من سرب وثائق العار؟!
من سرب وثائق العار؟!
فایز صلاح أبو شمالة
من سرّب وثائق العار إلى فضائیة "الجزیرة"، ولماذا یتم نشرها فی هذا الوقت؟ وتعالوا لنشکل لجنة أبحاث مهنیة لتدرس هذه الوثائق، وتدرس مدى مهنیة "الجزیرة"! ولماذا لم تتصل الجزیرة بالسلطة وتخبرها عن هذه الوثائق؟ وأسئلة من هذا القبیل تحیر رموز السلطة الفلسطینیة، ویوجهون الرأی العام الفلسطینی للتفتیش عن جواب لها، دون الالتفات إلى مضمون الوثائق، ومدى خطورة ما جاء فیها على صلب الصراع العربی الإسرائیلی..!!
عندما یصیر هم بعض الفلسطینیین هو الدفاع عن القیادة السیاسیة، وتبرئتها من الهزائم، دون الانتباه لقضیة فلسطین، وما لحق فیها من نکبات على ید القیادة، تکون هذه القیادة قد فقدت الصلاحیة، واستوجب محاسبتها وفق القانون الفلسطینی، ومساءلتها عن تاریخها الذی أوصل قضیتنا إلى هذه الهاویة، حتى صار شغل القیادة السیاسیة هو کیفیة توفیر الرواتب آخر الشهر لعشرات آلاف الموظفین الذی تم حشر مصیرهم، ومستقبل أسرهم المعیشی بشکل متعمد فی ملف المفاوضات، أو بالصمت على تجمید المفاوضات.
لقد صار هم القیادة السیاسیة الفلسطینیة هو الإیحاء للمواطن الفلسطینی أن قیادته تنتصر، وأن المستهدف فی الصراع مع إسرائیل هو القیادة الفلسطینیة بزعامة محمود عباس، ولیست الأرض التی یقضمها الإسرائیلیین تحت سمع وبصر القیادة التی أعجزت بحنکتها إسرائیل، وراحت بذکاء رجالها تحقق الانتصارات فی الحلبة الدولیة، رغم أنها توفر الأجواء المیدانیة المناسبة لإسرائیل لاستکمال سیطرتها على الأرض.
فضائیة "الجزیرة" نشرت وثائق العار التی فضحت المفاوضات السریة، ولکن المواطن الفلسطینی الذی یعیش على أرض فلسطین، یدرک أن الوثائق جاءت لاحقه لما تمارسه السلطة على الأرض عملیاً، وهو أبلغ مما جاء فی الوثائق، ولا سیما أن جرائم قطع رواتب الموظفین، واعتقال المقاومین، ومنع مدن الضفة الغربیة من التضامن مع أهالی القدس فی صراعهم ضد الغاصبین المستوطنین، وضد هدم البیوت الذی یتم فی القدس تحت سمع وبصر القیادة؛ التی تمنع الفلسطینی فی مدن الضفة الغربیة من القیام بأی ردة فعل مقاوم ضد المستوطنین.
إن ما هو أخطر من وثائق العار هو قیام السلطة الفلسطینیة بتدمیر الترابط الوجدانی والنفسی والسیاسی القائم بین أطراف الوطن الواحد، فصارت قضیة غزة تهم سکان غزة، وصارت القدس تهم فقط سکان القدس، وصارت قضیه لاجئی لبنان شأن فلسطینی لبنان، کل هذه الحقائق القائمة على الأرض هی تفریط عملی بالقدس واللاجئین وتسلیم ببقاء المستوطنین، وتفریط بمصیر الفلسطینیین قبل أن یوثق ذلک بوثائق عار تنشرها "الجزیرة".
ومع ذلک؛ فإن أقبح صوت قیادی فلسطینی قد جاء لیقول: یا لیت الإسرائیلیین یرضون بهذه التنازلات، إنهم یطالبوننا بالمزید من الاستحقاقات، ومع ذلک فإن القیادة الفلسطینیة لن تتخلى عن طاولة المفاوضات..!!.
ن/25
الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS