فی القاهرة مؤتمرٌ للتستر على الفضیحة
وکالة القدس للانباء(قدسنا) یا حبذا لو تم تغییر اسم (المؤتمر الدولی لإعادة اعمار قطاع غزة)، لیصیر الاسم (المؤتمر الدولی للتستر على الفضیحة)؛ فضیحة صمت العالم على الجرائم الإسرائیلیة بحق الإنسانیة، وفضیحة انهیار القومیة العربیة التی شاهدت مجازر إسرائیل بحق أطفال غزة، فأغمضت عینیها، وفضیحة الأمة الإسلامیة التی سمعت دوی الصواریخ التی دمرت بیوت العبادة، فوضعت أصابعها فی آذانها، وأخیراً فضیحة المجتمع الدولی الذی تابع على الفضائیات تناثر أشلاء المدنیین، ولم یجرؤ على الصراخ فی وجه القاتل، الذی سیشارک من خلال أصدقائه فی مؤتمر الاعمار، وکأن الذی اقترف جریمة الخراب قد جاء من عالم آخر، وکأن لا علاقة للسلاح الإسرائیلی الفتاک بذلک الدمار الذی سیحرص البیان الختامی لمؤتمر القاهرة على دفنه بعدة ملیارات من الدولارات.
مؤتمر القاهرة لن یبحث مصیر الإنسان الذی عاش 51 یوماً على حافة الموت، ولن یناقش أمر النساء اللائی کفکفن دموع الرعب فی عیون أطفالهن، وانزوین یبکین خوفاً وفقداً، والمؤتمر لن یعالج الحقد الذی استوطن جوف الأطفال الذین سکنوا على حافة الهاویة کل زمن العدوان، والمؤتمر لن یبعث الحیاة فی الأمل الذی شنقته التفجیرات الإسرائیلیة، وهی تذبح الإنسانیة فی شوارع وحواری مدن ومخیمات قطاع غزة!
مؤتمر التستر على الجریمة الإسرائیلیة فی القاهرة سیحرص على حرف الصراع عن موضعه، وسیحصر جل القضیة السیاسیة الفلسطینیة فی عملیة اعمار غزة، ولن یکلف المؤتمر نفسه عناء البحث عن سبب دمار غزة، وعن سبب ضیاع فلسطین، وعن سبب تهوید المسجد الأقصى، وعن سبب تواصل الصراع ونزف الوجع الفلسطینی، المؤتمر سیحرص على دفن الجریمة من خلال المتبرعین، ومن ثم التغطیة على وجه إسرائیل البشع من خلال الدعوة الأمریکیة إلى استئناف المفاوضات ذاتها التی کانت السبب المباشر فی حصار قطاع غزة.
مؤتمر التستر على الجریمة سیحرص على تغطیة فضیحة الأنظمة العربیة التی تآمرت مع الصهاینة على تدمیر غزة، وسیحرص على ستر عورة السلطة الفلسطینیة التی منعت مدن الضفة الغربیة من التضامن مع سکان غزة، وواصلت التنسیق الأمنی طوال فترة الحرب.
مؤتمر التستر على الجریمة سیحرص على ستر عورة المجتمع الدولی الذی یتشدق بالدیمقراطیة والحریة والعدالة، فإذا مست هذه القیم الإنسانیة طرف ثوب الحرکة الصهیونیة، طوى المجتمع الدولى شعاراته، وانزوى، لیفسح المجال لآلة الحرب الیهودیة کی تمارس الدمار، إنهم یشارکون الیوم فی مؤتمر الاعمار لستر فضائحهم الأخلاقیة أمام شعوبهم، وسیکونون أول المتبرعین بالمال المغمس بالعار.
لا شک أن غزة بحاجة إلى مؤتمر دولی للتعمیر، ولکن غزة بحاجة إلى مؤتمر دولی یعاود فضح إسرائیل التی تعیش فی دولة على حساب سکان غزة اللاجئین، وعلى حساب سکان الضفة الغربیة، وباقی الفلسطینیین المشتتین فی کل أصقاع الأرض.
غزة قضیة سیاسیة تختزل صراع العالم الحر مع الصهانیة، وإذا کانت الیوم بحاجة إلى الاعمار، فإنها أیضاً بحاجة إلى طاقة الشعب الفلسطینی على مختلف مشاربه السیاسیة، وهی بحاجة إلى إسناد أمتها العربیة الأبیة الرافضة للخنوع، وهی بحاجة إلى عمقها الإسلامی الذی یتآمر علیه الیهود، وغزة بحاجة إلى الضمیر الإنسانی النابض بالوعی لما یخطط له الصهاینة من تلویث لکل قطرة نقاء على وجه الأرض.
بقلم: فایز أبو شمالة
الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS