سلطة یهودیة جدیدة بالشکل قدیمة بالجوهر والمضمون لمنع ومقاومة قیام الدولة الفلسطینیة الموعودة فی حدود عام1967
بقلم : أکرم عبید
لیس غریبا ولا مستغربا على العصابات الصهیونیة الیمینیة العنصریة المتطرفة أن تتداعى لعقد مؤتمر فی مستعمرة " نوفیم " فی الضفة الغربیة المحتلة یوم الثلاثاء الماضی بتاریخ 13 / 9 / 2011 لإعلان قیام سلطة یهودیة مؤقتة باسم " حرکة أمناء ارض إسرائیل المحتلة " کنواة للدولة الیهودیة بحدودها التوراتیة من النیل إلى الفرات کما یحلمون بقیادة الحاخام شالوم وولفا وحضور عدد من الحاخامات ورؤساء المستعمرات ومجموعة من النخب الثقافیة والفکریة والحزبیة منها عضو الکنیست الصهیونی میخائیل بن رای من حزب الاتحاد القومی الصهیونی الیمینی المتطرف
وکان الهدف الأساسی لهذا المؤتمر الرد المباشر على مشروع السلطة الفلسطینیة التی تعد العدة لتقدیم طلب الاعتراف بالدولة الفلسطینیة للأمم المتحدة فی حدود الأرض المحتلة عام 1967 فی العشرین من أیلول الحالی ومواجهة أی محاولة لإجلاء المستوطنین أو تفکیک أی مستوطنة ولو کلف ذلک مواجهة الجیش الإسرائیلی بالقوة على حد زعمهم
وأکدت السلطة الیهودیة الجدیدة أنها لیست بحاجة للاعتراف بسیادتها على ارض " إسرائیل " من أی جهة کانت لان " إسرائیل " بحدودها الحالیة المؤقتة هی جزء بسیط من الدولة الیهودیة بحدودها الممتدة من العراق إلى مصروستعمل هذه السلطة بکل الأشکال والوسائل الشرعیة وغیر الشرعیة لمنع إقامة دولة فلسطینیة معادیة على أرضها المحررة عام 1967 لأنها ستکون غزوا أجنبیا وطالبت حکومة نتنیاهو بالقیام بواجباتها تجاه الشعب الیهودی وبلاده لبسط سیادتها رسمیا على أرضها ومن جهته قال الحاخام شلومو وولفا رئیس السلطة الیهودیة الجدیدة فی تصریح لبعض وسائل الإعلام العبریة والعربیة انه یستحیل تطبیق فکرة الدولتین فی فلسطین لأنها ملک للیهود فقط من نهرها لبحرها وأضاف الحاخام وولفا أن بإمکان العرب العیش فی الدولة الیهودیة إذا احترموا وصایا سیدنا نوح علیه السلام وخاصة عدم القتل واعترفوا بالسیادة الیهودیة على فلسطین بحدودها المؤقتة ریثما تنضج الظروف وتتحقق أهدافنا فی إقامة الدولة الیهودیة بحدودها التاریخیة من العراق إلى مصر کما یزعم
وأکد الحاخام وولفا على ضرورة استخدام القوة کوسیلة شرعیة لمنع إخلاء أی مستوطنة وقال أن الجیش لا یخیفنا وسنتصدى لکل من یحاول تهجیرنا بالقوة وفی کل الأحوال لن یخرج الناس من هنا أحیاء على حد زعمه
أما البروفسور العنصری الصهیونی الیمینی المتطرف هلیل فایس فقد تطابقت مواقفه ومفاهیمه مع الحاخام وولفا واتهم حکومة نتنیاهو بالضعف ودعاها بالرد الحاسم على إعلان قیام الدولة الفلسطینیة بضم الضفة الغربیة وقطاع غزة لسیادة الدولة بشکل رسمی مستشهدا بأقوال محاضرة مصریة فی جامعة بنی سویف هربت من مصر بعد إسقاط النظام المخلوع والتی قالت فی محاضرة لها فی مؤتمر للمستوطنین أن فلسطین تابعة للشعب الیهودی مستشهدة بآیات قرآنیة وأحادیث نبویة على حد زعمه
أما المدیر العام للسلطة الیهودیة الجدیة شای جیفن فقد أعلن بصراحة ووضوح قائلا انه من غیر الممکن إخلاء نصف ملیون مستوطن من الضفة الغربیة وإذا قامت دولة فلسطینیة عنوة سنبقى فی مستوطناتنا ولو تحت سلطة غیر یهودیة
واعتبر جیفن الضفة الغربیة بالنسبة للیهود أهم من حیفا ویافا لان کافة المعتقدات التوراتیة الیهودیة تقوم علیها علاوة على قیمتها الإستراتیجیة الأمنیة بالنسبة " لإسرائیل "
واعترف جیفن بان السلطة الیهودیة الجدیدة تتلقى الدعم والمساندة المالیة والمعنویة السخیة من الیمین الأوروبی والأمریکی الذی یرى فی " إسرائیل " حائلا دون انتشار المد الإسلامی المتطرف وهذا تضلیل إعلامی صارخ لتشویه صورة الإسلام والمسلمین أمام الرأی العام العالمی
وفی هذا السیاق لابد من التساؤل لماذا تتعمد سلطات الاحتلال الصهیونی بقیادة نتنیاهو وعصاباتها العنصریة الیمینیة المتطرفة استحضار مصطلح یهودیة الدولة فی هذه المرحلة بالرغم من اعتراف معظم الأنظمة العربیة والإسلامیة وفی مقدمتها السلطة الفلسطینیة بالکیان الصهیونی المصطنع فی فلسطین المحتلة کدولة شرعیة وقانونیة على 87% من ارض فلسطین کواقع سیاسی محتل ومفروض بالقوة الغربیة بقیادة الإدارة الأمریکیة المتصهینة
بالرغم أنهم یدرکون قبل غیرهم أن جوهر ومضمون الدولة الیهودیة المزعومة لیس جدیدا بل تزامن مع إعلان وعد بلفور سیء الذکر الصادر عام 1917 والذی منح العصابات الصهیونیة الحق فی إقامة وطن قومی للیهود فی فلسطین
وجددته لجنة بیل البریطانیة المتصهینة فی تقریرها الصادر عام 1937 والذی ینص على إقامة دولتین دولة عربیة ویهودیة وبهذه الفکرة حاولت بریطانیا تدویل الدولة الیهودیة على الصعید الدولی واستمدت الأمم المتحدة هذه الفکرة لترسیمها بالقرار الدولی 181 الصادر عن الجمعیة العامة للأمم المتحدة فی حزیران عام 1947 الخاص بتقسیم فلسطین إلى دولتین دولة عربیة ودولة یهودیة.
ولیس غریبا ولیس مستغربا على سلطات الاحتلال الصهیونی أن تستحضر مصطلح الدولة الیهودیة منذ طرح ما یسمى مشروع خارطة الطریق عام 2003 الذی وافقت علیة بشروطها الأربعة عشر ومن أهمها البند السادس الذی ینص " على تنازل الفلسطینیین عن کل ادعاء بحق عودة اللاجئین الفلسطینیین إلى داخل " إسرائیل " والموافقة على الاعتراف بیهودیة الدولة فی افتتاحیة خارطة الطریق " وکانت هذه المرة الأولى التی تستحضرها سلطات الاحتلال الصهیونی للتهرب من استحقاقات الحل النهائی ولکن بطریقة مشروطة وتم طرح نفس الفکرة من قبل رئیس وزراء الاحتلال الصهیونی شارون فی مؤتمر العقبة سیء الذکر یوم 4 حزیران عام 2003 والذی طالب العالم بالاعتراف بإسرائیل کدولة یهودیة والتی أکد علیها الرئیس الأمریکی فی نفس المؤتمر ومؤکدا على التزام إدارته بأمن إسرائیل بقوة کدولة یهودیة مفعمة بالحیویة على حد زعمه
وهذا ما أکده الیوم الرئیس الأمریکی اوباما ومن على منبر الأمم المتحدة الذی تنکر لوعوده وعهوده لتتطابق إدارته فی المفاهیم والمواقف مع حکومة الاحتلال الصهیونی بعدما أعلن رفض إدارته المتصهینة الاعتراف بالدولة الفلسطینیة کعضو کامل العضویة فی الأمم المتحدة بعد أن هدد وتوعد السلطة الفلسطینیة بقطع المساعدات المالیة ومعاقبتها اقتصادیا إذا تقدمت بطلب الاعتراف بالدولة الفلسطینیة على الأراضی المحتلة عام1967 وهذا ما یثبت بالدلیل القاطع أن الرئیس الأمریکی اوباما جاء للأمم المتحدة لیحول نفسه إلى ناطق رسمی باسم سلطات الاحتلال الصهیونی ویردد المواقف الصهیونیة الرافضة لقیام الدولة الفلسطینیة بعد إعلانه الوقح أن إدارته ستستخدم حق النقض الفیتو لإفشال القرار وفرض المزید من الضغط على السلطة الفلسطینیة للعودة إلى المفاوضات العبثیة بالشروط الصهیوامریکیة متجاهلا تداعیات الموقف الأمریکی المعادی للشعب الفلسطینی وحقوقه الوطنیة على الفلسطینیین والعرب والمسلمین وأحرار العالم فی هذه المرحلة الصعبة .
وهذا بصراحة غیض من فیض صهیوامریکی لاستهداف الشعب الفلسطینی وقضیته وحقوقه الوطنیة العادلة بسبب مواقف السلطة الهزیلة التی تفردت وانفردت بالذهاب للأمم المتحدة متجاهلة الإجماع الوطنی الفلسطینی للبحث عن دولة والتفریط بالوطن والحقوق والمقاومة وتحویل الصراع من صراع على وجود إلى نزاع على حدود وهذا ما یفرض على قوى المقاومة المزید من التلاحم والعمل على استعادة م . ت . ف. لخطها الوطنی وإعادة بناء وتفعیل مؤسساتها على أسس وطنیة مقاومة بعد محاولة السلطة التفریط بشرعیتها الوطنیة والعمل على تشکیل المرجعیة المقاومة وإعادة انتخاب المجلس الوطنی على قاعدة التمثیل النسبی وإعادة الاعتبار للمیثاق الوطنی الفلسطینی وصیاغة الإستراتیجیة الوطنیة المستمدة من روح المیثاق الوطنی من اجل تحریر فلسطین کل فلسطین ولیس من اتفاقیات أوسلو الخیانیة لقیادة نضال شعبنا حتى تحقیق کامل أهدافنا الوطنیة والقومیة فی استعادة کامل حقوقنا المغتصبة وإزالة الغدة السرطانیة الصهیونیة من قلب الأمة لتعود الأمور فی المنطقة لطبیعتها بعد التخلص من الاحتلال الصهیوالامریکی البغیض .
ن/25