الاحد 13 ذوالقعدة 1446 
qodsna.ir qodsna.ir

علامة فارقة فی النضال الفلسطینی

فیصل جلول

 

للمرة الأولى منذ تأسیس الکیان الصهیونی یتظاهر الفلسطینیون حول حدود بلادهم التاریخیة مطالبین بحق العودة . وللمرة الأولى منذ زمن طویل یسقط فلسطینیون مدنیون شهداء على حدود بلادهم من مختلف الجبهات العربیة، بل یخترقون بأیدیهم العاریة هذه الحدود من جهة "مارون الراس" فی جنوب لبنان، ومن جهة "مجدل شمس" فی الجولان السوری المحتل، الأمر الذی طبع "نکبة" هذا العام بطابع جدید تماماً سیکون له ما بعده.

وإذا کانت المرة الأولى التی یواجه فلسطینیو الشتات مغتصبی أرضهم عبر أسلاک الحدود الشائکة فی تظاهرات مدنیة حاشدة فقد سبق لهم أن انطلقوا نحو فلسطین بعد حرب حزیران یونیو عام 1967 عبر مجموعات فدائیة اخترقت الحدود الأردنیة والمصریة واللبنانیة والسوریة، ونفذت عملیات عسکریة فی العمق الفلسطینی وصل بعضها إلى تل أبیب، بید أن هذه العملیات سرعان ما توقفت على الحدود المصریة- الفلسطینیة والسوریة- الفلسطینیة إثر حرب أکتوبر عام 1973، والحدود الأردنیة- الفلسطینیة بعد الحرب الأهلیة فی العامین 1970- 1971، وفی لبنان بعد الاجتیاح "الإسرائیلی" ورحیل منظمة التحریر الفلسطینیة عن بیروت عام 1982.

الواضح أن توجه الفلسطینیین نحو حدود بلادهم التاریخیة انطلاقاً من مراکز الشتات العربی فی الآن معاً واختراق هذه الحدود قد تم فی المرة الأولى عندما تصدعت منظومة الأمن والرقابة العربیة بعد هزیمة یونیو/حزیران وانهیار الجیوش الرسمیة خلال ستة أیام فی الحرب المذکورة، وبالتالی تحرر فلسطینو الشتات من القیود والقمع والضبط ومبادرتهم للتعبیر بقوة عن إرادتهم الثابتة فی تحریر بلادهم والعودة إلى أراضیهم التی هجّروا منها بعد تأسیس الکیان الصهیونی عام 1948.

والیوم نشهد على تحرر الفلسطینیین ثانیة من القیود والرقابة الصارمة فی مناخ عربی مدجج بالحراک السیاسی والانتفاضات الشعبیة وانشغال الدول العربیة فی مواجهات داخلیة وانتقال العدوى إلى الفلسطینیین الذین بادروا إلى طرح شعار "الشعب یرید إسقاط الاحتلال"، على غرار أخوتهم العرب الذی رفعوا شعار "الشعب یرید إسقاط النظام".

وتفید سیرة القضیة الفلسطینیة طیلة القرن العشرین ومطالع الالفیة الثالثة، أن الشعب الفلسطینی کان ینتفض على الدوام ضد عدوه الصهیونی فی کل مرة یتیح الفضاء العربی ظروفاً مواتیة للانتفاضة، وبالمقابل کان الشعب الفسطینی یدفع ثمناً باهظاً فی کل مرة یتیح الفضاء العربی المحیط بفلسطین ظروفا تنطوی على درجات قصوى من الخضوع والتبعیة للقوى الراعیة للکیان الصهیونی.

هکذا حال الفلسطینیین فی مصر بعد اتفاقیات کامب دیفید، وفی الأردن بعد اتفاقیات وادی عربة، بل فی الضفة وغزة بعد اتفاقیات أوسلو وقبل انتفاضة الأقصى.

والثابت أن هذه الانتفاضة الوطنیة الفلسطینیة ما کان لها أن تتم لولا اتفاق المصالحة الذی تم للتو بین فتح وحماس، ولولا انهیار النظام المصری السابق الذی راهن على الدوام على أفضل العلاقات مع "إسرائیل" والولایات المتحدة، بل لم یتورع عن حراسة الانقسام الفلسطینی وتوسیعه لخدمة هذا الغرض.

یبقى رهان انتفاضة مایو/أیار الجاری على إقامة الدولة المستقلة ضمن حدود العام 1967 هدفاً مشروعاً قبل سبتمبر/أیلول المقبل وفقاً للأجندة الفلسطینیة، حیث یرجح أن یعلن الفلسطینیون الاستقلال من طرف واحد ویحظون باعتراف دولی من دون التراجع عن حق العودة أو التنازل عن الحق فی مقاومة المحتل.

ولعل الجدید فی هذه السیرورة هو موافقة حماس على مشروع الدولة المستقلة ضمن طرحها لشعار الهدنة الطویلة مع الکیان الصهیونی. أما على الصعید الرمزی فیمکن لهذه الانتفاضة أن تشکل علامة فارقة فی النضال الفلسطینی المتحد داخل وخارج حدود فلسطین التاریخیة، کانتفاضة الأرض وانتفاضة الأقصى وانتفاضة مخیمات الشتات، وسائر الانتفاضات التی ما برحت مستمرة منذ احتلال فلسطین.

ن/25

 

 

 


| رمز الموضوع: 143166







الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS
  1. أسير إسرائيلي: إذا أردتم أن تعرفوا عدد الأسرى إسألوا سارة نتنياهو
  2. إصابة 9 جنود إسرائيليين بينهم نائب قائد فرقة وقائد كتيبة في الشجاعية بغزة
  3. في إطار جمعات الغضب.. مدن إيرانية تنظم وقفات تضامنية مع غزة
  4. صنعاء تستهدف "بن غوريون" بصاروخ باليستي فرط صوتي.. وتُهاجم هدفاً في يافا المحتلة
  5. كتائب القسام توقع قوة إسرائيلية في حقل ألغام.. وجنود الاحتلال بين قتيل وجريح
  6. المشّاط للإسرائيليين: لا تراجع عن إسناد غزّة.. الزموا الملاجئ ردّنا سيكون مزلزلاً
  7. الإدارة الأميركية ترضخ.. القوات اليمنية تستفرد بالعدو الصهيوني
  8. انصار الله: إعلان ترامب فشل لنتنياهو
  9. سرايا القدس تسيطر على مُسيرة إسرائيلية شرق مدينة غزة
  10. العدوان الإسرائيلي على مطار صنعاء الدولي.. هجوم استعراضي موجه للداخل الصهيوني
  11. عدوان أمريكي إسرائيلي غاشم على اليمن بعشرات الطائرات
  12. وزير الخارجية الإيراني: الدعم القاتل لإبادة نتنياهو الجماعية في غزة، وشن الحرب نيابةً عنه في اليمن، لم يُحققا شيئاً للشعب الأميركي
فيديو

وكالةالقدس للأنباء


وكالةالقدس للأنباء

جميع الحقوق محفوظة لوکالة القدس للأنباء(قدسنا)