الاحد 13 ذوالقعدة 1446 
qodsna.ir qodsna.ir

السودان فى عیون صهیونیة

یأتی هذا الجزء المتعلق بالسودان بعد نشر الجزء المتعلق بمصرمن محاضرة آفی دیختر وزیر الأمن الداخلی الصهیونی، 

 

قدسنا للأنباء /

 

محمد سیف الدولة

 

فى 4 سبتمبر الماضى 2008 القى آفى دیختر وزیر الامن الداخلى الصهیونى ، محاضرة فى معهد ابحاث الامن القومى الاسرائیلى ، عن الاستراتیجیة الاسرائیلیة فى المنطقة ، تناول فیها سبعة ساحات هى فلسطین ولبنان و سوریا والعراق وایران و مصر والسودان . نشرتها الصحف العبریة .

 

و فى الجزء الخاص بالسودان ، کانت أهم المحاور مایلی :

 §   ان اضعاف الدول العربیة الرئیسیة بشکل عام ، واستنزاف طاقاتها وقدرتها هو واجب وضرورة من اجل تعظیم قوة اسرائیل واعلاء منعتها فى مواجهة الاعداء ، وهو ما یحتم علیها استخدام الحدید والنار تارة والدبلوماسیة ووسائل الحرب الخفیة تارة اخرى

§   والسودان بموارده ومساحته الشاسعة ، کان من الممکن ان یصبح دولة اقلیمیة قویة منافسة لدول مثل مصر والعراق والسعودیة .

§   کما انه یشکل عمقا استراتیجیا لمصر ، وهو ما تجسد بعد حرب 1967 عندما تحول الى قواعد تدریب وایواء لسلاح الجو المصرى وللقوات اللیبیة ، کما انه ارسل قوات مساندة لمصر فى حرب الاستنزاف عام 1968.

§       وعلیه فانه لا یجب ان یسمح لهذا البلد ان یصبح قوة مضافة الى قوة العالم العربى

§       ولابد من العمل على اضعافه وانتزاع المبادرة منه لبناء دولة قویة موحدة

§       فسودان ضعیف ومجزأ وهش افضل من سودان قوى وموحد وفاعل

§       وهو ما یمثل من المنظور الاستراتیجى ضرورة من ضرورات الامن القومى الاسرائیلى

§   ولقد تبنى کل الزعماء الصاینة من بن جوریون ولیفى اشکول وجولدا مائیر واسحاق رابین ومناحم بیجین وشامیر وشارون واولمرت خطا استراتیجیا واحدا فى التعامل مع السودان هو : العمل على تفجیر ازمات مزمنة ومستعصیة فى الجنوب ثم دارفور

§   وانه حان الوقت للتدخل فى غرب السودان وبنفس الآلیة والوسائل لتکرار ما فعلته اسرائیل فى جنوب السودان

§   وان النشاط الصهیونى فى دارفور لم یعد قاصرا على الجانب الرسمى ، بل یسانده فى ذلک ، کل المجتمع الاسرائیلى بمنظماته وقواه وحرکاته وامتدادته فى الخارج .

§       وان الدور الامریکى فى دارفور یسهم بشکل فعال فى تفعیل الدور الاسرائیلى

§   وامریکا مصرة على التدخل المکثف فى السودان لصالح انفصال الجنوب وانفصال دارفور على غرار ما حدث فى کوسوفو .

§   وان اسرائیل نجحت بالفعل فى تغییر مجرى الاوضاع فى السودان ، فى اتجاه التأزم والتدهور والانقسام ، وهو ما سینتهى عاجلا ام آجلا الى تقسیمه الى عدة کیانات ودول مثل یوغوسلافیا .

§       وبذلک لم یعد السودان دولة اقلیمیة کبرى قادرة على دعم الدول العربیة المواجهة لاسرائیل .

*  *  *

وقبل ان نعرض نص المحاضرة ، نراجع  معا ما جاء فى وثیقة صهیونیة اخرى حول نفس الموضوع ، نشرتها مجلة کیفونیم لسان حال المنظمة الصهیونیة العالمیة عام  1982تحت عنوان " استراتیجیة اسرائیل فى الثمانینات " ، ونشرناها نحن بعنوان : "الوثیقة الصهیونیة لتفتیت الامة العربیة "، حیث جاء فیها ما یلى :

§       ان مصر المفککة والمقسمة الى عناصر سیادیة متعددة ، على عکس ماهى علیه الآن ، سوف لاتشکل أى تهدید لاسرائیل بل ستکون ضمانا للزمن والسلام لفترة طویلة ، وهذا الامر هو الیوم فى متناول ایدینا .

§       ان دول مثل لیبیا والسودان والدول الابعد منها سوف لایکون لها وجود بصورتها الحالیة ، بل ستنضم الى حالة التفکک والسقوط التى ستتعرض لها مصر . فاذا ما تفککت مصر فستتفکک سائر الدول الاخر ، ان فکرة انشاء دولة قبطیة مسیحیة فى مصر العلیا الى جانب عدد من الدویلات الضعیفة التى تتمتع بالسیادة الاقلیمیة فى مصر ـ بعکس السلطة والسیادة المرکزیة الموجودة الیوم ـ هى وسیلتنا لاحداث هذا التطور التاریخى . ان تفتیت لبنان الى خمس مقاطعات اقلیمیة یجب أن یکون سابقة لکل العالم العربى بما فى ذلک مصر وسوریا والعراق وشبه الجزیرة العربیة .

§       و السودان أکثر دول العالم العربى الاسلامى تفککا فانها تتکون من أربع مجموعات سکانیة کل منها غریبة عن الأخرى ، فمن أقلیة عربیة مسلمة تسیطر على أغلبیة غیر عربیة افریقیة الى وثنیین الى مسیحیین .

*  *  *

 

نص المحاضرة

  یتساءل البعض فى اسرائیل :  لماذا نهتم بالسودان ونعطیه هذا القدر من الأهمیة ؟ ولماذا التدخل فى شئونه الداخلیة فى الجنوب سابقا وفى الغرب دارفور حالیا طالما أن السودان لا یجاورنا جغرافیا ، وطالما أن مشارکته فى إسرائیل معدومة أو هامشیة وارتباطه بقضیة فلسطین حتى نهایة الثمانینات ارتباطا واهیا وهشا ؟  

   وحتى لا نطیل فى الإجابة یتعین أن نسجل هنا عدة نقاط محوریة  تکفى لتقدیم إجابات على هذه التساؤلات التى تطرح من قبل ساسة وإعلامیین سواء فى وسائل الإعلام وأحیانا فى الکنیست :

1.   إسرائیل حین بلورت  محددات سیاستها واستراتیجیتها  حیال العالم العربى انطلقت من عملیة استجلاء واستشراف للمستقبل وأبعاده وتقییمات تتجاوز المدى الحالى أو المنظور .

 2.  السودان بموارده ومساحته الشاسعة  وعدد سکانه کان من الممکن أن یصبح دولة إقلیمیة قویة منافسة لدول عربیة رئیسة مثل مصر والعراق والسعودیة . لکن السودان ونتیجة لأزمات داخلیة بنیویه , صراعات وحروب أهلیة فى الجنوب استغرقت ثلاثة عقود  ثم الصراع الحالى فى دارفور ناهیک عن الصراعات حتى داخل المرکز الخرطوم  تحولت الى أزمات مزمنة . هذه الأزمات فوتت الفرصة على تحوله الى قوة إقلیمیة مؤثرة تؤثر فى البنیة الأفریقیة والعربیة. 

کانت هناک تقدیرات إسرائیلیة حتى مع بدایة استقلال السودان فى منتصف عقد الخمسینات أنه لا یجب أن یسمح لهذا البلد رغم بعده عنا أن یصبح قوة مضافة الى قوة العالم العربى لأن موارده إن استمرت فى ظل أوضاع مستقرة ستجعل منه قوة یحسب لها ألف حساب . وفى ضوء هذه التقدیرات  کان على إسرائیل أو الجهات ذات العلاقة أو الاختصاص أن تتجه الى هذه الساحة وتعمل على مفاقمة الأزمات وإنتاج أزمات جدیدة حتى یکون حاصل هذه الأزمات معضلة یصعب معالجتها فیما بعد .

3.  کون السودان یشکل عمق استراتیجى  لمصر , هذا المعطى تجسد بعد حرب الأیام الستة  1967  عندما تحول السودان  الى قواعد تدریب وإیواء لسلاح الجو المصرى  وللقوات البریة هو ولیبیا . ویتعین أیضا أن نذکر بأن السودان أرسل قوات الى منطقة القناة أثناء حرب الإستنزاف  التى شنتها مصر منذ عام 1968 ـ 1970 .

   کان لابد أن نعمل  على إضعاف السودان وانتزاع المبادرة منه لبناء دولة قویة موحدة رغم أنها تعد بالتعددیة الأثتیة والطائفیة ـ لان هذا من المنظور الاستراتیجى الإسرائیلى  ضرورة من ضرورات دعم وتعظیم الأمن القومى الإسرائیلى .

 

     وقد عبرت عن هذا المنظور رئیسة الوزراء الراحلة ( جولدا مائیر ) عندما کانت تتولى وزارة الخارجیة وکذلک ملف إفریقیا فى عام 1967 عندما قالت : " إن إضعاف الدول العربیة الرئیسیة  واستنزاف طاقاتها وقدراتها واجب وضرورة من أجل تعظیم قوتنا وإعلاء عناصر المنعة لدینا فى إطار المواجهة مع أعداءنا . وهذا یحتم علینا استخدام الحدید والنار تارة والدبلوماسیة ووسائل الحرب الخفیة تارة أخرى " .

   وکشفت عن أن إسرائیل  وعلى خلفیة بعدها  الجغرافى عن العراق والسودان مضطرة لاستخدام وسائل أخرى  لتقویض أوضاعهما  من الداخل  لوجود الفجوات والتغیرات  فى البنیة الاجتماعیة والسکانیه   فیهما .

(وراح دیختر یورد المعطیات عن وقائع الدور الإسرائیلى فى إشعال الصراع فى جنوب السودان انطلاقا من مرتکزات  قد أقیمت فى أثیوبیا وفى أوغندا وکینیا والزائیر سابقا  الکونغو الدیموقراطیة  حالیا )

 

وقال ان جمیع رؤساء الحکومات فى إسرائیل من بن جوریون ولیفى أشکول وجولدا مائیر واسحاق رابین ومناحم بیجین ثم شامیر وشارون وأولمرت  تبنوا الخط الاستراتیجى  فى التعاطى مع السودان  الذی یرتکز (  على تفجیر بؤرة وأزمات مزمنة ومستعصیة فى الجنوب وفى أعقاب ذلک فى دارفور ) .

   هذا الخط الاستراتیجى کانت له نتائج ولاتزال أعاقت وأحبطت الجهود لإقامة  دولة سودانیة متجانسة قویة عسکریا واقتصادیا قادرة على تبوأ موقع صدارة فى البیئتین العربیة والأفریقیة .

   فى البؤرة الجدیدة فى دارفور تداخلنا  فى إنتاجها وتصعیدها ، کان ذلک حتمیا وضروریا حتى لا یجد السودان المناخ والوقت لترکز جهودها باتجاه تعظیم قدراته . ما أقدمنا علیه من جهود على مدى ثلاثة عقود یجب أن لا یتوقف  لأن تلک الجهود هى بمثابة مداخلات ومقدمات التى أرست منطلقاتنا . الاستراتیجیة التى تضع نصب اعینها أن سودان ضعیف ومجزأ وهش أفضل من سودان قوى وموحد وفاعل .

   نحن بالإضافة  الى ذلک نضع فى  إعتبارنا وفى صمیم اهتمامنا حق سکان الجنوب فى السودان فى تقریر المصیر والإنعتاق من السیطرة . من واجبنا الأدبى والأخلاقى أن ندعم تطلعات  وطموحات سکان الجنوب  ودارفور. حرکتنا فى دارفور لم تعد قاصرة على الجانب الرسمى وعلى نشاط أجهزة معینة . المجتمع الإسرائیلى بمنظماته المدنیة وقواه وحرکاته وامتداداتها فى الخارج تقوم بواجبها لصالح سکان دارفور .

   الموقف الذی أعبر عنه بصفتى وزیرا إزاء ما یدور فى دارفور من فظائع وعملیات إبادة ومذابح جماعیة هو موقف شخصى وشعبى ورسمى .

   من هنا نحن متواجدین فى دارفور لوقف الفظائع وفى ذات الوقت لتأکید خطنا الإستراتیجى من أن دارفور کجنوب السودان من حقه أن یتمتع بالاستقلال وإدارة شؤونه بنفسه ووضع حد لنظام السیطرة المفروض عنوة من قبل حکومة الخرطوم .  

  لحسن الطالع أن العالم یتفق معنا من أنه لابد من التدخل فى دارفور سیاسیا واجتماعیا وعسکریا . الدور الأمریکى فى دارفور دور مؤثر وفعال ومن الطبیعى أن یسهم أیضا  فى تفعیل الدور الإسرائیلى ویسانده کنا سنواجه مصاعب فى الوصول الى دارفور لنمارس دورنا المتعدد الأوجه بمفردنا وبمنأى عن الدعم الأمریکى والأوروبى .

   صانعوا  القرار  فى البلاد کانوا من أوائل المبادرین الى وضع خطة للتدخل الإسرائیلى فى دارفور 2003 والفضل یعود الى رئیس الوزراء السابق إرییل شارون . أثبتت النظرة الثاقبة  لشارون والمستمدة من فهمه  لمعطیات الوضع السودانى خصوصا والوضع فى غرب أفریقیا صوابیتها . هذه النظرة وجدت تعبیرا لها فى کلمة قاطعة ألقاها رئیس الوزراء السابق خلال اجتماع الحکومة فى عام 2003 ( حان الوقت  للتدخل فى غرب السودان وبنفس الآلیة والوسائل وبنفس أهداف تدخلنا فى جنوب السودان ).

   لابد من التفکیر مرة أخرى بأن قدر هام وکبیر من أهدافنا فى السودان قد تحقق على الأقل فى الجنوب وهذه الأهداف تکتسب الآن فرص التحقیق فى غرب السودان فى دارفور .

   وعندما سئل دیختر ما هى نظرته الى مستقبل السودان على خلفیة أزماته المستعصیة فى الجنوب وفى الغرب والإضطراب السیاسى وعدم الاستقرار فى الشمال وفى مرکز القرار الخرطوم ؟ .  هذا السؤال طرحه نائب وزیر الدفاع السابق جنرال الإحتیاط إفرایم سنیه .

   رد دیختر على هذا السؤال : ( هناک قوى دولیة تتزعمها الولایات المتحدة مصرة على التدخل المکثف  فى السودان لصالح خیارات تتعلق بضرورة أن یستقل جنوب السودان وکذلک إقلیم دارفور على غرار استقلال إقلیم کوسوفو . لا یختلف الوضع  فى جنوب السودان وفى دارفور  عن وضع کوسوفو . سکان هذین الإقلیمین یریدون الإستقلال وحق تقریر المصیر قاتلوا الحکومة المرکزیة من أجل ذلک .

    وأرید أن أنهى تناولى للمحور السودانى  فى هذه المحاضرة تأکید أن استراتیجیتنا التى ترجمت على الأرض فى جنوب السودان سابقا وفى غربه حالیا استطاعت  أن تغیر مجرى الأوضاع فى السودان نحو التأزم والتدهور والإنقسام . أصبح یتعذر الآن الحدیث عن تحول السودان الى دولة إقلیمیة کبرى وقوة داعمة للدول العربیة  التى نطلق علیها دول المواجهة مع اسرائیل . السودان فى ظل أوضاعه المتردیة والصراعات المحتدمة فى جنوبه وغربه وحتى فى شرقه غیر قادر على التأثیر بعمق فى بیئته العربیة والأفریقیة لأنه متورط  ومشتبک فى صراعات ستنتهى إن عاجلا أو آجلا  بتقسیمه الى عدة کیانات ودول مثل یوغوسلافیا التى انقسمت الى عدة دول البوسنة والهرسک وکرواتیا وکوسوفو  ومقدونیا وصربیا  ویبقى السؤال عالقا  متى ؟.

   بالنسبة لجنوب السودان الدلائل کلها  تؤکد أن جنوب السودان  فى طریقه الى الإنفصال لأن هذا هو خیاره الوحید . هو بحاجة الى کسب الوقت لإقامة مرتکزات دولة الجنوب . وقد یتحقق ذلک قبل موعد إجراء الاستفتاء عام 2011 إلا إذا طرأت تغیرات داخلیة واقلیمیة إما أن تسهم فى تسریع تحقق هذا الخیار أو فى تأخیره . 

*  *  *

 


| رمز الموضوع: 143397







الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS
  1. أسير إسرائيلي: إذا أردتم أن تعرفوا عدد الأسرى إسألوا سارة نتنياهو
  2. إصابة 9 جنود إسرائيليين بينهم نائب قائد فرقة وقائد كتيبة في الشجاعية بغزة
  3. في إطار جمعات الغضب.. مدن إيرانية تنظم وقفات تضامنية مع غزة
  4. صنعاء تستهدف "بن غوريون" بصاروخ باليستي فرط صوتي.. وتُهاجم هدفاً في يافا المحتلة
  5. كتائب القسام توقع قوة إسرائيلية في حقل ألغام.. وجنود الاحتلال بين قتيل وجريح
  6. المشّاط للإسرائيليين: لا تراجع عن إسناد غزّة.. الزموا الملاجئ ردّنا سيكون مزلزلاً
  7. الإدارة الأميركية ترضخ.. القوات اليمنية تستفرد بالعدو الصهيوني
  8. انصار الله: إعلان ترامب فشل لنتنياهو
  9. سرايا القدس تسيطر على مُسيرة إسرائيلية شرق مدينة غزة
  10. العدوان الإسرائيلي على مطار صنعاء الدولي.. هجوم استعراضي موجه للداخل الصهيوني
  11. عدوان أمريكي إسرائيلي غاشم على اليمن بعشرات الطائرات
  12. وزير الخارجية الإيراني: الدعم القاتل لإبادة نتنياهو الجماعية في غزة، وشن الحرب نيابةً عنه في اليمن، لم يُحققا شيئاً للشعب الأميركي
فيديو

وكالةالقدس للأنباء


وكالةالقدس للأنباء

جميع الحقوق محفوظة لوکالة القدس للأنباء(قدسنا)