الاحد 13 ذوالقعدة 1446 
qodsna.ir qodsna.ir

الاستثناء (النووی) الإسرائیلی لعنة أم امتیاز

الاستثناء (النووی) الإسرائیلی لعنة أم امتیاز

زیاد علوش

 

صاحبة الجلالة فی بلاد الانکلیز نظرت استثناءً بعین العطف للیهود فأعطتهم فلسطین، لم یکن الفرنسیون اقل کرماً دشنوا بتکنولوجیتهم النوویة والیورانیوم (التائه) مفاعل دیمونة، تبعهم السوفییت بالاعتراف الأول بالکیان المحتل، سباق ارسالیات تاریخی، للتخلص من لعنة الامتیاز الالهی لشعب الله (المختار) ولا یزال العم سام یحتضن نتاج الثلاثی المسخ اسرائیل الاستثناء المتکرر یصبح قاعدة، هل سترث بکین واشنطن بتأییدها اللفظی للعرب وتبادلها الفعلی مع اسرائیل حسب التسریبات الهزلیة فی مسألة الحلول القطبی (الاعتدال العربی) یواکب المراحل بدقة یخبو ویشتعل، الیوم فجأة تذکر البریطانیون رائعة التلمودی المرابی فی تاجر البندقیة للشهیر ولیم شکسبیر وتنکروا لتقاطعهم الثنائی الدائم (تفاوض؛ ارهاب؛ خداع)، وانهم سلخوا ارضاً من شعب یستحق الى آخر علیه أن یرحل، من دمنا وخبزنا على رأی من یزداد حضوره فینا مع کل رحیل محمود درویش.

ترتفع الیوم اصوات الانکلیز مطالبة بدور بریطانی ریادی فی عملیة (السلام).. کان رد رجل داونغ ستریت السابق رجل الرباعیة الآن (السید) تونی بلیر استشرافیاً بهذا الشأن؛ بقوله للمطالبین له بتقمص دور الجنتلمان الانکلیزی التقلیدی ولیس التابع لبوش الابن ابان اجتیاح العراق، فی التذکیر أن بریطانیا العظمى لم تعد الامبراطوریة التی لا تغیب عنها الشمس، إنما تستمد دورها ونفوذها الحالیین من تلک العلاقة أو التبعیة للولایات المتحدة الامریکیة، إلا أن السید بلیر لم یکن السباق لإدراک هذه الحقیقة البراغماتیة السیاسیة التی غفل عنها کثیر من العرب، إنما کان الیهود وعبر فلسفتهم التاریخیّة للتحکم بالعالم عن طریق التحکم برأس المال، أمّا وأنّ أمریکا قد انتقل إلیها واستقر فیها ذلک الأکسیر فان الیهود یمموا شطرها، فأمریکا ولا شک تشکل قوة جذب مغریة للطامحین والطامعین بلعب دور ما مرکب فی الحیاة المعاصرة، فالعقل الیهودی الربوی یدور مع الذهب والمال والأعمال کیفما دار، مما یمنحه حرکة مثالیّة، ولأجل تحقیق أهداف الصهاینة ومشروعاتهم کان لا بد عبر هذا الممر من تأسیس قوى خفیة أو معلنة شرحتها بروتوکولات حکماء صهیون فی (بازل السویسریة) اخذت على عاتقها هذا الهم وهذا الدور والتحکم بمسار العالم، ففی موقع اللوبی الیهودی الإسرائیلی الامریکی فی واشنطن إیباک على الانترنت، یبرهن على أن إیباک هی المنظمة الأهم فی التأثیر على العلاقات الامریکیة الإسرائیلیة، فی أدبیات العلوم السیاسیة فی الولایات المتحدة، وفی وسائل الإعلام العالمیة، یتعاملون مع إیباک على أنها مجموعة الضغط ذات التأثیر الأکبر على السیاسة الخارجیة الامریکیة، باعتبارها نموذجاً یحتذى للعمل السیاسی الضاغط داخل مرکزی القرار فی الکونغرس والإدارة الامریکیة، فمهمة إیباک الأساسیة دعم المصالح الحیویة لإسرائیل فی مجال الأمن والسیاسة، منها منع الدول العربیة والإسلامیة من امتلاک الأسلحة غیر التقلیدیة وحتى السلاح التقلیدی المتطور واستیعاب القنبلة الباکستانیة والحؤول دون الإیرانیة، والدفاع عن بقاء أنظمة الطوق الجغرافی المثالیة وعدم المخاطرة بأنظمة تبدو أقل کفاءة فی هذا المجال، من خلال تحویل جیوش تلک الدول الى شرطی حدود، وهذا ما یفسر لنا عدم کفاءة الجیوش الرسمیة العربیة فی مواجهة إسرائیل، حیث وظیفتها الثانیة حصراً الحفاظ على تلک الأنظمة، کذلک الضغط على الاتحاد الأوروبی فی عدم الذهاب بعیداً فی الغزل مع العرب والفلسطینیین، وتأیید إقامة جدار الفصل العنصری، وشجب وتعطیل قرار محکمة لاهای التی اعتبرت الجدار غیر قانونی ومنع استمرار تحرکات الأمم المتحدة ومجلس الأمن ضد الجدار وغیره من القرارات، واستمرار المصادقة على المساعدات الأمنیة والاقتصادیة المقدمة لإسرائیل، وضمان تفوقها على العرب جمیعاً مع تحدید وحصر المساعدة المقدمة للفلسطینیین والأردن ومصر بما یوازی القیام بالمهام المطلوبة منهم، على الرغم من حاجة أمریکا للطاقة الهیدروکربونیة البترول والغاز وحاجة الاقتصاد الأمریکی الیومی لاستثمار 4 ملیارات دولار یومیاً، الذی یشکل التمویل العربی أهم رکائزه، وهذا بمعناه منع العرب من توظیف امکاناتهم بطریقة إیجابیة، من هنا کانت وظیفة إیباک فی أمریکا الوقوف وراء حکومات إسرائیل المتعاقبة فی مساعیها للحصول على مصادقة الکونغرس على مبادئ السلام فی الشرق الأوسط حسب الشروط الیهودیة وفقاً لرسالة بوش لشارون سنة 2004.

الاعتراف بالکتل الاستیطانیة ومنع عودة اللاجئین بالطبع، فإن أبرز تلک التفاهمات التی دفع إلیها ذلک اللوبی للحفاظ على التفوق الصهیونی النووی کان اتفاق تفاهمات: ریتشارد فیکسون وهنری کیسنجر مع غولدا مائیر، الذی کان فحواه کالتالی: ستمتنع الولایات المتحدة عن تعقب ما یجری فی المفاعل النووی فی دیمونة، وستتمسک أیضاً بصیغة أنها لا تملک معلومات موثقة عن أن إسرائیل تملک سلاح إبادة جماعیة طالما حافظت إسرائیل على غموض ذری، من غیر اعتراف بأنها تملک سلاحا کهذا بالفعل، وما لم تجر تجربة ذریة.

وقد حافظت إسرائیل على نصیبها من الاتفاق، کما لم تفعل باتفاقات کثیرة أخرى، منها عدم استخدام الکثیر من الأسلحة التی افرطت فی استخدامها مع العرب لکن بالعودة للسلاح النووی الإسرائیلی فإن ثرثرات فعنونو الخبیر الذری الیهودی المسیحی لاحقاً، وزلات لسان أولمرت السابقة، والزعم العربی بتجربة إسرائیل الذریة أواخر السبعینات لا قیمة لها بفعل عدمیة التأثیر للوبی العربی الهش، فإسرائیل التی تتقن المناورة اللفظیة التی تؤدی دورة عن خیار ذری وسلاح ذری، بالطبع إسرائیل لم توقع على قیود وکالة السید البرادعی قبل تحوله للمعترک السیاسی الداخلی المصری والتی اعادت عینته الدیمقراطیة الأخیرة الى مربع الصفر ومطالبة امریکا بعدم اسقاط الدولة المدنیة لصالح (المتعصبین)، إلا أن اسرائیل تحررت من قیود التوقیع وتمتعت بمزایا التوقیع فی النادی النووی الدولی، فمیثاق انتشار ذلک السلاح ینحل على الملأ کما فی کوریا وإیران فتقریر اللجنة الأمریکیة لشؤون الاستخبارات فی مجال الذرة الإیرانیة أن الولایات المتحدة لا تعرف شیئاً سوى ما یردد فی الدعایة الإعلامیة إلا أن نتنیاهو کان الأکثر إثارة نوویة فی تاریخ رؤساء الوزراء الإسرائیلیین منذ إقامة دولة إسرائیل من بن غوریون إلى شتریت، لیون، بیغن، شارون، شامیر، بیریز، باراک وأولمرت. الذی کاد یعود بالعقیدة النوویة الإسرائیلیة إلى سابق عهدها وبدایتها والاستخدام عند الشک لا الیقین، حسب التعدیل الجدید لمفهوم الأمن القومی الإسرائیلی، ففی مرحلة معینة من الغزو الأمریکی للعراق طلب من الإسرائیلیین إعداد الأقنعة الواقیة وتنامى إلى علم شارون أن رئیس الوزراء (بیبی) یفکر فی استخدام سلاح یوم الحساب إذا تعرضت إسرائیل لهجوم، استدعى شارون رفائیل إتیان على عجل وحذرا نتنیاهو من أن مجرد التفکیر بالأمر إذا تنامى إلى علم الأمریکی سیؤدی إلى زوال القدرة الردعیة لإسرائیل إلى الأبد، فالسوط الأمریکی بید الإسرائیلی للتهویل لا للاستخدام، إنما ذلک حق حصری وحید للولایات المتحدة الأمریکیة، عندها تراجع (بیبی) لکن الحکایة سربت للجمهور وأضحى الرجل مسار سخریة کرجل دولة وهذا ما یفسر إبعاده فترة طویلة عن رئاسة الحکومة حتى برجل کأولمرت الى أن استوعب الدرس النووی، فخضوع الترسانة الإسرائیلیة لوکالة الطاقة الذریة غیر مطروح، وخط أحمر إلى الأبد، على الرغم من الاحتجاج المصری الخافت بفعل التبادل القبطی (أزمة مقابل أزمة) والإشارة الإیرانیة الاحتجاجیّة على الازدواجیّة فی المعاییر والمکاییل النوویة، فشرط إسرائیل وإلى الأبد وقد سوقته إیباک لدى أمریکا هذه الأولویة: فعند انتفاء الدول الشمولیة فی المنطقة لیس رحمة بالدیمقراطیة وعدم وجود أیة دولة أو منظمة أو جماعة أو حتّى فرد فی الشرق الأوسط یفکر فی شطب إسرائیل وعندما یبرهن على أنه لا یوجد سلاح فعال فی أی من الدول من المحیط إلى الخلیج الفارسی ولا توجد خطط لإنتاجه حتى عند ذلک فإن صمت إسرائیل بشأن الرد على المطالبین بمراقبة أنشطتها النوویة یجب ألاّ یفسر على أنه موافقة صامتة ولا حتى مشروطة، کما قال شموئیل عورودیش ذات یوم: حتى عندما یسود العالم السلام على شاکلة سلام النبی أشعیاء ویسکن الذئب مع الغنم، على إسرائیل أن تکون الذئب لکن حتى وإن أقنعت إیباک أمریکا عبر المحافظین الجدد ان الإسلام هو العدو الحقیقی للغرب بعد انتهاء الحرب الباردة، ولئن کانت الأمور نسبیة دائما یمکن للوبی العربی الطری العود وأیضاً على الرغم من السؤال المحیر لئن کان اللوبی الإسرائیلی یقف خلف حکومات إسرائیل فاللوبی العربی خلف أیة حکومة سیقف ربما یکون الجواب بالقفز والقول بالوقوف وراء الحقوق العربیة، فقوة إیباک الأسطوریة تمخضت فی السابق عن أزمات ومناکفات مع الإدارة الأمریکیة، مما یعنی أنه لیس کل الأمریکیین صهاینة جددا وحاقدین على العرب والمسلمین، وأیضاً کانت تلک المناکفات مع حکومة إسرائیل نفسها، فالهزل التاریخی فی حقیقة أن إیباک قد تحولت إلى دولة عظمى وإلى خرافة فی السیاسة الأمریکیة بالتحدید فکما ساعدها هذا النمط من التفکیر إلاّ أنه أحیاناً کان شیئاً سلبیاً بالتحدید إثر فشلها فی إحباط قرار إدارة ریغان فی عام 1982 فی بیع طائرات أواکس للسعودیة، اللوبی الإسرائیلی بخع فی حشد غالبیة (3:1) فی مجلس النواب ضد الصفقة السعودیة، إلا أن البیت الأبیض نجح بعد ذلک بثلاثة أسابیع فی ممارسة ضغوط لا سابق لها لإنقاذ الصفقة فی تصویت عاجل داخل مجلس الشیوخ، مع ذلک أدى وقوف اللوبی الدراماتیکی فی وجه الإدارة إلى إخفاء مکانة اعتیادیة مهمة علیه فی داخل اللعبة السیاسیة فی واشنطن لصالح الرئیس لیقف بعد ذلک بعشر سنوات الرئیس جورج بوش الأب فی أیلول (سبتمبر) 1991 ویلقى أمام الأمة الامریکیة خطابا تضمن ضربة موجعة لللوبی الصهیونی، وقال انه الوحید، أی الرئیس، یواجه وحده قوى سیاسیة هائلة تمارس التهدید ضده، أی إیباک من خلال ألف مناصر ضاغط انقضوا على مجلسی النواب والشیوخ برعایة اللوبی الصهیونی لإجباره على المصادقة على الضمانات بقیمة عشرة ملیارات دولار لإسرائیل، تصارع بوش فی حینه مع شامیر فی قضیة المستوطنات وطلب تأجیل طلب إسرائیل إلى مداولة أخرى حتى ینجز التخطیط لمؤتمر مدرید مع العرب. فی إطار ذلک تذکر المشادة الکلامیة الحادة بین رابین وبیلین من جهة وبین قادة إیباک من جهة أخرى، حیث اتهموهم بالنشاط المفرط فی مواجهة الإدارة الأمریکیة فی عملیة السلام.

هذا ما یتعلق بالاشتباک بین إیباک وحکومة إسرائیل: إلا أن العلاقة الأمریکیة فی عهد بوش الابن تخطّت کل الاعتبارات الواقعیة حتى بین الحلفاء، ولم یعد الرئیس الأمریکی بحاجة لأیة ضغوط تمارس علیه فلربما کان هو نفسه أحد أهم صقور إیباک نفسها وإلا ما معنى مکافأة إسرائیل أخیراً عقب فشلها فی حرب تموز (یولیو) فی تحقیق الأهداف الصهیوأمریکیة وبعد أن ثبت عقم العصا الغلیظة الإسرائیلیّة التی یقضی العلم السیاسی بالتخلص منها بعد ثبوت فشلها فی تحقیق الأدوار المرسومة لها: فقد أعلن بوش عن اتفاق جدید للمساعدات العسکریّة لعشر سنوات قادمة. وفی بیان لبوش وأولمرت مشترک أکد التزام ضمان أمن وبقاء إسرائیل کدولة یهودیة والمحافظة على تفوقها النوعی، وفیما توجه حینها المسؤول الأمریکی بیرنز إلى إسرائیل مع مندوبین من عدد من الوکالات الحکومیة الأمریکیة لابرام اتفاقات الدعم والمساعدات یتجول المسؤولون الأمریکیون الآخرون على العرب بالتهدید والوعید والمزید من الفرمانات والأوامر، الا أننا وبحق بعد واحد وستین عاماً من ممارسات الاحتلال بحق الشعوب العربیة نستطیع التأکید على أن اسرائیل لعنة والغرب الشیطان الأکبر وبعض الآخرین شیطان أخرس.

ن/25

 

 

 

 

 

 


| رمز الموضوع: 143221







الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS
  1. أسير إسرائيلي: إذا أردتم أن تعرفوا عدد الأسرى إسألوا سارة نتنياهو
  2. إصابة 9 جنود إسرائيليين بينهم نائب قائد فرقة وقائد كتيبة في الشجاعية بغزة
  3. في إطار جمعات الغضب.. مدن إيرانية تنظم وقفات تضامنية مع غزة
  4. صنعاء تستهدف "بن غوريون" بصاروخ باليستي فرط صوتي.. وتُهاجم هدفاً في يافا المحتلة
  5. كتائب القسام توقع قوة إسرائيلية في حقل ألغام.. وجنود الاحتلال بين قتيل وجريح
  6. المشّاط للإسرائيليين: لا تراجع عن إسناد غزّة.. الزموا الملاجئ ردّنا سيكون مزلزلاً
  7. الإدارة الأميركية ترضخ.. القوات اليمنية تستفرد بالعدو الصهيوني
  8. انصار الله: إعلان ترامب فشل لنتنياهو
  9. سرايا القدس تسيطر على مُسيرة إسرائيلية شرق مدينة غزة
  10. العدوان الإسرائيلي على مطار صنعاء الدولي.. هجوم استعراضي موجه للداخل الصهيوني
  11. عدوان أمريكي إسرائيلي غاشم على اليمن بعشرات الطائرات
  12. وزير الخارجية الإيراني: الدعم القاتل لإبادة نتنياهو الجماعية في غزة، وشن الحرب نيابةً عنه في اليمن، لم يُحققا شيئاً للشعب الأميركي
فيديو

وكالةالقدس للأنباء


وكالةالقدس للأنباء

جميع الحقوق محفوظة لوکالة القدس للأنباء(قدسنا)