و"الجدار العازل".. الأمیرکی!
حسن البطل
لیس لهذه الشرعیة الدولیة منطق المحکمة القانونیة القطریة ولا درجاتها، من محکمة الصلح وبدایة الجزاء.. الى محکمة أمن الدولة، أو المحاکم العسکریة.
لا مناص للسلطة الفلسطینیة من الاحتکام لمحکمتی الشرعیة الدولیة (الجمعیة العامة ووکالاتها) ومجلس الأمن الدولی. الکل سواسیة من مواطن الى رئیس الدولة أمام المحاکم القانونیة.. أو هکذا یفترض فی دولة دیمقراطیة محترمة، لکن إزاء محکمتی الشرعیة الدولیة، هناک شیء معیب، هو أشبه ببازار التصویت، بل وشراء الذمم والأصوات (کما فی قرار الجمعیة العامة تقسیم أرض-فلسطین، وقبول شروط لعضویة دولة اسرائیل).. هل نقبل عضویة مشروطة؟
قضیة عضویة فلسطین-دولة فی الجمعیة العامة تشبه، شکلاً، المحاکم القانونیة الوطنیة: دعوى (طلب الاعتراف) محاکمة (تصویت).. وقد تنتهی، کما فی محاکم الولایات المتحدة، الى (صفقة) بین المدعی والمدعى علیه.
لعل أمیرکا واسرائیل بلدان زاخران بالمحامین والقضاة والمحاکم. ترون هذا فی السینما مثلاً، حیث یتوسط محامو دفاع الطرفین الى "صفقة" لأن أتعاب المحاماة باهظة، ولأن وقت صدور الحکم قد یلتهم مال المدعی والمدعى علیه!
فی قضیة دعوى السلطة الفلسطینیة أمام الشرعیة الدولیة، للاعتراف بها دولة، یعتمد الطرفان على الحجج القانونیة، مثل شهادات البنک الدولی وصندوق النقد الدولی، وخبراء الاتحاد الأوروبی، بأن السلطة جاهزة للدولة.. أی لعضویة کاملة فی الأمم المتحدة.
سبق للولایات المتحدة أن عطلت نفاذ قرار محکمة العدل الدولیة فی لاهای، حول لا شرعیة الجدار العازل الاسرائیلی، واستخدمت "الفیتو" فی ما لا یحصى من مشاریع قرارات لمجلس الأمن بخصوص جوانب للمسألة الفلسطینیة، وفی آخرها وقفت منفردة أمام باقی اعضاء مجلس الأمن الموسمیین والدائمین.
الآن، الولایات المتحدة هی محامی اسرائیل، مرة أخرى، فی دعوى عضویة فلسطین، انها تقود "العملیة" السیاسیة منذ أوسلو، وکممّت فم "اللجنة الرباعیة" ومنعتها من الانعقاد الدوری، وتجاهلت بیان الاتحاد الأوروبی، والبیان الثلاثی لدوله الأساسیة.. وهی محرجة من "ذکاء" المدعی الفلسطینی، الذی طالب بتفاوض على أساس خطوط خطاب أوباما فی موظفی الخارجیة الأمیرکیة، عشیة خطابی نتنیاهو فی الکونغرس ولجنة العلاقات العامة الاسرائیلیة-الأمیرکیة (إیباک)، باستئناف مفاوضات مباشرة على أساس حدود 1967 وتعدیلاتها، مع تأجیل مسألتی القدس واللاجئین، کما تطلب اسرائیل.
أمیرکا لا ترید محاکمة وتصویتاً على طلبنا العضویة، بل ترید "صفقة" کأن فلسطین واسرائیل بمثابة زوجین یتنازعان حضانة أطفالهما. هذا "زواج" بالإکراه والاغتصاب، ولیس تقسیماً لثروة زوجین یطلب أحدهما حق الطلاق الدیمقراطی.
هناک مشکلة کبیرة، وهی أنه لا غنى عن قیادة أمیرکا للعملیة السیاسیة، ولا غنى عن تصویتها الایجابی فی مجلس الأمن، أو امتناعها عن التصویت، ووسط أزمة تمویل میزانیة السلطة بفعل البخل العربی، فلا غنى عن المساعدات الأمیرکیة.. فی الأقل حتى عامین مقبلین.
هکذا، فاسرائیل وجدارها العازل فی فلسطین، وأمیرکا وجدارها العالی فی الأمم المتحدة، ومنذ بعض الوقت تدور حرب دبلوماسیة مع أمیرکا على "الاصوات"، بما یذکرنا-للأسف-بحرب الولایات المتحدة على أصوات قرار تقسیم فلسطین، الذی کسبته بالرشوة فی اللحظة الأخیرة بصوت باک من أصوات دول أمیرکا اللاتینیة!
الاتحاد الاوروبی یکاد یتوسلنا رفع الإحراج عنه، حتى لا تنقسم تصویتات دولة الأعضاء، (6 دول تعترف بنا دولة و21 تنتظر ضوءاً أخضر أمیرکیاً) ونحن نقبل من الاتحاد تصویتاً فردیاً بالاعتراف أو تصویتاً جماعیاً به!
خلال شهر، وقبل موعد الطلب الفلسطینی فی 15 تموز، تحاول فلسطین إیجاد "صیغة" لا تمر على مجلس الأمن حیث "الفیتو" او "الفک المفترس" الأمیرکی، وتحاول أمیرکا، عبثاً کما یبدو، إیجاد صیغة لاستئناف المفاوضات على أساس خطاب أوباما إیاه.
القیادة الفلسطینیة "أمرها شورى" وتتداول کل صیغة ترفع الحرج عن أمیرکا وأوروبا، والقیادة الاسرائیلیة کأنها ذاهبة الى حرب اکتوبر سیاسیة مع الفلسطینیین وتهددنا تارة بضم 60% من الضفة، وتارة بإلغاء أوسلو وتوابعه!
لا بد أن نرفع الدعوى، وأن نطرق الباب، ولو خسرنا بشرف معرکة الاعتراف، ولو فازت امیرکا بغیر شرف. سبق وخسرنا رهان بوش مرتین على دولة فی العامین 2005 و2008، ولکننا إن خسرنا مرة ثالثة، فإن وضعنا الآن لیس کوضعنا سابقاً.
لیس للإنسان إلاّ ما سعى.. وللشعوب وللدول أیضاً!
ن/25
الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS