الاحد 13 ذوالقعدة 1446 
qodsna.ir qodsna.ir

الحرائق تفضح وهم القوة الصهیونیة

الحرائق تفضح وهم القوة الصهیونیة

 

کثیرا ما قلنا فی صحیفة "العرب" وخاصة على لسان رئیس التحریر المؤسس الأستاذ أحمد الصالحین الهونی، رحمه الله، أن القوة الصهیونیة لا وجود لها إلا فی خیال الأنظمة العربیة العاجزة والفاشلة التی تتعامل مع الآخر، وخاصة الأمریکی والإسرائیلی بخوف ورعب وإحساس بالذل والمهانة.

وقد جاءت الحرائق التی نشبت فی غابات جبل الکرمل الفلسطینی لتثبت للعالم أن إسرائیل لا یمکن أن تکون دولة قابلة للحیاة، إذ تفتقر إلى أبسط شروط ومقومات الدولة بما تعنیه هذه المقومات من قوة حمائیة ذاتیة نابعة من المواطن فی الدفاع عنها باعتبارها جزءا من وجوده وضمانة للمستقبل.

ونظرة فاحصة للوجود الصهیونی تؤکد أن هذا الکیان لا یعدو أن یکون کیانا من ورق، فقد فُرض فرضا بدایة القرن الماضی بتواطؤ عسکری وسیاسی بریطانی ما أنتج کیانا یقوم على العنف والقتل واغتصاب حقوق الآخرین.

وظل التسلیح الغربی قائما لحمایة هذا الکیان بدءا من تسلیح ملیشیات القتل والنهب والسلب قبل 1948 مرورا بمختلف الحروب العدوانیة التی خاضتها ضد الأمة بتسلیح أوروبی أمریکی وصولا إلى عدوانها على لبنان وغزة بأسلحة أمریکیة خالصة أو أسلحة مصنّعة أو مقتناة بأموال المساعدات الأمریکیة.

وهکذا، فإسرائیل هی کیان عسکری لا یستطیع أن یعیش خارج أجواء الحرب ولا یتقن غیر الهجمات الجویة التی تقتل عن بُعد، وکل حرب خاضها على الأرض انهزم فیها وخسر مئات القتلى والجرحى، فخلال العدوان على لبنان لم یقدر سلاح الجو على حسم المعرکة واضطرت قوات البر إلى الاشتراک فی المواجهة وانهزمت ذلیلة، والأمر فی غزة لا یختلف کثیرا، فرغم تواضع إمکانیات حماس إلا أنها فرضت على الجیش الإسرائیلی الانسحاب ذلیلا من القطاع.

ومن المهم الإشارة هنا إلى أن هذا الکیان ذا الطبیعة العسکریة عجز تماما عن إقامة دولة مدنیة تهتم بمناحی الحیاة غیر العسکریة، ولهذا لم یکن مفاجئا أن یعجز عن مواجهة الحرائق وتتسع دائرة الرعب لدى قطعان المستوطنین وهم یعجزون عن مواجهة النیران فکل الخبرات التی یمتلکونها خبرات عسکریة فی فن القتل العبثی واقتلاع الأشجار وتجریف الأراضی وهدم المنازل..

لم یکن غریبا أن توجه إسرائیل نداءات استغاثة إلى الخارج لإنقاذها من الکارثة، فقد تعودت على الآخر أن ینهض بحروبها وأن یفکر لها وینفق لأجلها ولم تتعود أن تواجه مصیرها بیدیها.

ونظرة فی التفاعل الدولی السریع مع الاستغاثة الصهیونیة تؤکد لنا حقیقة مرة، وهی أن العالم یعیش على النفاق وازدواج المعاییر، فکثیرا ما عرف العالم حرائق وفیضانات وکوارث واکتفت الدول الغنیة بإعانات خفیفة وبطیئة لا تسمن ولا تغنی من جوع..

فباکستان عاشت فی الأشهر الأخیرة وضعا کارثیا بعد الفیضانات الکبیرة التی اجتاحتها، لکن الدعم العالمی کان بلا معنى، فقد ظل الملایین بلا مساکن وبلا أغذیة وبلا أغطیة، ورغم أن إسلام أباد حلیف استراتیجی لواشنطن لکنها لم تفعل له شیئا یُذکر، وبدل أن تهب الطائرات العسکریة الأمریکیة لإغاثة الجرحى وإنقاذ الذین جرفتهم السیول، فإنها ظلت تمارس هوایتها الیومیة فی القتل الجماعی لأبناء باکستان تحت مزاعم بملاحقة عناصر القاعدة وطالبان..

لم تفکّر حتى بإنقاذ الرئیس جیلانی الحلیف الذی فتح لها الأجواء الباکستانیة على مصراعیها وکادت الفیضانات أن تطیح به للغیاب الکامل للدولة التی سخرت کل إمکانیاتها لخوض الحرب ضد طالبان و"القاعدة"، وهی حرب أمریکیة أولا وأخیرا.

وإذا کان الحماس الأمریکی الأوروبی للمساهمة فی إخماد الحرائق مبررا بفعل عقدة معاداة السامیة التی تسلط سیفا على الرقاب، فإن هرولة بعض الأنظمة العربیة لعرض خدماتها لمساعدة إسرائیل یثیر التساؤل حول السقوط الأخلاقی المدوی الذی بلغته بعض الأنظمة، فإسرائیل لا تفوت أی فرصة للتآمر علیهم والاستهزاء بهم والتعالی علیهم، مثلما جاء فی تصریحات نتنیاهو الأخیرة التی دعا فیها الأنظمة العربیة إلى مصارحة شعوبها.

ثم لماذا لم تظهر هذه النزعة الإنسانیة "الکبیرة" لزعماء بعض الدول تجاه مواطنیهم الذین یغرقون فی الفقر والجوع والذین طحنتهم الأزمة الاقتصادیة العالمیة بالإضافة إلى شجع رجال الأعمال المقربین من الأنظمة الذین یبحثون عن الثراء على حساب دماء الناس.

ونسأل، أیضا، لماذا لا نرى الحماس والاستجابة السریعة اللذین أبدتهما بعض الدول العربیة لدعم إسرائیل للقضاء على الحرائق، تجاه الفلسطینیین وخاصة فی قطاع غزة المحاصر الذی یعرف أوضاعا مأساویة؟

لا شک أنه النفاق والخوف من السطوة الأمریکیة فی محاولة للحفاظ على الکراسی المهترئة، وتکفی هذه الأنظمة إدانة وفضیحة التسریبات التی تضمنتها وثائق ویکیلیکس.

فیا أیها العرب أعیدوا تقییم المشهد واعلموا أن قوّتکم لا تکمن فی الدعم الأمریکی، هذا الذی یعنی المذلة والمسکنة والتعارض مع مصلحة الجماهیر، وإنما فی الإیمان بقدرتکم على بناء تنمیة مستقلة تتأسس على الجهود الذاتیة مع الاستفادة من الإمکانیات الهائلة التی تمتلکها الأمة، وقتها لن تقدر إسرائیل على الابتزاز ولا التهدید، وسیکتشف الجمیع أنها کیان من ورق.

( عن العرب ان لاین )

ن/25

 

 

 

 

 

 

 


| رمز الموضوع: 143214







الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS
  1. أسير إسرائيلي: إذا أردتم أن تعرفوا عدد الأسرى إسألوا سارة نتنياهو
  2. إصابة 9 جنود إسرائيليين بينهم نائب قائد فرقة وقائد كتيبة في الشجاعية بغزة
  3. في إطار جمعات الغضب.. مدن إيرانية تنظم وقفات تضامنية مع غزة
  4. صنعاء تستهدف "بن غوريون" بصاروخ باليستي فرط صوتي.. وتُهاجم هدفاً في يافا المحتلة
  5. كتائب القسام توقع قوة إسرائيلية في حقل ألغام.. وجنود الاحتلال بين قتيل وجريح
  6. المشّاط للإسرائيليين: لا تراجع عن إسناد غزّة.. الزموا الملاجئ ردّنا سيكون مزلزلاً
  7. الإدارة الأميركية ترضخ.. القوات اليمنية تستفرد بالعدو الصهيوني
  8. انصار الله: إعلان ترامب فشل لنتنياهو
  9. سرايا القدس تسيطر على مُسيرة إسرائيلية شرق مدينة غزة
  10. العدوان الإسرائيلي على مطار صنعاء الدولي.. هجوم استعراضي موجه للداخل الصهيوني
  11. عدوان أمريكي إسرائيلي غاشم على اليمن بعشرات الطائرات
  12. وزير الخارجية الإيراني: الدعم القاتل لإبادة نتنياهو الجماعية في غزة، وشن الحرب نيابةً عنه في اليمن، لم يُحققا شيئاً للشعب الأميركي
فيديو

وكالةالقدس للأنباء


وكالةالقدس للأنباء

جميع الحقوق محفوظة لوکالة القدس للأنباء(قدسنا)