أزمة الخیار".. فلسطینیا وعربیا! (1)
أزمة الخیار".. فلسطینیا وعربیا! (1)
جواد البشیتی
التلویح العربی بورقة أو بسلاح الذهاب إلى مجلس الأمن یبدو متناقضا بعض الشیء مع منطق الفهم العربی لأسباب وحیثیات التراجع المشین لإدارة الرئیس أوباما فی موقفها من الاستیطان أمام الضغوط التی مارستها علیها حکومة نتنیاهو فی عقر دارها، أی من داخل الولایات المتحدة، فبحسب هذا المنطق، تراجع أوباما لأن لنتنیاهو من النفوذ فی داخل الولایات المتحدة وفی الکونغرس على وجه الخصوص، ما جعله یبدو أقوى من أوباما هناک وفی کل ما یخص إسرائیل على الأقل.
وعملا بهذا المنطق، یمکن القول إن نتنیاهو یحکم إسرائیل، التی تتحکم فی إدارة الرئیس أوباما، التی تحکم الولایات المتحدة، التی تتحکم فی مجلس الأمن الدولی والعرب سیذهبون إلى هذا المجلس الذی یتحکم فیه نتنیاهو فی نهایة الأمر!
لنذهب إلى مجلس الأمن، فالأمم المتحدة هی التی باسمها، لا باسم الرئیس بوش، ولا باسم خلفه الرئیس أوباما، سجلت براءة اختراع حل الدولتین أولم تکن هی مخترع حل الدولتین إذ قررت فی قرارها الرقم 181 تقسیم فلسطین إلى دولتین، واحدة یهودیة وأخرى عربیة؟!
ولم لا تفعلها ثانیة وهی التی یفترض فیها أن تکون الآن أکثر اقتناعا من ذی قبل بأن حل الدولتین یفرض "دولیا" فرضا ولا یتحقق من طریق التفاوض بین طرفی النزاع؟!
التقسیم "الدولی" الأول لفلسطین فشل، لأن الدول العربیة وقفت ضده وحاربته وکأنها جزء من محاولة دولیة لجعل الدولة الیهودیة فی حدود الرابع من حزیران 1967!
ولقد حان للأمم المتحدة "ولمجلس الأمن على وجه الخصوص" أن تقرر تقسیما ثانیا لفلسطین، مستفیدة من فشل تجربة المفاوضات، فإن 20 سنة من التفاوض بین الطرفین لم تفض إلا إلى ما یقیم الدلیل على أن حل الدولتین یتلاشى إن هو اتخذ المفاوضات إلیه سبیلا.
إن التقسیم الأول لم یأت من طریق التفاوض بین طرفی النزاع حتى تصدق الولایات المتحدة فی زعمها أن حل الدولتین أو التقسیم الثانی یمکن ویجب أن یأتی من هذه الطریق.
وأحسب أن التقسیم الثانی، وإذا ما أرید له أن یصبح حقیقة واقعة، وحلا نهائیا للنزاع، یجب ألا یکون نفیا تاما للتقسیم الأول، فإذا قررت الأمم المتحدة فی تقسیمها الثانی لفلسطین أن یکون خط الرابع من حزیران 1967 هو الخط الحدودی النهائی "من حیث المبدأ والأساس" بین الدولتین فلیس ثمة ما یمنع أو ما ینبغی له أن یمنع المزاوجة بین یهودیة دولة إسرائیل، بالمعنى الدیمغرافی، أی بمعنى أن یبقى الیهود أکثریة دیمغرافیة، وبین حل مشکلة اللاجئین الفلسطینیین بما یسمح لجزء کبیر منهم بأن یعودوا إلى ما هو الآن جزء من إقلیم دولة إسرائیل، لکن لیس بصفة کونهم مواطنین إسرائیلیین، فهل للسلام من أهمیة إذا لم تسمح إسرائیل بوجود جالیة فلسطینیة کبیرة فیها، لا تشمل ویجب ألا تشمل ما یسمى "عرب إسرائیل"؟!
عملیة السلام أی عملیة التفاوض توصلا إلى السلام، یجب ألا تکون بلا نهایة وحتى تصبح عملیة لها نهایة، لا بد من الذهاب إلى مجلس الأمن لاستصدار قرار دولی جدید، یقرر فیه المجلس تقسیما ثانیا لفلسطین، لتبدأ من ثم عملیة تفاوض بین دولتین معترف بهما دولیا وبالخط الحدودی المبدئی بینهما توصلا إلى معاهدة سلام ینتهی بها الاحتلال الإسرائیلی لأراضی دولة فلسطین، فإذا لم یقرر مجلس الأمن هذا التقسیم الثانی، یقرر العرب والفلسطینیون إنهاء عملیة السلام التی لا نهایة لها ثم یقررون الأخذ بما یتفق مع هذا القرار.
الفلسطینیون یرفضون فکرة الدولة ذات الحدود المؤقتة، ویجب أن یظلوا على رفضهم لها، لأن القدس الشرقیة لن تکون جزءا من إقلیم هذه الدولة وستبقى من ثم نهبا للنشاط الاستیطانی، ولأن التجربة علمتهم أن المؤقت هو الدائم أو شبه الدائم من وجهة نظر إسرائیل.
الفلسطینیون یریدون لدولتهم أن تولد أو تظهر إلى الوجود بحدود دائمة، هی من حیث المبدأ والأساس حدود الرابع من حزیران 1967 فالتعدیل الحدودی إذا کان لا بد منه، فإنه یمکن ویجب أن یکون طفیفا مقترنا من ثم بتبادل متکافئ للأراضی ولا یذهب بحقهم فی أن تکون القدس الشرقیة عاصمة لدولتهم المقبلة.
ن/25
الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS