«کرملنا» یعریهم من جدید

«کرملنا» یعریهم من جدید

عدنان بکریة

احتراق الکرمل الشامخ ورغم ما یثیر فی النفوس من غصة وألم.. إلا أن هذا المعلم الأزلی الرابض فی قلب فلسطین، أبى إلا أن یعری روایاتهم وبدعهم ویکشف عجز قدرتهم على زحزحة الجبال، کما یدعون.

الکرمل کرملنا.. لا کرملهم.. هو کرمل عز الدین القسام ومحمود درویش وإمیل حبیبی وکل شعب فلسطین.. فهل کان علیه أن یحترق ویلتحق برقع الرماد لیثبت لنا وللعالم أنه هو الأولى بنا وبحبنا.. لیثبت بأن الغطرسة أضعف من ألسنة النار.. وجبروته أقوى من کل الروایات المزیفة والغطرسة المصطنعة.

نعم نحن نحترق عندما یحترق الکرمل الذی ارتوى بعرق آبائنا وأجدادنا.. نتألم عندما یتألم الکرمل، فهو منحنا سر التألق والتشبث والبقاء وهو أحد الشواهد الشامخة على عروبة هذه الأرض.. وهو الجبل الذی شهد ترحیل شعبنا ومأساته الکبرى.. والیوم یشهد على سقوط الغطرسة والاستعلاء.

هذه التراجیدیا أثبتت للقاصی والدانی مدى الغطرسة التی یحیاها حکام إسرائیل.. والکرمل عراهم وکشف عوراتهم أمام العالم.. فإسرائیل التی تمتلک ترسانة من معدات إشعال الحرائق تقف عاجزة عن إخماد حریق کاد یلتهم المدن والبلدات الرابضة فی أحضان جبال الکرمل.. کل ذلک بفضل العجز والغطرسة الکاذبة.

وهنا من حقنا أن نسأل.. هل التهدیدات الإسرائیلیة المتکررة بإشعال فتیل حرب مع لبنان وإیران وغزة تمتلک الرصید الکافی.. أم أنها تندرج فی إطار "البروباغاندا" لا أکثر؟ فدولة عاجزة عن إخماد حریق بسیط بمقاییس الحرائق الحربیة.. هی غیر مهیأة وغیر قادرة على تنفیذ غطرستها وتهدیداتها المتکررة.. وعلیها أن تسلک سلوکا آخر فی التعامل والتعاطی مع شعوب ودول المنطقة.

العالم بأکمله هب لإخماد حریق الکرمل لیس حبا بنتنیاهو أو لیبرمان.. بل من دافع إنسانی بحت.. فترکیا التی تشهد علاقاتها توترا مع إسرائیل.. لم تتردد فی تقدیم ید العون حفاظا على الأرواح وتلبیة لإنسانیتها.. لکن غطرسة نتنیاهو جعلته یتردد بدایة فی قبول العرض الترکی بالمساعدة!! لکنه قبل مرغما فی النهایة.. العالم کله غمرهم بإنسانیته.. لکننی متیقن من أن هذه الإنسانیة لن تبدل وتغیر شیئا فی عقیدتهم!

حتى فی غمرة المأساة لم ترتدع الأصوات العنصریة.. وبدأت تبحث عن کبش فداء للتغطیة على الفشل والعجز الذی یلفهم.. فمحاولة إلقاء التهمة على "مزبلة" بلدة عسفیا العربیة هو الفشل والغباء بعینه.. واعتقال بعض المواطنین من بلدة دالیة الکرمل هو إمعان فی العجز والفشل.. علیهم أن یبحثوا عن المجرم الحقیقی فی أروقة وزاراتهم وبین مسؤولیهم ووزرائهم الذین تناسوا بأن إشعال الحرائق یحتاج إلى معدات لإطفائها.. وبدلا من أن تتسلح دولتهم بأحدث المعدات الحربیة.. کان علیهم أن یفکروا فی کیفیة إطفاء الحرائق!

لکن الحقیقة السیاسیة التی نعرفها هی أنهم یتقنون إشعال فتائل وحرائق الأزمات ولا یجیدون إطفاءها.. هکذا یسلکون فی التعاطی بالسیاسة والتعامل مع الأزمات.

ن/25