نساء غزه و دورهن الجهادی ضد العدو الصهیونی
نساء غزه و دورهن الجهادی ضد العدو الصهیونی
وکالة القدس للانباء (قدسنا) ـ لم یعد خافیا أن الانتصار التاریخی والنوعی الذی حققته المقاومة الفلسطینیة خلال معرکة الأیام الثمانیة فی العام الماضی، وشکل نقطة تحول کبیرة فی تاریخ الصراع مع الاحتلال، تضافرت فیه عوامل عدة وساهمت فی تحقیقه، لعل من أبرزها دور النساء البارز فی تلک المعرکة، ما جعل البعض یطلق على النساء بـ"شریکات فی النصر".
فقد استطاعت النساء الخروج من عباءة الدور التقلیدی للمرأة فی تلک المعرکة، کأم أو زوجة للشهید، وصانعة للأجیال، وتطور هذا الدور حتى وصل إلى دور جهادی حقیقی على الأرض، فکانت النساء حاضرة فی أدق تفاصیل المعرکة، وقلوبهن مخزنا لأسرار أزواجهن وأبنائهن المجاهدین، وأیدی العدیدات منهن کن على الزناد، وحررت بعضهن الصواریخ المعدة والموجهة مسبقا نحو أهدافها، لتنطلق فی اتجاه العمق الصهیونی وتصیب أهدافها بمنتهى الدقة.
"معرکة السماء الزرقاء"، أبرزت الوجه المشرف للمرأة الفلسطینیة، ومنحتها صورة امتزج فیها سعیها کبقیة نساء العالم للقیام بأدوارها المختلفة فی الأسرة والمجتمع، إلى جانب حرصها على استعادتها للحریة والکرامة التی سلبها إیاها الاحتلال، فوقفت خلف المجاهدین أماً وزوجةً وأختاً وابنة؛ ومربیة ومقاومة، وبقیت من بعد الشهداء راعیة لأسرهم وأبنائهم، تزرع فیهم مزیداً من العزة والصمود، وحب الجهاد و الاستشهاد، ولتکون بذلک مسئولة عن بناء مجتمع بکامله.
وکالة "فلسطین الیوم الإخباریة"، سلطت الضوء على الدور المهم الذی قدمته نساء غزة، خلال الحرب الأخیرة، على کل الأصعدة، حیث برز دورها فی کثیر من الجوانب الجهادیة والاجتماعیة والنفسیة، إلى جانب دورها کأم و حاضنة فی البیت.
مجاهدات فی الخفاء
فعلى الصعید الجهادی، شارکت المرأة الغزیة إبان الحرب الأخیرة فی کثیر من المهمات التی کان المقاومون یحتاجون لوجود النساء فیها، من مهمات رصد وتمشیط الطرقات والتمویه وإیصال أسلحة و نقلها من مکان لآخر، وربما إطلاق صواریخ کانت معدة فی باطن الأرض.
من جانبه تحدث "أبو حمزة"، و هو أحد مجاهدی "سرایا القدس"، وأبرز المشارکین فی معرکة "السماء الزرقاء" قائلاً: "کثیراً ما کنا نحتاج لوجود نساء للمساعدة فی بعض المهمات، مثل استکشاف الطرق، تحسباً لوجود عملاء أو مشبوهین، ورصد وجود تحرکات لقوات الاحتلال، و خصوصاً فی المناطق القریبة من الحدود، بالإضافة للمساعدة فی تخزین الأسلحة و نقلها من طرف لآخر فی حال تعذر وصول المقاومین إلیها".
وأردف قائلا: " أن دور النساء کان دوراً مهماً لإسناد المقاومة، لیس فقط فی جانب العمل الجهادی، بل فی أمور کثیرة، مثل إعداد الطعام للمجاهدین فی کل یوم، و إیوائهم و مساعدتهم على التخفی أثناء مهماتهم الجهادیة.
بدورها أکدت "أم حذیفة"، إحدى النساء اللواتی کن یقدمن العون للمجاهدین فی معرکة "السماء الزرقاء"، إن وجود منزلها فی منطقة قریبة من الحدود، ساعدها فی تولی مهمات جهادیة هامة، مثل الرصد والمتابعة لتحرکات الاحتلال، ونقل أی معلومات لغرفة العملیات، التی تشرف على إدارة المعرکة، لتقوم بنقلها للمعنیین، وکثیرا ما کانت تعمل على تأمین طرقات قبل أن یسلکها المجاهدون.
و أشارت إلى أن احتدام المعرکة مع الاحتلال، واتساع دائرة جرائمه ضد کافة فئات الشعب الفلسطینی، جعل دور النساء لا یقتصر على تربیة الأطفال وأعمال البیوت، فهن أصبحن جزء من العملیة الجهادیة، وشریک فی أدق تفاصیلها، وقد تفوقن بالفعل عن دور الرجال فی کثیر من المهام الجهادیة.
ونوهت "أم حذیفة" إلى أن المرأة تقوم بدورها فی خدمة قضیتها قدر استطاعتها، مؤکدة بأن طبیعة الصراع مع العدو تتطلب تکامل ادوار النساء و الرجال للقیام بواجبهم فی خدمة قضیتهم العادلة.
وفی مقارنة بین المرأة الفلسطینیة ونساء المستوطنات، قالت ام حذیفة: "فی الوقت الذی کانت تهرب نساء المستوطنات خوفا وهلعاً على حیاتهن من صواریخ المقاومة، کانت المرأة الفلسطینیة تندفع وتدفع بأبنائها إلى المواجهة، رغم حمم القصف الجوی والبری الذی کان یستهدف قطاع غزة، من مختلف أنواع الأسلحة المحرمة دولیاً، موضحة بأن هذا إن دل على شیء فإنه یدل على أن المرأة الفلسطینیة صاحبة حق فی هذه الأرض، بینما تهرب الأخرى لأنها تعرف بأنها دخیلة علیها و لا ولا تمتلک هی وشعبها المزعوم شبرا واحد من أرضنا المبارکة.
و أکدت بأن النساء سیواصلن طریق المقاومة بکل الوسائل المتاحة لهن، و لن تثنیهن عن ذلک أعمال القتل و التخریب التی تقوم بها آلة الحرب الصهیونیة.
مسئولیات جسام
أما عن الدور الاجتماعی الذی قدمته المرأة، تحدثت والدة الشهید "أیمن إسلیم" القائد المیدانی بسرایا القدس، و الذی استشهد خلال حرب "السماء الزرقاء"، قائلة: "إن المرأة هی أول من تتحمل مسؤولیة الحرب، و هی أول من تتحمل التضحیات، فابنها أو زوجها فی میدان المعرکة، أو فی أماکن عملهم یقدمون الواجب قدر الإمکان، رغم المخاطر التی تحف بهم من کل جانب، وهی من تدیر شئون المنزل فی غیابهم، و تکون حاضنة للأطفال ومخفف عنهم الأعباء النفسیة وحالات الخوف".
و تتابع حدیثها قائلة: "على الرغم من أننی کنت اعرف أن أبنی أیمن کان یعمل فی صفوف المقاومة، و کان یخرج للرباط فی کل یوم، إلا أنه لم یخطر ببالی یوماً أن أطلب منه أن یتوقف عن جهاده و مقاومته، بل کنت أجهزه للخروج إلى مهماته، لأنی على یقین بأن هذا هو الطریق الوحید لتحریر الأرض واستعادة الکرامة، وأن هذه ضریبة یدفعها شعبنا وأمهاتنا على وجه الخصوص، لاستعادة حقوقنا السلیبة من الاحتلال الغاصب، و هذا فخر و شرف لی بأن نال أیمن الشهادة التی طالما تمناها".
و أکدت والدة الشهید بأنه رغم الفراغ و الألم الذی ترکه رحیل ابنها الشهید أیمن، إلا أنها لم تندم ولو للحظة على تربیته على نهج المقاومة و حب الجهاد، بل ستسیر هی و باقی إخوانه على ذات النهج، حتى یتحقق ما سعى له الشهید، و هو تحریر الأرض من دنس الاحتلال.
الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS