أوروبا تنحاز إلى إسرائیل بمواجهة ترکیا

أوروبا تنحاز إلى إسرائیل بمواجهة ترکیا

صالح بکر الطیار

وجّه الاتحاد الأوروبی للمرة الأولى وبشکل رسمی انتقادات مباشرة لترکیا بسبب مواقفها فی الآونة الأخیرة من السیاسة الإسرائیلیة فی الشرق الأوسط؛ ویعدّ التحرک الأوروبی المنتقد للسیاسة الخارجیة الترکیة وتحدیداً بشأن التعامل مع إسرائیل أحد العناصر الواردة فی تقریر المفوضیة الأوروبیة السنوی الخاص بتقییم أداء ترکیا ومدى استجابتها لمعاییر الاندماج السیاسی والاقتصادی الأوروبی.

ویعتبر الاتحاد الأوروبی حتى الآن ترکیا شریکاً فی سیاسته الخارجیة، ولکن تقریره لهذا العام عکس تنامی الخلافات بین أنقرة وبروکسل من جهة، وحرص الاتحاد الأوروبی على مصالح إسرائیل بشکل مباشر من جهة أخرى.

وجاء فی التقریر إن ترکیا لم تعد تلتزم بالمواقف الأوروبیة فی مجال السیاسة الخارجیة وسرد انتقادات ترکیا لإسرائیل مثالا على ذلک. وقال التقریر لقد مرت العلاقات الترکیة الإسرائیلیة هذا العام بأزمة خطیرة، فی إشارة إلى ردة فعل ترکیا على الاعتداء الإسرائیلی المسلح على قافلة أسطول الحریة فی مایو/ أیار الماضی ومصرع عدد کبیر من الرعایا الأتراک خلال الهجوم. وتضمن التقریر الأوروبی إضافة إلى ذلک، العناصر التقلیدیة المعروفة فی مواقف أوروبا تجاه ترکیا، سواء بشأن قبرص أو بشأن ملفات تتعلق بالداخل الترکی..

ویتحرک اللوبی الإسرائیلی فی بروکسل منذ الهجوم على قافلة أسطول الحریة قبالة سواحل غزة فی الربیع الماضی لحشد جبهة سیاسیة وإعلامیة أوروبیة مناهضة لترکیا. ولقد بدا أن موقف المفوضیة الأوروبیة الوارد فی تقریرها السنوی لهذا العام بشأن ترکیا منسجماً جداً مع الموقف الإسرائیلی لا بل متماهیا معه إلى حد کبیر. ویأتی الموقف الأوروبی من ترکیا لیتزامن مع مواجهة صامتة تجری بین حلف الناتو والولایات المتحدة من جهة وترکیا من جهة أخرى بشأن خطة الحلف الأطلسی بنشر درع للصواریخ ومواجهة مخاطر الصواریخ البالیستیة مستقبلا.

ویقول مصدر فی حلف الناتو فی بروکسل إن الاتصالات بین الحلف وأنقرة تکثفت فی الآونة الأخیرة لإنتزاع موافقة ترکیة نهائیة لنشر جزء من خطة درع الصواریخ فوق الأراضی الترکیة. ویبلغ مدى الصواریخ التی یخطط الناتو لنشرها فی عدد من الدول الأوروبیة وفی ترکیا أربع آلاف کیلومتر مما یجعلها قادرة على الوصول إلى الأراضی الروسیة إضافة إلى إیران ودول أخرى.

وتقول ترکیا إن أیا من جیرانها المباشرین لا یمثل خطرا بالنسبة إلیها. کما ترید ترکیا حسب مصادر دبلوماسیة فی بروکسل أن لا یقوم الناتو أو الولایات المتحدة بتمکین إسرائیل من معطیات الصواریخ التی سیتم نشرها کشرط رئیسی لقبولها بالتعاون مع الحلف؛ کما ترفض ترکیا اقتسام المعلومات الاستخباراتیة التی قد یتم الحصول علیها من قبل نظام درع الصواریخ مع السلطات الإسرائیلیة. ولکن نفس المصدر یضیف أن إشکالیة قبول ترکیا من عدمها بخطة الناتو لنشر درع الصواریخ ستحدد مجمل جوانب الإطار المقبل للعلاقات ین ترکیا من جهة، وحلف الناتو والاتحاد الأوروبی من جهة أخرى، وستکون اختبارا عملیا لمدى التزام ترکیا بالتحالف مع الدول الغربیة.

وقال وزیر الدفاع الأمریکی روبرت غیتس یوم 14 أکتوبر/ تشرین الأول الماضی فی بروکسل إن الحلف الأطلسی لا یمارس أی ضغوط على ترکیا، ولکنه یواصل المشاورات معها کحلیف. ویقول الناتو إن خطة نظام الدفاع الصاروخی المثیرة للجدل ستنفذ على مرحلتین. حیث سیتم خلال العامین المقبلین نشر سفن للبحریة الأمریکیة فی البحر المتوسط تحمل صواریخ بعیدة المدى. وسیعقب ذلک نصب صواریخ اعتراضیة على الیابسة فی رومانیا وبولندا ومحطة رادار عالیة التقنیة فی بلغاریا أو ترکیا بحلول عام 2015.

ن/25