حینما تحول إسرائیل أسطول الحریة إلى تهدید وجودی!
نواف الزرو
لا تستطیع الدولة الصهیونیة الخروج من جلدها والتخلی عن طبیعتها ومواصفاتها کدولة ارهابیة بلطجیة دمویة ، فهکذا کانت عصاباتها الصهیونیة قبل نشأة الکیان، وهکذا استمرت کدولة، وما تزال تواصل سیاساتها التی عرفت بجوهرها کسیاسات تطهیر عرقی ضد الشعب الفلسطینی.
والحرب التی تشنها تلک الدولة ضد اسطول الحریة -2- لا تنفصل عن حروبها السابقة، بل تتواصل معها، فحینما تعتبر القیادات الصهیونیة أن قوافل اسطول الحریة وکسر الحصار على غزة تشکل تهدیدا وجودیا لـ"إسرائیل"، فهم یقصدون ذلک، لأنهم یعتبرون أی استقلالیة وسیادة فلسطینیة على أی قطعة أرض-وهنا غزة- تشکل تهدیدا وخطرا وجودیا علیهم، وهم یجمعون على عدم السماح بذلک...!
فلا غرابة إذن، فی هذه الهستیریا التی نتابعها لدیهم فی التعامل مع قواقل الحریة والتضامن الإنسانی مع غزة والفلسطینیین، ولیس جدیدا أن تسحب تلک الدولة خططها من الأدراج وأن تستحضر بلطجتها وإرهابها.
فالدولة الصهیونیة تستعد للانقضاض على أسطول الحریة 2، کما تبیت لاقتراف مجزرة ضد المتضامنین العرب والأجانب علیه.
وباتت هذه حقیقة صارخة ماثلة توشی بها تصریحاتهم التحریضیة الیومیة وأجهزة إعلامهم المجندة بالکامل لتجریم الأسطول مسبقا وتحویله إلى غواصات حربیة تستهدف إبادة "إسرائیل".
فالدولة الصهیونیة ترمی بثقلها وراء معرکتها ضد اسطول الحریة الذی یعتبرونه یشکل تهدیدا ایضا لیس فقط للحصار الاجرامی المفروض على غزة، وانما لشرعیة الدولة الصهیونیة ذاتها..!.
الکاتب والمحلل الاسرائیلی المعارض لسیاسات الاحتلال جدعون لیفی یوثق فی هآرتس-01 تموز 2011 حقیقة الإعداد الصهیونی لممارسة البلطجة والمجزرة ضد اسطول الحریة فیقول: "هل نصغی لأنفسنا؟ هل نمیز الضجیج الفظیع الذی یصدر من هنا؟ هل تنبهنا کیف أصبح الخطاب عنیفا أکثر فأکثر، وکیف أصبحت لغة القوة لغة إسرائیل الرسمیة الوحیدة تقریبا؟ توشک مجموعة نشطاء دولیین أن تُسیّر قافلة بحریة إلى سواحل غزة. أکثرهم نشطاء اجتماعیون ومحاربو سلام وعدل ومن قدماء مناضلی التمییز العنصری والاستعمار والحروب العالمیة، بات یصعب أن نکتب هذا هنا فی حین یوصفون جمیعاً منذ زمن بأنهم "زعران".
فیهم مفکرون وناجون من المحرقة ورجال ضمیر، عندما حاربو نظام الحکم فی جنوب افریقیا أو ناضلوا الحرب فی فیتنام حظوا بتقدیر لنشاطهم هنا أیضا، لکن إسماع کلمة تقدیر الآن لهؤلاء الناس، وفریق منهم شیوخ یُعرضون حیاتهم للخطر ویبذلون مالهم ووقتهم من أجل هدف یرونه عادلا، یُعد خیانة.
انظروا کیف ترد إسرائیل، وُصفت القافلة البحریة فوراً على أفواه الجمیع بأنها خطر أمنی، ووصف نشطاؤها بأنهم أعداء من غیر شک بالفروض الأساسیة الداحضة، هذه التی یُذیعها جهاز الأمن وتقبلها وسائل الإعلام فی تشوق، ما زالت لم تنته حملة شیطنة القافلة البحریة السابقة التی قُتل فیها عبثا تسعة مدنیین أتراک حتى بدأت الحملة الدعائیة الجدیدة التی تتحدث عن خطر ومواد کیمیاویة وکبریت ومعرکة تماس ومسلمین وأتراک وعرب وإرهابیین واحتمال وجود "مخربین" یفجرون أنفسهم. الدم والنار وأعمدة الدخان"
ویؤکد لیفی نهجهم الدموی قائلا:"الاستنتاج حتمی، وهو أن ثمة سبیلا واحدة للعمل على مواجهتهم بالقوة وبالقوة فقط، وبکامل القوة کما فی مواجهة کل تهدید أمنی. هذا هو نموذج العمل الثابت: الشیطنة أولا ثم شرعیة العمل العنیف "الوهمیة". تذکروا القصص المختلقة عن السلاح الإیرانی المحکم الذی یمر فی الأنفاق، والحکایات الباطلة عن غزة الملغمة إلى أن جاءت عملیة "الرصاص المصبوب" ولم یکد الجنود یلقون شیئا من کل ذلک؛ إن النظرة إلى القافلة البحریة هی استمرار لذلک السلوک...
إن حملة التخویف والشیطنة هی التی تأتی بالخطاب العنیف الذی یسیطر على الخطاب العام کله. فکیف سیفکر إسرائیلی یُلقمونه قصص التخویف بالقافلة البحریة سوى باستعمال القوة؟، هل یریدون قتل جنود الجیش الإسرائیلی؟ سنبادر إلى قتلهم. أصبحوا ینافق بعضهم بعضا، الساسة والجنرالات والمحللون بالأوصاف المخیفة وتأجیج الغرائز استعدادا للهجوم الکبیر، وتعظیم المحاربین الذین سینقذوننا من أیدیهم وخطابة ذات ضجیج تسبق الحرب.
کتب محلل مهم هو دان مرغلیت فی صحیفته بلغة شعریة قائلا: "مبارکة الأیدی"، عن الأیدی التی خربت واحدة من السفن، وذلک عمل بلطجة آخر غیر قانونی حظی هنا فورا بالهتاف من غیر أن یسأل أحد: بأی حق؟.
لن تمر هذه القافلة البحریة أیضا، فقد وعدنا رئیس الحکومة ووزیر الدفاع بهذا، فسیُرونهم مرة أخرى، أی النشطاء، من یملک القرار- من هنا القوی ومن صاحب البیت الوحید فی الجو والبر والبحر أیضا، استُخلصت "الدروس" من القافلة السابقة کما ینبغی: لا دروس للقتل عبثا والسیطرة العنیفة التی لا داعی لها بل درس إذلال جنود الجیش الإسرائیلی. لکن الحقیقة أن الإذلال الحقیقی کان إرسالهم إلى السفن وهو من نصیبنا جمیعا: کیف أصبحنا مجتمعا لغته عنیفة، ودولة ترید أن تحل کل شیء تقریبا بالقوة، بالقوة وحدها".
إذن، کما کانوا اجمعوا فی حینه بکافة مؤسساتهم الأمنیة والسیاسیة والإعلامیة على اقتراف المجزرة بحق أسطول الحریة -1- وبحق مرمرة فی ایار/2010، ، فانهم یبیتون الیوم ایضا مجزرة اخرى بحق اسطول الحریة -2-، فالدولة الصهیونیة مستنفرة وجیشها مستنفر، وقد فرز وحدات خاصة للعدوان على الاسطول، والادارة الامریکیة مستنفرة ایضا تضامنا معهم، وکذلک الامین العام للامم المتحدة..!
فما الحکایة الصهیونیة الامریکیة اذن، فی هذه الحملات التحریضیة التعبویة العدوانیة ضد الاسطول...؟!
إنه القرار الصهیونی بإبقاء غزة تحت الحصار وإبقائها کأکبر معسکر اعتقال على وجه الکرة الأرضیة...!
قد تقع المجزرة ضد الاسطول- حسب المؤشرات الاسرائیلیة المتراکمة-، وقد لا تقع اذا جدت ظروف تحول دون المجزرة فی اللحظة الاخیرة، غیر ان الجاهزیة الصهیونیة للمجزرة قائمة وبالاجماع...!.
فهاهو رئیس الوزراء الإسرائیلی، بنیامین نتنیاهو، یعلن الاستنفار ویناشد السفراء الأوروبیین نقل رسالة الى حکوماتهم بوجوب العمل على إیقاف هذه القافلة البحریة عند حدها قبل أن تنطلق من الموانئ الأوروبیة- 11/04/2011- موضحا: "أن القافلة لیست سلمیة بل استفزازیة من شأنها أن تشعل الموقف فی المنطقة وأن کل من یرغب فی استمرار الهدوء والطمأنینة یجب أن یحرص على لجم هذا الاستفزاز".
ویضیف فی تصریح لاحق -وما اکثر تصریحاتهم وتهدیداتهم التی لا تتوقف ابدا- "إن إسرائیل تواجه عدة تحدیات وأن هناک محاولات متکررة لزعزعة وجودها وحدودها"- الخمیس 30/ 06/ 2011-.
وعبر نتنیاهو عن شکره للولایات المتحدة وأوروبا والأمین العام للأمم المتحدة ورئیس الوزراء الیونانی الذین "صرحوا وعملوا ضد الأسطول الإستفزازی"، وأضاف" أن لإسرائیل کامل الحق للعمل ضد"المحاولات لشرعنة تهریب الصواریخ والقذائف وباقی الأسلحة إلى جیب الإرهاب التابع لحماس".
وقال إن حرکة حماس هی "عدو شرس ویضر عمداً بشعبنا وأطفالنا، ویحتجز غلعاد شالیط خلافاً لکل المعاییر الإنسانیة"، متناسیا هنا أن الدولة الصهیونیة تعتقل لیس فقط أکثر من سبعة آلاف فلسطینی وإنما تعتقل الشعب الفلسطینی بکاملة فی بانتستونات الضفة وغزة...!
الى کل ذلک، یؤکد الوزیر السابق إیفی إیتام على أهمیة حصار غزة للحفاظ على الوجود الإسرائیلی عموما قائلا: "من أجل الحفاظ على حیاتنا، یجب أن نستمر فی حصار غزة، وفرض رقابة وسیطرة تامة على حماس، لأن أی أسلحة تدخل القطاع یمکنها أن تهدد الوجود الإسرائیلی نفسه- یدیعوت احرونوت- الخمیس 10/ 06/ 2010"، وزعم إیتام أن أی محاولة لتخفیف الحصار قد تؤدی إلى تهریب أسلحة إیرانیة إلى حماس داخل غزة، مما یعرض إسرائیل لخطر الفناء إذا دخلت فی حرب مع حماس أو میلیشیاتها". مشیرا إلى "أنه فی حالة رفع الحصار الإسرائیلی عن غزة، لن یستطیع الإسرائیلیون أن یطلبوا من مصر منع تهریب الأسلحة عبر أراضیها، وبالتالی ستغامر إسرائیل بوجودها وأمنها ومستقبلها لأنها ستتخلى عن وجودها غیر المعلن فی أراضی لا تتبعها- کالأراضی المصریة مثلا- وبهذا تخاطر بفقدان سیطرتها وفنائها".
ویزعم السفیر الاسرائیلی لدی الولایات المتحدة الامریکیة مایکل أورین ایضا "ان حصار اسرائیل لقطاع غزة لا یتعارض مع القانون الدولی"، معتبرا ایاه بانه "مسألة حیاة أو موت-جیروزلم بوست- الخمیس 23/ 06/ 2011".
تصوروا...! وکأن هذا الاسطول -الحریة- یأتی معلنا الحرب على "اسرائیل" والولایات المتحدة...! وکأنه ینقل معدات حربیة ثقیلة الى غزة ولیس معدات طبیة ومساعدات انسانیة اخرى...! وکأنه ربما یبیت عدوانا على الجیش الصهیونی المدجج بالاسلحة والخطط الحربیة العدوانیة المبیتة...! وکأنه ربما یحمل اسلحة فتاکة محرمة دولیا إلى غزة لاستخدامها ضد تلک الدولة الصهیونیة المسکینة الضعیفة...! وکأنه یستهدف إبادة "إسرائیل" عن وجه الأرض...!.
فلیستیقظ الجمیع على حقیقة الوجه الصهیونی البشع!.
ن/25
الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS