أسرانا.. مناراتنا على دروب الحریة
أسرانا.. مناراتنا على دروب الحریة
عیدة المطلق قناة
منذ قیام الاحتلال الصهیونی.. نشأت حالة صراع واشتباک مزمن بین أصحاب الحق الذین یدافعون عن کیانهم ووجودهم، وبین تلک العصابة الباغیة.. وفی سیاق معرکة التحدی والمواجهة المستمرة مع العدو الصهیونی.. ومنذ نکبة 1967 وحتى الیوم تم أسر واعتقال حوالی ملیون فلسطینی.. حتى أنه لا یکاد یخلو بیت فلسطینی من أسیر أو شهید أو جریح.. وقد شمل الاعتقال النساء والرجال.. ومختلف الفئات العمریة "أطفالا وشبابا وشیوخا".. استشهد منهم خلال هذه الفترة "206" "بحسب دراسة فلسطینیة نشرت بتاریخ 1/ 6/ 2010"..
وتمادى الاحتلال الصهیونی فی التحدی والصلف، خاصة فی ظل الصمت الدولی والتجاهل الرسمی العربی، فأنشأ سجونًا سریة.. أحدها السجن السری رقم 1391 الذی اکتشفته مؤسسات حقوق الإنسان فی السنتین الأخیرتین، عن طریق شهادات عدد من الأسرى أکدت بأنه "سجن رهیب جدًا، معزول عن العالم، لا یسمح للمحامین ولا للصلیب الأحمر بمعرفة مکانه.. یدیره جنود من الاستخبارات الذین یتولون التحقیق مع المعتقلین فی زنازین مغلقة وتفتقد للمقومات الإنسانیة، تستخدم أسالیب قاسیة جدًا وبالتحدید الاعتداء الجسدی والتهدید".
وفی ذات السیاق کان للأردنیین نصیبهم وتضحیاتهم فی معرکة الدفاع عن فلسطین، سواء کان ذلک فی صفوف القوات المسلحة، أو فی صفوف المقاومة.. ووقع العدید منهم فی الأسر الصهیونی، ونالوا ما نال نظراؤهم الفلسطینیون والعرب من صنوف العسف والتنکیل الشیء الکثیر.. بل إن محاکم الاحتلال أوقعت بحق الأردنیین عقوبات وأحکاما هی الأقسى والأعلى "فهذا "عبد الله البرغوثی" یقضی حکماً بـ"67 مؤبداً".. وهاهی أحلام التمیمی تقتضی حکماً بـ"16 مؤبداً".. إلى جانب ذلک فقد العدید منهم.. وما زال مصیرهؤلاء المفقودین مجهولاً..
أسرانا- کل أسرانا- فی سجون الاحتلال الصهیونی یواجهون- وعلى مرأى ومسمع العالم المتحضر- أقسى الظروف.. إذ تمارس سلطة الاحتلال بحقهم کل صنوف التعذیب والقمع.. وتنتهک فی ممارساتها شرائع السماء والأرض.. وتستخدم فی تعذیبهم کل ما اخترعته عقلیة الجریمة والإرهاب من أدوات القمع ووسائل التعذیب النفسی والجسدی.. وجمیعها تشکل جرائم حرب موصوفة فی القانون الدولی.. والقانون الدولی الإنسانی!!
وتطول قائمة التعذیب الرهیبة التی تمارس بحق الأسرى فی سجون الاحتلال الصهیونی.. ولکننا یمکن أن نکتفی بالإشارة إلى ما أظنه الأشد فداحة.. فهذه "وزارة الصحة الصهیونیة" جعلت من أجساد الأسرى حقلاً للتجارب.. إذ دأبت على تجربة أدویة خطرة على أجسادهم، بلغت أکثر من خمسة آلاف تجربة سنویاً..
أما ما تقوم به سلطة الاحتلال من "قتل خارج القانون" فحدث ولا حرج.. فقد تم توثیق "150" حالة تصفیة لأسرى بعد القبض علیهم... کما تشیر الدراسات والتقاریر الموثقة إلى أنه منذ العام 1967م وحتى یومنا استشهد من الأسرى "195 أسیراً" لأسباب رئیسیة ثلاثة هی: التعذیب، والإهمال الطبی، والقتل العمد بعد الإعتقال".
أما أشد أشکال التنکیل فظاعة فتتجلى فی "ظاهرة التحرش الجنسی بالأطفال القاصرین".. ناهیک عما کشفته فضیحة سرقة أعضاء الشهداء وتحویلها لجنود الاحتلال الصهیونی.. جرائم کلها محرمة ومجرمة فی المواثیق الدولیة ومنها "الإعلان العالمی لحقوق الإنسان.. واتفاقیة مناهضة التعذیب لسنة 1984.. والعهد الدولی الخاص بالحقوق المدنیة والسیاسیة.. واتفاقیة جنیف الرابعة".
ولکن وعلى الرغم من أن قضیة الأسرى بأبعادها القانونیة والإنسانیة والإعلامیة مسؤولیة وطنیة وقومیة وشرعیة وإنسانیة بامتیاز، إلا أنها لم تنل حقها بعد لا من النضال الشعبی المناسب.. ولا من الاهتمام الرسمی..
إن الصمت عن هذا السلوک "الحقیر" إنما یشجع سلطة الاحتلال على المزید من الاستهتار والتحدی والعبث بحیاة الأسرى.. فهذه السلطة المارقة جعلت من "التعذیب والمعاملة والعقوبة القاسیة واللانسانیة والحاطة بالکرامة" سیاسة ونهجاً تستهدف من خلالها کسر الإرادة وتهشیم الروح... وینبغی ألا یغیب عن الأذهان أن الاحتلال الصهیونی بکل سوءاته وما یرتکبه من فواحش هو حالة اعتراض على مسار الحضارة ، وحالة انتهاک سافر للنوامیس والقیم التی تتشکل وفقها الدول والمجتمعات..
لقد عشق "أسرانا" الحریة والکرامة وناضلوا من أجلهما.. وکتبوا بالدم والمعاناة سطوراً بهیة فی تاریخنا المعاصر.. وعلیه فلا بد لمعاناتهم أن تنتهی.. ولا بد من النضال المتواصل والمکثف لإبقاء هذه القضیة حیة متحرکة..
إن قضیة الأسرى هی الأکثر عدالة وإنسانیة.. فلنبدع الوسائل والأدوات النضالیة بما یتناسب مع حجمها وعدالتها وإنسانیتها.. فسیظل أسرانا منارات تضیء لأجیال الأمة دروب الحریة حتى یشرق ذاک الفجر..
ن/25
الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS