«أیلول» یصافح «غولدستون»..!!
فایز صلاح أبو شمالة
سألنی السید فاروق الإفرنجی- رئیس هیئة التقاعد الفلسطینیة- السؤال الذی یجب أن یسأله کل فلسطینی، ویتوجب أن ینتظر الجواب علیه کل عربی تهمه قضیة فلسطین، سألنی قائلاً: هل سیتوجه الرئیس عباس إلى الجمعیة العامة للأمم المتحدة فی أیلول، أم سیتراجع عن هذه الخطوة فی اللحظة الأخیرة؟
دون تردد، وبکل ثقة أجبت: من المؤکد أن عباس سیتوجه إلى الأمم المتحدة، ولا سیما أن حکومة "نتانیاهو- لیبرمان" قد عقدت العزم على دفع الفلسطینیین دفعاً للتوجه إلى الأمم المتحدة، فإذا أضیف إلى هذا التعنت الیهودی المتطرف العقدی، موقف الرئیس الأمریکی "أوباما" فی خطابه الشهیر أمام منظمة إیباک" الیهودیة، وندمه على ما قاله بحق العودة إلى حدود سنة 67، وتراجعه المهین عن أقواله، ثم، موقف مجلسی النواب والشیوخ الأمریکی الذین صفقوا- بشقیهم الدیمقراطی والجمهوری- لمواقف "نتانیاهو" السیاسیة المتطرفة، کل ذلک یجرد عباس من أی أمل فی تحقیق أدنى حلم لأبسط امرأة فلسطینیة عافت الحرب، ویعجل فی دفع القضیة إلى ما هو أبعد من أروقة الجمعیة العمومیة، لتبدأ المواجهة الدبلوماسیة التی تلقی حجاباً أسود على المفاوضات، ویبدأ تکشف الواقع الفلسطینی المؤلم، والمحرج لکل من حکومة "نتانیاهو" والإدارة الأمریکیة..
فهل عباس مهیأ للمواجهة مع إسرائیل؟ وهل قادة العرب قادرون على تحدى الإدارة الأمریکیة؟ وهل عباس على استعداد لتغییر الخیارات الفلسطینیة، وتشریع أبواب الشعب الفلسطینی على کافة الاحتمالات؟
فی تقدیری المتأنی والشفاف، وبعد التدقیق فی تجربة عباس التفاوضیة مع إسرائیل على مدار عشرین عاماً، اکتشف أن تاریخ أیلول لن یکون مقدساً، رغم أن عباس قد بشر به قبل عامین، وانتظره کملاذ من الإحباط لمده عامین کاملین، وتحدث عنه فیاض بإفاضة، ووعدا کلاهما الشعب الفلسطینی بالدولة والسیادة.
وللدلالة على تقدیری الشفاف هذا أعود إلى کلام عباس نفسه، خلال افتتاح اجتماع القیادة الفلسطینیة یوم الأربعاء 25 مایو فی مقر الرئاسة فی رام الله، حین قال: إن خیارنا الأساسی هو المفاوضات، وإذا لم یحصل تقدم فی المفاوضات قبل أیلول فسنتوجه إلى الأمم المتحدة".
إذن، فالرجل ما زال یأمل فی أن یتحقق تقدم ما فی المفاوضات قبل أیلول، تحرک یساعده على التخلص من الموعد الذی صار مشؤوماً؛ لأنه صار سیفاً مسلطاً على مستقبل عباس السیاسی، کما هو مسلط على عنق المفاوضات!
لقد التقى مع عباس فی کلامه هذا المبعوث الأمریکی الأسبق "جورج میتشل" الذی قال: إن انسحاب الفلسطینیین وعدم اتجاههم للجمعیة العمومیة فى الأمم المتحدة، سیجعل "أوباما" یعمل على مساعدة السلطة الفلسطینیة. وأضاف: إن حل القضیة الفلسطینیة موجود فی الولایات المتحدة ولیس فی الأمم المتحدة.
نستنتج مما سبق أن أی مساعدة الأمریکیة ستکون مقرونة بعدم التوجه إلى الأمم المتحدة، وهذا ما ینتظره عباس، وما لا یستغنی عنه، وما یأمل تحققه قبل حلول موعد أیلول، ولا سیما أن عباس نفسه یعرف أن فکرة أیلول کانت أمریکیة الأصل، بدعم أوروبی، ولا جدوى لها طالما قد تخلت عنها أمریکا، وقررت الوقوف ضدها، وللدلالة على ذلک، سأشیر إلى ما قاله الرئیس الحالی للجمعیة العامة السویسری "جوزیف دایس"، عندما سئل: إذا ما کان هناک سبیل لحصول الفلسطینیین على عضویة الأمم المتحدة إذا رفضت الولایات المتحدة ذلک. فقال الرجل بجلاء: لا یمکن.
زیادة على ما سبق فإن میثاق الأمم المتحدة یقول: إن الجمعیة العامة هی التی تعترف بالأعضاء الجدد، ولکن بتوصیة من مجلس الأمن الذی یضم 15 دولة تتمتع من بینها خمس دول بحق النقض، ورأس هذه الدول الولایات المتحدة الأمریکیة.
فهل نحن أمام تأخیر عرض تقریر "غولدستون" على الأمم المتحدة من جدید، وتبریر ذلک من خلال عقد جلسة خاصة للجنة المتابعة العربیة، تجیز التراجع والتریث والتعقل!؟ وهل سیفاجئنا عباس، قبل أیام من شهر أیلول، بما یحول دون نیل عضویة فلسطین فی الأمم المتحدة؟. هذا ما ستنجلی عنه الأسابیع القادمة. وتوقعوا کل شیء.
ن/25
الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS