الاحد 13 ذوالقعدة 1446 
qodsna.ir qodsna.ir

أمریکا تکرر وعودها وأکاذیبها وتهدیداتها المبطنة

زیاد أبو شاویش

 

فی خطابه حول علاقة بلاده بالأمة العربیة والدول الإسلامیة تناول أوباما جملة من العناوین تتعلق بالوضع الراهن وتطورات الثورة العربیة التی عمل جاهداً وإدارته "الدیمقراطیة"، عبر جملة من التدخلات وأسالیب الخداع، على وقف مفاعیلها وخاصة فی مصر وتونس، بما فی ذلک تقدیم الرشاوى والمنح، بالإضافة إلى التهدید والوعید الذی لا یجیدون غیره.

سنتناول هنا عنوانین هامین وردا فی کلمته التی بثها التلفزیون السوری مع ترجمتها العربیة على الهواء مباشرة یوم الخمیس 19/ 5 فی سابقة قصد منها إظهار الموقف السوری غیر العابئ بتهدیداته لها، أو ما یمکن تسمیته إیحاءاته المبطنة وغیر المقبولة سوریاً وعربیاً.

العنوان الآخر هو القضیة الفلسطینیة ورؤیة أمریکا للحل، وهی ذات رؤیة سلفه جورج بوش الابن والتی تکرر تقدیمها کوجبة خیالیة تثیر شهیة السلطة الفلسطینیة ورئیسها الذی سارع إلى دعوة القیادة الفلسطینیة لاجتماع طارئ وسریع لدراسة ما أسماه المبادرة الأمریکیة الجدیدة، والتی لا یمکن اعتبارها مبادرة، لکنه خداع النفس یتکرر معنا نحن الفلسطینیین بکل أسف.

قبل أن أکمل لا بد أن أستذکر هنا وباختصار حواراً جرى بینی وبین المرحوم فیصل الحسینی "الشخصیة المقدسیة المرموقة وعضو اللجنة التنفیذیة لمنظمة التحریر الفلسطینیة فی وقتها، بالإضافة لمهمته المرتبطة بملف القدس وبیت الشرق" فی طریقنا إلى مطار دمشق الدولی لیغادر إلى أحد الدول الأوروبیة ومنها للولایات المتحدة الأمریکیة لیرأس وفد فلسطین فی مفاوضات السلام الثنائیة مع الکیان الإسرائیلی التی أنتجها مؤتمر مدرید غیر المأسوف علیه.

ولوجوده بدمشق آنذاک حکایة لیس هنا مجالها. فی ذلک الحوار قال الأخ فیصل فی معرض توضیحه للرؤیة الأمریکیة للحل فیما یخص قضیة الشعب الفلسطینی ومن خلال سماعه مباشرة من الإدارة الأمریکیة: "إن الولایات المتحدة تقدم لنا وجبة إفطار مضمونة، ویمکننا أن نشارک فی الغداء، أما العشاء فغیر مضمون إطلاقاً".

المعنى واضح هنا، وأعتقد أن هذه الرؤیة الأمریکیة لا زالت هی الحاکمة لکل السیاسة الأمریکیة، وما خطاب أوباما ووعوده سوى عملیة خداع مورست وتمارس علینا منذ سنوات طویلة.

إن حدیث أوباما حول وجود خلافات بین إدارته و"إسرائیل" فی ما یخص التصور الأمریکی للحل لیس جدیداً، وقد تکرر عشرات المرات، والنتیجة تراجع أمریکا عن مواقفها عبر مراوغات سیاسیة "مع إغراءات مالیة ولعب على الألفاظ" تمارسها الولایات المتحدة کمصیدة للطرف الفلسطینی.

من یتذکر مؤتمر أو لقاء "أنابولیس" وتحضیراته الدعائیة الضخمة ووعوده الأضخم التی ترافقت مع أجندة زمنیة محددة، وکیف تم الحشد للقاء وطریقة إعلان نتائجه یستطیع أن یفهم بالضبط ما یقصده الأمریکیون من وراء تصریحات کالتی أطلقها أوباما فی خطابه المشار إلیه والذی رفضه الصهاینة قبل أن یجف حبره. وقبل أن یکمل باراک أوباما حدیثه کانت الردود الإسرائیلیة تتتالى رافضةُ جوهر الحل الأمریکی على نواقصه الخطیرة تجاه حقوق الشعب الفلسطینی غیر القابلة للتصرف کحق العودة.

لعل جمیع المراقبین یجمعون على أسباب ودوافع الرئیس الأمریکی وإدارته لطرح من هذا القبیل فی هذه الفترة الزمنیة المحددة، وما کان لهذا الطرح أن یرى النور لولا ربیع الثورة العربیة الذی أوشک أن یعطی ثماره وروداً لحریة عملت إدارته الاستعماریة وقواته المسلحة على دفنها ووأدها باستمرار، وهی تعمل الیوم بذات الأسلوب من خلال التدخل والتآمر على سوریا ولیبیا ومصر وتونس مباشرة أو عبر عملائها فی المنطقة.

الولایات المتحدة الأمریکیة لا یمکنها أن تتجاهل أسباب التوتر فی المنطقة والعالم طویلاً، کما أن سیاستها العدوانیة فی أکثر من مکان ودولة عربیة وإسلامیة تحدث ردة فعل سلبیة وحادة تجاهها وتدفع الشعوب لیس لکرهها فقط، بل والعمل ضد مصالحها مباشرة، ومن هنا تقوم بین الفینة والأخرى برمی الطعم المعتاد حول القضیة الفلسطینیة باعتبارها لا تزال تمثل مرکز اهتمام المواطن العربی وفی الدول الإسلامیة.

کلنا نعرف أن إمکانیة إجبار الکیان الصهیونی على الانسحاب إلى حدود عام 67 معدومة، وأن هناک عشرات القرارات الأممیة بهذا الخصوص تنتظر من یحرکها أو یجبر دولة الاحتلال على تنفیذها، وأن إدارة أوباما على وجه الخصوص لا یمکن أن تمارس ضغوطاً جدیة على "إسرائیل" لأسباب متعددة لیس أهمها الانتخابات الرئاسیة القادمة وحاجة إدارة أوباما للدعم الصهیونی الیهودی و"لوبیاته" هناک.

إذن، هو الخداع تمارسه أمریکا علینا للمرة الألف وتجد فی کل مرة من یرکض نحوها ماداً ذراعیه لنحصد فی النهایة الخیبات والفشل والمرارة.

إن المدقق فی طرح أوباما سیجد فیه الکثیر من الثغرات والنواقص، لا سیما المتعلق منها بحقوق الفلسطینیین، وقد جاء رفض نتنیاهو رئیس وزراء العدو الصهیونی للطرح الأمریکی أثناء وجوده فی البیت الأبیض ولقائه الرئیس الأمریکی لیظهر بجلاء حقیقة المسألة وحدود القدرة الأمریکیة على تنفیذ ما تعد.

وفی الشأن السوری فقد مثل ما قاله أوباما تدخلاً فظاً فی الشؤون الداخلیة لدولة عربیة ذات سیادة وتتمتع فیها القیادة والمعارضة بالنضج الکافی لشل الید الأمریکیة ومنعها من التدخل واستغلال حالة الحراک فی البلد.

إن حدیث الرئیس الأسد عن وقوع تجاوزات أثناء معالجة الأزمة من جانب أجهزة الأمن یقدم الدلیل على نیته المبادرة لإصلاح ذلک ومحاسبة المتجاوزین وینزع الذرائع من ید الأمریکیین والأوروبیین الذین یجهرون کذلک بمواقف تذکرنا بعهد الاستعمار الفرنسی الکریه لسوریا.

حسناً فعلت الحکومة السوریة ببث الخطاب وترجمته على الهواء مباشرة لتقول للأمریکیین وغیرهم أن الشأن السوری لیس من اختصاصهم وأن فرصتهم للتدخل هنا معدومة.

یبقى أن یستمر الموقف الفلسطینی الموحد تجاه رفض العودة للمفاوضات وشروطها متماسکاً والاستفادة من حالة الثورة العربیة.

وبالنسبة لسوریا فإن أفضل ما یمکن الرد به على هذا الخطاب أن تسارع الحکومة فی تطبیق الإصلاحات وتشرع القیادة السوریة فی حوار وطنی شامل ووقف التجاوزات من أی جهة أتت.

لا بد أن نبقی قضایانا بین أیدینا وعلى کل حریص على مصلحة الأمة وأمنها القومی أن یناضل من أجل وقف التدخل الأجنبی فی بلادنا تحت أی عنوان، والعمل لنزع الذرائع من ید الغرب.

ن/25

 


| رمز الموضوع: 143169







الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS
  1. أسير إسرائيلي: إذا أردتم أن تعرفوا عدد الأسرى إسألوا سارة نتنياهو
  2. إصابة 9 جنود إسرائيليين بينهم نائب قائد فرقة وقائد كتيبة في الشجاعية بغزة
  3. في إطار جمعات الغضب.. مدن إيرانية تنظم وقفات تضامنية مع غزة
  4. صنعاء تستهدف "بن غوريون" بصاروخ باليستي فرط صوتي.. وتُهاجم هدفاً في يافا المحتلة
  5. كتائب القسام توقع قوة إسرائيلية في حقل ألغام.. وجنود الاحتلال بين قتيل وجريح
  6. المشّاط للإسرائيليين: لا تراجع عن إسناد غزّة.. الزموا الملاجئ ردّنا سيكون مزلزلاً
  7. الإدارة الأميركية ترضخ.. القوات اليمنية تستفرد بالعدو الصهيوني
  8. انصار الله: إعلان ترامب فشل لنتنياهو
  9. سرايا القدس تسيطر على مُسيرة إسرائيلية شرق مدينة غزة
  10. العدوان الإسرائيلي على مطار صنعاء الدولي.. هجوم استعراضي موجه للداخل الصهيوني
  11. عدوان أمريكي إسرائيلي غاشم على اليمن بعشرات الطائرات
  12. وزير الخارجية الإيراني: الدعم القاتل لإبادة نتنياهو الجماعية في غزة، وشن الحرب نيابةً عنه في اليمن، لم يُحققا شيئاً للشعب الأميركي
فيديو

وكالةالقدس للأنباء


وكالةالقدس للأنباء

جميع الحقوق محفوظة لوکالة القدس للأنباء(قدسنا)