إسرائیل هی التی تنزع عن نفسها 'الشرعیة'
سمیر جبور
ثمة سلاحان تستخدمهما الحرکة الصهیونیة للتغطیة على جمیع ألأعمال ألعدوانیة التی تقوم بها إسرائیل ضد العرب. ولتبریرهذه الأعمال تستعین بزعمین خادعین: محاولة العرب نزع الشرعیة عن إسرائیل والعداء للسامیة. والتفسیر الصهیونی لمقولة نزع الشرعیة هوألإدعاء بأن العرب یریدون حرمان إسرائیل من حقها فی الدفاع عن نفسها، اوالتنکر لحقها فی الوجود..ومن ینتقد سلوکیات إسرائیل من غیر الیهود یتهمونه بالعداء للسامیة. وإذا إنتقدها بعض الیهود یطلقون علیه کاره لنفسه.
والقاموس الصهیونی حافل بمرادفات کهذه تستخدمها اجهزة الدعایة التی تسیطر علیها الحرکة الصهیونیة ، کلما تعرّضت إسرائیل لإنتقادات فی المحافل الدولیة نتیجة لممارساتها غیرألشرعیة وما أکثرها. وتحاول إضفاء الشرعیة على هذه الأعمال بالإدّعاء أنها تتصدّى لمحاولات ' القضاء على إسرائیل' .واذا طالب العرب بحق عودة اللاجئین ، تدعی ان 'العرب یریدون إلقاء الیهود فی البحر' . الفلسطینیون یرفضون ألإعتراف بیهودیة إسرائیل وبالتالی یتنکرون لشرعیتها. . وعندما إعترفت منظمة التحریر الفلسطینیة باسرائیل کدولة تقوم إلى جانبها دولة فلسطینیة، أراد الیمین الصهیونی إجبار الفلسطینیین على الإعتراف بأن إسرائیل هی دولة للیهود فقط ، ومعنى ذلک تفریغ العرب منها. وتصبح المطالبة بقیام دولة فلسطینیة ، او'المطالبة بالإنسحاب من المناطق القلسطینیة التی إحتلتها خلافا لکل القوانین والشرائع ، محاولات لنزع شرعیة سرائیل .
الحرکة الصهیونیة دابت على الدوام على إختراع 'ألأخطار' المزعومة التی تهدد وجودها ، مثل التهویل بالخطر الشیوعی ( إبّان الحرب الباردة) وبخطر إلإسلاموفوبیا وإلإرهاب العربی (بعد سبتمبر 11 الذی هو من صنع الموساد اساسا کما تشیر بعض ألأبحاث الأخیرة). والمصطلح الذی اخذت تروّج له ألأبواق الصهیونیة بکثرة هو 'إنتزاع شرعیة إسرائیل'. .
وواقع الحال أنه منذ قیام إسرائیل وحتى قبله وهی ترتکب أعمالا غیر شرعیة وغیر قانونیة. ولیس هناک من دلیل على ذلک أکبر من عصیانها على المنظّمة الدولیة وقراراتها.حتى أن حدود إسرائیل ما بعد 1948 هی غیر شرعیة ، لإن المنظمات العسکریة الصهیونیة أحتلت ألأراضی المخصصة للعرب بموجب قرار التقسیم.وحتى وإن لم یقبل العرب التقسیم ، فالقرار الدولی لا یمنحها الحق فی إحتلال اراضی فلسطین المخصصة للدولة الفلسطینیة بل کان یجب وضعها تحت الوصایة الدولیة . .
وتستغل ابواق الحرکة الصهیونیة نفوذها على الساحة الدولیة للإدعاء مثلا أن حصارها الغیر إنسانی ضد غزة هو عمل قانونی للدفاع عن النفس ، فی حین انها تبرر هذا الحصار بلجوء الفلسطینیین إلى عمل غیر شرعی .
فقد عبر نتنیاهو عن شکره للولایات المتحدة وأوروبا والأمین العام'للأمم المتحدة ورئیس الوزراء الیونانی الذین 'صرحوا وعملوا ضد الأسطول الإستفزازی' (لفک الحصار عن غزّة)، وأضاف' إن لإسرائیل کامل الحق للعمل ضد 'المحاولات لشرعنة تهریب الصواریخ والقذائف وباقی الأسلحة إلى جیب الإرهاب التابع لحماس'.
لعبة مکشوفة نتنیاهو هو الذی ینزع شرعیة إسرائیل
اخذ بعض الإسرائیلیین یتحسسون أن حکومة نتنیاهو هی التی تنزع شرعیة إسرائیل بمواقفها المتصّلبة ورفضها ألإنخراط الجاد فی عملیة السلام. وقد جاء مثل هذا الإتهام من قبل زعیمة المعارضة تسیبی لفنة زعیمة حزب 'کادیما'، ولو أن مواقفها لیست افضل بکثیر من مواقف زعیم اللیکود ،إلا انها رأت أنه لا بدّ من التحذیر لترفع اللــــوم عن نفسها.فقد شــنّت لفنة هجوما فی الکنیست على بنیامین نتنیــاهو وإتهمته بأنه یعمل على ' نزع شرعیة إسرائیل ' فی خضم إنتقادات دولیة مستمرة للهجوم الإسرائیلی على غزة خلال الشتاء الماضی. وقد اعلنت لفنة امام البرمان الإسرائیلی انه ' یجری الآن نزع الشرعیة عن إسرائیل ، ومکانتها آخذة فی التدهور'. وأضافت ان ( حکومة إسرائیل) أضرّت بقدرة إسرائیل على إکتساب شرعیة لعملیات عسکریة مبررة'. وقد طالبت لفنة رئیس الحکومة نتنیاهو' بإتخاذ قرار بشأن جمود العملیة السلمیة مع الفلسطینیین '.
واقتفى مئیر داغان الرئیس السابق للموساد اثرها بإعلانه أن إیران لا تشکل خطرا فوریا على ألأمن القومی. ألإسرائیلی . وبالتالی أن محاولة إسرائیل لشن هجوم على إیران معناه عمل'غبی' وغیر شرعی.،ناهیک أن إسرائیل تفتقر إلى خیار عسکری .
وقد هاجمت الأوساط الصهیونیة الروائیة والکاتبة نانسی کریکوریان التی قامت بحملة لمقاطعة منتوجا ت ' اهافا'
التجمیلیة کونها تصنّع فی مستوطنات غیر شرعیة متهمة إیّاها بانها ' تسعى إلى تجرید الدولة (إسرائیل ) من شرعیتها'. بید ان کریکوریان فنّدت هذا الإتهام وقالت : ' هذه الطریقة الوحیدة لتغییر الموضوع'.واضافت أن کل ما نریده لإسرائیل هو أن تحترم حقوق ألإنسان والقانون الدولی . وأنا لا ارى کیف یعنی ذلک نزع شرعیة إسرائیل '، بل ان إسرائیل هی التی تجرّد شرعیتها بنفسها بسبب ' سیاساتها الإستیطانیة ، وتجرید الفلسطینیین من املاکهم فی القدس وتهوید هذه المدینة .ولم تعد هناک من کلمات للدفاع عن إسرائیل '. قالت کریکوریان .
وقد نشر غای روزنبیرغ المدیر السابق لمعهد تحلیل السیاسة ویعمل فی وکالةMedia Matters Action Network مقالا مهما فنّد فیه مزاعم إسرائیل القائلة أن أعداءها یسعون إلى نزع الشرعیة عنها فکتب یقول:
'فی کل حال ، الفلسطینیون لا یسعون إلى إنشاء دولة على ألأراضی الإسرائیلیة ، بل على أراض یعترف العالم باسره ( بما فی ذلک إسرائیل) ان إسرائیل إحتلتها فی حرب 1967 . فالفلسطینیون'الذین یزمعون التوجه إلى ألأمم المتحدة لا یسعون إلى القضاء على إسرائیل، بل إلى إقامة دولة إلى جانب إسرائیل . فهذه الدولة ستقام على 22 بالمئة من مساحة فلسطین ألإنتدابیة .فی حین أن إسرائیل تستحوذ على 78 بالمئة .
'وعندما یتحدث اللوبی الصهیونی عن محاولات نزع الشرعیة عن إسرائیل ،وکأنه یتحدث عن إزدیاد المعارضة لإحتلال الضفة الغربیة وفرض الحصار على غزّة والذی هو بکل المعاییر غیر شرعی'«'إنه یتحدث عن المعارضة لإقامة المستعمرات التی هی لسیت غیر شرعیة وحسب ،وانما غیر قانونیة ایضا.. إنه یتحدث عن دعوة إسرائیل لمنح الفلسطینیین حقوقا متساویة'.
ویقول روزنبرغ 'قبل فترة من الزمن لم تکن الحکومة ألإسرائیلیة ولا اللوبی الصهیونی قلقین على ' قوى نزع الشرعیة '. بل على العکس ، ففی سنة 1993، فی اعقاب إعتراف اسحاق رابین بحق الفلسطینیین فی إنشاء دولة فی الضفة الغربیة وغزة ،لجأت تسع دول إسلامیة غیر عربیة و32 من بین 43 دولة إفریقیة إلى إنشاء علاقات مع إسرائیل ، وقامت الهند والصین، اکبر سوقین تجاریین فی العالم بإقامة علاقات تجاریة مع إسرائیل , ثم وقعت ألأردن على معاهدة سلام. وبدأت عدة إمارات عربیة تتعامل تقریبا مع إسرائیل . وإنتهت مقاطعة إسرائیل . وتزایدت الإستثمارات الخارجیة فیها، ولم یتحدث أحد عن نزع الشرعیة ' ، بل أن قسما کبیرا من العالم، بما فی ذلک العالم ألإسلامی کان یطرق أبواب إسرائیل لیقیم معها علاقات ، او یعزّز هذه العلاقات. وإستمر هذا التوجّه طالما أن الحکومة إلإسرائیلیة بدت بالفعل منخرطة فی العملیة السلمیة '.
ویضیف روزنبرغ أن العالم حزن على رابین لأن فی عهده ' تبنّت إسرائیل قضیة السلام مع الفلسطینیین' . ثم أن ما حظی به رابین من إحترام بعد إغتیاله ' کان تظاهرة واضحة ...على ان إسرائیل لم تکن معزولة لإنها دولة یهودیة ، وبالتالی غیر شرعیة ، بل بسبب الطریقة التی عاملت بها الفلسطینیین .
' وهذا هو الحال الیوم . فالفلسطینیون لیسوا هم الذین ینزعون الشرعیة عن إسرائیل ، بل الحکومة الإسرائیلیة التی تواصل الإحتلال. ونازع الشرعیة الأول (عن إسرائیل) هو بنیامین نتنیاهو، الذی یجعل إزدراءه للسلام من إسرائیل (دولة ) مارقة دولیا .
' بالتاکید أن نتنیاهو حظی بعدد محرج من التصفیق وقوفا عندما خطب امام الکونغرس الأمیرکی . ولکن هذا لا یدل على ای شیء سوى على قوة أعضاء اللوبی الإسرائیلی .ثمة شک فی أن نتنیاهو کان سیحظى بمرة واحدة من التصفیق وقوفا فی أی برلمان فی العالم بما فی ذلک البرلمان ألإسرائیلی . والشیء الوحید الذی تعلمناه من إستقبال الکونغرس لنتنیاهو هو أن المال هو الذی یتکلم ... إن مشکلة إسرائیل هی الإحتلال والحکومة الإسرائیلیة التی تدافع عنه واللوبی الذی یعزز دعمه فی الکونغرس والبیت ألأبیض '.، على حد قول روزنبیرغ.
کیف یخطط اللوبی الصهیونی للتصدی للمحاولات المزعومة لنزع الشرعیة عن إسرائیل؟
عیّن دافید بیرنشطاین المدیر التنفیذی لـ ' برنامج دافید' الإعلامی الذی یشرف علیه اللوبی الصهیونی بعض التکتیکات للتصدی لمحاولات نزع الشرعیة عن إسرائیل بإتباع اسلوب Name and -Shame ' سمیّ وعیّر' بمعنى أنه یجب ملاحقة اللذین ینشطون من أجل نزع الشرعیة عن إسرائیل وإعمل على نزع الشرعیة عنهم'.
یقول بیرنشطاین ' کما ان القضایا العربیة لا تحظى بألتأیید لدى الرای العام ، فإن القوى المعادیة لإسرائیل لدى الجناح الیساری بین الدوائر الأمیرکیة ، ولا سیما فی حرمات الجامعات تزداد تجذّرا، فهناک خطر حقیقی بانه إذا قطع الذین ینزعون الشرعیة عن إسرائیل مزیدا من ألأشواط ، فإننا سنخسر دعم التیارات الرئیسیة للیبرالیة ، والهیئات السیاسیة ألأوسع. إننا لا نستطیع أن نمنحهم حریة المرور . والحیلة هی دمغ الذین ینزعون الشرعیة (عن إسرائیل) بانهم معادون للسلام وانهم دعاة للکراهیة ...یجب إلحاق الهزیمة بهم وتجنب إنهزامنا خلال هذه العملیة'.
کیف السبیل إلى ذلک ؟ فیما یلی ألإجراءات التکتیکیة لتی تحدث عنها بیرنشطاین:
إبدأ کل إنتقاد بکلمات تایید للسلام ...
لا تتهم القوى المعادیة لإسرائیل بأنها معادیة للسامیة، إلاّ إذا أخذت تحط من قدر الیهود بصراحة . إتهمهم بانهم معادون للسلام کونهم یعارضون حق إسرائیل فی الوجود.
أکتب ووزع فی حرمات الجامعات ، وفی الأماکن التی تنشط فیها الجماعات المعادیة لإسرائیل بصورة إعتراضیة، إلتماسات حضاریة تدعو جمیع الفرقاء إلى إجراء نقاش محترم. فإذا وقعّتها الجماعات المعادیة لإسرائیل ، فإنهم سیکبحون أعمالهم فی المستقبل . وإذا رفضوا توقیعها یمکن إتهامهم بانهم غیر حضاریین.'
إذا تصدیت إلى بروفیسور معاد لإسرائیل فی الحرم الجامعی ، لا ترکّز على المناقشات الرئیسیة ، بل إتهمهم ...بأنهم یستعملون مناصبهم بصورة غیر قانونیة لکسب المال من اجل تسییس الصف الدراسی .
إذا لجأ احد فی الحرم الجامعی إلى تبریر موقف حماس او حزب الله صرّخ علیه بتوجیه سؤال له: هل تؤید بالفعل میثاق حماس الذی یدعو إلى قتل الیهود؟ هل یمکن تبریر ذلک على الإطلاق ؟
تجنّب التحریض ضد جمیع المسلمین او ألإسلام:إستهل کلامک بإنتقاد الجماعات الإسلامیة الرادیکالیة والإطراء على المسلمین المسالمین.
هکذا یفکر العقل الصهیونی . وهکذا یخطط ویضلّل .واما العقل العربی لا یحتاج إلى التضلیل ولا للخداع، بل إلى معرفة عرض الحقائق التاریخیة للقضایا العربیة ولیس من الصعب کسب الرای العام.
ن/25
الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS