حینما یغدو المشهد الإسرائیلی مثقلا بـ«نقاط التحول»!
نواف الزرو
"نقطة تحول.."، هی تلک المناورات والتدریبات والاستعدادات الحربیة "الإسرائیلیة" الجاریة على قدم وساق لمواجهة احتمالات وسیناریاهات الرعب القادمة على تلک الدولة الصهیونیة. بدأت بالرقم "1" ثم تسلسلت لتصل إلى الرقم "5". ونقطة التحول الخامسة هذه- ولن تکون الأخیرة- انطلقت الأحد 19/ 6/ 2011 بأضخم عملیة مناورات وتدریبات عسکریة حربیة صهیونیة تحت اسم: "نقطة تحول 5". هذا ما أطلقوه علیها..
فالماثل أمامنا انهم على مستوى المؤسسة العسکریة والسیاسیة والإعلامیة، وکذلک على مستوى الرأی العام الإسرائیلی، یربطون ربطا جدلیا ما بین هذه التدریبات والمناورات "المتحولة.. المتسلسلة من 1 إلى 5 حتى الآن..." وما بین حرب الصواریخ القادمة التی باتت تهیمن على الخطط والقناعات والمناخات والسیکولوجیا الإسرائیلیة..!.فالإسرائیلی عموما، من الرئیس، إلى رئیس الوزراء، الى الوزراء، الى کبار الجنرالات والضباط، الى الجنود فی کل مکان، الى رجال الدین- الحاخامات، الى رجال الاعلام والاکادیمیا، الى عصابات المستوطنین فی أنحاء الضفة، کلهم بالإجماع أصبحوا ینتظرون اندلاع حروب، وهم یرون حرب الصواریخ القادمة عبر هذه التدریبات العسکریة الأوسع والأشمل فی تاریخ تلک الدولة الصهیونیة..!.
فنقطة التحول، فی مضمونها العسکری، تشکل نقطة تحول لیس على مستوى التدریبات والاستعدادات الحربیة لدیهم فقط، وانما أخذت تتکرس کنقطة تحول استراتیجی فی المواجهات العسکریة الحربیة منذ الهزیمة الحارقة التی لحقت بجیشهم الذی لا یقهر فی تموز 2006، وشکلت بالتالی نقطة تحول سیکولوجی فی استعداداتهم النفسیة لمواجهة حروب اخرى مع حزب الله وعلى الجبهات الأخرى!..
بل یبدو ان المشهد الإسرائیلی بات مثقلا ﺑ"نقاط التحول" المقترنة بسیکولوجیا الرعب والقلق، وهواجس الوجود، من الحرب ومن الخسائر ومن الهزیمة المحتملة، ومن المستقبل الغامض، ومن احتمالات الانهیار الشامل!..
وزیر "الجبهة الداخلیة" الإسرائیلیة، الجنرال متنان فیلنائی، رسم سیناریو الرعب الإسرائیلی المتوقع فی أیة حرب مستقبلیة مع العرب، ویتمثل بسقوط آلاف الصواریخ یومیا، لمدة شهر کامل على الأقل، واستهداف محطات إنتاج الطاقة والبنى التحتیة، والمؤسسات الاقتصادیة، وتعرض مدینة تل أبیب لقصف مکثف 06/ 06/ 2011".
وحینما یرسم فیلنائی سیناریوهات الرعب الماثلة فی الأفق، فان فی ذلک معان ودلالات حربیة صریحة... فقد قال فی لقاء مع أرباب الصناعة والتجارة والأعمال: "ستسقط آلاف الصواریخ یومیا على إسرائیل، وسترتفع ألسنة النیران من مواقع استخراج الغاز، ینبغی أن نکون مستعدین لحرب شاملة مع سوریا وحزب الله وحماس"، واصفا مواقع التنقیب عن الغاز فی عرض البحر بأنها الخاصرة الرخوة لإسرائیل. موضحا: "السوریون لیسوا بحاجة لإطلاق عشرات الصواریخ على تلک المواقع، فلدیهم منظومات دقیقة، ویکفی بضعة صواریخ لإحراق کل شیء".
وقال فیلنائی "إن العرب یعرفون استخلاص الدروس، هم لا یخافون، ولا یهربون کما علموکم ذات مرة، انسوا ما علموکم إیاه، هم یعرفون أنهم لا یمکنهم هزیمة إسرائیل فی ساحة المعرکة، لهذا یستعدون لضربها فی العمق بواسطة الصواریخ، یمکنکم احتساب کم صاروخا بحوزتهم، کم منها یمکننا قصف مواقع إطلاقها، وکم سنسقط منها قبل وصولها، سیطلقون علینا آلاف الصواریخ والقذائف، وستسقط مئات الصواریخ فی منطقة المرکز، هذا ما سیحصل هنا، وسیستمر شهرا عل الأقل، دون توقف".
والمحلل الإسرائیلی جدعون لیفی کتب فی هآرتس 12/ 12/ 2010 تحت عنوان: "أربما لا یوجد خیار عسکری" یبشر الإسرائیلیین- أو یضعهم فی صورة الحقائق القائمة والقادمة- قائلا: "ستکون الحروب الآتیة هی حروب الجبهة الداخلیة. وهذه المرة ستتضرر الجبهة الداخلیة الإسرائیلیة على نحو لم نعرفه من قبل، فقد کانت حرب الخلیج الاولى وحرب لبنان الثانیة من هذه الناحیة المقدمة لما قد یحدث فقط.
ان هجوما بآلاف الصواریخ، کما یتنبأ الخبراء، سینشئ واقعا یصعب على إسرائیل الصمود فیه، فهی غیر مزودة لذلک وقد رأینا هذا فی الکرمل، وهی غیر مستعدة لذلک وقد رأینا هذا فی حرب لبنان"، مضیفا: "یجب أن یفهم کل زعیم إسرائیلی، مغامر وخریج دوریة القیادة العامة، أن خیار الهجوم لیس خیارا فی الحقیقة، صحیح أننا نجحنا فی عدة عملیات قصف فی الماضی لکن الحصانة لن تظل أبدا ولن تکون صواریخ سکاد جوفاء دائما. لن تکون ألف وحدة اطفاء جدیدة ولا حتى "القبة الحدیدیة" حمایة- لانه لا یمکن بناء قلعة لکل مواطن.
ومن هنا ینبع الاستنتاج الثانی غیر الممتنع، الذی یجب أن یتغلغل عمیقا عمیقا، لا عند الساسة والقادة العسکریین فحسب بل عند مُؤججی الحرب الکثیرین عندنا، وهو أن الخیار الوجودی الوحید هو الاندماج فی المنطقة "وهذا مصطلح أبدعه أوری افنیری قبل عشرات السنین".
فلینظر القومیون و"المستوطنون" والرافضون والعسکریون والأمنیون ومؤیدو الضم، والصقور والیمینیون وذوو الشعور الوطنی، والمتحمسون والخلاصیون فیما حدث فی الکرمل، ولیقولوا لنا الى أین یریدون المضی بهذا، لیُبیّنوا لنا من فضلهم أی خیارات تواجه "إسرائیل" عندما تقول "لا" لکل احتمال سلام، وجبهتها الداخلیة ضعیفة الى هذا الحد، أی أمل لها اذا استمرت على العیش على سیفها فقط الذی کان ذات مرة قویا مُهدِّدا، وأخذ یصدأ الآن"؟.مذکرا برابین وحدود القوة "الإسرائیلیة": "کان رئیس الحکومة اسحق رابین هو الذی اعترف ذات مرة فی حدیث خاص، بأن التقدیر المرکزی الذی بعثه على المضی الى مسیرة اوسلو هو الاعتراف بحدود القوة "الإسرائیلیة"".
وانتقالا إلى التنفیذ على الأرض، فحینما تباشر وحدات جیش الاحتلال الصهیونی المناورة العسکریة السنویة الأکبر فی تاریخها التی أطلق علیها اسم "نقطة تحول 5"، فان لذلک حسابات ودلالات!..فقد نقلت الإذاعة "الإسرائیلیة" العامة الأحد 19/ 06/ 2011 عن الجیش قوله ان هذه المناورة تهدف الى اختبار مدى جاهزیة الجیش لخوض حرب تجری على جبهات عدة فی ذات الوقت، وتحاکی احتمالیة سقوط مئات الصواریخ على المدن والتجمعات السکنیة "الإسرائیلیة" ومنها تل ابیب والکنیست "الإسرائیلی" فی القدس، تطلق من إیران وسوریا ولبنان وقطاع غزة. وتشارک فیها الى جانب الجیش کافة الأجهزة الأمنیة "راحیل- سلطة الطوارئ الوطنیة" و"قیادة الجبهة الداخلیة" والشرطة و"نجمة داوود الحمراء" ووزارات الحکومة والسلطات المحلیة ومنظمات تشغل بنى تحتیة إستراتیجیة، وترکز على تدریب قیادات قوات الجیش والشرطة والأجهزة الأمنیة وعمل الوزارات وستحاکی تعرض الجبهة الداخلیة المدنیة "الإسرائیلیة" لهجمات صاروخیة مکثفة فی جمیع أنحاء "إسرائیل"، وسیتم خلالها أیضا اختبار مدى استعداد الجبهة الداخلیة فی "إسرائیل" لسقوط صواریخ غیر تقلیدیة فی جمیع أنحائها وتضرر البنى التحتیة الوطنیة فیها.. ویعمل الجیش "الإسرائیلی" على "وضع مختلف الاستعدادات والآلیات الخاصة بکیفیة التعاطی مع سیناریوهات عدة قد تتعرض فیها البنى التحتیة فی "إسرائیل" کشبکتی الحواسیب والاتصالات لهجوم الکترونی".
وفی إسرائیل یسود شعور جدید فی ظل التحولات التی تشهدها بعض الدول العربیة بوجود إشکالیة حقیقیة تتعلق بتغییر واضح فی موازین القوى فی المنطقة التی تتجه شعوبها نحو مزید من العداء لها. الى ذلک، وقبل ذلک، صادقت لجنة التخطیط والبناء القطریة فی الکیان الصهیونی على "خطة تقضی باختیار أماکن متعددة فی جمیع أنحاء البلاد لکی تکون بمثابة مقابر جماعیة فی حالة حدوث کارثة ما فی "إسرائیل"، تؤدی لمقتل الآلاف. وجاءت هذه الخطوة فی إطار استعدادات الحکومة الإسرائیلیة لاحتمالات تعرض "إسرائیل" لهجوم کبیر بالصواریخ فی حالة نشوب نزاع".وأشارت صحیفة یدیعوت- الثلاثاء 14/ 06/ 2011- إلى ان الطاقم حدد ثمانیة أماکن رئیسیة لجمع الضحایا فیها، وهی "روش بینا، العفولة، حیفا، تل أبیب، مودیعین، الرملة، اللد، ومنطقة السبع" موضحة ان رئیس الوزراء نتنیاهو یقف وراء الفکرة المذکورة بعد مشاورات مع الأطقم الأمنیة والاستخباریة.
وکانت قیادة الجبهة الداخلیة "الإسرائیلیة" قد عرضت أمام لجنة الخارجیة والأمن التابعة للکنیست خریطة للمناطق "الإسرائیلیة" الواقعة تحت تهدید الصواریخ فی أی حرب مستقبلیة، مرجحة سقوط عشرات الصواریخ على مدینة تل أبیب والقدس الغربیة ودخولهما تحت دائرة التهدید.
وذکرت صحیفة "یدیعوت أحرونوت- الثلاثاء 14/ 06/ 2011 أنه جرى تقدیم هذه المعلومات من قبل الجنرال "یائیر جولن"، قائد الجبهة الداخلیة خلال جلسة خاصة للجنة الخارجیة والأمن، وبحضور رؤساء السلطات المحلیة، حیث تناولت الجلسة استعدادات السلطات المحلیة فی أوضاع الطوارئ، بناء على المعطیات الجدیدة التی قدمتها الجبهة.
وقال جولن أمام اللجنة إن "مدة الحرب خلال أیة مواجهة مقبلة ستکون طویلة أکثر، وعدد الصواریخ سیکون أکبر، وکذلک مدها سیکون کبیرا، وسیلاحظ تحسن ودقة فی إصابتها للأهداف".
من جهته أوضح العقید "أفی میشور" رئیس الفرع السکانی بالجبهة الداخلیة أن "المعطیات المقدمة مبنیة على معطیات استخباریة ومعطیات أخرى، وکل رئیس بلدیة تسلم سیناریو لتعامل مع کم الصواریخ المتوقع سقوطها خلال أیة مواجهة مقبلة وحجم الضرر الذی ستحدثه".
وفی السیاق نفسه، قال رئیس لجنة الخارجیة والأمن بالکنیست شاوؤل موفاز إن "المراکز السکانیة أصبحت هدفاً فی الحرب المقبلة والصواریخ التی ستتساقط ستخلق شللاً فی الحیاة العامة".
وأظهرت المعلومات "الإسرائیلیة" الجدیدة للجبهة أن مدینة القدس ستتعرض لسقوط مئات معدودة من الصواریخ ستنطلق من الشمال والجنوب، کما سیسقط المئات منها على شمونا وتسفات والکرمل وحیفا وهذه القرى صنفت بأنها مهددة، وأضافت "یدیعوت" أن قیادة الجبهة الداخلیة تعتقد أنه ستسقط العشرات من الصواریخ على مدینة تل أبیب وحولون وبات یام وبئر السبع.
ونقلت "یدیعوت أحرونوت-: 15/ 06/ 2011-" عن مصادر استخباریة غربیة قولها إن مدینة إیلات ایضا لن تکون بمأمن من تهدید صواریخ "سکاد" فی الحرب القادمة، مشیرة إلى أنه فی حرب الخلیج الأولى عام 1991 تحولت أم الرشاش "إیلات" إلى ملجأ "للإسرائیلیین" الهاربین من منطقة المرکز التی کانت تتعرض لقصف الصواریخ العراقیة.
واستتباعا- بات واضحا تماما، ان کل هذه التدریبات البریة والجویة والبحریة التی اجرتها وتواصلها دولة الاحتلال، وصولا الى تدریبات المؤخرة او العمق او الجبهة الداخلیة الاخیرة "نقطة تحول.." على تماس مباشر باحتمالات حروب الصواریخ القادمة، وتجمع فی هذا السیاق جملة من الاعترافات والشهادات "الإسرائیلیة" المتتابعة على تفاقم حالة القلق والرعب مما یطلقون علیه "انکشاف الجبهة الداخلیة للصواریخ"، التی اخذوا هم یطلقون علیها ایضا "البطن "الإسرائیلیة" الرخوة"...!..
ﻓ"إسرائیل" لم تتوقع أبدا ولا حتى فی أسوأ کوابیسها ان تنکشف الجبهة الداخلیة "الإسرائیلیة" على هذا النحو المرعب، فکتب المحلل یونتان شم-اور فی صحیفة معاریف معلقا على تأثیر الصواریخ التی ضربت العمق "الإسرائیلی": "یعرفون الآن ما الذی یفعلونه، یعرفون الآن کیف یهزموننا".
ویمکن القول ان هواجس الرعب والقلق من ضرب وتدمیر العمق- بمعنى المدن والبنیة التحتیة "الإسرائیلیة" فی أی حرب قریبة، انما تفاقمت وتکرست، فقد کان رئیس وزرائهم نتنیاهو، بحث فی جلسة خاصة "جهوزیة الجبهة الداخلیة لحالات الطوارئ، بمشارکة قادة الأجهزة الأمنیة الذین قدموا خلال الجلسة سیناریوهات محتملة لمواجهات فی المنطقة، وبحثوا فی خطط لإخلاء مئات ألاف السکان من منطقة المرکز إلى "المستوطنات" فی الضفة الغربیة ومدینة "ایلات" فی حال تعرض الجبهة الداخلیة لقصف صاورخی/ یدیعوت 7/ 3/ 2010".
و"البطن "الإسرائیلیة" الرخوة" ان ضربت بقوة تدمیریة کبیرة، من شأنها ان تهز ارکان المجتمع "الإسرائیلی"، وهذه الاحتمالیة حاضرة فی مخططاتهم، ففی المشهد الاستراتیجی الحربی "الإسرائیلی" یعترفون بـ"ان "إسرائیل" بکاملها باتت فی هذه الایام تقع تحت مرمى الصواریخ وکذلک تحت وطأة مناخات ما یطلقون علیه عسکریا "تدریبات ومناورات الجبهة الداخلیة لاعدادها لحرب الصواریخ القادمة".
یشعرون هناک بأن المخاطر تتعاظم على هذه الجبهة، أکثر من أی وقت مضى، ولیس صدفة أن القادة والمعلقین "الإسرائیلیین" یتحدثون حول رقم 40- 60 الف صاروخ من مختلف الأنواع والمدیات التی یقولون إنها غدت تشکل ردعاً یردع الردع "الإسرائیلی" المعهود".
ویمکن القول، إن هواجس الرعب والقلق من ضرب وتدمیر العمق، بمعنى المدن والبنیة التحتیة "الإسرائیلیة" فی ای حرب قریبة، انما تفاقمت وتکرست، ووصلت الى مرحلة قال عنها بعضهم "إن العد التنازلی لخراب "إسرائیل" بدأ یقترب!..
ن/25
الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS