تقاریر دولیة حسب الطلب الإسرائیلی

الدکتور فایز أبو شمالة
لم یمض یومان على الضجة الإعلامیة الإسرائیلیة عن قنبلة إیران النوویة حتى صدر تقریر الوکالة الدولیة للطاقة النوویة، وقد تسربت منه المعلومات التی تعزز مزاعم إسرائیل، وتدعم أکذوبتها فی حشد الطائرات الحربیة لضرب المفاعل النووی الإیرانی، بل فی التقریر تحریض لدول الغرب وأمریکا للقیام بالعمل العسکری ذاته الذی کانت تنوی أن تضطلع به إسرائیل، لأن الخطر النووی الإیرانی یهدد مجمل بلاد الغرب أکثر من تهدیده لإسرائیل!.
فهل کان الادعاء الإسرائیلی بأن الحرب على الأبواب مصادفة؟ وأن إسرائیل تحشد الطائرات، وأنهت التدریبات العسکریة لهذا الغرض، وأنها أعدت الجبهة الداخلیة لمواجهة متعددة الأطراف؟ وهل کان مصادفة دخول رئیس الموساد السابق "مائیر داغان" على خط النقاش الساخن، وتحذیره قادة إسرائیل عبر وسائل الإعلام من خطورة العمل العسکری على وجودهم؟
لم یصدر التقریر الدولی بعد یومین من الحملة الإعلامیة الإسرائیلیة مصادفة، ولا سیما أن المعلومات الواردة فی التقریر الدولی تتوافق مع الزعم الإسرائیلی، وتحض دول الغرب على التحرک نیابة عنها، وهذا ما یضفی مرارة على حیاة العرب والمسلمین، ویعزز لدیهم الإحساس بفقدان الثقة بالمنظمة الدولیة، التی سخرت نفسها لخدمة الیهود، وراحت تصدر التقاریر وفق الطلب الإسرائیلی، ولا سیما أننا لم ننس تقریر الأمم المتحدة الذی حقق فی أحداث الاعتداء الإسرائیلی على السفینة الترکیة "مرمرة" فی عرض المتوسط، والذی عرف بتقریر "بالمر" وخرج بالنتیجة التی أرادها الیهود، وقال: إن من حق إسرائیل محاصرة سکان قطاع غزة!
تقاریر الموظفین الدولیین الذین باعوا أنفسهم للیهود، والذی یشیر إلى أبعاد عسکریة فی برنامج إیران النووی؛ یفرض على الدول العربیة والإسلامیة أن تتخذ موقفاً موحداً من هذا الکذب المنمق؛ ومن زیف الأمم المتحدة الذی لا یدین التوسع الاستیطانی الیهودی فوق أراضی الضفة الغربیة، ویقف بالفیتو ضد الاعتراف بحق الفلسطینیین بدولة، إن هذه التقاریر المشبوهة لتفرض على کل إنسان حر أن یرفع صوتاً جماعیاً ضد هذا النظام الدولی الذی صار مطیة للصهاینة، لیستفردوا بدول المنطقة واحدة تلو الأخرى.
من حق إیران امتلاک القنبلة النوویة طالما امتلکت إسرائیل منها مئات القنابل، وإذا کانت وکالة الطاقة النوویة قد أصدرت التقاریر التی تشیر بإصبع الاتهام إلى إیران، فإن کل عربی ومسلم یشیر بإصبع الاتهام إلى الوکالة نفسها، ویسألها بقوة الحق: أین تقاریرکم عن مئات القنابل النوویة التی یمتلکها الصهاینة فی إسرائیل؟ أین أنتم من إسرائیل؟!.
ن/25