إسرائیل دولة التجسس

إسرائیل دولة التجسس

فایز صلاح أبو شمالة

قد تدعی إسرائیل أنها تتجسس على حزب الله بحکم العداء العقائدی القائم، والحرب المتوقعة بینهما، ولکن أن تتجسس إسرائیل على مصر العربیة فمعنى ذلک أن یهود إسرائیل لا یثقون بعربی مسلم مهما وقع معهم اتفاقیات سلام، وأن دور إسرائیل على هذه الأرض هو تخریب بلاد العرب، وإفسادها، وتدمیر بنیتها الاقتصادیة والثقافیة والاجتماعیة.

إن اکتشاف شبکة التجسس التابعة للموساد الإسرائیلی فی مصر العربیة قبل أیام لهو طرف الجبل الخبیث من التجسس على شعب مصر، لأن ما لم یتم اکتشافه من عملاء للموساد داخل مصر هو الأخطر، ویکفی استذکار ما کتبه رئیس الاستخبارات العسکریة الإسرائیلیة السابق "عاموس یادلین" لیکتشف کل مصری أنه مستهدف شخصیاً من الموساد، ولتکتشف کل مصر أنها ضمن دائرة التآمر الهادف إلى قصم ظهرها، ولا سیما أن ذوی النفوس الضعیفة داخل مصر کثر، وأن الإغراءات المالیة التی یلوح بها الإسرائیلیون للعملاء لا تقف عن حدود بلد عربی واحد، وإنما ترفرف الأوراق المالیة المدنسة بالنجمة الزرقاء فی سماء کل عواصم العرب، لأن أطماع التجسس الإسرائیلی أبعد مدى من قذائف الدبابات، ولا حیاة لإسرائیل دون الجواسیس الذین وظفتهم عبر التاریخ لاختراق أعدائها.

لقد اعترف "عاموس یادلین" بذلک علانیة حین قال: لقد نشرنا شبکات التجسس فی بلدان شمال إفریقیا، والتی أصبح فیها کل شیء فی متناول أیدینا، وهی قادرة على التأثیر السلبی أو الإیجابی فی مجمل أمور هذه البلدان. أما فی مصر، الملعب الأکبر لنشاطاتنا، فإن العمل تطور حسب الخطط المرسومة منذ عام 1979، فلقد أحدثنا الاختراقات السیاسیة والأمنیة والاقتصادیة والعسکریة فی أکثر من موقع، ونجحنا فی تصعید التوتر والاحتقان الطائفی، والاجتماعی، لتولید بیئة متصارعة متوترة دائماً، ومنقسمة إلى أکثر من شطر فی سبیل تعمیق حالة التمزق داخل البنیة والمجتمع والدولة المصریة، لکی یعجز أی نظام یأتی بعد حسنی مبارک فی معالجة الانقسام والتخلف والوهن المتفشی فی مصر.

ما زالت المخابرات الإسرائیلیة حتى یومنا هذا تتصل بالهواتف المنزلیة فی قطاع غزة، وتتصل بالهواتف المحمولة عشوائیاً، وتعرض ملیون دولار لمن یدلی بمعلومة عن الجندی الإسرائیلی الأسیر، وما زالت بعض المواقع العربیة على شبکة الإنترنت تعرض على صفحاتها الأولى إعلاناً بملیون دولار لمن یدلی بمعلومة عن الجندی الإسرائیلی الأسیر.

استشهدت بما سبق لا لأعیب على المواقع التی تنشر إعلانات مدفوعة الأجر لصالح المخابرات الإسرائیلیة، فهذا عار یلحق بأصحاب المواقع، إنما استشهدت بما سبق لأشیر إلى أن أسطورة المخابرات الإسرائیلیة التی تعلم الغیب، وتنزل الغیث، وتعلم ما فی الأرحام لیست صحیحة، ویکفی أن یکون الإنسان منتمیاً بصدق للوطن، معبأً بالحب لترابه المقدس، ویحقد على إسرائیل، ویسمیها علانیة: العدو الإسرائیلی الغاصب. یکفی ذلک لیطفئ نور عین مخابرات إسرائیل، ویغم على عقل قادتها بالسواد الذی ترکهم یجهلون مصیر أسراهم، ویجهلون ما یخفیه قادم أیامهم لکیانهم الغاصب.

ن/25