الجمعه 11 ذوالقعدة 1446 
qodsna.ir qodsna.ir

العلاقات السعودیة الإسرائیلیة قبل وبعد أنابولیس

أنا السلطان عبد العزیز بن عبد الرحمن الفیصل السعود، أقر وأعترف ألف مرة للسیر "بیرسی کوکس" مندوب بریطانیا العظمى، لا مانع عندی من إعطاء فلسطین للمساکین الیهود 

 

 

ایهاب شوقى ( کاتب مصرى )

 

 

 

بطبیعة الأمور فإن المصالح هی التی تفرض السیاسات وما یترتب علیها من سلوکیات وقرارات ، وذلک عندما یتم تنحیة المبادئ والثوابت ، أما فی حالة وجود أسس ومبادئ ، فإن الأمور تتجه نحو التوازن والعمل الشاق لتحقیق المصالح ، فی إطار من الملائمات الدقیقة بین المصالح والثوابت .أما عندما تختلط الأمور وتتجه الأحوال لفوضى عارمة ، فإن السیاسة تصبح متخبطة وبوصلة المصالح یحدث بها عطب یجعل الدول تعمل فی غیر مصالحها ، فلا هی حققت مبادئها ولا حققت ثوابتها . وهذه الحالة وإن انطبقت على معظم الدول العربیة ، فإن السعودیة حالة خاصة ، لأنها تعمل وفق استراتیجیة ثابتة ومفهوم المصلحة لدیها ذاتی ومبدئی أی أن مبادئها وثوابتها هی المصلحة ، وفی ظل الفوضى فإنها لا تتوانى عن استغلالها بل المشارکة فی إحداثها ، حیث تتغذى على تداعیاتها وتقوى ملکها ونفوذها . وهذا النظام البراجماتی لا یتوانى عن اللعب على جمیع أحبال السیاسة مستغلاً ضعف الأمة ، وخفوت ومکون حسها الثوری ، وتراجع الأنظمة العربیة ، ولا سیما "مصر" ، وبالتالی فإنه یلعب فی کثیر من الأوقات (على المکشوف) مستغلاً هذا الضعف وهذا التراجع ، ومستغلاً أبواق الدعایة الدینیة والسیاسیة من مرتزقة هذا النظام لغسیل سیاساته أولاً بأول ، ومحاربة خصوم هذا النظام من معسکر المقاومة والاستقلالیة والتقدمیة فی الأمة .

والتشابه الکبیر بین النظام السعودی والنظام الصهیونی فی طبیعة نظرة الغرب له من حیث کونه کیاناً وظیفیاً یحمی مصالح الغرب مع اختلاف الأسالیب ، جعل هناک تشابهاً فی أسلوب التفکیر والممارسة مما أنتج سیاسات متشابهة یمارسها الطرفان ، والتی تشتهر بأنها سیاسات صهیونیة تخرج من تل أبیب أو الریاض لتعود بالنفع على المشروع الاستعماری والصهیونی بالمنطقة ، ولکی لا یکون الکلام مرسلاً ودعائیاً ومتجنیاً ، فإن الدراسة تحاول أن تلقی الضوء على بعض الممارسات من التاریخ والحاضر لتکشف طبیعة العلاقات وأسرارها وحقائقها ، وکیفیة خدمة سیاسة الصهاینة وآل سعود لمصالح الإمبریالیة الأمریکیة والصهیونیة وذلک من خلال المحاور التالیة:

 

1-خلفیة تاریخیة لمحطات العلاقة ( الجذور ما قبل وبعد أنابولیس).

 

2- محاولة لاستخلاص المنهج السعودی.

 

 

1- خلیفة تاریخیة لمحطات العلاقة:

 

نقلاً عن مذکرات "حاییم وایزمان" أول رئیس للکیان الصهیونی بالأراضی المحتلة ، والمعروف إجرائیاً بـ "دولة إسرائیل" ، فإن "تشرشل" رئیس الوزراء البریطانی قد قال له : (أرید أن أرى "ابن سعود" سیداً على الشرق الأوسط وکبیر کبراء هذا الشرق على أن یتفق معکم أولاً ـ یا مستر حاییم ـ ومتى تم هذا علیکم أن تأخذوا ما تریدون منه) ، کما قال تشرشل : (إنشاء الکیان السعودی هو مشروع بریطانیا الأول ، والمشروع الثانی من بعده إنشاء الکیان الصهیونی بواسطته) .

کما ذکر "ناصر السعید" فی کتابه (تاریخ آل سعود) أنه قبل وعد بلفور کتب الملک "عبد العزیز" اعترافاً یجعل فلسطین وطناً للیهود یقول نصه : (أنا السلطان عبد العزیز بن عبد الرحمن الفیصل السعود، أقر وأعترف ألف مرة للسیر "بیرسی کوکس" مندوب بریطانیا العظمى، لا مانع عندی من إعطاء فلسطین للمساکین الیهود أو غیرهم ، کما ترى بریطانیاً التی لا أخرج عن رأیها حتى تصیح الساعة) .

ویقول الأستاذ "عبد الحلیم العزمی" مدیر تحریر مجلة "الإسلام وطن" الصادرة عن الطریقة الصوفیة العزمیة أن "الفترة الواقعة بین عامی (1933 ـ 1939م) أی الفترة التی تلت توقیع امتیاز النفط إلى ما قبل الحرب العالمیة الثانیة ، ویمکننا تسمیة هذه المرحلة (مرحلة الانفتاح النسبی الخاضع للسیاسة البریطانیة) ، ففی هذه المرحلة ابتلیت بریطانیا ببعض المشاکل فی مستعمراتها ، وبالذات فی فلسطین فأوعزت إلى عبد العزیز أن یقوم بتهدئة الثورات فی فلسطین ، فکان له علاقات جیدة ببعض ملوک العرب وأمرائهم وبعض الزعماء الفلسطینیین ، ولم تتعد العلاقات الخارجیة هذه الحدود إلا بالاستئذان من بریطانیا".

ونقلاً عن شبکة "فلسطین للحوار" وعن موضوع بها عن تاریخ وطبیعة العلاقات السعودیة ـ الإسرائیلیة ، یقول المقال إنه " على عکس ما تتداوله وسائل الإعلام ، فإن العلاقات السعودیة ـ الإسرائیلیة عمیقة الجذور ، وقد ظلت خافیة حتى ظهرت إلى العلن خلال حرب الخلیج الثانیة (العراقیة الکویتیة) . یمکن القول إن أول لقاء سعودی ـ صهیونی یعود تاریخه إلى عام 1939م.عندما عُقد بلندن مؤتمر حول القضیة الفلسطینیة ، حضره الأمیر (فیصل) الذی کان آنئذ وزیرا للخارجیة ، حیث اجتمع الأمیر السعودی عدة مرات منفرداً بالوفد الیهودی فی المؤتمر ، حیث کان الملک (عبد العزیز) یبذل قصارى جهده لتوطید علاقاته بالأمریکان ، وبمرور الوقت وعندما أصبحت القضیة الفلسطینیة أکثر التهاباً ، أفلح الأمریکان فی إقناع الملک عبد العزیز بالتحایل اللفظی من أجل التخلص عن المسئولیة التاریخیة ، وذلک بإصدار بیان شدید اللهجة ضد الیهود ، ولکن دون أی تعهد من جانبه بالعمل ضدهم".

وفی فقرة لاحقه من الدراسة ، وبخصوص الوحدة المصریة السوریة ، تذکر الدراسة أنه ( فی عام 1958م ومع قیام الوحدة السوریة ـ المصریة تدهورت العلاقات السعودیة ـ المصریة إلى حد بعید ، وأصبح الملک "سعود" مقتنعاً بأن "عبد الناصر" بعد حرب السویس وقیام الوحدة المصریة ـ السوریة وحل حلف بغداد ، یطمع فی السیطرة على المنطقة العربیة کلها وکانت إسرائیل تعلم بعلاقات سعود بسوریا...فبدأت بالعمل فوراً ، حیث تم تشکیل لجنة سریة مؤلفة من موظفین یعملان فی شرکة "أرامکو" ، الأول ضابط إسرائیلی یحمل جواز سفر أمریکیا ، ویعمل فی قسم العلاقات العامة بالشرکة ، والآخر سعودی غیر معروف من أصل سوری ، وقد توصلت اللجنة إلى أن "عبد الحمید السراج" ـ الرجل القوی الذی یرأس جهاز المخابرات السوریة ـ یمکن أن یکون المفتاح لضرب الوحدة العربیة ، لأنه شخص فوق الشبهات ویتمتع بثقة "عبد الناصر" الخالصة ، فأمطروه بالصکوک المالیة التی تسلمها بدوره وأعلن عنها فیما بعد لفضح المؤامرة الموجهة ضد الوحدة المصریة السوریة ، والتی تتضمن فی تفاصیلها اغتیال عبد الناصر) .

ووفقاً للمصادر الإسرائیلیة فإنه قد تحرکت السعودیة لمهاجمة عبد الناصر وفکرة الوحدة العربیة ، وکان مؤتمر شتورا فی لبنان تتویجاً لهذا الهجوم ، وفی نفس الوقت شارکت الصحافة اللبنانیة ، التی بدأت السعودیة بالسیطرة علیها ، فی حملة دعائیة ضد عبد الناصر لم یسبق لها مثیل ، وفی هذه الأثناء تم تکوین أول مجموعة عمل إسرائیلیة ـ سعودیة مشترکة ، کانت تواصل اجتماعاتها فی إحدى الشقق ببیروت بهدف توجیه الوضع العربی وفق خططها ، وبعد ذلکم انضمت إیران (الشاه) إلى المجموعة بعدما وصل عداؤها لعبد الناصر حداً لا عودة بعده ، وکانت المهمة الموکولة لتلک المجموعة هی:

 

1- صیاغة نظریة سیاسیة تنتسب للإسلام متعاطفة مع الغرب لاحتواء أی آثار جانبیة لحرکة القومیة العربیة ضد العرب.

 

2- تحجیم "عبد الناصر.

 

3- نشر وتعزیز فکرة التحالف العربی ـ الغربی تحت قیادة "أمریکا" وجعلها مستساغة فی الأقطار العربیة.

 

وفی فقرة أخرى متعلقة بحرب الیمن ، تذکر الدراسة أنه ( کانت الإستراتیجیة الإسرائیلیة هی أن تضع ولأول مرة "فیصل" على اتصال مباشر مع إسرائیل ، بواسطة عضو مجلس العموم البریطانی المحافظ الصهیونی المیول ، الذی ترأس ما سمی "جماعة السویس" المدعو "جولیان إیمری" ، وذلک بالتعاون مع النائب ثم الوزیر البریطانی "دنکان ساندیز" الذی کان یزاید على الإسرائیلیین فی عدائه لعبد الناصر.

وفی کتابه " الصراع على الیمن " ، ذکر "إیمری" أنه أخبر "فیصل" بأن نجاح الکولونیل عبد الناصر فی الحصول على موطأ قدم فی الجزیرة ، التی هی مرکز أهم الاحتیاطیات البترولیة فی العالم العربی والعالم قاطبةً ، ینذر بالشر وینبغی على جمیع الأطراف المتأثرة مصالحها مقاومته، وقد أخبر فیصل أن أیة محاولة لمواجهة ناصر عسکریاً سوف تُسحق ، وأن الحل هو إقحام "الیمن" فی حرب أهلیة یکون لإسرائیل فیها دور أساسی ومباشر، هذا بالإضافة إلى إیجاد تحالف قوى بین النظامین السعودی والأردنی وإنهاء حالة التوتر الموجودة بینهما ) .

وتستمر الدراسة فی سرد الفضائح حیث تذکر فی فقرة لاحقة أنه (تمکن خاشقجی من الحصول على میزانیة غیر محدودة ، لشراء جمیع الأسلحة اللازمة للمرتزقة الإسرائیلیین والبریطانیین والفرنسیین والبلجیکیین والجنوب أفریقیین الذین تقرر إرسالهم إلى الیمن ، وکذلک لتسلیح القبائل التی انحازت إلى جانب الملکیین والسعودیة).ومن ضمن الإجراءات التنسیقیة المتخذة کان هناک افتتاح لمکتب ارتباط سعودی ـ إسرائیلی ببیروت إبعاداً لتلک الأنشطة عن الأراضی السعودیة .

وعن فترة النکسة یذکر الخبیر العسکری الإسرائیلی "هیرش غودفان" فی مقال له فی صحیفة "الجیروزالیم بوست" فی (12/10/1980م) أنه ( کان هناک تفاهم واضح فی المرحلة الأولى للتحالف الأمریکی ـ الإسرائیلی ، وخصوصاً فی الفترة من 1967 ـ 1973م تقوم إسرائیل بموجبه بالتدخل بالنیابة عن أمریکا إذا حدثت تغییرات فی الأوضاع القائمة فی الشرق الأوسط . أما المثال المهم فیتعلق بإدراک آل سعود فی الفترة من 1967 ـ 1973م.أنه إذا تحرشت مصر المکتظة بالسکان والفقیرة والصدیقة لموسکو بالمملکة العربیة السعودیة القلیلة السکان والمتخمة بالمال والمؤیدة للغرب بشدة ، فإن حکام السعودیة یعرفون أن إسرائیل ستتدخل للدفاع عنهم لحمایة المصالح الغربیة ) .

وفی رأی المخابرات الأمریکیة أن إسرائیل أنقذت العرش السعودی مرتین خلال الفترة (1961 ـ 1976) ، وقد ذکر الباحث "ألکساندر بلای" ، من معهد ترومان ، فی مقال کتبه فی مجلة العلوم السیاسیة الوطنیة "جیروزالیم کوارتلی" تحت عنوان "نحو تعایش إسرائیلی ـ سعودی سلمی" أن المملکة العربیة السعودیة وإسرائیل قامتا ببناء علاقة حمیمة ، وکانتا على اتصال مستمر فی أعقاب حدوث ثورة الیمن عام 1962م بهدف ما أسماه "منع عدوهما المشترک" أی "عبد الناصر" من تسجیل انتصار عسکری فی الجزیرة العربیة . وذکر بلای أنه أجرى مقابلة مع السفیر الإسرائیلی السابق فی لندن "آهارون یمیز" (1965 ـ 1970م) ، الذی أعلمه أن الملک "سعود" والملک "فیصل" کانا على علاقة حمیمة مع إسرائیل وعلى اتصال وثیق معها . وأکد الکاتب البریطانی "فرید هالیدی" ما ذکره الباحثان الآخران ، حیث ذکر فی کتابه "الجزیرة العربیة بلا سلاطین" أن الملک "فیصل" طلب من إسرائیل التدخل لحمایته من "عبد الناصر" أثناء حرب الیمن، وأن إسرائیل قامت بشحن کمیة کبیرة من الأسلحة مستخدمة الطائرات البریطانیة العسکریة ، وأن صنادیق الأسلحة ألقیت من الجو فوق مناطق الملکیین الیمنیین.

وفی تقریر الشرق الأوسط الذی صدر فی "10/6/1978م" جاء به أن رادیو إسرائیل نقل عن جریدة "لوماتان" الفرنسیة الوثیقة الاطلاع قولها أن وزیر الدفاع الإسرائیلی (عیزرا وایزمان) التقى سراً بولی العهد السعودی الأمیر "فهد" فی أسبانیا أثناء رحلة سریة قام بها وزیر الدفاع الإسرائیلی لأوروبا فی تلک الفترة. ولم تذکر الصحیفة أسباب اللقاء، وذکرت مجلة التایم الأمریکیة (14/8/1978م) تحت عنوان "موعد إسرائیلی فی المغرب" ، أن الملک الحسن حث رابین على البدء بلقاء السعودیین الذین یمولون الاقتصاد المصری، وقد وافق رابین على الفکرة ووافق الأمیر فهد على اللقاء ، وقام الملک الحسن فعلاً بترتیب ذلک اللقاء، وقد کتب الکولونیل الإسرائیلی "رافی سینون" الذی یعمل فی المخابرات الإسرائیلیة کتاباً بعنوان "الفرص الکبرى المبددة" ، تحدث فیه بإسهاب عن الاتصالات السریة التی جرت بین إسرائیل والحکام العرب فی الماضی، وقد احتوى الکتاب على کمیة کبیرة من الأسرار التی لم تنشر من قبل ، وقد أجرت صحیفة الجیروزالیم بوست فی (23/6/1994م) مقابلة مع هذا الضابط ، کشف خلالها أن "فهد" حینما کان ولیاً للعهد قد سعى لإجراء اتصالات سریة مع إسرائیل ، بغیة الوصول إلى تفاهم بین البلدین ، وأنه استخدم لهذه الغایة مبعوثاً فلسطینیاً أرسله لمقابلة "موشی دیان" وزیر الخارجیة الإسرائیلی، وقد أجرت الصحیفة المذکورة مقابلة مع المبعوث السعودی الذی یدعى "ناصر الدین النشاشیبی" ، وهو صحفی فلسطینی معروف ومقرب من السعودیین ، وقد اعترف النشاشیبی بالحادثة للصحیفة ، وقال إنه التقی بالکولونیل "سینون" فی عام 1976م ، ثم سافر إلى الریاض لمقابلة ولی العهد "فهد" وسلمه رسالة شفهیة سریة إلى وزیر الخارجیة الإسرائیلی "موشیه دیان" ، بخصوص العلاقات بین البلدین ، وقال النشاشیبی إنه حین وصل إلى القدس المحتلة احتفى الإسرائیلیون به ، وأنه أعلمهم أنه یحمل رسالة شفهیة سریة من ولی العهد فهد ، وتابع قائلاً: ( أفهمتهم أنه إذا تمکنا من توضیح مواقفنا بشکل جید ، فسنتمکن من فهم بعضنا بخصوص معاییر التعامل فی المستقبل ) .

کما ذکر "النشاشیبی" للصحیفة الإسرائیلیة أنه التقى عقب ذلک بستة أعوام بشیمون بیریز رئیس وزراء إسرائیل فی نیویورک ، وأن بیریز طلب منه السفر إلى الریاض لتسلیم رسالة سریة للملک فهد لم تعرف محتویاتها، کما کتب "ألکساندر بلای" مقالاً آخر فی مجلة "جیروزالیم کوارترلی" ، تحدث فیه عن عملیات بیع النفط السعودی لإسرائیل، وذکر أن ناقلات النفط تغادر الموانئ السعودیة ، وما إن تصل إلى عرض البحر حتى تزیف أوراقها وتحول حمولتها إلى الموانئ الإسرائیلیة .

وذکرت مجلة "الإیکونومیست" البریطانیة أن إسرائیل تقوم بحمایة النفط السعودی الذی یضخ من میناء ینبع إلى البحر الأحمر ، وأن إسرائیل تقوم بذلک عملاً باتفاق سری إسرائیلی ـ سعودی ـ مصری، تحمی إسرائیل بموجبه القطاع الشمالی وتحمی مصر القطاع الجنوبی والغربی مقابل حصولهم على مساعدات سعودیة مالیة.

وهناک وثیقة عرفت فیما بعد "بخطة فهد للسلام"، وقد تمکن "یعقوب نیمرودی" ضابط المخابرات الإسرائیلیة السابق (وتاجر السلاح فیما بعد ) من الحصول علیها عبر "عدنان الخاشقجی" ، حیث کان "نیمرودی" وشریکه "آل شویمر" ، والذی کان رئیساً لمصانع الطائرات الإسرائیلیة ـ وهما من أصدقاء شارون ـ على علاقة وطیدة بـ"الخاشقجی" حیث قاموا بعقد صفقات للسلاح وصفقات سریة أخرى . وهذه الوثیقة السیاسیة السریة ، والتی کتبها ولی العهد "فهد" ، تحدث فیها بشکل علنی عن قبول آل سعود بإقامة السلام مع إسرائیل والاعتراف الکامل بشرعیة دولتهم .

وقد أعلم "نیمرودی" الإسرائیلیین أن "الخاشقجی" نقل مطالب آل سعود لهم برفع علمهم على الأماکن الإسلامیة المقدسة فی القدس المحتلة ، کرمز ضمنی یعترف بأنهم حماة تلک الأماکن المقدسة . وکانت الصحف البریطانیة والأمریکیة قد ذکرت فی تلک الفترة أن آل سعود عرضوا الاعتراف بإسرائیل مقابل سماحها لهم برفع العلم السعودی على المسجد الأقصى ، وعرضوا على إسرائیل مبلغ خمسة ملیارات دولار کرشوة ، إلا أن إسرائیل رفضت العرض السعودی ، وسارع آل سعود کالعادة لنفی الخبر !

وفی الثمانینیات جرت سلسلة من الرحلات واللقاءات والزیارات السریة ، وعلى مستوى الاتصالات السیاسیة والاستخباراتیة بدأت الصحف العبریة تتحدث بشکل جاد عن هذه الاتصالات منذ 1980م.حیث کشفت مجلة "هعولام هزه" فی عددها الصادر بتاریخ 26/10/1980م.أن السعودیة بعثت رسالة إلى إسرائیل حملها وزیر الخارجیة التونسیة عام 1976م.واشتملت الرسالة على اقتراح من الحکومة السعودیة بمنح إسرائیل مبالغ طائلة من الأموال مقابل انسحابها من الأراضی المحتلة ، ومن أبرز مضامین الرسالة:

*موافقة إسرائیل على الانسحاب من الأراضی المحتلة وإقامة دولة فلسطینیة بزعامة المنظمة.

*جمیع الدول العربیة ومنظمة التحریر تعترف بإسرائیل وتوقع اتفاقیة سلام معها.

*تقدم السعودیة منحة مالیة لإسرائیل مقدارها 3 ملیارات دولار .

وذکرت جریدة دافار بتاریخ 12/2/1986م.أن عدداً من مقربی "شیمون بریز" اجتمعوا مع اثنین من المبعوثین السعودیین فی المغرب ، وأشرف وزیر الداخلیة المغربی على ترتیب اللقاء ، وقد قدم الإسرائیلیون معلومات حول مخطط لاغتیال عدد من أفراد الأسرة السعودیة المالکة . کما ذکرت جریدة "علهمشمار". بتاریخ 17/11/1987م.أن الرئیس "حسنی مبارک" أبلغ وزیر الطاقة "موشیه شاحال" أن الملک "فهد" هو الذی شجعه على تعزیز علاقات السلام مع إسرائیل ، ونقلت جریدة "هاآرتس" الإسرائیلیة عن السفیر السعودی فی واشنطن أن السعودیة تضغط على منظمة التحریر الفلسطینیة ـ وخاصة على زعیمها "یاسر عرفات" ـ لإصدار بیان تعترف فیه بإسرائیل وقال "بندر بن سلطان" ـ السفیر السعودی فی واشنطن وقتها ـ أن السعودیة اقترحت على عرفات إصدار البیان من خلال التطرق إلى قرار التقسیم الدولی رقم (18) . وقالت الجریدة إنه جاء فی تقریر مفصل وصل إلى القدس حول اجتماع السفیر "بندر" مع مجموعة من الزعماء الیهود ، أن السفیر بندر قال إن السعودیة غیر مستعدة للقبول بالحل المبنی على إقامة دولة فلسطینیة مستقلة ، وإنها ستؤید فقط إقامة إتحاد کونفدرالی بین الأردن والفلسطینیین . وجاء فی التقریر أیضاً أن المشارکین فی الاجتماع خرجوا بانطباع ، أن النظام السعودی یعتقد أن تأجیل المفاوضات وتأخر الحل السیاسی للنزاع سیؤدی إلى تطرف الفلسطینیین ومنظمة التحریر ، وقال السفیر "بندر" إنه قد حان الوقت للتفاوض بین إسرائیل والفلسطینیین . وأضاف أن الفلسطینیین فی المناطق المحتلة مستعدون لحمل مصیرهم على أکفهم ، ولکن إذا لم یلجأ الطرفان وبسرعة إلى خطوات سیاسیة ولم یبدءوا مفاوضات ، فإنه من المتوقع أن یزید المتطرفون من تأثیرهم على الفلسطینیین . وقال السفیر لضیوفه ـ الصهاینة ـ إن الانتفاضة فاجأت منظمة التحریر التی لم تکن مستعدة لهذا التطور ، کما کانت غیر مستعدة لإعلان فک الارتباط بین الأردن والمناطق المحتلة .

وفی تعلیق للإذاعة الإسرائیلیة عن نفس الموضوع قالت: (اجتمع السفیر السعودی فی واشنطن الأمیر "بندر بن سلطان" مع مجموعة من زعماء الجالیة الیهودیة فی نیویورک .وذکرت صحیفة "معاریف" التی انفردت بنشر هذا النبأ الیوم أن الاجتماع کان سریاً فی منزل الملیونیر الیهودی "تسفی شلوم" فی نیویورک ، ووصف الحضور هذا الاجتماع بأنه عقد فی جو ودی للغایة ، وأن السفیر السعودی أکد بأن الریاض لیست لدیها تحفظات على سیاسة إسرائیل فی مواجهة العنف فی المناطق المحتلة ، وأن السعودیة تبذل جهوداً جبارة لإقناع منظمة التحریر الفلسطینیة بوجوب الاعتراف بإسرائیل . وأشارت الصحیفة إلى أن اجتماعاً آخر کان قد عقد قبل ثلاث أشهر بین الأمیر "بندر" وشخصیة یهودیة مرموقة فی منزل أحد السفراء العرب فی واشنطنٍ ).

وفی تعلیقه على لقاءات لاحقة نقل رادیو إسرائیل بتاریخ 19/11/1991م.عن السفیر "بندر" (تأکیده خلال اللقاء الذی عقده أمس وللمرة الأولى مع زعماء الجالیات الیهودیة الأمریکیة فی نیویورک ،إنه إذا بادرت إسرائیل إلى تجمید إقامة المستوطنات الجدیدة فی المناطق المحتلة ، فإن الدول العربیة ستوافق على إلغاء المقاطعة الاقتصادیة والعمل على وقف الانتفاضة . وأضاف الأمیر "بندر" أنه یلتقی بالزعماء الیهود ممثلاً عن الملک "فهد" ، وأکد "بندر" أن السوریین سیواصلون المشارکة فی المحادثات الثنائیة مع إسرائیل ن وأنه لا یستبعد أیضاً مشارکة سوریا فی المحادثات الإقلیمیة متعددة الأطراف . وأضاف بندر أن "السعودیة" لا تعتبر نفسها الآن طرفاً فی النزاع الشرق أوسطی ، وهی تقوم حالیاً بدور کبیر لدى الأطراف العربیة لإقناعها بمواصلة المحادثات إلى حین التوصل إلى اتفاقیات سلام عادلة وشاملة فی المنطقة . وأکد أن بلاده على استعداد للمشارکة فی تمویل مشاریع صناعیة اقتصادیة مشترکة فی منطقة الشرق الأوسط ، فی حال التوصل إلى اتفاق سلام شامل وعادل . وأضاف أن بلاده تعتبر نفسها "قابلة" قانونیة تعمل على تولید المسیرة السلمیة ، وقد صرح رئیس المؤتمر الیهودی العالمی "هنری سیجمان" أمس فی أعقاب الاجتماع الذی ضم کلاً من زعماء الجالیات الیهودیة الأمریکیة والأمیر بندر ، بأنه ـ أی "سیجمان" ـ کان المبادر للدعوة لعقد مثل هذا الاجتماع ، وأنه عمل طیلة الفترة السابقة من أجل إقناع الأمیر بندر بالموافقة على ذلک .وأضاف أن اجتماعات عدیدة جرت خلال العام الحالی ، وخاصة خلال حرب الخلیج ، ضمت الأمیر "بندر" والعدید من زعماء الجالیات الیهودیة الأمریکیة ، إلا أن هذه الاجتماعات جرت بصفة شخصیة فقط ، وأضاف سیجمان أن الأمیر بندر قام بدور مرکزی لدفع بلاده إلى لعب الدور الأساسی فی حرب الخلیج وضم سوریا لدول التحالف).

وفی سیاق تعلیقه على اجتماع بندر ومؤیدی دولة إسرائیل علناً والاستماع إلى موافقتهم ، قال الرادیو ( إن المملکة العربیة السعودیة تعمل بجد وبسرعة تامة، ففی بعض الأحیان نشاهد الأمیر بندر بن سلطان الذی یخطط وینفذ هذا الدور عبر وسائل الإعلام ، وهذا أمر نادر جداً ، فمرة نشاهده فی سوریا کما حدث الأسبوع الماضی ، ومرة أخرى یلتقی بزعماء الجالیات الیهودیة الأمریکیة ، ومرة ثالثة یلتقی بالوفد الفلسطینی، إن الأمر الوحید الذی یمکن للسعودیة تقدیمه للمسیرة السلمیة هو المال ، وهذا ما ترغب السعودیة فی تقدیمه الآن ، ولقد علمنا بأن الملک السعودی "فهد" أوضح مؤخراً للإدارة الأمریکیة أن بلاده وباقی دول الخلیج على استعداد لتمویل مشاریع مشترکة إسرائیلیة ت عربیة فی إطار المحادثات الإقلیمیة...).

وقد ذکرت جریدة "الشعب " المقدسیة فی عددها الصادر یوم "2/11/1992م" أن الریاض (استقبلت وفد أمریکیاً إسرائیلیاً بسریة تامة ، وقد أشرف "بندر" بنفسه على ترتیب هذه الزیارة بعد أن حصل على ضوء أخضر من القصر الملکی ، وقد طلب من الإسرائیلیین استخدام جوازات سفر غربیة ، ویعتبر الوفد من أنشط عناصر الحرکة الصهیونیة على الساحة الأمریکیة .. وقد ترأس الوفد الإسرائیلی "دیفید قمحی" أحد أصدقاء بندر بن سلطان ، مهندس العلاقة بین اللوبی الصهیونی من ناحیة والحکومة السعودیة من ناحیة أخرى، وقد تقدم الوفد بعدة مطالب وهی الضغط على الدول العربیة للتعجیل بإلغاء المقاطعة العربیة ، واستخدام نفوذ المملکة من أجل الحد من حالة التطرف الإسلامی ، ووقف دعم حرکة حماس وقطع المساعدات المالیة عن الانتفاضة ، والعمل من خلال أصدقاء المملکة على وقف العملیات العسکریة فی لبنان .وطلب "دیفید قمحی" من الملک "فهد" استخدام نفوذه الشخصی الکبیر من أجل إطلاق سراح الطیار الإسرائیلی "رون آراد" فی لبنان).

وذکرت جریدة الأنباء الإسرائیلیة بتاریخ 2/1/1978م.أن عضو الکنیست "تومیق طوبی" من کتلة حداش وجه استجوابا إلى وزیر الدفاع الإسرائیلی جاء فیه أن "عدنان خاشقجی" الملیاردیر السعودی مسجل فی سجل ضیوف فندق بلازا فی القدس المحتلة. کما ذکرت "علهمشمار" بتاریخ 27/11/1987م.أن "خاشقجی" ـ والذی یعد من المقربین للملک فهد والبلاط السعودی ـ اجتمع مع رئیس الحکومة "شیمون بیریز" على خلفیة صفقات السلاح أو ما یسمى بـ " الکونترا" (بیع الأسلحة إلى نیکاراجوا) . وأفادت مصادر دبلوماسیة فی واشنطن أن العدید من الشخصیات الإسرائیلیة اجتمعت مع الأمیر "بندر" السفیر السعودی فی الولایات المتحدة، وقالت الإذاعة الإسرائیلیة یوم 20/2/1989م نقلاً عن "شارون" قوله (إن العربیة السعودیة عرضت على إسرائیل قبل بضع سنوات دفع مبلغ مائة ملیار دولار متقابل موافقة إسرائیل على رفع العلم السعودی على الحرم القدسی الشریف ، وأوضح شارون بأن الملیونیر السعودی "عدنان خاشقجی" هو الذی تقدم بهذا العرض إلیه) .

ونقلت صحیفة" أخبار الأسبوع " یوم "30/12/1993م" عن مصادر إسرائیلیة وأمریکیة أن (رئیس الوزراء الإسرائیلی إسحق رابین عقد اجتماعا سریاً الأسبوع الماضی مع "سعود الفیصل" وزیر خارجیة السعودیة ، وقد عقد هذا الاجتماع فی عاصمة أوروبیة ، واستغرق ثلاث ساعات ، ویُعتقد أن الاجتماع عُقد فی العاصمة الفرنسیة، ومن ناحیة أخرى فقد عُلم أن اجتماعا سریاً عُقد فی العاصمة الیونانیة فی الأیام الأخیرة بین ضابط أمن إسرائیلی وضباط من قوات الأمن السعودیة ، ویعتبر هذا اللقاء الأول من نوعه بین ضباط الموساد وخمسة من کبار ضباط الأمن السعودیین ومن المخابرات السعودیة) .

وعلى صعید العلاقات الخاصة مع بعض الشخصیات ذکرت "هاآرتس" یوم 10/10/1990م أن "بیریز" ، رئیس حزب العمل الإسرائیلی ، یقوم بالتنزه منذ عدة أیام على ظهر سفینة النزهة "الملکة إلیزابیث" برفقة بعض رجال الأعمال العالمیین ، ومن بین المدعوین والمتواجدین على ظهر السفینة وزیر النفط السعودی السابق الشیخ "أحمد زکی یمانی" ، ورئیس حکومة جنوب أفریقیا، کما ذکرت "حداشوت" بتاریخ 20/5/1991م.أن الأمیر السعودی "ترکی بن عبد العزیز" أرسل برقیة لحجز جناح له فی فندق بالقدس ، وألغیت الزیارة بعد تسرب خبرها، کما ذکرت "الفجر المقدسیة" یوم 9/2/1993م.أن رئیس اتحاد غرف التجارة الإسرائیلیة "دانی جیرلمان" التقى أمس مع وزیر المالیة السعودی "محمد أبا الخیل" فی بدایة شباط / فبرایر فی "سویسرا" لبحث تعاون اقتصادی فی المستقبل فی الأراضی المحتلة.

وقد کتب سیمور هیرش مقالا فی مجلة "نیویورکر" فی 5/3/2007م.تحت عنوان "إعادة التوجیه" ، أماط فیه الصحافی الشهیر اللثام عن خفایا الإستراتیجیة الأمریکیة فی المنطقة الأشد التهاباً فی العالم وطبیعة المهمات التی تضطلع بها حکومات عربیة حلیفة لواشنطن وعلاقتها بالدولة العبریة .ومن الفقرات المتعلقة بالسعودیة ، یقول ( إن التحول فی السیاسة دفع السعودیة وإسرائیل إلى ما یشبه العناق الإستراتیجی الجدید ، لا سیما أن کلا البلدین ینظر إلى إیران على أنها تهدید وجودی، وقد دخلوا فی محادثات مباشرة حیث یعتقد السعودیین أن استقراراً أوسع فی إسرائیل وفلسطین سیعطی لإیران نفوذاً أقل فی المنطقة ، ومن ثم أصبحوا أکثر تدخلاً فی المفاوضات العربیة ـ الإسرائیلیة . وخلال العام الماضی توصل السعودیون والإسرائیلیون وإدارة بوش إلى سلسلة من الاتفاقات ـ غیر الرسمیة ـ حول توجههم الإستراتیجی الجدید ، وقد شمل هذا الأمر عناصر أهمها طمأنة إسرائیل إلى أن أمنها هو الأمر الأسمى ، وأن واشنطن والسعودیة والدول الخلیجیة الأخرى تشارکها قلقها حول إیران . ولقد بدأت الریاض اتصالاتها مع الإسرائیلیین والجمعیات الیهودیة المؤیدة للدولة الصهیونیة فی الولایات المتحدة منذ أکثر من عقد ، وهو تقارب حظی بمبارکة الإدارة الأمریکیة على طول الخط، ولکنه لم یکن علنیاً بل ظل مقتصراً على القنوات الدبلوماسیة المفتوحة بین الجهتین ، وکان مهندس هذه القنوات الأمیر "بندر بن سلطان" السفیر السعودی الأسبق لدى واشنطن ـ الذی اعتبرته الصحف الإسرائیلیة صلة الوصل بین الدولة الصهیونیة وجیرانها).

وکان لبندر اتصالاته القدیمة مع الإسرائیلیین وفی ذلک یقدم الکاتب الأمریکی "نوسمی مایلو" ، کاتب سیرة حیاة الأمیر السعودی ، تلمیحات إلى الطریقة التی أسس بها "بندر" روابطه مع الإسرائیلیین ( ففی ربیع 1990م.هدد "صدام حسین" بحرق نصف إسرائیل وکان الملک "فهد" آنذاک قلقاً حول احتمال اندلاع حرب إقلیمیة ، فأوفد الأمیر "بندر" إلى "بغداد" حیث أبلغه "صدام" بأنه لن یقوم بمهاجمة إسرائیل فأسرع "بندر" إلى نقل الرسالة إلى "جورج بوش" الأب، وتلقى وعداً إسرائیلیاً تعهدت فیه تل أبیب بعدم القیام بهجوم استباقی، وفی المقابل رأى "بندر" أن "صدام" ربما استعمله لتأمین جانبه ضد أی هجوم والبدء باحتلال الکویت فی أغسطس 1990م.وفی الوقت نفسه أعلن بأن السعودیة حصلت على صواریخ صینیة بر ـ بر).

وبحسب الکاتب أیضاً (فإن "بندر" کان ناجحاً فی طمأنة إسرائیل عبر اتصالاته الأمریکیة بأن الصواریخ لن توجه إلیها، وفی المقابل تلقى وعوداً بأن إسرائیل لن تهاجم مطار "تبوک") .

وبعد حرب الخلیج الفارسی عام 1991م.أطلق الأمریکیون عملیة سلام بدأت بقمة مدرید، التی شارک فیها السعودیون ، ولکن حضورهم کان ضعیفاً فقد کانت المملکة متحفظة بشأن علاقاتها مع إسرائیل ولم تجعلها رسمیة کما فعلت بعض دول الخلیج الفارسی المجاورة ، وکان للأمیر "بندر" ارتباط مباشر بالسفارة الإسرائیلیة فی واشنطن أیام اتفاق أوسلو، وقد عقد محادثات غیر رسمیة مع السفیر الإسرائیلی "هکتیفونیبار راماتی" ، وخلال محادثات السلام التی أجراها "إیهود باراک" أصبح دور الأمیر شدید الأهمیة على المسار السوری . وفی أواخر عام 2000م.ترکزت الجهود على المسار الفلسطینی فبعد فشل "کامب دیفید" واندلاع الانتفاضة ، حاول "بندر" الضغط على "یاسر عرفات" لقبول مبادرة "کلینتون".

کما تقول وسائل الإعلام الغربیة عن أحدث الاتصالات أن هناک لقاء قد جمع بین "عادل الجبیر" ـ سفیر السعودیة الجدید فی واشنطن ـ ونائب وزیر الدفاع الإسرائیلی "إفرایم سنیه" ضمن لقاءات ثلاثیة منفصلة (سعودیة وأمریکیة وإسرائیلیة) حول "مبادرة السلام" مع إسرائیل التی طرحتها المملکة ، وذلک قبیل انعقاد القمة العربیة المقررة فی الریاض نهایة مارس 2007م.وعندما سارعت الریاض إلى نفی الخبر رسمیاً قائلة إن تلک التقاریر لا أساس لها من الصحة ، فإن صحیفة "یدیعوت أحرونوت" أکدت أن رواق "دیفید وولش" رئیس قسم الشرق الأوسط فی وزارة الخارجیة الأمریکیة قد جمع الرجلین وتبادلا الحدیث .

کما ذکرت الصحیفة أن "إفرایم سنیه" توجه إلى "الجبیر" ـ والذی یعتبر من أشد المقربین لدوائر صنع القرار بالمملکة ـ وصافحه قائلاً: "أنا سعید بلقائک وجهاً لوجه..ماذا یحدث من المشاکل فی منطقتنا؟" وأجاب "الجبیر": "آمل أن نصعد فی الأسابیع المقبلة إلى مسار إیجابی" وفی ینایر 2007م حضر الأمیر "ترکی الفیصل" ـ السفیر السعودی المستقیل فی الولایات المتحدة ـ حفل استقبال فی واشنطن برعایة المنظمات الیهودیة الأمریکیة ، وکان ظهوره " حدثاً غیر مسبوق " ، على حد وصف "ویلیام داروف " مدیر مکتب واشنطن للتجمعات الیهودیة المتحدة والذی قام بتنظیم الحفل، وفی سبتمبر 2006م أفاضت الصحف العربیة والأجنبیة فی الحدیث عن اللقاء الذی جمع رئیس الوزراء الإسرائیلی "إیهود أولمرت" ومستشار الأمن القومی السعودی "بندر بن سلطان" فی العاصمة الأردنیة ، کجزء من جهود "جورج بوش" لدعم أولمرت بعد کارثة إسرائیل فی حربها أمام "حزب الله" .ویقول "دانیال أیالون" ـ السفیر الإسرائیلی السابق فی واشنطن ـ أن هذا اللقاء هو اللقاء السعودی ـ الإسرائیلی الأعلى مستوى حسب علمه . وفی أعقاب هجمات 11 سبتمبر سعى "عادل الجبیر" ـ الذی کان یعمل بالخارجیة آنذاک ـ إلى تنظیم رحلة لوفد من الیهود الأمریکیین الأعضاء فی الکونجرس إلى الأراضی السعودیة حتى تتوقف هجمات اللوبی الیهودی ضد المملکة على خلفیة الهجمات . وبحسب "جیروزالیم بوست" فإن "الجبیر" نجح فی إقناع الملک "عبد الله" بتوجیه الدعوة إلى "توماس فریدمان" ـ الرئیس السابق لقسم الشرق الأوسط بالواشنطن بوست ورئیس مکتبها فی إسرائیل لعشر سنوات ـ لزیارة السعودیة لإجراء مقابلة صحفیة مع ولی العهد السعودی آنذاک ، وفی هذه المقابلة طرح "الأمیر عبد الله" ـ آنذاک ـ على "فریدمان" المبادرة السعودیة ـ کانفراد صحفی ـ والتی تحدثت لأول مرة عن الاعتراف بإسرائیل وتبادل العلاقات الدبلوماسیة وتطبیع العلاقات معها بشرط انسحابها إلى حدود 5 یونیه 1967م ، وهی المبادرة التی تم إقرارها بقمة بیروت عام 2002م ، لتصبح المبادرة العربیة للسلام مع إسرائیل . وبسبب ما تمتع به "الجبیر" من قدرة فی العلاقات العامة فقد أوکلت إلیه مهمة الاتصال بالجماعات الیهودیة والإسرائیلیة والتنسیق معها وحول هذا الدور .

قالت صحیفة "جیروزالیم بوست" (إن "الجبیر" ظل ـ منذ بدایة التسعینیات ـ على اتصال وتنسیق مع الجماعات الیهودیة ، بما فیها منظمة اللوبی الیهودی الأمریکی "إیباک" وسبق أن التقى بیوسی بیلین حینما کان وزیراً فی حکومة العمل الإسرائیلیة)، کما تقول مقدمة کتاب "التغلغل الإسرائیلی فی الخلیج "ـ والذی یغطی الندوة المتخصصة حول ذات الموضوع ـ أن (الملک عبد الله بعد حصوله على التشجیع السیاسی والدبلوماسی أمر "بندر" بأن یجری مباحثات مع رئیس الموساد الجنرال "مائیر داغان" ، ووفقاً لمصادرنا فإن هذا اللقاء حدث یوم 18 سبتمبر فی قصر عبد الله الثانی بالعقبة ، وحضر مع "داغان " "یوران تربویتز" و"جادی شامانی" مستشارا رئیس الوزراء الإسرائیلی "إیهود أولمرت" ، ورافق "بندر" ثلاثة مساعدین بارزین فی المخابرات ، وحضر مع "عبد الله الثانی" الذی رحب شخصیاً بضیوفه کل من المدیر السابق للمخابرات الأردنیة الجنرال "محمد الذهبی" ، والسفیر الأردنی لدى إسرائیل "علی العاید" ووفقاً لما قاله شهود عیان، فقد جرى الاجتماع فی جو مریح للغایة ، سیما وأن "بندر" و"داغان" التقیا من قبل فی عدة مناسبات فی واشنطن) .

 

2- محاولة لاستخلاص المنهج السعودی:

 

لاستخلاص المنهج السعودی فإنه ینبغی معالجة أمرین ، أولهما طبیعة النظام ، وثانیهما أهدافه ، وبالتالی تُنسق سیاساته مع هذه الأهداف وهذه الطبیعة فی نسق من السلوکیات یمکن وصفه بالمنهج فی التعامل مع مختلف القضایا . وطبیعة النظام السعودی کما هو معروف أنه نظام برجماتی لا یعترف سوى بحقائق القوة ، وفی إطار ذلک فإنه یحتفظ بالتحامه بالقوى العظمى دونما أدنى حرص على ثوابت أو مبادئ سوى مصلحته فی البقاء والنمو.

وکما یقول الکاتب "عبد الباری عطوان" فی مقال له بجریدة "القدس العربی" فإن (النظام السعودی لا یحتمل وجود جیران أقویاء حوله ، ویرى فی ذلک تهدیداً مباشراً له ، ولهذا عمل دائماً على تحطیم هؤلاء ، ابتداء من "جمال عبد الناصر" والوحدة السوریة ـ المصریة مروراً بالثورة الخمینیة وانتهاءً بالرئیس العراقی صدام حسین) ، وبالتالی فإن النظام السعودی لا یخجل من استخدام أحقر الأسالیب والتحالف مع الشیطان فی سبیل حمایة مصالحه ، ولا یشعر بخطورة الکیان الصهیونی علیه وعلى أمنه لأنه لا یستطیع مواجهته ، لأن النظامان شقیقان من أم واحدة ترعى مصالحها وهی الولایات المتحدة کعنوان للقوة العظمى ، ویمکن أن تبدل هذه الأم بأم ـ قوة عظمى ـ أخرى ، وبالتالی فالاثنان یضمنان أمن بعضهما ، وهذا یفسر الاتصالات والعلاقات وحمایة النظامان لبعضهما .

خاتمة:

یقول السید "عبد الباری عطوان" (یمکن رصد العدید من المؤشرات المتسارعة حول خریطة التقارب السعودی ـ الإسرائیلی فی الفقرة القلیلة الماضیة ، وعملیات التمهید لمرحلة مقبلة من التطبیع والاتصالات المباشرة یمکن إیجازها فی:

أولاً، کان الأمیر ترکی الفیصل أول من دشن هذا التوجه الانفتاحی العلنی ، عندما أکد الأمیر "ترکی الفیصل" أن بلاده تحاول إقناع الفلسطینیین بکل الوسائل باتباع أسلوب المقاومة السلمیة على طریقة "المهاتما غاندی" ، والتخلی عن الکفاح المسلح لعدم جدواه بسبب الفارق الهائل فی موازین القوى لصالح الإسرائیلیین

ثانیاً: فاجأت الحکومة السعودیة المراقبین عندما تبنت موقفاً متسرعاً وواضحاً ورد على لسان متحدث رسمی باسمها ، أدانت فیه أسر "حزب الله" لجندیین إسرائیلیین والتسبب بالعدوان الإسرائیلی على لبنان وحملت الحزب مسئولیة هذا العدوان ونتائجه ، ولم تدن بکلمة واحدة الطرف الإسرائیلی الذی کان یدمر لبنان وعاصمته بیروت ویقتل المئات من أطفاله، وهو الموقف الذی امتدحه "أولمرت" علناً وأکد أنه أبرز تطور فی هذه الحرب ، لأنها المرة الأولى التی تحظى فیها حرب إسرائیلیة بتأیید عربی وسعودی بالذات...).

ویلخص هذا المقال الأفکار الرئیسیة لهذه الدراسة ، حیث تهدف هذه الدراسة ، من خلال المعلومات المتوفرة عن الاتصالات السعودیة ـ الإسرائیلیة ، إلى محاولة استخلاص المنهج السعودی فی إثبات أن الإستراتیجیة السعودیة وما یترتب علیها من سیاسات تکاد تکون ثابتة من طور النشأة والتکوین إلى اللحظة الحالیة وبالتالی یمکن التنبؤ بمستقبل سیاساتها أیضاً بناءً على هذا المنهج . ویمکن تلخیص ذلک بالقول إن ما یحکم النظام السعودی هو منطق البقاء دون التقید بمصالح شعب أو أمة أو دین أو أی ثابت أو مبدأ ، کما أن النظام یعترف بحقائق القوة یهادن القوى ولا یرحم الضعیف ، ویتغذى على ضعف جیرانه ، ویطلق الفتن والمؤامرات وسلاح المال والنفط والدعایة الدینیة الموظفة للتخلص من أی نظام أو فرد تبرز قوته من خلال المقاومة.

ن/25

 

 


| رمز الموضوع: 143301







الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS
فيديو

وكالةالقدس للأنباء


وكالةالقدس للأنباء

جميع الحقوق محفوظة لوکالة القدس للأنباء(قدسنا)