رسالة مفتوحة للرئیس عباس

تقاس احیانا مدى شرعیة ومشروعیة نظام سیاسی ما، بمدى الخدمات التی یقدمها هذا الاخیر لشعبه ورعیته، ولیس فقط انه یحظى بولایة لم تنته بعد. قد لا یهتم الشعب بشکل النظام ونوعه وقد یرتضی نظام دیکتاتوری توتالیتاری تسلطی شریطة ان یحقق له رغباته ومطالبه وقد یحظى بعنصر "الرضى" الجماهیری حتى لو لم یکن هذا النظام شرعی، ومن وجهة نظر القانون الدستوری فانه یتمتع بالمشروعیة.
وتأسیسا على هذه المسلمات، واذا علمنا بان نظامنا السیاسی ممثل فی السید محمود عباس رئیسا و د. سلام فیاض -وزیرا اولا- رئیسا للوزراء لا یعرف بان هناک عالقون بالخارج تتزاید اعدادهم کل یوم بالمئات ولا یحرک ساکنا فان المشروعیة وهی اخر قلاع الشرعیة قد سقطت.
لا ارید ان اجعل مقالی هذا مناشدة، فقد ناشدنا باسم العالقین فی الخارج عدة مرات قبل اکثر من اسبوعین ولم نر تحرکا الا متأخرا فی لیبیا لاجلاء الرعایا.
قد لا نحتاج الى طویل وقت لاکتشاف بعض الحقائق، فعجز النظام وعدم درایته بمشاکل شعبه فی الداخل والخارج یحصر مناصریه فی ادنی حد مقتصرا فقط على فئة المنتفعین الکبار. مما یحاصر هذا النظام ویضعفه ویضربه فی مقتل، ویجعل مستقبله على حفة الهاویة.
ازمة عارضة مثل ازمة العالقین فی الخارج واستمرار بقائهم واعتبارهم نسیا منسیا رغما عنهم و بظروفهم المعیشیة القاسیة بجمیع فئاتهم من طلاب ومن عائلات باکملها ومن مرضى یکشف هشاشة النظام وانه فی واد وشعبه فی واد. وما ساعدنا فی کشف ذلک عدة اسباب منها:
1- ان النظام لم یعرف الا متاخرا بهذه الازمة والدلیل ان السفارات لم یکن عندها علم بالعالقین وان هناک اعداد تتضاعف.
2- ان النظام لم یأمر بتوفیر ای تسهیلات للعالقین بالخارج من اعفاء تجدید الاقامات او دفع مصاریف اقامة ولو بشکل رمزی، او توفیر سکن لمن لا یملک ثمن اقامة، او التعامل من الحالات الصعبة العالقة التی لیس لها ای مصدر للحیاة. على عکس ما فعلت الدول الاخرى مع رعایاها فی نفس ذات الازمة. ( و حتى لا نظلم النظام ففی سیاق ازمة العالقین فقد سُمح للدبلوماسیین الفلسطینیین اعضاء السفارات بالتنقل والسفر لمصر والعودة وقتما شاؤوا لغزة قبل اکثر من اسبوعین اما المواطنیین الفلسطینیین فلا عزاء لهم) .
3- ان النظام کشف عن انه ضعیف ولم یعمل فی الفترات السابقة على تقویة التمثیل الدبلوماسی الفلسطینی، ولم یستغل عدالة قضیته واخلاقیة مطالب شعبه المظلوم فی تسخیر قوى وامکانیات الدول المضیفة للرعایا العالقین، فهو اضعف من ان یطلب ای تسهیلات لرعایاه کالرجل الدیوث الذی لا یغار على عرضه.
4- کشف النظام ان لدیه سفارات فی الخارج عدیمة الفائدة وبطاقم مکروه من قبل الدولة المضیفة ولا یستطیع المناورة فی کثیر من القضایا لصالح رعیته. بل کشف ایضا عن اجواء شحناء وامتعاض بین الدولة المضیفة والسفارة الفلسطینیة.
5- تلقى النظام برقیة من قائد المجلس العسکری المصری قبل ایام، جاء فیها بتذییل من المشیر طنطاوی مطمئنا الرئیس والشعب الفلسطینی بان القضیة الفلسطینیة من اولویات القضایا فی الاجندة المصریة مؤکدین کمصریین وکنظام على اقامة افضل العلاقات لمستقبل الشعبین المصری والفلسطینی، ومؤکدین على ضرورة التعاون والتواصل،، فلماذا یخجل الرئیس بتوجیه طلب السماح لعشرات الاف الفلسطینیین العالقین فی الخارج بالعودة لدیارهم فی غزة؟ ام علینا ان نمزق جواز السفر الفلسطینی ونرتمی فی احضان معسکرات اللاجئین فی السوید والنرویج وبلجیکا من اجل الحصول على جنسیاتها و لکی نشتری کرامة وقیمة انسانیة؟
قلنا یا سادة فی مقال سابق بان بناء الانسان مقدم على بناء الاوطان، فما تفید مؤسسات فیاض التی یؤسسها وما زال الکائن الفلسطینی ممتهن ومهان وذلیل وطرید الاجراءات التعسفیة القاسیة فی الخارج و تحت رحمة قوانین غریبة علیه لا تعرف الرحمة؟.
النظام مشغول جدا ومتفرغ تماما للمناکفات العقیمة التی لا تأتی بخیر اطلاقا لای فلسطینی، فهو یتخذ من حرکة حماس عدوا، ویقیس مدى اخلاص ووفاء ابنائه بمدى کرههم لها والتصدی لافرادها ومراقبتهم او تسجیل ای فضیحة لای عنصر حمساوی واغداق المکافأت المجزیة ان نجح احد الابناء فی الحصول على مقطع یوتیوبی او تسجیل تلفونی او اختراق " سیرفر" او سرقة وریقة او قصاصة تدین احد عناصرها. ویتجهم النظام معلنا غضبه الشدید ومهددا بقطع رواتب، وبتنصل من کامل المسؤولیة عندما یلجأ الرعایا الفلسطینیین فی البرازیل وتشیلی والعراق بتوجیه نداء الى حرکة حماس یدعوها للتدخل ولانقاذ وضعهم المأساوی وسحب الخازوق الذی دق فی اسفل مستقبلهم، وخاصة الذین قبلتهم البرازیل للاقامة على ارضها قبل بضعة سنین متزامنا مع اهمال شدید من قبل السلطة الفلسطینیة وتعریضهم للقتل والهلاک. ولا ننسى اکثر من 500 لاجئ نجحوا قبل ثلاث سنوات فی الهروب من العراق والوصول للهند حیث تبرأت منهم سفارة فلسطین هناک.
اما ان یکون النظام مسؤول بشکل کامل عن الشعب الفلسطینی کافة او یعتذر عن الاستمرار فی الحکم. هذه هی " المرجلة" وهذه هی اخلاق النبلاء.
اما ان یکون رئیسا بالاسم فقط فهذه نقیصة کبیرة تؤخذ علیه وتجعله یکتب بیدیه نهایة دراماتیکیة مأساویة قریبة الاجل. لاننا سئمنا الضعفاء والمتطفلین على شعبنا والشخصیات الوضیعة التی تلبس البدل والکرافاتات على حساب دماء الشهداء الزکیة و قوت الشعب المهدور الکرامة والمسلوب الحقوق على ید اناس لا یمتوا للشعب بصلة، جاؤوا لیکملوا مشوارهم التجاری ومشروعهم الاستثماری فقط.
( نقلاً عن إذاعة صوت الاقصى)
ن/25