لنکتب کی لا ننسى.. حتى لو لم یکن هناک من یقرأ!
نواف الزرو
کان الجنرال الصهیونی موشیه دیان قال فی مقابلة أجرتها معه مجلة "دیر شبیغل" الألمانیة فی تشرین الأول 1971: "فی تشرین الثانی عام 1947 رفض العرب قرار التقسیم "الصادر عن الجمعیة العامة للأمم المتحدة"، وفی عام 1949 "بعد التوقیع على اتفاقیات الهدنة" عادوا إلى المطالبة بتنفیذه"، و"فی عام 1955- والکلام لدیان أیضاً- کانت جمیع الدول العربیة المعنیة ترفض اتفاقیات الهدنة، وبعد حرب حزیران 1967 عادوا إلى المطالبة بانسحاب إسرائیل إلى حدود الرابع من حزیران".
"ولن أفاجأ- یضیف دیان- بعد حرب أخرى تسیطر فیها إسرائیل على مناطق عربیة جدیدة فی الأردن أو سوریا إذا ما طالبوا بالعودة إلى الحدود الحالیة..".
فی الصمیم والجوهر إنما یتحدث دیان عن ضعف الذاکرة العربیة وحالة عدم الاکتراث واللامبالاة من جهة أولى، بینما یمکننا أن نستشف من أقواله من جهة ثانیة، أن الصراع الحقیقی لیس فقط على الأرض المحتلة والمغتصبة وإنما أیضاً على الذاکرة والوعی الجمعی والثوابت القومیة العربیة.
تسعى الدولة الصهیونی دائماً بلا کلل أو ملل إلى التهوید الشامل للوطن المغتصب هناک- جغرافیاً وسکانیاً وحضاریاً وتراثیاً واقتصادیاً- وذلک عبر التزییف الشامل لکل العناوین والملفات.. کما تعمل إلى جانب کل ذلک من أجل تفریغ ذکرى النکبة من مضامینها وکذلک ذاکرة النکبة من کل معانیها ودلالاتها.. فی الوقت الذی تشن هجوماً تجریفیاً منسقاً واستراتیجیاً على العقل والوعی الجمعی العربی المتعلق بالنکبة.. الذکرى والذاکرة..
فی هذا السیاق لفت انتباهی وأثار ذهولی خبر قرأته فی صحیفة هآرتس العبریة تحت عنوان: "لنکتب.. کی لا ننسى: حتى لو لم یکن هناک من یقرأ.." وجاء فی الخبر: "إن مؤسسة "ید فشیم" الیهودیة- متحف المحرقة الیهودیة- فی القدس تتلقى وتصدر سنویا 200 کتاب مذکرات شخصیة لیهود عایشوا المحرقة/ الکارثة الیهودیة "...!!!
والغایة من هذه الکتب أنها توثق تفاصیل المحرقة والمعاناة الیهودیة...!! تصوروا!!
إن الحاجة تتزاید لدینا یوما عن یوم، لیس فقط إلى توثیق جرائم الحرب الصهیونیة فی فلسطین- التی تراکمت على مدى قرون من الزمن لتشکل هولوکوست فلسطینیا خاصا- بغیة المطالبة بتقدیم مقترفیها إلى محکمة الجنایات الدولیة، وإنما بالأساس لأن هذه المهمة التوثیقیة هی مهمة تاریخیة ثقافیة تربویة تعبویة لشعوبنا وأجیالنا الراهنة والقادمة أیضاً.
ن/25
الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS