qodsna.ir qodsna.ir

فیاض: صیانة الحریات وکرامة المواطن

فیاض: صیانة الحریات وکرامة المواطن

 

مصطفى إبراهیم

 

لم یعلم أبو أشرف 55 عاماً، الموظف فی وزارة الزراعة على بند البطالة منذ العام 1993، ویتلقى راتبا شهریا قدره "1000 شیکل"، أن السبب وراء وقف صرف راتبه منذ نحو عام، هو عدم التزامه بقرار حکومة رام الله.

قرار حکومة سلام فیاض فی رام الله هو وقف رواتب الموظفین وفصلهم من عملهم، لأنهم غیر ملتزمین بقرار الشرعیة، هذا هو حرص فیاض والسلطة الوطنیة على صیانة الحریات العامة والفردیة وحفظ کرامة المواطن، وحرمان الناس من حقهم فی العمل والعیش الکریم، والحد من البطالة والفقر!!

کیف ستکون کرامة المواطن محفوظة ومصانة بعد أن یتم حرمانه من حقه فی العمل، ودفعه للتسول، وزیادة نسب البطالة وأعداد الفقراء؟

فیاض رئیس وزراء حکومة رام الله منذ أربعة أعوام، هو الآن بصدد تشکیل حکومة جدیدة، ومن أجل ذلک عقد عدة لقاءات مع مؤسسات حقوق الإنسان، ومع فئات مختلفة من المجتمع الفلسطینی فی الضفة الغربیة، وطلب من أصدقائه على الفیس بوک مساعدته فی تشکیل حکومته الجدیدة، وطرح خطته الجدیدة أو کما سماها أفکاره المتعلقة بحکومة الوحدة الوطنیة لإنهاء الانقسام، والبدء فی إعادة الوحدة للوطن من خلال حکومة وحدة وطنیة، بحیث تقوم حکومة الوحدة الوطنیة بمهامها الکاملة فی قطاع غزة والضفة الغربیة.

فیاض تحدث مع مؤسسات حقوق الإنسان عن حرصه والسلطة على صیانة الحریات العامة، وحفظ کرامة المواطن، ووضع حد لأیة تجاوزات من شأنها أن تمس بالمنطلقات الأساسیة التی تسعى السلطة الوطنیة لترسیخها کأسس ومبادئ للمنظومة القیمیة التی ستقوم علیها دولة فلسطین.

عن أی حریات یتحدث فیاض؟ وکیف ستصان الحریات؟ وما هو شکل الحکومة الجدیدة التی یرید تشکیلها وهی تؤسس لترسیخ الانقسام؟ وما هی دولة المؤسسات التی ستقام على أنقاض حقوق الإنسان والدوس على کرامة المواطن؟ هل هی دولة الأجهزة الأمنیة والبلطجیة وقمع الناس؟

فیاض خلال الأربعة أعوام الماضیة، هی فترة تراسه الحکومة، تمتعت الأجهزة الامنیة الفلسطینیة فی الضفة الغربیة بحصانة الإفلات من المساءلة والعقاب، واستمرت تلک الأجهزة بالتعدی على الحریات العامة والشخصیة، وکانت وما زالت تشن حملات الاعتقال السیاسی ضد أعضاء حماس وغیرها من الفصائل الفلسطینیة، وتمارس التعذیب المنهجی ضد المعتقلین، وتمنع الناس من الحق فی التجمعات السلمیة والتظاهر، وحقهم فی التعبیر عن آرائهم.

صیانة الحریات العامة یکون بقمع المتظاهرین، کما جرى فی قاعة البروتستانت فی آب "أغسطس" من العام الماضی، أو کما وقع مع المتظاهرین مؤخرا فی رام الله، المنادین بإنهاء الانقسام، وإنجاز الوحدة الوطنیة التی تستند إلى الثوابت الوطنیة، وحق العودة وتقریر المصیر وإقامة الدولة الفلسطینیة المستقلة، ووقف المراهنة على الإدارة الأمریکیة، وإجراء مراجعة لنهج أوسلو، ووقف التنسیق الأمنی والاعتقال السیاسی، وضمان الحریات العامة.

صیانة الحریات العامة یکون بالتحرش بالنساء وملامستهن من قبل البلطجیة، وهم فی الحقیقة أفراد من الأجهزة الأمنیة، واختطاف بعض المتظاهرین، واحتجازهم والتحقیق معهم وتهدیهم وتعرضهم للضرب الشدید، وإجبارهم على العمل معها کمرشدین ضد منظمی المظاهرات، کما وقع فی المظاهرات السلمیة التی نظمت خلال الأسابیع والأیام الماضیة.

فی الحقیقة إن ما تقوم به الأجهزة الأمنیة هو انتهاک فاضح وتعد خطیر على حقوق المواطن الفلسطینی، وإن تباهی فیاض المتکرر بالتقدم الذی حققه فی مجال الأمن، ما هو إلا کذبة، ووهم یسوقه، ویأتی کحمایة لأمن دولة الاحتلال من خلال التنسیق والتعاون الأمنی، ولیس حمایة المواطنین الفلسطینیین وتمکینهم من ممارسة حقوقهم فی التجمع السلمی والتظاهر وحریة التعبیر عن الرأی.

کل ذلک یدعو للقلق والخوف، فالادعاء ببناء مؤسسات الدولة یجب أن یتعدى المفهوم الضیق لبناء مؤسسات الدولة التی یریدها فیاض، والترکیز فقط على تعزیز قدرات الأجهزة الأمنیة التی حصرت مهمتها فی اعتقال الناس وضربهم والحد من حریاتهم وقمعها وتخویفهم وترهیبهم، وعلى السلطة الفلسطینیة أن تؤمن للمواطن الفلسطینی الحق فی الأمان على شخصه وحقوقه المختلفة، وقدرته على الوصول لعدالة سریعة ومتاحة وفعالة عندما تنتهک حقوقه من قبل الأجهزة الأمنیة والبلطجیة.

کل ذلک یتحقق بالتخلی عن الأوهام والمشاریع الفردیة والخاصة وإنهاء الانقسام، ووقف التنسیق الأمنی، وإعادة ترتیب البیت الفلسطینی، ومقاومة الاحتلال بکافة أشکال المقاومة السلمیة وغیر السلمیة، على أن یدفع الاحتلال ثمن احتلاله للأراضی الفلسطینیة، ذلک هو المدخل لإعادة بناء نظام سیاسی فلسطینی حقیقی، وتشکیل حکومة وحدة وطنیة یشارک فیها الکل الفلسطینی، تعمل على احترام حقوق الإنسان وصیانة حریاته وحقوقه والحد من الفقر والبطالة، وتوفیر الحیاة الکریمة للناس.

ن/25

 


| رمز الموضوع: 143275