مقال البرفویسور مأمون فندی عن سوریا ومحطة الجزیرة والطفل حمزه یثیر جدلا واسعا
تحت عنوان («الجزیرة» والطفل السوری المشوه ) نشرت جریدة الشرق الاوسط اللندنیة مقالا للبرفیسور الامریکی المصری الاصل مأمون فندی اثار جدلا واسعا بین عرب امریکا وصب فی مجمله فی اتجاه قومی عربی یشکک بالکثیر مما تبثه هذه الایام محطة الجزیرة من صور ومشاهد اکثرها تفبرکه المحطة نفسها ومنها مشهد مقتل طفل سوری وادعاء المحطة ان السلطات السوریة قتلته وعذبته وقطعت عضوه التناسلی وسلمته لاهله الذین سمحوا للجزیرة بتصویره ...
وهو اتهام یصعب تصدیقه لان سوریا - مهما قلنا عن نظامها - لا یمکن ان تکون غبیة الى هذه الدرجة وان تقوم بتسلیم جثة طفل مشوه حتى تقوم الجزیرة بتصویرها وتوظیفها اعلامیا وسیاسیا ضدها.. ومحطة الشیخة موزة وزوجها مهما کانت ذکیة لا یمکن ان تکون ( واصلة ) الى هذا الحد الامر الذی دفع بعض السوریین الى المطالبة بالتحقیق مع محطة الجزیرة نفسها حول معلوماتها عن مقتل هذا الطفل واستخدام التصویر لهدف سیاسی مفضوح خاصة وان مجلة فرنسیة نشرت قبل ثلاثة ایام فقط من عرض الجزیرة لهذا الفیلم تصریحا نسبته لمدیر غرفة عملیاتها فی السوید اعترف فیه ان الجزیرة استدعته سرا الى الدوحة وطلبت منه تصویر الاطفال والترکیز على الاطفال لان هذا سیکون تاثیره کبیرا على المشاهدین
مأمون فندی کتب یقول
عرضت قناة «الجزیرة» أمس صورة طفل لا یتعدى العاشرة من العمر ذی ملامح مشوهة، قالت إن القوات السوریة عذبته حتى الموت. شاهدت هذا فی نشرة تغطی الحدث السوری. لکن عرض صورة طفل بهذا التشویه فی وضح النهار والأطفال فی حالة صحو، هو أمر مناف لأی أخلاق مهنیة ومسیء إلى مشاعر المشاهدین، فلا توجد قناة محترمة فی أی مکان من العالم تعرض هذه الصورة بشکل متکرر کخلفیة لحوار طویل، تعاد الصورة مرات ومرات، مما جعل بعض من کنت أشاهد معهم الشریط یتقیأون حرفیا. فأی أخلاق مهنیة تنتمی إلیها «الجزیرة»؟ صورة بهذه البشاعة من الصعب أن تعرض فی قنوات تلفزیونیة محترمة مثل الـ«بی بی سی» والـ«سی إن إن»، إن عرضت فضمن شروط محددة تعتمدها الأسس التحریریة للقناة، فیجب أن یکون هناک مبرر تحریری قوی جدا لیسمح بعرضها، والقرار فی هذا لا یتخذه صحافی عادی، بل کبیر المحررین وأحیانا مدیر المحطة نفسها، وإذا تمت الموافقة على العرض فإنه یکون لثوان قلیلة مع تحذیرات شدیدة ومتکررة قبلها للمشاهدین، خصوصا إذا کان توقیت العرض فی الزمن الذی یکون فیه الأطفال متیقظین والأسر تشاهد التلفزیون مع أطفالها فی البیوت. کما أن صورة کهذه وقبل أن تعرض على الناس یجب أن تکون القناة متأکدة من مصدرها، وألا یکون هناک أدنى شک حول مرتکبی هذه الفعلة الشنعاء، لأن عرض صورة بهذه البشاعة من دون مبرر تحریری قوی ومن دون التأکد من صحتها ومصداقیتها، یصنف فی الإعلام المحترم على أنه «حض على العنف ونشر الکراهیة»، وهذه جریمة فی المجتمعات الغربیة. أما ما شاهدناه فی الأمس على قناة «الجزیرة» أثناء عرض الصورة إیاها، فکان جدالا عقیما بین صحافی سوری یشکک فی مصداقیة الخبر والصورة، فی حین تدافع مذیعة «الجزیرة» عن قناتها بکلام غیر مقنع وتقول إن لدى «الجزیرة» العذر، فهی لا یتسنى لها التأکد من مصداقیة أخبارها وصورها لأن السلطات السوریة لا تسمح للإعلام بدخول أراضیها، بینما کنا نحن المشاهدین تحترق أعصابنا ومشاعرنا وتستفز کل خلیة من خلایانا وإنسانیتنا. هذا لیس إعلاما على الإطلاق بقدر ما أنه تشویه لرؤیتنا لأنفسنا وللدنیا من حولنا
یضیف فندی :المصیبة أن محطة کـ«الجزیرة» لا تقوض مهنیتها فقط باختلاق القصص، ولکنها تقوض مهنة جیرانها فی التلفزیونات الأخرى التی تحاول أن تتبنى الموضوعیة والمهنیة، کما أن ذلک ینعکس على الصحافة المکتوبة أیضا، لأنه عندما یکذب التلفزیون، ففی رأی العوام أن الصحافة برمتها تکذب، تلفزیونا ورادیو وصحیفة. إذن، هذا السلوک غیر المسؤول یطال الجمیع. ومنذ أکثر من عام، کتب رئیس تحریر هذه الصحیفة مقالین؛ أولهما عن حادثة أبو عدس، ذلک الرجل الوهمی الذی قال إنه اشترک فی اغتیال الحریری وهو شاهد على الاغتیال، وفی النهایة عرف الجمیع أن القصة مختلقة، ثم کتب مقالا آخر عن غسل الأخبار المشابه لغسل الأموال، وکلاهما عملان یصبان فی تقویض مصداقیة الصحافة کمهنة. فتاریخ الصحافة العربیة لیس حکرا على «الجزیرة»، وهناک أجیال کثیرة من الصحافیین فی مصر ولبنان وبقیة العالم العربی بذلت جهودا کبیرة وضحت بالکثیر من أجل أن تکتسب الصحیفة العربیة مصداقیة تلیق بالعرب کثقافة وحضارة ناضجة ولیست حضارة مراهقین
أسئلة مهنیة کثیرة، هل أخذت قناة «الجزیرة» موافقة أهل الطفل على عرض صورته وعلى مدة العرض؟ وهل تأکدت من أن الطفل الذی عرضت صورته المعذبة فی مکان مجهول هو ذات الطفل الذی عرضت جنازته فی مکان مفتوح ومعروف وله اسم وأب وأم؟ أما فی ما یخص النظام السوری، فإن صورة کهذه تتطلب أن یخرج الرئیس السوری نفسه لیعلق علیها، ویقول لنا هل هی صحیحة أم کاذبة، وإن کانت صحیحة فإن من قام بهذه الجریمة لا بد أن یعاقب أمام الرأی العام العالمی، وإذا کانت الصورة مفبرکة أو لیست فی سوریا، فعلى «الجزیرة» أن تعتذر علنا لکل من شاهد هذه الصورة، وعلى أسرة الطفل أن تتخذ الإجراءات القانونیة اللازمة تجاه محطة تاجرت بابنها.
ن/25
الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS