qodsna.ir qodsna.ir

صفحات مجهولة من تاریخ الحاج أمین الحسینی

صفحات مجهولة من تاریخ الحاج أمین الحسینی

  

لم یکن الحاج أمین الحسینی زعیما لفلسطین فقط، بل کان زعیماً عربیاً وإسلامیاً، لم یأل جهداً فی مناصرة الشعوب المستضعفة، لا بالکلام فقط، وإنما بالمال والنفس والوقت لقد کان بحق مجاهداً لا یخشى إلا الله، فقد جاهد فی فلسطین وخزن الأسلحة فی القد س استعداداً للمعرکة المرتقبة وبعد أن تم اکتشاف أمره تخفى وهرب إلى لبنان ومنه إلى سوریة والعراق للمشارکة فی الثورة التی أعلنها رئیس الوزراء العراقی رشید عالی الکیلانی ضد بریطانیا، فساهم فیها مساهمة کبیرة وقد أعلن تشرشل جائزة مقدارها 25 ألف جنیهاً ذهبیاً لمن یأتی بالمفتی حیاً أو میتاً.

وقاتل فی البوسنة والهرسک بعد أن أسس للمسلمین هناک فرقتین عسکریتین لمواجهة الصرب ومجازرهم وقد أصدر الجنرال تیتو بعد انتهاء الحرب وسیطرته على یوغسلافیا حکماً غیابیاً بإعدام المفتی.

لم یجد اللعب السیاسیة کثیراً لأنه کان یعرف فی قرارة نفسه تفسیر قوله تعالى: {وَلَن تَرْضَى عَنکَ الْیَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعْدَ الَّذِی جَاءکَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَکَ مِنَ اللّهِ مِن وَلِیٍّ وَلاَ نَصِیرٍ } (البقرة،120)

وقبل هذا کله ساهم فی نصرة الثورة السوریة الکبرى عام 1925 وکان له فیها موقف عظیم  فلنستمع إلى  هذا الموقف: 

یدلی الأستاذ زهیر ماردینی فی کتابه "فلسطین والحاج أمین الحسینی" بشهادة تاریخیة بحق الحاج أمین تدل على عروبته وإسلامیته یقول فی ص 60 :

"فی الخامس عشر من تشرین الأول 1924 فی الساعة الثالثة صباحاً طرق طارق باب سماحته لقد جاء هذا المجهول من جبل الدروز بعد أن قطع على قدمیه الطرق الجبلیة الوعرة القائمة بین السویداء والقدس ولقد عرفه سماحته رغم تخفیه کان الرجل "رشید بک طلیع" أحد کبار أصدقاء الملک فیصل الأول ملک العراق، کان رائداً فی الجیش العثمانی وما أن قامت الثورة العربیة حتى التحق بها .....

عندما لمح الاستغراب الذی أحدثته زیارته المفاجئة على وجه المفتی الأکبر قال له شارحاً له مهمته: "ستقوم الثورة فی سوریة خلال أیام ولقد کلفتنی القیادة الاتصال بک کی أحیطک بذلک علماً فتقوم نحوها بالواجب، إن سلطان باشا الأطرش والدکتور شهبندر یرجوان منک أن تساهم بدفعة أولى قدرها ألف لیرة ذهبیة".

 قال له الحاج أمین:

ـ ستأخذها فی الصباح!

رد علیه رشید:

ـ ولکننی لا أستطیع الانتظار حتى ذلک الوقت. فالزمن یلح ویجب أن أعود فی الحال ولا تنس أنی ملاحق من قبل الإنکلیز".

عندئذ أیقظ المفتی الأکبر حارسه وأرسله فی الحال إلى مدیر البنک العثمانی ومعه کتاب یطلب فیه منه أن یسلم حامله المبلغ دون تأخیر. وسلمها إلى رشید طلیع وأرسل حرساً ثلاثة من خیرة أعوانه فرافقوه حتى السویداء.

وما إن سافر رشید طلیع حتى قام المفتی الأکبر بجولة بحجة تفتیش مکاتب الإفتاء فی فلسطین کی یدعو الشعب إلى المشارکة فی الثورة فترک کثیر من أصدقائه وظائفهم وعائلاتهم کی یقاتلوا فی سوریة ولم یدع المفتی حیلة یقدم بها المساعدات المالیة والسلاح إلا ولجأ إلیها."

هذه الحادثة حصلت عام 1924 وکان المفتی عمره سبعاً وعشرین عاماً أی فی عز الشباب وکان فی منصب الإفتاء منذ ثلاث سنوات لذلک ودَّع السیاسة وأهلها وحمل رایة الجهاد بالرغم من منصبه الکبیر وبرغم سنه الصغیر لأنه کان یعرف النوایا السیئة التی تحاک ضد فلسطین والعالم الإسلامی، لم یعر الحسابات السیاسیة أدنى اهتمام ولم یهادن أو یتذرع کما یفعل الکثیرون الیوم من أجل منصب أو جاه أو مال ضحى بکل شیء وعاش فی المنافی شریداً طریداً بعیداً عن الأقصى والقدس وفلسطین وملاحق فی أغلب بلدان العالم حتى من دول ذوی القربى.

( للحاج محمود إبراهیم الصمادی )

ن/25

 

 


| رمز الموضوع: 143382