الاحد 13 ذوالقعدة 1446 
qodsna.ir qodsna.ir

فلسطین.. من بلفور إلى "یهودیة إسرائیل"

فلسطین.. من بلفور إلى "یهودیة إسرائیل"

نواف الزرو

 

لعلنا نربط ونحن الیوم أمام الذکرى الثالثة والتسعین لـ"وعد بلفور" النکبوی، ربطا جدلیا واستراتیجیا ما بین ذلک الوعد وکل الوعود البریطانیة والأمریکیة التی لحقت به، وما بین ذروة الهجوم الصهیونی الابتزازی فی هذه الآونة بمطالبة الفلسطینیین والعرب والعالم الاعتراف بـ"یهودیة إسرائیل"، ما یستکمل بالنسبة لهم اختطاف وتهوید فلسطین إلى الأبد!

فمنذ أن شکل حکومته، و"کلما دق الکوز بالجرة" یعود رئیس الوزراء الإسرائیلی نتنیاهو للتأکید على "أن اعتراف الفلسطینیین بإسرائیل کدولة یهودیة هو الدلیل الوحید على استعدادهم للسلام"، وقال فی مؤتمر بشأن مستقبل الشعب الیهودی عقد فی القدس بمشارکة زعماء یهود من کافة أنحاء العالم- إنه "حین یعترف شرکاؤنا بإسرائیل کدولة یهودیة سیکونون مستعدین للسلام".

فإذا کان وعد بلفور الذی حلت یوم الثانی من نوفمبر/تشرین الثانی ذکراه قد منح الوطن العربی الفلسطینی للدولة الصهیونیة، وانتج النکبة والتهجیر والتضحیات والمعاناة الفلسطینیة المفتوحة منذ ذلک الوقت، فإن الإجماع السیاسی الاسرائیلی الیوم على ضرورة "إجبار الفلسطینیین والعرب على الاعتراف بإسرائیل دولة یهودیة نقیة"، انما یراد من ورائه– کما کنا أشرنا فی کتابات سابقة بالمناسبة- استکمال وعد بلفور واستکمال تهوید فلسطین وشطب القضیة الفلسطینیة بکافة عناوینها وحقوقها التاریخیة والحضاریة والتراثیة لصالح تلک الروایة الصهیونیة المستندة الى الأساطیر المزیفة التی تعتبر أن "فلسطین هی أرض المیعاد لشعب الله المختار– الیهود، بناء على وعد الهی"!.

فالاعتراف بـ"یهودیة إسرائیل" بالمضامین التی یحملها سیکون وعد بلفور آخر تستکمل فیه تلک الدولة الصهیونیة مشروعها التهویدی لکامل فلسطین، بما یحمله ذلک من شطب لحق العودة لحوالی ستة ملایین لاجىء فلسطینی الى وطنهم وممتلکاتهم، ناهیکم عن تجرید من تبقى من العرب- حوالی ملیون ونصف الملیون- فی مناطق 48 من حق البقاء والملکیة والمواطنة هناک، مما یحولهم الى رهائن تحت الطلب!.

فهاهو نتنیاهو یعلن تکرارا ومرارا "أنه سیجبر الفلسطینیین على الاعتراف بیهودیة "إسرائیل"، مردفا: "إنی أتمنى مجیء الیوم الذی یقف فیه القادة الفلسطینیون المعتدلون أمام شعبهم ویقولون مثل هذه الأمور واضحة: کفانا هذا الصراع، إننا نعترف بحق الشعب الیهودی بدولة خاصة به فی هذه البلاد وسنعیش إلى جانبکم بسلام، وفی اللحظة التی سیتم فیها قول هذه الأمور ستُفتح هنا فتحة هائلة للسلام". وذهب نتنیاهو إلى أبعد من ذلک بالتوضیح إذ قال لصحیفة "إسرائیل الیوم":"نحن لا نرید للعرب أن یکونوا مواطنین ولا رعایا لنا".

فأین یریدهم نتنیاهو إذن...؟! إنه یشرح الخطة البدیلة فی کتابه "مکان تحت الشمس" قائلا" إن إسرائیل نفذت سنة 1948 قرار مجلس الأمن الدولی رقم 242 الصادر بعد تسعة عشر سنة فی تشرین ثانی/نوفمبر 1967، وذلک بتخلیها عن الضفة الشرقیة لنهر الأردن.. وأن هذه الضفة هی حصة الفلسطینیین من فلسطین، تنفیذا للقرار المذکور..؟.

مضیفا: "أن بریطانیا التی کلفت بالانتداب على هذا الوطن القومی للیهود قد تراجعت عن التعهدات التی أخذتها على عاتقها بموجب وعد بلفور…ففی عام 1922 انتزعت بریطانیا شرق الأردن من الوطن القومی للیهود، وبجرة قلم واحدة انتزع من الأراضی المخصصة للشعب الیهودی ما یقارب 80% من هذه الأراضی، وتم إغلاق شرق الأردن بکاملها فی وجه لاستیطان الیهودی حتى یومنا هذا/ ص109".

اذن نتنیاهو لا یرید عربا هناک فی فلسطین لا مواطنین ولا رعایا، وکذلک یعتبر شرقی الأردن قطعة اقطتعت من الوطن القومی الیهودی الذی نص علیه بلفور"...! غیر أن نتنیاهو لا ینفرد لوحده فی ذلک، فکل أقطاب الحرکة الصهیونیة وإسرائیل یجمعون على ذات المضامین!.

فمبکرا جدا اقترح إسحق رابین فی أبریل/ نیسان 1956 وعندما کان جنرالا فی أرکان الجیش على دافید بن غوریون "خوض الحرب ضد الأردن من أجل إبعاد الفلسطینییین من الضفة الغربیة"، وأضاف رابین: "اعتقد أنه یمکن الیوم إبعاد معظمهم، وبالإمکان حل المشکلة جوهریا، ولن تکون هذه خطوة إنسانیة، ففی الحرب بصورة عامة لیس هناک إنسانیة".

ولذلک، حینما یشنون حملات إعلامیة متصلة فی هذا الصدد معتبرین "أن الأردن هو الوطن البدیل للفلسطینیین" فإنما یهدفون من وراء ذلک تطویع الوعی الفلسطینی والأردنی والعربی على هذه المسألة، فی الوقت الذی یسعون فیه الى استکمال وعد بلفور عملیا فی أن یکون "الوطن القومی للیهود- فی فلسطین منجزا کاملا-..!".

کان النائب الیهودی الیمینی، أریه ألداد من حزب "الاتحاد الوطنی" المتطرف، فجر قنبلة حینما أعلن امام الکنیست "أن الاردن هو الوطن البدیل للفلسطینیین/ معاریف"، والأهم أنه أکد "هذا لیس شیئا جدیدا فقد أکد على ذلک بن غوریون وأرئیل شارون ورحبعام زئیفی" وجمیعهم من کبار قادة الیمین الإسرائیلی المتطرف".

وکان شارون- تلمیذ جابوتنسکی- قد طالب الفلسطینیین فی عهده فی بیان العقبة الثلاثی بینه وبین رئیس الوزراء الفلسطینی وقتئذ محمود عباس، والرئیس الامریکی السابق جورج بوش، بالاعتراف بدولة یهودیة على أرض فلسطین بدلاً من دولة إسرائیل.

ومنه الى وزیرة الخارجیة الإسرائیلیة السابقة تسیبی لیفنی التی کانت طالبت الدول العربیة بـ"الاعتراف بإسرائیل کدولة یهودیة"، وقالت غیر آبهة بتزییف التاریخ: " یجب أن تعترف الدول العربیة بدولة إسرائیل کدولة یهودیة، موقع عــ48ـرب -2/6/2008"، وکذلک رئیس الحکومة الإسرائیلیة السابق ایهود أولمرت الذی أعلن "أن اعتراف السلطة الفلسطینیة بإسرائیل على أنها "دولة یهودیة" سیکون شرطا لمواصلة المفاوضات بین الجانبین"، معتبرا "أن کل ما بین النهر والبحر جزء من اسرائیل".

وقد شکلت "وثیقة هرتسلیا" التی صاغها "مجلس الأمن القومی الإسرائیلی" ودعت الى "حل المشکلة الدیموغرافیة العربیة فی الجلیل والنقب عبر الترحیل" الخلاصة المکثفة لذلک الکم الهائل من الادبیات والافکار والمشاریع والاصوات الداعیة الى التدمیر الشامل للمجتمع الفلسطینی.. والى الترانسفیر الجماعی ضد الفلسطینیین ولکن.. نحو الشرق... نحو الوطن البدیل، وذلک کی تبقى "إسرائیل" یهودیة نقیة من العرب!

ففی أصل أدبیاتهم السیاسیة والاستراتیجیة والایدیولوجیة، أراد مؤسسو الدولة الصهیونیة "دولة یهودیة عابرة لنهر الأردن" تضم فلسطین والاردن معا، وان کان اقطاب "اسرائیل" یکتفون فی هذه المرحلة بالمطالبة بالاعتراف ب"اسرائیل دولة یهودیة نقیة"، فانهم لم یتنازلوا فی أدبیاتهم عن شرقی النهر باعتباره جزءا لا یتجزأ من "ارض إسرائیل"..!. فهل سیکتفون مستقبلا یا ترى بدولة یهودیة على ضفة واحدة، أم سیعبرون إلى الضفة الأخرى، ویطبقون نشید منظمة "بیتار" : للنهر ضفتان، هذه لنا، وأیضاً تلک!!.

لا شک ان خریطة المستقبل الفلسطینی ستبقى رهنا بالإرادة الفلسطینیة العربیة.. فعلى قدر ما یأخذ الفلسطینیون والعرب التهدیدات الصهیونیة هنا على محمل الجد والمسؤولیة التاریخیة والعروبیة، وعلى قدر ما یحشدون ویفعلون، على قدر ما یحبطون تلک المخططات الصهیونیة التهویدیة التی یستکملون فیها وعد ونکبة بلفور!.

فلم یکن "وعد بلفور" لیرى النور ویطبق على أرض الواقع فی فلسطین لو تحملت الأمة والدول والانظمة العربیة حینئذ مسؤولیاتها القومیة والتاریخیة؟ ولم تکن فلسطین لتضیع وتغتصب وتهوّد لو تصدى العرب للمشروع الصهیونی کما یجب...! ولم تکن فلسطین لتتحول الى "وطن قومی للیهود" لو ارتقى العرب الى مستوى "الوعد والحدث"...؟!!

وما بین "وعد بلفور" و"وعد بوش لشارون"" نقول: لم یکن "وعد بوش" لیرى النور أیضا لو لملم العرب أنفسهم، وارتقوا الى مستوى الحدث والاخطار الداهمة الاتیة علیهم من الجهات الاربع؟!! ولم یکن بوش لیتجرأ هکذا بمنتهى الاستخفاف بالعرب على "منح ما لا یملک لمن لا یستحق" وعلى منحه ترخیصا مطلقا مفتوحا للدولة الصهیونیة بمواصلة الاغتصاب والتهوید واقتراف المجازر والاغتیالات ضد الشعب الفلسطینی لو شکل العرب ظهیرا وعمقا ودرعا ودعما حقیقیا للفلسطینیین..؟!.

ن/25

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

حصتنا وحصتهم من الإرهاب!


| رمز الموضوع: 143070







الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS
  1. أسير إسرائيلي: إذا أردتم أن تعرفوا عدد الأسرى إسألوا سارة نتنياهو
  2. إصابة 9 جنود إسرائيليين بينهم نائب قائد فرقة وقائد كتيبة في الشجاعية بغزة
  3. في إطار جمعات الغضب.. مدن إيرانية تنظم وقفات تضامنية مع غزة
  4. صنعاء تستهدف "بن غوريون" بصاروخ باليستي فرط صوتي.. وتُهاجم هدفاً في يافا المحتلة
  5. كتائب القسام توقع قوة إسرائيلية في حقل ألغام.. وجنود الاحتلال بين قتيل وجريح
  6. المشّاط للإسرائيليين: لا تراجع عن إسناد غزّة.. الزموا الملاجئ ردّنا سيكون مزلزلاً
  7. الإدارة الأميركية ترضخ.. القوات اليمنية تستفرد بالعدو الصهيوني
  8. انصار الله: إعلان ترامب فشل لنتنياهو
  9. سرايا القدس تسيطر على مُسيرة إسرائيلية شرق مدينة غزة
  10. العدوان الإسرائيلي على مطار صنعاء الدولي.. هجوم استعراضي موجه للداخل الصهيوني
  11. عدوان أمريكي إسرائيلي غاشم على اليمن بعشرات الطائرات
  12. وزير الخارجية الإيراني: الدعم القاتل لإبادة نتنياهو الجماعية في غزة، وشن الحرب نيابةً عنه في اليمن، لم يُحققا شيئاً للشعب الأميركي
فيديو

وكالةالقدس للأنباء


وكالةالقدس للأنباء

جميع الحقوق محفوظة لوکالة القدس للأنباء(قدسنا)