عن جهاز المخابرات الإسرائیلیة - الموساد
الدکتور عادل السید استاذ العلوم السیاسیة ـ جامعة ونسدرو ـ النمسا
مر اغتیال الناشط الفلسطینی المنتمی لحرکة حماس، محمود عبد الرؤوف المبحوح، مرور الکرام على الساحة الثقافیة والسیاسیة العربیة، وفضل الکثیر من المثقفین العرب، على الاقل فی مصر، معالجة قضایا داخلیة أخرى، قد لا تقل برأیهم أهمیة عن هذا الموضوع، والذی تم بواسطة فریق تصفیة جسدیة اسرائیلی، لم تقم اسرائیل حتى الآن ولن تقوم کعادتها بإعلان مسؤولیتها المباشرة عنه.
والاغتیال محسوب بالطبع على جهاز الموساد، والذی استخدم فیه - وحسب التقاریر الواردة من دبی - فریق من 29 فردا، دخلوها بصفة السیاحة حاملین لجوازات سفر أوروبیة، دون علم أصحابها الأصلیین، وهم مهاجرون جدد اتوا مؤخرا إلى إسرائیل من دول أوروبیة غربیة، لها علاقات وثیقة بدولة الإمارات العربیة، مثل انکلترا وایرلندا وفرنسا وألمانیا، وکان اتصال أفراد فریق الاغتیال ببعضه البعض یتم باستخدام هواتف نمساویة محمولة وغیر مسجلة تعمل بنظام البطاقات، مما قد یعنی أن العملیة قد تم التخطیط لها من عدة أجهزة، منها وزارة الداخلیة إدارة الهجرة وإدارة السجون، حیث قدمت الأولى جوازات سفر المهاجرین الجدد وقدمت الثانیة معلومات قیمة عن الهدف القتیل (محمود المبحوح)، جرى اصطیادها بواسطة جهاز الاستخبارات الداخلیة المعروف باسم (شین بیت) أو (الشاباک)، من مساجین فلسطینیین ینتمون لمنظمة فتح، إما بإرادتهم الشخصیة، أو خلسة عبر التنصت على أحادیثهم من قبل عملاء من بینهم للجهاز أو غیرها من الطرق. وقد یعنی ذلک أیضا اشتراک وزارة الدفاع مع وزارة الخارجیة فی العملیة، لتقدمان وتسهلان وسیلة المواصلات للفریق القادم من عدد کبیر من الدول الغربیة والعربیة على الأکثر، امعانا فی التعمیة. واشتراک وزارة الخارجیة الاسرائیلیة فی العملیة أمر قد یکون من المؤکد، لتقدیم الهواتف النمساویة بواسطة (قسم الاتصال) الموجود بسفارة اسرائیل بالنمسا، ووزارة البنى التحتیة والتی یمکن لها أن تکون قد قدمت الغطاء اللازم بزیارة وزیرها، لانداو، وفی وقت موافق لعملیة الاغتیال لدولة الامارات، حیث اشترک بوفد کبیر العدد، کعادة الوفود الاسرائیلیة فی تلبیة دعوة الاشتراک فی مؤتمرات فی دول لیست لها علاقات رسمیة مع دولة اسرائیل - وبناء على ضغوط امریکیة.
وقد یکون کل ذلک احتمال وتخمین من احتمالات وتخمینات لا تعد ولا تحصى، لنعود فنطرح سؤالا مهما، عما یعرفه العامة والمتخصصون فی الشأن الأسرائیلی، عن جهازالموساد، والذی قام أفراده، بلا أدنى شک - بتنفیذ اغتیال محمود المبحوح؟
وقد تکون من الغرابة بمکان أن نعرف أن الثورة الایرانیة قد ساهمت مساهمة کبیرة فی کشف بنیة الموساد ومناطق عمله وتمرکزه فی العالم العربی وخارجه، وهی المعلومات الوحیدة المتوافرة فی العالم کله (حتى الآن) عن بنیة الموساد ومکوناتها الداخلیة والخارجیة، عدا عن التخصصات والعدد الاحتمالی للعاملین بها ومناطق عملهم. ویرجع الفضل لهذا الکشف المذهل للطلبة الإیرانیین، الذین احتلوا السفارة الأمریکیة فی طهران مع الثورة الإیرانیة عام 1979، قبل أن یجعلوا منها أول سفارة لدولة فلسطین فی الجمهوریة الإسلامیة، وباستیلائهم على السفارة الأمریکیة استولوا أیضا على مکاتب جهاز المخابرات الأمریکیة CIA الموجودة داخلها، بما فیها من جبال من الوثائق والمستندات، لیکتشفوا بینها ملفا کاملا مکتملا، کان الجهاز الامریکی قد أعده عن جهاز الموساد الاسرائیلی، والذی کان ینافسه فی الفوز بقلب ورضاء الشاه ، لیقوم الطلبة الإیرانیون بعد دراسة الملف بإذاعته فی مؤتمر صحافی عام على العالم أجمع، حیث عُدَّ ذلک لهم وبالتأکید، ثأرا طال انتظاره، بل والعمل وبحرفیة بالغة على أن یتم وبخسارة کبیرة على الجانب الإسرائیلی والأمریکی أیضا، حیث أن جهاز الموساد الاسرائیلی کان قد قام ببناء (ولیس فقط الاشتراک فی تأسیس وانشاء) جهاز المخابرات الایرانی البشع، السافاک، والذی استخدمه شاه إیران المخلوع، والمدفون بمسجد الرفاعی بالقاهرة، فی تکبیل وسحل وقهر الشعب الإیرانی کله، حیث لم یقتصر ذلک على المعارضة الیساریة العلمانیة والأسلامیة الدینیة الناشطة وقتها فقط، بل اشتمل على کل امکانیة لقیام شکل ما لمعارضة ما للشاه الأسطوری، حتى ولو کان ذلک ممثلا فی شکل حلم فی سریر دافئ، فالأجهزة الایرانیة والمدعومة من جهاز الموساد الإسرائیلی کانت ترصد حتى أحلام الإیرانیین، کما روى لی أحد نشطاء حزب (توده) وبالتفصیل الساخر، کعادة المعارضین فی العالم کله.
وقبل أن أفرد هنا لما أفشاه الإیرانیون عن بنیة جهاز الموساد، أود هنا أن أعطی لمحة قصیرة عن تاریخه، فقبل إعلان قیام الدولة رسمیا عام 1948، کان للوکالة الیهودیة فی فلسطین الأنتداب، الکثیر من الأذرع فی عدید من الدول العربیة والاوروبیة لتسهیل الهجرة الیهودیة الغیر شرعیة إلى فلسطین، وأذرع أخرى أکثر خطورة کانت تجمع المعلومات عن کل عدو أو صدیق محتمل، مع ترکیزهم وقتها على العمل داخل فلسطین، بفتح ملف معلوماتی تخابری لکل قریة ومدینة عربیة فلسطینیة، خاصة بعد ثورات الفلسطینیین المتعددة ضد الصهاینة، کان آخرها الهبة الکبرى والتی استمرت من 1936 حتى بدایة الحرب العالمیة الثانیة عام 1939. ومع إعلان الدولة قام دافید بن غوریون، أول رئیس للوزارة فی إسرائیل، بضم کل المجموعات العاملة فی داخل وخارج فلسطین فی جهاز واحد أطلق علیه 'مؤسسة التنسیق' (بالعبریة: موساد لتاوم)، لیشتهر الجهاز منذ ذلک الوقت تحت اسم (الموساد) أو 'المؤسسة'، والذی تغیر رسمیا عام 1993 لیحمل اسم 'مؤسسة المخابرات والعملیات الخاصة' (بالعبریة: موساد لموداعین أُو لتاکفیدیم مییوهادین)، لیستمر معها الاحتفاظ بالاسم الأکثر شهرة، 'الموساد'.
ومنذ ذلک الوقت یخضع رئیس الجهاز (لا الجهاز نفسه) رسمیا لشخص رئیس الوزراء مباشرة، لا لمکتبه، وفی أحیانا کثیرة، کما تفشی الأدبیات، لا یعلم حتى هو بأخبار بعض العملیات السریة التی یقوم بها أفراد الجهاز، إلا بعد اتمامها. ومن المعروف عن الجهاز أیضا عدم أحقیة مُساءلته أمام أی جهة تشریعیة أو قضائیة أو تنفیذیة، أیا کانت، لیصبح بذلک سلطة رابعة فی 'واحة الدیمقراطیة الوحیدة فی الشرق الأوسط'، یضاف لذلک أن حتى میزانیة الجهاز السنویة (والتی تقدر بمبلغ قد یتراوح بین 400 إلى 650 ملیون دولار) تخضع للسریة الصارمة ولا یتضمنها أی تقریر حکومی رسمی أو صحافی، مما یدع البعض بالتساؤل حول توافق ذلک مع 'دیمقراطیة الدولة'، أو مع 'دولة المؤسسات'.
وعلاوة على ذلک یحظر النشر عن الجهاز، وبأی صورة من الصور، اللهم إلا فی نشر ما یسمح به کجزء من عملیات تضلیل مقصودة أو دعایة أو رسالة ضمنیة أو حرب نفسیة، کما یجری العمل منذ عدد من السنوات وبإنتظام بالغ الدقة ضد کلا من سوریة وإیران وفی أحیان متواترة ضد کل من مصر والسعودیة. وکان اسم رئیس الجهاز حتى عام 1966 سریا لا یعرفه أحد حتى الوزراء، علاوة على العامة والخاصة فی الداخل أو الخارج، تم بعدها التصریح بنشر اسمه، ومنذ ایلول (سبتمبر) عام 2006 یقوم (مائیر داجان) بقیادة الجهاز، کواحد من أبنائه المصعدین من داخل صفوف وبنى الجهاز نفسه.
أما عن ترکیبة موظفی الجهاز فقد کتب العمیل السابق، فیکتور أوستروفسکی، بابا کاملا عنه فی کتابه المنشور له منذ عشر سنوات فی کندا حیث یقیم، ورکز فیه على کیفیة تجنیدهم والتی وصفها بالقسوة والصعوبة البالغة، ویذکر أیضا أن الموساد بعد أن کان هو الذی یختارعملاءه بنفسه من الداخل والخارج، أصبح یفتح الباب منذ سنوات قلیلة لمن یرید التقدم للعمل فی صفوفه، فمع التقدم التقنی أصبح للجهاز الآن صفحة على الشبکة العنکبوتیة، تستقبلک بمقولة: 'حین لا تکون هناک خطة یسقط الشعب، ومع تعدد المتشاورین یقوم الأمان'. وتعرض صفحة الجهاز الألکترونیة الشروط والمعلومات الضروریة عن کیفیة الألتحاق بصفوفه، بالإضافة إلى معلومات عامة عنه، تروج لبطولات له ولمعجزات حققها منذ انشائه. وتذکر جریدة (ها آرتس)، الصادرة بالانکلیزیة بتاریخ 22 حزیران (یونیو) عام 2001، خبرا صغیرا عن أن الجهاز أطلق حملة 'جدیدة' عبر الصحف فی اسرائیل لتوظیف 'ضباط مراقبة عملاء'، أی 'لقسم الجمع'، وهو أکبر أقسام الجهاز على الإطلاق، وجاء فی الاعلان أیضا والذی ذکرت (ها آرتس) أنه قد نشر من عدد من الصحف الیومیة، 'أن ضباط المراقبة هؤلاء سیکونون کمخرجین وواضعین للسیناریوهات وممثلین أیضا'، أی مستقلین فی عملهم تماما- أی على طریقة (جیمس بوند). کما أنه من المعلوم أیضا، أن جهاز (الموساد) الإسرائیلی کان قد أعلن على صفحته الرسمیة فی أبریل عام 2001 عن حاجته لمهندسی کهرباء وکومبیوتر (لقسم التکنولوجیا التابع له)، فمع بدایة الألفیة الثالثة أصبح لدى الجهاز الاقسام التی تحتاج لأفراد أکثر مما کان علیه الحال من قبل.
أما ما قد نشره الطلبة الإیرانیون عن بنیة الجهاز نقلا عن الوثائق المخابراتیة الأمریکیة المضبوطة، فتتضمن الشروحات الوافیة عن کل الأقسام الممثلة فیه، أذکر هنا منها ما قد یفید فی حالة 'محمود المبحوح'، وهو 'قسم الجمع'، الذی سبق التعرض له، والذی یقود عملیات التجسس من مراکزه الموزعة على کافة مناطق العالم بواسطة مکاتب سریة خاصة به، أو بواسطة أفراد منه یعملون ضمن الجهاز الدبلوماسی الرسمی للدولة والممثل - بفضل اتفاقات أوسلو عام 1993 - فی عدد کبیر من الدول الإسلامیة والعربیة کذلک، عدا عن تمثیله فی عدد کبیر من بلاد العالم، ویعمل الدبلوماسیون فی هذه الحالة على طریقة 'عملین بمکافأتین لموظف واحد'. ویلی 'قسم الجمع' فی الأهمیة 'قسم العملیات السیاسیة والتعاون الدولی'، وهو القسم الذی یقوم بعملیات سیاسیة بالتعاون مع أجهزة مخابرات 'صدیقة'، وحتى مع تلک التی لیس لها علاقات دبلوماســــیة رسمیة مع اسرائیل، وقد یعمل أفراد القسمین فی فریق واحد، لیقوم الاثنان بالتنسیق للمناطق الجغرافیة المختلفة معا، کما فی حالة مکتب الجهاز فی باریس، وهو أکبر مکاتب الجهاز على الإطلاق، وهناک من یقول بأن مکتب 'مدینة سالزبورغ النمساویة' یفوقه ضخامة، نظرا لموقعه الجغرافی الاستراتیجی الهام، ولاقتصادیة الحیاة فی هذه المدینة النمساویة مقارنة بباریس ولندن، وهو موقع یتیح على ذلک میزة هامة وهی حریة الحرکة بین دول أوروبا جمیعها والعالم وبسهولة تامة.
أما 'قسم العملیات الخاصة' (بالعبریة: ماتسادا) فیقوم بتنفیذ عملیات إغتیالات وتخریب وعملیات عسکریة محدودة بالإضافة إلى تکلیفه ببث برامج حرب نفسیة، مثلما حدث فی حرب لبنان الأخیرة عام 2006 والعدوان على غزة عام 2009. ولبرنامج الحرب النفسیة أیضا قسم خاص یقوم بحد ذاته ویحمل نفس الاسم، (بالعبریة: لوخامیت بسیخولوجیت)، حــــیث یتولى تنفیذ برامج للحرب النفسیة من عملیات دعائیة وتضلیلیة حتى داخل دول على علاقة وثیقة واستراتیجیة مع إسرائیل، مثل الولایات المتحدة الأمریکیة. أما 'قسم الابحاث' فهو القسم المتخصص، طبقا لوثائق طهران، بتقدیم تقاریر مخابراتیة یومیة، تکون بالتعاون مع قسمی 'الجمع' و'العملیات السیاسیة والتعاون الدولی'، أو بدونهما. ویقدم القسم موجزا أسبـــوعیا عن عمله، علاوة على تقریر شهری عن الحالة العامة للجهاز أو لعملــــیات خاصـــة، منها ما یقدم لرؤساء المکاتب، ومنها ما یقدم لرئیس الجهاز لیعرضه 'شفویا' (وعلى انفراد) على رئیـــــس الوزراء فی اللقاء الأسبوعی أو ما یتفق علیه من مواعید. و'قسم الابحاث' هذا مقسم إلى 15 قسما یعمل کل منها متخصصا بمنطقة جغرافیة بعینها، تتضمن دولة أو مجموعة من الدول قد تتسع لتشمل قارة مثل أفریقیا.
أما عن مصــــر فلم تکن مدرجــــة بین أی من الأقسام الجغرافیة الخمسة عشر فی وثائق طهران، وقد یکون قد أعد لــــها ملفا خاصا بها، لم تصل إلیه ید الطلبة الایرانیین، أو قد أعدم کحالة ملایین الوثائق التی أعدمت قبل احتلال الطلبة للسفارة، ولکنی أجزم بأن مصر العربیة محل اهتمام بالغ لکل الأجــــهزة المخابراتیة الإسرائیلیة. أما المناطق الجغرافیة التی اشتملت علیهــــا وثائق طهران تحدیدا فهی وعلى التـــوالی، الولایات المتحـــدة الأمریکیة، وکندا، وأمریکا اللاتینیة، وغرب أوروبا، وروسیا (الاتحاد السوفییتی السابق طبقا للوثائق)، والصین، وأفریقیا کوحدة واحدة لاتشمل الشمال العربی الأفریقی، ودول المغرب العربی کوحدة واحدة، ولیبیا، والعراق، والأردن، وسوریة، والسعودیة، وإیران، والإمارات العربیة المتحدة کوحدة مستقلة أیضا.
ویضاف إلى المکاتب الجغرافیة المتخصصة بالمناطق المذکورة سالفا، مکتب 'لقسم الابحاث' یختص بحاله ویحمل اسم 'ذرة'. ویعمل هذا المکتب برصد أی معلومات أو موضوعات مثارة محلیا أو عالمیا لأی 'أسلحة خاصة، ذریة کانت أو کیماویة أو بیولوجیة' فی کل المناطق الجغرافیة السابقة، وقد یکون لهذا المکتب دورا فی رصد واغتیال عالم الذرة المصری الدکتور یحیى المشد فی باریس فی حزیران( یونیو) من عام 1980، وتدمیر المفاعل الذری العراقی عام 1981، وقصف ما قیل أنه مفاعل نووی سوری فی ایلول( سبتمبر) من عام 2008، وقد تکون آخر 'بطولاته' الظلامیة اغتیال عالم الذرة الإیرانی، الدکتور مهدی بزرکان، فی 13کانون الثانی (ینایر) 2010 فی طهران.
وأخیرا یعمل 'القسم التکنولوجی' للجهاز، وهو قسم مستقل لحاله، على تطویر تقنیة متقدمة لمساعدة کافة أقسام الجهاز- من تخطیط وأفراد ولوجیستک وتدریب وبحوث إلى آخره، للقیام بعملیاته بنجاح، وهو دائما ما یکون فی حاجة لتوظیف المزید من الأفراد، بنشر إعلانات لهذا الغرض على صفحة الجهاز الرسمیة بالشبکة العنکبوتیة، أو فی الصحف الأسرائیلیة الیومیة بکافة اللغات المستخدمة فیها، وهی کثیرة. وقد یکون 'القسم التکنولوجی' قد استخدم طریقة لیست بالجدیدة فی مقتل (محمود المبحوح) فی دبی، قد نکون أیضا قد تعرفنا علیها فی أفلام التجسس التقلیدیة فی ستینات القرن الماضی، منها مثلا تحویل جهاز الحلاقة الکهربائی أو فرشاة تنظیف الأسنان الکهربائیة الى مدفع کهربائی دقیق وقوی، یمکن تمریره وبسهولة بالغة أیضا على کل أجهزة الرصد الألکترونیة فی المطارات والفنادق الکبرى، خاصة مع کونه فی حوزة أوروبیین غربیین، مثلما أثبتت أجهزة الرصد فی دولة الإمارات العربیة، لنعود مرة أخرى لنقر بأن التکنولوجیا لا تقابل إلا بمثیلتها، فالرصد الذی قامت به أجهزة الشرطة فی دولة الإمارات الناهضة هو حاجة الساعة، لا الإدعاء ونظریة المؤامرة الکبرى، والتی طالما تمسکنا بها عبر عقود من الصراع مع التکنولجیا الغربیة.
وأخیرا ومع نقطة نظام لهذا الملف الشائک، فالدروس المستفادة من ملف اغتیال (محمود عبد الرؤوف المبحوح) تتمثل فی إلقاء الضوء على جهاز یعمل لیل نهار على ما یدعیه بحمایة وسلامة أمن دولة إسرائیل من بحر عربی عدائی التوجه لها ولمواطنیها، فهل سمعتم یوما، سادتی، عمن یرید إلقاء الیهود فی البحر؟، أو عمن یرید تدمیر دولة إسرائیل عن بکرة أبیها؟ فالخیال المریض للکثیر من الساسة الأسرائیلیین الحالیین هو الذی یهدد أمن دولتهم، ویصنع أبطالا لم یکن العالم العربی لیعرفهم قبل أن یقرر النظام اغتیالهم لیخلق قاعدة صلبة من المقاومة له، ولیظهر له، کما یرید هو، من یغنی بکراهیته ولیرقص البعض على موائد هذه الکراهیه، مما یقذف بالشرق الأوسط بأجمعه فی هوة قد تکون فیها نهایة الجمیع.
وبعد أیضا فالجهاز الذی عرضت له لیس خرافیا کما یدعون، فواقعة (لافون) الفاشلة فی خمسینات القرن الماضی فی مصر، وحادثة لیلیهامر فی النرویج عام 1973، ومحاولة اغتیال (خالد مشعل) الفاشلة بحقنة السم فی أذنه فی أحد شوارع عمان عام 1997، وحادثة برن الفاشلة أیضا عام 1998 ومحاولة ستة من أعضاء الجهاز زرع جهاز تنصت على خط لهاتف مواطن لبنانی یعیش فی سویسرا، والمحاولات الفاشلة فی قبرص بزرع أجهزة للتنصت فی عام 1991 على السفارة الإیرانیة فی نیقوسیا وفی عام 1998 فی محاولة التنصت على قواتها المسلحة لصالح ترکیا، کل هذا لیدل على أن (الموساد) قابل للهزیمة، والأمل الأخیر هو الوعی، والوعی فقط، ثم بالثقة، والثقة بتوقیف الأصابع الضالعة بامتهان حقوق الإنسان وسلام العالم یوما ما، نعم یوما ما، أمام قضاء الضمیر العالمی، فلنقل آمین.
ن/25
الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS