانت من ذی قبل، فالیوم هی أکثر قوة وفرضت تحولاً جدیداً فی الصراع مع الاحتلال فی القطاع، ویجب أنّ یبنى علیه وینتقل هذا التحول للضفة الغربیة، وهذا أمر مهم ومطلوب".
وأشار الدجنی إلى أنّ "المقاومة الفلسطینیة باتت تنظر إلى مجریات الأمور من نطاق أبعد وأوسع وأکثر قدرة على قراءة الواقع والتحدیات".
ولفت إلى أنّ "هذه المقاومة تواصل استعداداتها، خشیة انفجار الأمور فی قطاع غزة نتیجة استمرار الحصار وعدم وجود أبسط مقومات الحیاة الیومیة".
واستبعد الدجنی أنّ "تقوم إسرائیل باستهداف مباشرة للمقاومین الذین ینشئون الشارع والمواقع العسکریة الحدودیة".
غیر أنه أکدّ أن "کل الاحتمالات تبقى مفتوحة لتطور الأمور على جبهة غزة، خصوصاً أنّ هناک أطرافاً محلیة وإقلیمیة تسعى لعرقلة أی اتفاق بین حرکة حماس وإسرائیل یرفع الحصار، ویقود إلى إنشاء میناء بحری لغزة ینجدها من الضیق الذی تعیشه الآن".
من جانبه، ذکر المحلل السیاسی مصطفى الصواف لـ "العربی الجدید"، أنّ "إقامة المواقع والطرق داخل قطاع غزة، هی حق أساسی للمقاومة یخدم مصالحها ومصالح الشعب الفلسطینی، ولمنع أیّ محاولة تسلل من الاحتلال الإسرائیلی داخل القطاع".
وأضاف الصواف أنّ "ما یجری حالیاً من إقامة للطرق، والمواقع العسکریة الحدودیة، هو واحدة من وسائل المقاومة للإعداد لأی مواجهة مقبلة، ویثبت أنّ المقاومة الفلسطینیة فی جعبتها ما یقال مستقبلاً عند أی معرکة عسکریة مع الاحتلال الإسرائیلی".
ولفت المحلل السیاسی إلى أنّ "الطرق الحدودیة داخل قطاع غزة تعتبر مصلحة فلسطینیة أیضاً لمنع التسلل داخل الأراضی المحتلة عام 1948، من بعض الشباب للبحث عن فرص عمل فی ظل تردی الأوضاع الاقتصادیة فی القطاع".
وأشار فی رده على عدم اعتراض إسرائیل على شارع وموقع المقاومة، إلى أنّ "إسرائیل قادرة على کل شیء، لکنها حالیاً تقوم بمراقبة الأوضاع والحدود وتلتزم الصمت طالما أن الأمر لن یشکل خرقاً أمنیاً کبیراً".
واستدرک قائلاً "حین یستشعر الاحتلال الإسرائیلی أنّ هذه المواقع والطرق ستشکل خطراً أمنیاً، وستکون نقطة تحرک للمقاومة الفلسطینیة، سیلجأ للقوة فوراً، أما فی المرحلة الحالیة فهو سیلتزم الصمت فقط".
واعتبر أن "استمرار الأوضاع المعیشیة والاقتصادیة على ما هو علیه فی قطاع غزة، سیقود إلى الانفجار فی وجه الاحتلال الإسرائیلی وأی طرف متورط فی معاناة الغزیین".وهو ذات التحذیر الذی أطلقه قیادیون فی "حماس" ومسؤولون إسرائیلیون حالیون وسابقون.
الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS