الشرق الأوسط وأهمیته الاقتصادیة والجیوبولیتیکیة

الشرق الأوسط وأهمیته الاقتصادیة والجیوبولیتیکیة
فتحی أحمد
یقول جورج لینکوفسکی: یمکن لأیة سیاسة خارجیة رشیدة أن لا تتجاهل الشرق الأوسط وأثره على بقیة العالم. وهذا نابع من الأهمیة الجیوبولیتکیة له. وقد قدم السیر هالفورد ماکیندر نظریة من أهم النظریات الجیوبولیتیکیة، ویرى من خلالها أن ثلاثة أرباع الکرة الأرضیة تغطیها میاه البحار، والیابسة لا تشغل سوى ربع مساحتها فقط.
وأردف "الخصائص الطبیعبة لمنطقة الشرق الأوسط تکمن فی أنه یقع عند ملتقى القارات الکبرى للعالم القدیم، آسیا وأفریقیا وأوروبا والبحر الأبیض المتوسط وبحر العرب والخلیج العربی والمحیط الهندی، کما یحتوی الشرق الأوسط على العدید من الأنهار، نهر النیل ونهر الفرات ونهر دجلة ونهر الأردن، هذا فضلا عن أنه یتحکم فی مجموعة من أهم مواقع المرور الدولیة وهی قناة السویس ومضائق البسفور والدردنیل وباب المندب ومضیق هرمز.
أما الأهمیة الاقتصادیة للشرق الأوسط فهی ترجع إلى:
1 - وجود البترول، حیث یمتاز بانخفاض تکالیف إنتاجه نظرا لارتفاع معدلات الإنتاج وقلة عمق الآبار وارتفاع نسبة النجاح فی اکتشاف البترول؛ وهنالک میزة نوعیة أیضا وهی أن نفط الشرق الأوسط وشمال أفریقیا ینتج خامات خفیفة ومتوسطة وثقیلة.
2 - الغاز الطبیعی، وهو یعد أیضا من أهم مصادر الطاقة، فقد بلغ الاحتیاطی عام 1983 حوالی 22 تریلیون متر مکعب، أی ما نسبته 24.3 بالمئة من الاحتیاط العالمی.
من هنا تنبع مصالح وأهداف القوى الکبرى فی العالم فنجدهم یتصارعون من أجل تحقیق مصالحهم وأهدافهم فی المجال الخارجی.
وبعد الحرب العالمیة الثانیة بدأت الولایات المتحدة الأمریکیة تضطلع بممارسة مسؤولیاتها کدولة قطبیة ذات مصالح عالمیة، هذا وقد انصب اهتمامها فی بادئ الأمر على الأنشطة التبشیریة التی کان یقوم بها الأمریکیون البروتستانت، غیر أنه سرعان ما لمس البروتستانت أن الشعوب المسلمة غیر متقبلة للدعوى التبشیریة.
فرکزوا اهتمامهم على المسیحیین التبشریین وفشلوا ثم بدأوا فی توجیه نشاطهم باتجاه الاهتمام بالتعلیم.. ورغم کل المحاولات استطاعت أمریکا مؤخرا أن تفوز بنفط الشرق الأوسط واستطاعت أن تحصر المد الروسی بعیدا عنه؛ حیث أصدرت عام 1948 ما عرف بمبدأ ترومان الذی یقوم على تقدیم مساعدات اقتصادیة ومعدات عسکریة أمریکیة لدول المنطقة التی تتعرض لتهدید من جانب الشیوعیة الدولیة، بجانب تفوق الأمریکیة بعد ذلک من خلال تدعیم الوجود العسکری الأمریکی والغربی بصورة شبه دائمة فی المنطقة بواسطة ضمان استمراریة انتفاع أمریکا بالقواعد والتسهیلات العسکریة المتقدمة فی المناطق المتاخمة للاتحاد السوفییتی ودعم دور الأسطول السادس الأمریکی فی البحر الأبیض المتوسط، على اعتبار أنه عنصر مهم من عناصر الدفاع عن الجناح الجنوبی لحلف شمال الأطلسی، بالإضافة إلى تعزیز التفوق الاستراتیجی لإسرائیل باعتبارها أداة استراتیجیة فی المنطقة.
أما الاتحاد السوفییتی السابق فقد بدأ یبسط نفوذه على المناطق الشمالیة من الشرق الأوسط منذ بدایات القرن التاسع عشر حیث کانت روسیا القیصریة کانت الدولة الوحیدة المنافسة لبریطانیا فی تلک المنطقة. کما تنافستا على أفغانستان حیث کانت بریطانیا تحول دون وصول الروس إلیها.
هذا ملخص مختصر عن الشرق الأوسط ومطامع الدول الکبرى فیه حیث بات من المؤکد أن أمریکا ومن لف لفها شرعوا فی إعادة هیکلیة خارطة الشرق الأوسط من جدید حتى یتمکنوا من نهب خیراته وتفتیت شعوبه لکی یبقى یرزح تحت وطأة التشرذم والتفرقة.
ن/25