مشروع أیلول ووضع العربة أمام الحصان
أکرم عبید
إن التوجه الفلسطینی للأمم المتحدة من اجل الاعتراف بالدولة الفلسطینیة فی حدود الأراضی المحتلة عام1967مازال غامضا ویثیر حالة من الجدل والقلق لدى معظم أبناء الشعب الفلسطینی وفی مقدمتهم سبعة ملایین لاجئ فی الوطن المحتل ومخیمات اللجوء فی الخارج بسبب عدم توصل السلطة الفلسطینیة للصیغة المطلوبة وهذا ما یضعف مواقف بعض الأشقاء والأصدقاء المتحمسین لهذا المشروع الذی یترافق مع ظروف فلسطینیة وعربیة ودولیة مأزومة وقد تشکل عقبة تحول دون تحقیق الأهداف المرجوة من هذه الخطوة التی تتطلع لها السلطة الفلسطینیة بعد الحملة الإعلامیة الکبیرة والحرکة الدبلوماسیة التی تتسابق مع الحرکة الدبلوماسیة الصهیونیة المدعومة من الإدارة الأمریکیة المتصهینة والتی تحاول قطع الطریق على المشروع الفلسطینی ومحاصرته وعدم وصوله للأمم المتحدة لکنها فشلت ووصل الأمر ببعض المسئولین الصهاینة باعتبار التحرک الفلسطینی هزیمة دبلوماسیة لسلطات الاحتلال التی فشلت بشکل عملی فی محاصرة المشروع الفلسطینی بالرغم من الضغوط الأوروبیة والأمریکیة وخاصة الرباعیة الدولیة المتصهینة على السلطة الفلسطینیة التی مازالت مصرة على التوجه للأمم المتحدة بالرغم من التهدیدات الأمریکیة بمعاقبة السلطة مادیا واقتصادیا واستخدام حق النقض الفیتو لإفشال المشروع الفلسطینی فی مجلس الأمن وان استطاعت فی الجمعیة العامة للأمم المتحدة لحرمان السلطة الفلسطینیة من العضویة الکاملة أو العضویة المراقبة لإعادتها لحضیرة المفاوضات العبثیة وإخضاعها للشروط والاملاءات الصهیوامریکیة .
وفی هذا السیاق لا احد ینکر أن الخطوة الفلسطینیة شکلت حالة من القلق والإرباک لسلطات الاحتلال الصهیونیة التی تمادت فی غیها وطغیانها لالتهام المزید من الأراضی الفلسطینیة المحتلة فی الضفة الغربیة لبناء وتوسیع المستعمرات وتهویدها وفی مقدمتها القدس الشرقیة کمقدمة لإعلان ما یسمى یهودیة الدولة بالإضافة لتصاعد سیاسة الاقتحامات والاعتقالات فی الضفة الغربیة المحتلة والعدوان على قطاع غزة المحاصر وبالرغم من ذلک ومع اقتراب موعد العشرین من أیلول یحتدم الجدل حول هذه الخطوة التی تنفرد بها السلطة الفلسطینیة والتی سیترتب علیها تداعیات کبیرة فی حالة نجاحها أو فشلها تنعکس بشکل مباشر على شعبنا وقضیته العادلة وحقوقه الوطنیة مما یثیر جملة من الأسئلة والتساؤلات بعد فشل المفاوضات العبثیة التی استمرت منذ توقیع اتفاقیات واسلوا المذلة حتى الیوم ومن أهمها
ـ هل السلطة الفلسطینیة جادة فی التوجه للأمم المتحدة ؟؟
ولماذا ؟؟؟ هل هی ذاهبة من اجل الطعن بشرعیة الاحتلال الصهیونی أم من اجل تشریعه فلسطینیا فی الأمم المتحدة
وما هو الثمن الذی سیدفعه الفلسطینی فی الأمم المتحدة للعدو الصهیونی مقابل الاعتراف بالدولة الموعودة
وإذا کانت کذلک لماذا تفردت السلطة الفلسطینیة بهذا المشروع وغیبت الإجماع الوطنی وذهبت دون إستراتیجیة وطنیة تستند إلیها فی حال نجاح المشروع أو فشله بمشارکة جمیع الفصائل والقوى والشخصیات والمنظمات الشعبیة والاتحادات المهنیة والهیئات واللجان الوطنیة أو على الأقل الالتزام بما أقرته فی تفاق القاهرة ودعوة الأمناء العامین للفصائل الفلسطینیة بشکل عام دون استثناء احد من اجل قضیة وطن ولیس من اجل دویلة فی حدود عام 1967 یرفضها العدو الصهیونی والإدارة الأمریکیة بعدما تطابقت المفاهیم العدوانیة بینهم ضد الشعب الفلسطینی وقضیة وحقوقه الوطنیة العادلة وفی مقدمتها حق العودة وتقریر المصیر وإقامة الدولة الفلسطینیة السیادیة المستقلة وعاصمتها القدس بالرغم من تعهد الإدارات الأمریکیة المتعاقبة من عهد کلنتون إلى بوش الأب والابن إلى الرئیس اوباما الذین أطلقوا الوعود والعهود بضمان قیام الدولة الفلسطینیة المستقلة فی حدود عام 1967 لکنهم نکثوا وعودهم وعهودهم وتراجعوا أمام ضغوط اللوبی الصهیونی بشکل مذل ومهین للشعب الأمریکی وإدارته المنحازة للمشروع العنصری الصهیونی أکثر من الصهاینة أنفسهم وهذا کفیل بإفشال المشروع الفلسطینی مع العلم أن شعبنا الفلسطینی وشرفاء الأمة وأحرار العالم قدموا التضحیات الجسام من اجل فلسطین کل فلسطین ولیس من اجل دولة مسخ لا تخدم سوى مصالح العدو الصهیونی
ـ فی حال اعتراف الأمم المتحدة بالدولة الفلسطینیة الموعودة فی الأراضی المحتلة عام 1967 على حد زعمهم من سیترجم القرار الدولی إلى واقع على الأرض وإلا سیبقى حبر على ورق کما بقیت عشرات القرارات الدولیة من القرار 181 إلى القرارات 242 و338 وغیرها وغیرها التی ما زالت مجمدة منذ اغتصاب فلسطین عام 1948 حتى الیوم
ـ ما هو مصیر م . ت . ف الممثل الشرعی والوحید للشعب الفلسطینی فی حال الاعتراف بالدولة کعضو مراقب فی أحسن الأحوال لرفع مستوى التمثیل لیسهل التفریط والتنازلات المجانیة للعدو الصهیوأمریکی
ـ فی حال نجاح المشروع وأنا اشک بذلک سیتم ترسیم الاعتراف الفلسطینی بالکیان الصهیونی المحتل کدولة شرعیة وقانونیة على 78% على الأراضی الفلسطینیة المحتلة عام 1948وهذا یعنی بصریح العبارة شطب وتصفیة القضیة الفلسطینیة وحقوق الشعب الفلسطینی التی یتشدق بها الرئیس الفلسطینی المنتهیة ولایته عباس وفی مقدمتها حق العودة بموجب القرار الدولی194 وإنهاء مهام وکالة الغوث وتشغیل اللاجئین کونها تشکل الشاهد الوحید على جریمة العصر التی ارتکبها الاحتلال الصهیونی بحق الأرض والشعب الفلسطینی
وهذا یعنی تحویل الصراع العربی الصهیونی من صراع وجود إلى نزاع على حدود وسیعود السید أبو مازن صاغراً للمفاوضات العبثیة لتقدیم المزید من التنازلات المجانیة والتخلی عن معظم قضایا الحل النهائی بموجب ما یسمى مشروع التبادل للأرض والسکان الذی سیسقط القدس واللاجئین وحق العودة من حسابات السلطة وهذا سینعکس بشکل مباشر على أکثر من ملیونی عربی فلسطینی من أبناء الأراضی الفلسطینیة المحتلة عام1948الذین یعتبرهم العدو الصهیونی بالقنبلة الفلسطینیة الموقوتة والتی سیتخلص منها بموجب ما یسمى مشروع التبادل المشبوه بالإضافة لقضیة السیطرة على الأغوار التی تتمسک بها سلطات الاحتلال
وفی هذه الحالة قد تحاول سلطات الاحتلال الصهیونی وشرکائها الأمریکان إغراء السلطة الفلسطینیة وتقدیم جائزة ترضیة لها بسبب سیاسة التفریط والتنازل المجانی تتمثل بمشروع الوطن البدیل فی الأردن أو الکنفدرالیة وقد یسیل لعاب رموزها ولو حساب هذا البلد العربی وشعبه الشقیق ومن هذا المنطلق رفضت الحکومة الأردنیة وملکها التصویت على المشروع الفلسطینی فی الأمم المتحدة سیکون على حسابها وهذا ما أرعبها بشکل جدی
وفی حال فشل المشروع الفلسطینی فی الأمم المتحدة ماذا سیترتب على هذا الفشل بعد أیلول ؟ وما هی تداعیاته على السلطة الفلسطینیة بشکل خاص وعلى الشعب الفلسطینی وعلى المنطقة بشکل عام
فی هذا السیاق لابد للمراقب أن یعترف أن مشروع التوجه للأمم المتحدة انعکاس جدی لعمق مأزق السلطة الفلسطینیة التی غلبت نهج المساومة والتفریط والتنازل والاستسلام على نهج المقاومة والتحریر معتقدین ومتوهمین أنهم سینقذون السلطة من الانهیار واستعادة شیء من الرصید الشعبی والثقة المفقودة بعد فشل المفاوضات العبثیة کما صرح السید صائب عریقات لصحیفة معاریف الصهیونیة قبل أیام
أم سیتجرأ رئیس السلطة ویعلن فی الأمم المتحدة حل السلطة تحت الاحتلال ویستقیل ویسلم مفاتیحها للمجتمع الدولی لیتحمل مسئولیاته الأخلاقیة ولو لمرة واحدة تجاه الشعب الفلسطینی تحت الاحتلال الذی سیفجر انتفاضة شعبیة ثالثة ضد وجود الاحتلال الصهیونی ومستعمراته وهذا بصراحة ما یرعب العدو الصهیونی الذی یسعى جاهداً لتجاوز هذا المأزق من خلال تصدیر الأزمة للخارج وشن عدوان عسکری قد یستهدف المقاومة فی لبنان والمقاومة فی قطاع غزة المحاصر للخروج من هذا المأزق مهما کانت النتائج
وفی کل الأحوال یتساءل الشعب الفلسطینی وکل شرفاء الأمة وأحرار العالم
أین فصائل المقاومة الفلسطینیة من هذا المشروع المشبوه الذی لا تقل مخاطره عن مخاطر وعد بلفور
وما هی خیاراتها المقاومة البدیلة لمواجهة استحقاقاته وتداعیاته بعدما تعمدت سلطة معازل اوسلوا وضع العربة أمام الحصان وتجاهل الشعب الفلسطینی وقواه المقاومة بعد توقیع اتفاق أوسلو الخیانی عام 1993 وتعاظم الاستیطان ببرکاته الذی التهم معظم أراضی الضفة الغربیة بما فیها القدس الشرقیة وطرد معظم سکانها والمساس بمقدساتها بعد الاعتماد على خیار المفاوضات العبثیة الفاشل الوحید وإسقاط خیارات المقاومة والصمود
وهذا ما یفرض الشعب الفلسطینی المقاوم وطلائعه المقاومة مواجهة الفعل بفعل میدانی مقاوم وفی کل المیادین والمحافل ولیس بردات فعل جوفاء فالمطلوب الیوم وأکثر من أی وقت مضى وضع النقط على الحروف بشکل علمی وعملی لاستعادة م .ت . ف لخطها الوطنی وإعادة بناء وتفعیل مؤسساتها الوطنیة المقاومة وإسقاط نهج الذل والتفریط والاستسلام وإعادة الاعتبار للمیثاق الوطنی الفلسطینی کمنهج ودلیل عمل وطنی وإعادة تشکیل المرجعیة الوطنیة التزاما بقرارات المؤتمر الوطنی لقیادة مسیرة شعبنا المقاوم حتى تحریر فلسطین کل فلسطین والأراضی العربیة المحتلة بدعم ومساندة کل شرفاء الأمة وأحرار العالم .
ن/25
الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS