الاثنين 14 ذوالقعدة 1446 
qodsna.ir qodsna.ir

ممنوع على الفلسطینی مسموح للإسرائیلی؟!

ممنوع على الفلسطینی مسموح للإسرائیلی؟!

 

زیاد أبو شاویش

 

کان شعب مصر العربیة یغیر وجه التاریخ فی منطقتنا وربما فی العالم کله حین اتخذ نظام کامب دیفید المنهار قراراً بمنع الفلسطینیین من دخول بلدهم الثانی مصر، ولم نسمع عن قرار مماثل تجاه أی شعب آخر، وکأن الفلسطینیین رجس من عمل الشیطان أو أنهم إرهابیون.

قد یکون هذا القرار شهادة لشعب فلسطین العربی باعتباره مناهضاً لهذا النظام البائد وبأنه مع شقیقه المصری فی مواجهة نظام الفساد والتبعیة لمبارک وزمرته المنحرفة لکنه قرار یمثل أبشع تمییز یمکن أن یوجه ضد شعب آخر، فما بالک وهذا الشعب شقیق، وأقرب الأشقاء لمصر من حیث المشاعر والوجدان کما الجغرافیا؟

إن الحقد الذی حمله حسنی مبارک شخصیاً ضد شعبنا هو وحده ما یفسر حملات القمع التی تعرض لها الفلسطینیون على مداخل مصر وفی مطاراتها على امتداد سنوات حکمه الفاسد، ولعل آلاف المسافرین ممن وطأت أقدامهم أرض مصر یتذکرون المعاملة القاسیة والسیئة من أشقائهم المصریین ولا یعرفون أسبابها. نحن نعرفها لأن صلتنا بمصر وبالعارفین ببواطنها جیدة ومتواصلة، والحال أن توجیهاً رئاسیاً قدیماً تم تعمیمه للتضییق على الفلسطینی فی مصر وسفاراتها فی الخارج، وبصورة أکثر دقة فإن رد حسنی مبارک على سؤال وزیر داخلیته الأسبق عن کیفیة معاملة الفلسطینیین کان بکلمة واحدة: "إقرفوهم"، وهکذا رأینا وسمعنا کیف یعامل الفلسطینی بوحشیة وازدراء من جانب السلطات المصریة الرسمیة.

إن من قرأ مقالنا بعنوان "غزة وتفجیر القدیسین یرجى الانتباه" یدرک الیوم لماذا دعونا رئیس السلطة محمود عباس لوضع اتهام حبیب العادلی وزیر الداخلیة المصری السابق بعض أهلنا فی غزة بالمسؤولیة عن تفجیر کنیسة القدیسین بالإسکندریة على رأس جدول أعمال لقائه مع الرئیس المصری المخلوع حسنی مبارک قبل اندلاع الانتفاضة بأیام قلیلة.

لم نخلق مشکلة ولم نحدث ضجیجاً یوم أعلنت سلطة مبارک عن قرارها بمنع الفلسطینیین من دخول مصر بسبب المعرکة التی یخوضها شعب مصر ضد نظامه، وترکنا المسألة حتى نتفرغ لمساندة ودعم إخوتنا هناک من أجل تحقیق هداف الحریة والکرامة والعدالة الاجتماعیة.

الآن وقد سقط النظام لا بد أن نفتح الملف لنبدأ بسؤال أشقائنا فی مصر، سواء کانوا فی أوساط ثورتهم المبارکة أو المجلس العسکری الأعلى: لماذا یستمر قرار المخلوع مبارک ساریاً حتى الیوم؟ واستطراداً منطقیاً لا بد منه یقول: لماذا تسمح مصر بدخول الإسرائیلیین والیهود من کل جنسیة وصنف وکذلک الأمریکیین بینما تمنع الفلسطینیین؟ هل نطمع فی تفسیر منطقی؟

الشعب الفلسطینی یکن کل الحب لمصر وشعبها الطیب والکریم، ویعرف المصریون أن أکثر شعب یرتبط بمصر بأواصر المصاهرة والنسب والقربى بخلاف الجغرافیا هو الشعب الفلسطینی، کما یعرف شعب مصر وجیشها أن الفلسطینی هو أکثر من یحرص على أمن مصر ویؤلمه أن یصیبها أی مکروه تماماً کحرصه على فلسطین.

إذن، لماذا تستمر معاملة شعبنا بهذه الطریقة البشعة؟ ولماذا یستمر إغلاق معبر رفح أمام المواطنین الآمنین وتعطیل مصالحهم؟ لمصلحة من أخذ قرار کهذا واستمراره بعد انتصار الثورة؟ وهل نطمع فی کرم أشقائنا لتغییر ذلک رغم أن حق المرور الآمن تکفله کل المواثیق الدولیة والأعراف السائدة بین الأمم، الأمر الذی نسمعه فی إجابات العملاء على استفسارنا عن دخول الإسرائیلیین للأراضی المصریة أو حول عبور البوارج الحربیة الأمریکیة والإسرائیلیة لقناة السویس لضرب الشقیق أو محاصرة الصدیق.

إن استمرار بقائنا فی حضن النظام المصری البائد من جانب حرکة "فتح" والسلطة برام الله ومجاملة حرکة "حماس" له فی الفترة السابقة هو أحد أسباب الإهانة والإذلال التی یتلقاها أو یتعرض لها شعبنا الفلسطینی من جانب زبانیة ذلک النظام، وإن هؤلاء یتحملون مسؤولیة الوضع المهین والمؤلم الذی تجسده حالة شیوخنا ونسائنا وشبابنا فی ردهات مطار القاهرة الدولی أو فناء معبر رفح الحدودی أو أرض میناء نویبع وغیرها من مداخل مصر التی عادة ما یوجد بها أماکن احتجاز خاصة للفلسطینی.

لقد حان الوقت، وکما طالبنا فی عدة مرات سابقة، أن تعید قیادتنا الحوار مع السلطات المصریة الجدیدة من أجل تجلیس العلاقة الخاطئة بین هذه القیادة وتلک السلطات لتصبح علاقة تقوم على التکافؤ وحریة الاختیار کما على الاحترام المتبادل ومشاعر الود المفترضة بین شقیقین، أما العلاقة الحالیة وما کان سائداً فهی علاقة مخزیة وفیها الکثیر من مظاهر التبعیة من جانبنا والاستعلاء من جانب نظام فرط بحقوق شعبنا الفلسطینی وصنع سلاماً منفرداً مع العدو الصهیونی. یجب أن نحترم خیارات الشعب المصری التی نعرف أنها لم تکن یوماً مع کامب دیفید أو مع السلام المزیف والوهمی، وهی کانت دائماً مع خیار المقاومة، ونعرف أنها لو کانت حرة فی خیاراتها ما فتحت سفارة لإسرائیل بأرض الکنانة مطلقاً.

على سفارتنا بجمهوریة مصر العربیة بعد هذا أن تسعى لقرار جدید یحفظ لشعبنا الفلسطینی حقه فی المرور والتنقل بین جزء من وطنه فی غزة وبین العالم الخارجی، کما لحفظ کرامته.

ن/25

 


| رمز الموضوع: 143207







الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS
فيديو

وكالةالقدس للأنباء


وكالةالقدس للأنباء

جميع الحقوق محفوظة لوکالة القدس للأنباء(قدسنا)