الأرض ولیس الدولة
فایز صلاح أبو شمالة
فی 30 مارس 1976، قبل خمس وثلاثین سنة انتفض الفلسطینیون الذین حملوا اسم "عرب 48" ضد دولة إسرائیل، رغم أنهم یحملون جواز سفر الدولة التی حرمتهم من العیش فوق أرضهم، التی اغتصبت سنة 1948، فی العام الذی سماه العرب عام النکبة، بل وعمدت دولة الإسرائیلیین إلى سن القوانین التی تصادر ما تبقى للفلسطینیین من أرض.
انتفاضة الفلسطینیین التی عرفت بیوم الأرض، والتی سقط فیها الشهداء، حرکت الفلسطینیین الذین احتلت أرضهم سنة 1967، فی الضفة الغربیة وغزة للتجاوب مع إخوانهم، ولتوحید الصرخة العربیة التی تؤکد أن أصل الصراع الدائر بین الیهود والعرب هو الأرض، ولا سیما بعد أن أدرک "عرب 48" بالاحتکاک الیومی، أن الیهودی الذی یأتی إلى هذه الدیار من أقاصی الأرض، یأتی وهو مقتنع تمام الاقتناع أنه "عائد" إلى أرض الأجداد، وأنه لا یغتصب أرض فلسطین، ویشرد أهلها، بل هو یستردها من الغاصبین العرب، وما هو إلا آیة قدرها رب إسرائیل لتنفیذ التعالیم الیهودیة، وتطبیق الشرائع السماویة، وهو یلتزم بما جاء فی سفر التکوین "لنسلک أعطی هذه الأرض من نهر مصر إلى النهر الکبیر، نهر الفرات".
کان الفلسطینیون الذی حملوا اسم "عرب 48" هم أول من أدرک أن الأرض هی مادة الصراع، وأن هویتهم الإسرائیلیة لن تغنیهم عن الأرض شیئاً، وأن حریة السفر والتنقل لا یعوضهم عن الأرض، وأن الدیمقراطیة الإسرائیلیة التی مکنتهم من المشارکة فی الحیاة البرلمانیة لم تصن لهم الأرض، وکأنهم بهذا الوعی یرسلون لإخوانهم الفلسطینیین فی الضفة الغربیة رسالة مفادها: لیس مهماً أن تکون لکم دولة فلسطینیة مستقلة بالاسم، ولا أن یکون لکم علم یرفرف بألوان براقة، ونشید وطنی، وجواز سفر جمیل، بل المهم هو الأرض ذاتها، والخوف کل الخوف أن تجدوا أنفسکم فی لحظة تمتلکون الدولة، ولکنکم لا تمتلکون الساریة التی سترفعون علیها علم الدولة.
بعد خمس وثلاثین سنة من یوم الأرض، یواجه الفلسطینی الذی حمل اسم "عرب 48" سلسلة من القوانین العنصریة التی تهدف إلى تشریده مما تبقى له من أرض، وتهدف إلى تجریمه لو طالب بحقه فیما اغتصب من أرضه، بل ویسعى القادة الإسرائیلیون إلى إلصاقه بالدولة الفلسطینیة التی قد تحظى بالاعتراف دولی، ولکنها لا تمتلک الأرض.
ن/25