الاحد 13 ذوالقعدة 1446 
qodsna.ir qodsna.ir

حول تیار "التاریخ الجدید" فی إسرائیل

 منظومة الدعایة الصهیونیة

 عدنان المنصر

 

تعتبر حرب 1948 التی اندلعت غداة إعلان قیام الکیان الصهیونی فی فلسطین وعملیة تأسیس الدولة نقطة اهتمام مرکزیة فی کتابات المؤرخین الجدد، وقد قام بنی موریس Benni Morris بتدشین هذا الاهتمام عن طریق نشره دراسته العلمیة فی سنة 1988 بعنوان "نشأة مشکلة اللاجئین الفلسطینیین"، وهی دراسة دقیقة تتبع فیها عملیة ترحیل قوات إسرائیل (النظامیة والردیفة) للفلسطینیین رافضا عبارة الهجرة ومعطیا عبارة "النکبة" معناها الإحصائی والسیاسی الدقیق لتصبح مرادفا لعملیة نشأة شتات حقیقی هذه المرة.

بالرغم من اعتبار بنی موریس أن إعلان الدول العربیة الحرب على إسرائیل هو الذی شکل المبرر الواقعی لعملیات التهجیر الواسعة التی حدثت بعد ذلک، فإنه یرى أنه حتى لو لم تکن هناک حرب أصلا، لوقع تهجیر الفلسطینیین بنفس الطریقة وبنفس الحجم، ذلک أن المشروع الصهیونی کان یطلب أرضا بلا سکان. کان الإسرائیلیون، بحسب بنی موریس، یفضلون مغادرة الفلسطینیین طوعا لأراضیهم إلا أنهم أجبروهم على ذلک باستعمال غیر متکافئ للقوة.

لعله من الضروری هنا التوقف عند مسألة السکان العرب فی فلسطین، ذلک أن الأدبیات الأولى للصهیونیة سعت باستمرار إلى نشر فکرة الفراغ الدیمغرافی فی فلسطین وقدرة هذه البلاد على استقبال "أبنائها" الموزعین فی شتات العالم، من أجل إعادة بناء "وطن الله " الموعود. منذ خطاب هرتزل أمام القیصر الألمانی فی فلسطین فی 1898 کان هناک تأکید لا یکل على تلک الفکرة.

لا یتعلق الأمر بأکذوبة، ذلک أن ما کان الصهیونیون الأوائل یریدون التأکید علیه هو فکرة الفراغ الحضاری أکثر منه فراغا سکانیا. من خلال خریطة القرى الفلسطینیة التی وقع تدمیرها والتی لم تعد تدل علیها الیوم سوى أکوام من الحجارة المتراکمة یستطیع کل باحث موضوعی أن یعید اکتشاف ما کان علیه الواقع البشری فی فلسطین عند بدء الصهیونیین هجرتهم المعاصرة إلیها: مزارع مزدهرة، قرى مکتظة بالسکان، حرکة مبادلات نشیطة...إلخ.

على المستوى الدینی کانت فلسطین باستمرار أرضا لتعایش الدیانات الثلاث، وبالرغم من سعی الدول الکبرى إلى استخدام التنوع الدینی الواقع للضغط على السلطان من أجل الحصول على نوع من الرقابة على الأماکن المقدسة، فإنه لم تحدث مصادمات على نطاق واسع بین معتنقی الأدیان الموجودة. بالرغم من ذلک فإن مسالة "الفراغ الحضاری" وقع تأکیدها بصفة مستمرة فی الکتابات الصهیونیة إلى أن تحولت فی النهایة إلى نوع من القناعة شبه الخرافیة بانعدام وجود شعب على تلک الأرض. ذلک ما یعطی لعبارة هرتزل کل معناها: "نحن نرید قلیلا من الجغرافیا لشعب له کثیر من التاریخ" وکذلک لعبارة "أرض بدون شعب لشعب بدون أرض".

فی السیاق الاستعماری للثلث الأخیر من القرن التاسع عشر یأخذ الأمر کل أبعاده الثقافیة ویحقق استجابة لفکرة أساسیة فی منظومة المرکزیة الثقافیة الأوروبیة. لا حضارة إلا فی شکلها الأوروبی إذا، وبما أن الیهود المؤسسین لإسرائیل هم یهود أوروبیون فی معظمهم، فإنهم أفضل ممثلین أمکن الحصول علیهم لنقل تلک الحضارة إلى "المجموعات الهمجیة".

لکن کیف یمکن تأسیس دولة متمدنة بیهود یحملون ثقافة الهمجیین؟ تلک کل مشکلة یهود البلدان العربیة فی إسرائیل الیوم. من حسن الحظ أنهم یهود، هم أیضا، وأن الله وعدهم مثل الآخرین تماما بوطن، وکثیر من السعادة.

المشکل هو أنه عوضا عن "تمدین" البرابرة الذین "اکتشف" الیهود المهاجرون وجودهم على "أرض الله"، فإنهم قاموا بطردهم والحلول محلهم. من منطلق ثقافی بحت فإن تدمیر شبکة القرى الموجودة وتحطیم أنماط العیش المحلیة أمر لا یمکن الاستناد فیه على أیة ثقافة، خاصة تلک التی تقوم على فکرة الإعمار، بغض النظر عن احترام ممثلیها للفکرة المجردة من عدمه.

الصهیونیة وثقافة الإحساس بالخطر

من منطلق تاریخی بحت فإن ما قامت به الصهیونیة على أرض فلسطین لا یمثل إلا حلقة فی سلسلة طویلة من عملیات "التمدین" الموجهة للشعوب الأخرى، وقد بدأ ذلک منذ حلول أول الأسبان بالعالم الجدید، وتواصل مع کل حلقات مسلسل التوسع الاستعماری،فی إفریقیا وآسیا، و لن یتوقف حتما فی العراق ولا فی أفغانستان.

هناک مشکل أساسی فی الثقافة الغربیة، وهو ذات المشکل الذی نعتقد أنه یسمح باستعمال "ثقافة أوروبیة" فی صیغة المفرد، مهما وقعت محاولة التغطیة على ذلک بکل الخطاب الممل حول "الآخر" وثقافته. حتما، إن للمدنیة ضریبتها، وبعض من "الخسائر الجانبیة".

هناک مشکل أساسی آخر لا یقع حله فی المجتمع الصهیونی بفلسطین الیوم، وهو مشکل یعود بالأساس إلى أنه مجتمع صهیونی ولیس مجتمعا یهودیا. إزاء "التحدیات الکبرى" تستطیع الصهیونیة أن توحد الجمیع وراءها، ذلک أن وظیفة الصهیونیة الأولى هی تلقین وترسیخ ثقافة الإحساس بالخطر.

تقتات الصهیونیة على العدوانیة، وتحول تلک العدوانیة باستمرار إلى نوع من الرابطة القومیة. لا تستطیع الصهیونیة أن تعیش دون حروب، ولو على بعد آلاف الأمیال من حدودها الراهنة، لذلک فإن "السلام" هو عدو الصهیونیة الأول. تقلیدیا، استطاعت الصهیونیة تحویل اللاسامیة إلى وقود لها ولمشروع "الدولة المقدسة".

کان ذلک ضروریا، من وجهة نظر الصهیونیین المؤسسین، لدفع الیهود إلى الهجرة نحو فلسطین، ذلک أنه طالما کان المشکل قومیا، فإن الحل لا یمکن أن یکون إلا قومیا. مثلما احتاجت الصهیونیة إلى اللاسامیة فإنها تحتاج إلیها الیوم للحفاظ على درجة متحکم فیها من التوتر. فی کلتا الحالتین یبقى الهدف هو الصهیونیة ولیس الیهود، فما تراه الصهیونیة لیس بالضرورة دائما هو مصلحة الیهود، وهی ذات الفکرة التی یرکز علیه الیوم الکثیر من المؤرخین الجدد.

الدعایة الصهیونیة وإقناع الغرب

هناک فکرة أخرى شدیدة الرسوخ فی منظومة الدعایة الصهیونیة، وهی أنه لا یمکن أحیانا تلافی "الخسائر" التی یوقعها "جیش الدفاع" بأعداء إسرائیل، وأنه یجب التعود على القبول بهذه الخسائر. یتفهم الغرب کثیرا ذلک، وهو ما یفسر إلى حد ما أن آلة الدعایة الإسرائیلیة لا تقوم بجهد کبیر لإخفاء الخسائر التی یوقعها "جیش یهوه" بخصومه، بل تستعمل تلک الخسائر لتأکید "سمو الهدف" الذی تسعى لتحقیقه إسرائیل، وترسخ فکرة اللعنة التی تحیق دائما بمن یتصدى لها.

باستمرار، کان الأعداء یعطون المبررات لتلک الحروب، لذلک فإنهم هم من یتحمل أخلاقیا وزر مآسیهم، أما إسرائیل، فهی لا تملک سوى أن تدافع. لذلک فإن جیشها هو الوحید فی العالم الذی یحمل اسم "جیش الدفاع".

یرى بنی موریس مع ذلک أن العرب کانوا یعطون المبرر الکافی لإسرائیل کی تحقق بالقوة، وبالاستناد على تعاطف لا یکل من جانب الرأی العام الدولی وخاصة الغربی، ما کانت تحتاج إلیه لإقامة مشروعها وتوسیع نطاقه، فی 1948 ثم فی 1967.

إذا کان هدف الصهیونیة هو تجمیع الیهود على "أرض المیعاد"، وإذا کانت مساحة أرض المیعاد لا تسمح بوجود شعبین، فإن التهجیر یصبح أمرا محتوما بالنسبة للسیاسة الإسرائیلیة. لم یهاجر العرب إذا وإنما هجروا باستعمال التخویف والمجازر وتدمیر مئات القرى، ولا أمل لقبول إسرائیل بحق عودة اللاجئین لأن ذلک یعید المشروع الصهیونی إلى نقطة انطلاقه الأولى، خاصة مع تراجع جاذبیة "أرض المیعاد" للیهود.

إسرائیل هی الدولة الوحیدة فی العالم التی لا حدود رسمیة لها، وهو أمر یمکن تفسیره بالخطین الأزرقین على رایتها الوطنیة، من النیل إلى الفرات، غیر أن ذلک ربما غدا حلما بعید المنال الیوم بعد أن أجبرت الانتفاضة الأولى ثم الثانیة وتصاعد المقاومة الکیان الصهیونی على بناء جدران عالیة أضحت تشکل واقعیا الحدود الإجباریة "لدولة الیهود".

ما ینبغی تأکیده فی خصوص التهجیر هو أنه تم الشروع فیه منذ ما قبل مایو/ أیار 1948 مما یجعل مفهوم "الذریعة" الذی یقدمه بنی موریس شدید النسبیة. منذ إعلان الأمم المتحدة قرار التقسیم، وخاصة منذ شهر مارس 1948 انطلقت "الهاجاناه" فی عملیة تدمیر منهجی للقرى الفلسطینیة وارتکاب المجازر فی حق القرویین. فی ظرف سنة واحدة قامت المجموعات الصهیونیة المسلحة، الرسمیة وشبه الرسمیة، بطرد 750 ألف فلسطینی من قراهم ومدنهم، ودمر ما یفوق الخمسمائة بلدة فلسطینیة أضحت الیوم أثرا بعد عین.

فی السیاق نفسه ناقش بنی موریس، وآخرون أیضا، مسألة بالغة الأهمیة فی الدعایة الصهیونیة، وهی انتصار الیهود على أعدائهم بالرغم من تفوق العرب علیهم عدة وعتادا، وهو ما أصبح تقریبا صورة نمطیة للحروب العربیة الإسرائیلیة: انتصار إسرائیل الخاطف رغم ضعف مواردها البشریة والعسکریة على أعدائها الأشرار. أی تحقیق أکثر روعة لوعد یهوه لشعبه المختار؟ "لا یمکن لداود إلا أن ینتصر على جالوت مهما کان فارق القوى". کم جالت هذه الصورة فی الإعلام الغربی حتى غزت عقولنا نحن وصرنا نردد مع الدعایة الصهیونیة کیف أن کیانا ناشئا عمره بضعة أسابیع استطاع ینتصر على خمسة جیوش عربیة، وظللنا نحمل تلک الخیبة جیلا بعد جیل. حرب الأیام الستة أیضا حملناها کإثم دائم لا یصدأ أبدا. أما فی أکتوبر 1973 فلم نستطع الحفاظ على نصر کان على مرمى حجر. من "نکبة" إلى "نکسة" إلى "عبور" (ثم عودة)، صیغت علاقتنا التاریخیة بالکیان الصهیونی، علاقة ملأت أجیالنا عقدا وهزیمة.

ماذا لو لم تکن المسالة برمتها سوى حملة علاقات عامة نجحت فیها الصهیونیة؟ فی 1948 کانت القوات الصهیونیة أکبر عددا من کل القوات التی قاتلتها، هذا الأمر أصبح مؤکدا الیوم: من ناحیة أولى لم یکن للقوات العربیة القادمة من خارج فلسطین أیة خطط جاهزة وأی تنسیق سابق أو لاحق، لا فیما بینها ولا مع المقاومة الفلسطینیة المنهکة والضعیفة. لا أحد یستطیع أن ینکر تأثیرات ذلک على میدان المعرکة، غیر أن الغایة هنا هی إبراز الهدف من تصویر الأمر على غیر ما کان علیه من قبل الدعایة الصهیونیة: التأکید على صورة داود وجالوت التوراتیة، إسرائیل "إرادة الرب"، و"إرادة الرب لا تقهر". لا ضیر فی التخلی عن صورة انتصار تقلیدی من أجل ذلک، خاصة إذا ما کانت نتائجه حشد التعاطف الغربی وترسیخ عقدة الهزیمة لدى الأغیار. بمنطوق الأرقام، وفی حرب 1948، کان 7000 آلاف مقاوم فلسطینی یدعمهم 3800 جندی عربی أرسلت بهم جامعة الدول العربیة (جیش الإنقاذ العربی) وبضع مئات من المتطوعین العرب الآخرین، یواجهون ستین ألف جندی إسرائیلی. فی مرحلة لاحقة من الحرب سیبلغ عدید القوات الصهیونیة 95 ألفا، مع تراجع فی عدد المقاتلین العرب. لا فائدة فی ذکر فارق العتاد وطبیعة التحالفات وکثافة الجسر الجوی الداعم للکیان الناشئ، فالأمر لا یستحق هذا العناء أصلا.

فی السیاق ذاته تقوم إحدى دعامات الدعایة الصهیونیة على فکرة أن إسرائیل نشأت من رحم حرکة تحرر ضد الاستعمار البریطانی باستعمال النضال السلمی أولا ثم بإتباع الکفاح المسلح. للناس فی تونس مثل شعبی یستعاض به عن التفسیرات المطولة: "أن تبیع القرد ثم تضحک ممن یشتریه". کم یأخذ هذا المثل معناه هنا. من حرکة فی خدمة المصالح الاستعماریة تحولت الصهیونیة فجأة إلى حرکة تحرر للشعب الیهودی من العسف الاستعماری البریطانی، ورمزا لکفاح "الشعوب المحبة للحریة". فی خضم حرکة التحرر من الاستعمار کان بیع هذه الصورة عملیة مربحة ومضمونة، وقرار التقسیم کان بمنطق الصهیونیة مناقضا لمبدأ "حق الشعوب فی تقریر مصیرها".

الاستعمار البریطانی وتسهیل الاستیلاء على فلسطین

ما تغفله الدعایة الصهیونیة هو أنه منذ بدایة الانتداب البریطانی على فلسطین فی 1922، بل منذ سیطرة القوات البریطانیة على هذا الجزء من الإمبراطوریة العثمانیة، وکل شیء مجیر لخدمة الهدف القومی الصهیونی فی بناء هیاکل دولة المستقبل. بصفة شبه مستمرة کان المندوب السامی البریطانی صهیونیا صمیما منخرطا بحماس قل نظیره من أجل تسهیل الاستیلاء على أراضی الفلسطینیین وترکیز أولى المؤسسات الیهودیة. فی مایو/ أیار 1947، عندما قرر البریطانیون مغادرة الأراضی الفلسطینیة، وحدهم الصهیونیون کانوا على علم بذلک القرار.

کان کل شیء جاهزا لتکوین الدولة: مؤسسات مالیة، إدارة شؤون السکان، قوات عسکریة حسنة التدریب والتسلیح، مرجعیة سیاسیة، وهیاکل تمثیلیة. أما من الجانب الآخر، فلم یکن هناک إلا الفراغ الذی حرص البریطانیون على دوامه منذ حلولهم بالبلاد.

جعل إیلان بابی Ilan Pappé من دراسة النکبة مجال اختصاصه الأهم، غیر أنه خلافا للمؤرخین الجدد الآخرین، یسمی الأمور بأسمائها. لا یعتبر بابی نفسه صهیونیا، وقد انتمى إلى الحزب الشیوعی الإسرائیلی مدة من الزمن. یرى بابی أن ما حصل فی 1948 کان عملیة تطهیر عرقی لا شک فیها أدارتها الفئة العلیا فی السیاسة الإسرائیلیة بقیادة دیفید بن غوریون.

ینطلق بابی من ذلک لدراسة عملیات التهجیر التی طالت الفلسطینیین وإجبارهم على الانتقال إلى الشتات، معتبرا أنه لا یقل أحقیة تاریخیا من شتات الیهود. کان ذلک کافیا لإثارة الرأی العام الأکادیمی ولاحقا أجهزة الدعایة الصهیونیة ضده. نشر بابی کتبا کثیرة حول الشتات الفلسطینی، وقد اعتبر أن من ینکره کواقع تاریخی ینبغی أن یعامل بالضبط کذلک الذی ینکر الشتات الیهودی. تمیز بابی أیضا بدفاعه عن نتائج بحث أعده أحد طلبة قسم التاریخ بجامعة حیفا فی سنة 2000 حول مجزرة لم تذکرها أیة مصادر، قام بجمع المعطیات عنها من خلال الشهادات الشفویة، وهو ما وضعه فی مواجهة مباشرة مع زملائه المؤرخین.

سرعان ما نقل بابی هذه القضیة، التی أصبحت تعرف باسم "قضیة تنتورة" (باسم القریة التی وقعت إبادتها فی 1948 على ید القوات الصهیونیة الخاصة) إلى قضیة رأی عام شغلت الإسرائیلیین وشکلت دافعا لمزید الضغط علیه واعتباره عامل فتنة داخلیة(3). أدت المضایقات التی تعرض إلیها بابی والعزلة التی أصبح علیها داخل الجامعات الإسرائیلیة (حتى بین المؤرخین الجدد الذین اعتبروا مواقفه شدیدة التطرف) إلى دعوته إلى مقاطعة الجامعات الإسرائیلیة ومغادرة إسرائیل للعمل أستاذا بجامعة إکستر Exeter البریطانیة ومدیرا للمرکز الأوروبی للدراسات حول فلسطین.

تستدعی هذه الکتابات عنایة أکثر من التی نمنحها إلى حد الیوم، وعدم الاکتفاء من "المعلوم من القضیة بالضرورة". وإذا کان الأکادیمیون هم الأقرب من غیرهم لهذه الموارد التاریخیة الجدیدة فإن مهمتهم الیوم هی العمل الجاد لنقل التعاطف الجارف مع قضیة فلسطین من مجرد حماس فیاض لا یشک أحد فی صدق منطلقاته، إلى قناعة علمیة تؤکدها معطیات مؤکدة. یقع جزء کبیر من العمل الیوم على المؤرخین والمختصین فی العلوم السیاسیة، غیر أن ذلک لا یعفی الآخرین من مشارکتهم الأمر. تشکل تعریة الأساطیر المؤسسة للمشروع الصهیونی الیوم أولویة یفترض أن تدفع بالجمیع لترک الکسل، غیر أن الهدف یبقى من وراء ذلک کله هو الانطلاق فی عمل طویل المدى لاستعادة الثقة فی القدرة على مواجهة الصهیونیة ومشاریعها الراهنة والمستقبلیة. ما نحتاجه الیوم هو تحقیق فهم علمی للصهیونیة ومشروعها ودعایتها، وهو أمر لا یمکن أن یتم بأجوف الکلام أو بنقل الصراع من ساحته الأولى، کصراع من أجل الأرض والحریة والقیم الإنسانیة، إلى صراع دینی أو عرقی.

ن/25

 

 

 

 


| رمز الموضوع: 143176







الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS
فيديو

وكالةالقدس للأنباء


وكالةالقدس للأنباء

جميع الحقوق محفوظة لوکالة القدس للأنباء(قدسنا)