ما الرابط بین تدابیر أنقرة ضد إسرائیل والعلاقات الترکیة مع سوریا وإیران وروسیا؟
محمد نور الدین ( صحیفة السفیر اللبنانیة)
أثارت التدابیر الترکیة ضد إسرائیل الجمعة الماضی بعد تسریب تقریر «لجنة بالمر» حول العدوان الإسرائیلی على «أسطول الحریة»، نقاشات وتساؤلات متعددة داخل ترکیا نفسها.
وبقدر ما أظهرت الصحف الترکیة دعما لخطوات الحکومة، فإن ما یلفت أکثر من أی شیء آخر هو التزامن بین الإعلان عن التدابیر الترکیة ضد إسرائیل والإعلان عن اتفاق لنشر الدرع الصاروخی فی ترکیا، والمستهدف منه أساسا إیران وسوریا وروسیا، مع ما تشهده العلاقات الترکیة من توترات مع هذه الدول فی هذه المرحلة.
وقد رکزّت الصحف الترکیة فی عناوینها على أن إسرائیل ستصبح أکثر عزلة على الصعید الدولی بعد التدابیر الترکیة. وتحدثت الصحف عن إمکان قیام رئیس الحکومة الترکیة رجب طیب اردوغان «بخطوة کبیرة» وهی زیارة قطاع غزة عبر بوابة رفح، لیکون أول رئیس حکومة یدخل القطاع من هذه البوابة.
وتقول الصحف إن مثل هذه الخطوة مرتبطة بمدى تجاوب الحکومة المصریة مع الطلب الترکی، خصوصا أن العلاقات المصریة - الإسرائیلیة تمر بدورها فی فترة توتر. کذلک یتوقع أن تسعى ترکیا إلى تقدیم مشروع قرار إلى الأمم المتحدة یعتبر الحصار على غزة غیر شرعی، وذلک ردا على تقریر لجنة «بالمر» الذی اعتبرته شرعیا.
وأعلن وزیر الخارجیة احمد داود اوغلو، لقناة «تی آر تی» امس الاول، ان ترکیا ستبدأ الأسبوع المقبل إجراء قضائیا للاعتراض على قانونیة الحصار الذی تفرضه إسرائیل على غزة. وحذر من ان موقف السلطات الإسرائیلیة سیؤدی الى اثارة استیاء القوى السیاسیة الجدیدة الناشئة من «الربیع العربی». وقال «اذا استمرت اسرائیل على مواقفها الحالیة، فانها تکون تعمل على اثارة شعور قوی مناهض لها لدى من یقاتلون انظمتهم التسلطیة فی حرکة الربیع العربی».
کذلک ستقوم ترکیا بتشجیع منظمة التعاون الإسلامی على التحرک وسط حملة إعلامیة من جانب الصحف المؤیدة لحزب العدالة والتنمیة على منظمة التعاون الإسلامی التی یرأسها الترکی اکمال الدین إحسان أوغلو، بسبب ما وصفته «بلا مبالاة» المنظمة بمجاعة الصومال، وعلى «صمتها» إزاء تقریر «بالمر». وتردّ أوساط ترکیة حملة حزب العدالة والتنمیة على إحسان أوغلو بأنها تستهدف تقلیل حظوظه للترشح لیکون أمینا عاما مقبلا للأمم المتحدة فی حین یتم الإعداد سرا لیکون الرئیس الترکی عبد الله غول نفسه أمینا عاما مقبلا للأمم المتحدة بعد أن یحل اردوغان محله فی الرئاسة.
ولم تستبعد الصحف الترکیة أیضا تسخین الوضع فی شرق المتوسط مع إعلان أنقرة أنها لن تترک البحر المتوسط رهینة بید إسرائیل، بل ستضمن ترکیا حریة ملاحة سفنها فیها عبر مواکبة قطعها البحریة العسکریة لها، وهو ما قد یضع ترکیا وإسرائیل فی مواجهة بعضهما البعض.
وإضافة إلى سعی ترکیا لنقل قضیة الحصار إلى محکمة العدل الدولیة فی لاهای، فإن وزارة الخارجیة الترکیة أنذرت السفیر الإسرائیلی غابی لیفی وکل دبلوماسی أعلى من سکرتیر ثان بمغادرة البلاد حتى الأربعاء، وإلا فستضطر أنقرة إلى إخراجهم بنفسها، غیر أن لیفی قال انه سیغادر فی الموعد المحدد وقد یعود إلى ترکیا فی المستقبل بصفة سائح.
واتهم اوزدیم سانبرک، العضو الترکی فی اللجنة التی شکلها الأمین العام للأمم المتحدة بان کی مون، رئیسها جیوفری بالمر ونائبه فی اللجنة الرئیس الکولومبی السابق ألفارو أوریبی بأنهما موالیان لإسرائیل، وقد أعدا التقریر بالتعاون معها متجاهلین کل الطروحات التی قدمتها ترکیا.
وبعیدا عن الضجیج العالی الذی أحدثته الخطوة الترکیة ضد إسرائیل، فإن صحیفة «میللییت» توقفت ملیا عند تزامن الخطوة الترکیة ضد إسرائیل بالإعلان عن موافقة أنقرة على نشر الدرع الصاروخی فی أراضیها. وقالت الصحیفة، فی مقالة کتبتها نورای میرت، انه «لیس مصادفة تزامن القرارین، فالضجیج والترکیز الآن على الخطوة ضد إسرائیل فیما کان یفترض أن یتم الترکیز على علاقة ترکیا بحلف شمال الأطلسی وتأثیر الخطوة على العلاقات الترکیة مع إیران وسوریا». وأضافت الکاتبة إن رد فعل ترکیا على إسرائیل فی هذه اللحظة بالذات کان للتغطیة على قرار نشر الدرع الصاروخی وتمریره بأقل قدر من الضجیج.
وفی الاتجاه ذاته، یذهب الکاتب فی الصحیفة نفسها سمیح ایدیز عندما یربط بین قرارات ترکیا ضد إسرائیل أیضا بقرار نشر الدرع الصاروخی الموجه أیضا ضد موسکو، وبالدعم الروسی القوی للقسم الیونانی من جزیرة قبرص، وهو ما یعکس قول ترکیا إنها ستسیر دوریات بحریة لضمان حریة الملاحة فی شرق المتوسط.
ویقول ایدیز إن بدء قبرص الیونانیة التنقیب قریبا عن الغاز فی شرق المتوسط سیکون سببا آخر للتوتر. وهو ما عکسه وزیر الدولة الترکی لشؤون الاتحاد الأوروبی ایغیمین باغیش بقوله إن الأسطول موجود لهذه الأسباب، أی بتحذیر ترکیا للقبارصة الیونانیین من التنقیب عن الغاز فی میاه المتوسط، حیث ترى أنقرة أن شمال قبرص الترکیة معنیة بها وقد تم تجاهل دورها.
ویضیف ایدیز انه «سواء ارتبطت الخطوة الترکیة ضد إسرائیل بإیران أو روسیا أو سوریا فإنه مع عدم إیجاد حل للمشاکل الراهنة، فإن مشاکل جدیدة تنشأ على هامشها. وفی حال لم یُظهر وزیر الخارجیة أحمد داود أوغلو وفریقه مهارة فی إدارة الأزمة، فإن الطریق إلى صدام عسکری ستکون مفتوحة».
ن/25
الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS