عبد ربه یحرض على طرد عرب 1948!
عبد ربه یحرض على طرد عرب 1948!
هزت التصریحات التی أطلقها یاسر عبد ربه، أمین سر اللجنة التنفیذیة لمنظمة التحریر الفلسطینیة، حول "یهودیة الدولة" الصهیونیة الشارع الفلسطینی هزا عنیفا وأحدثت صدمة کبیرة فی الساحة العربیة لدى شرائح واسعة ما تزال تؤمن بأن القضیة الفلسطینیة هی القضیة المرکزیة للأمة وأن التفریط فیها یعنی ببساطة أن الأمة سقطت فی حالة وهن وتجزئة وتشرذم لا شفاء منها.
عبد ربه عرفه الشارع الفلسطینی والعربی بالتصریحات "الشجاعة" التی یقول فیها ما تتجنب السلطة الفلسطینیة قوله خوفا من ردة فعل الداخل وبالذات ردة فعل کوادر فتح ومقاومیها وقواعدها، و"شجاعة" أمین سر اللجنة التنفیذیة لا تمتد لتصل إلى إعلان المقاومة المسلحة أو الحث على انتفاضة ثالثة وإنما فی تقدیم التنازلات لفائدة العدو بشکل مجانی.
فهو من أمضى الوثیقة المعروفة بوثیقة جنیف "2003" مع "قطب الیسار" الصهیونی یوسی بیلین ورفع من خلالها الحرج عن السلطة الفلسطینیة التی تعرضت وقتها لضغوط من إدارة بوش الابن ومن أنظمة عربیة خائفة ومرعوبة من القبضة الأمریکیة، وقوام هذه الوثیقة هی الاستعداد للتخلی عن حق العودة بما تعنیه الخطوة من مصادرة لحق ملایین الفلسطینیین المشردین فی الشتات فی العودة.
أما الشطحة الجدیدة لعبد ربه، عرّاب التنازلات فی الساحة الفلسطینیة، فهی تتجاوز التنازل عن حق العودة إلى ما هو أخطر، ونقصد إعطاء الغطاء القانونی والسیاسی لإسرائیل کی تطرد ملیون ونصف الملیون فلسطینی من أراضی 1948 وتشریدهم فی منافی جدیدة.
إن تلویح السلطة الفلسطینیة بالاعتراف بـ"یهودیة الدولة" الصهیونیة فیه تحریض واضح وواع ومقصود على طرد أهالی 1948، أو إبقائهم مواطنین من الدرجة الثانیة بما یعنیه ذلک من انتزاع أراضیهم ومنعهم من العمل إلا فی الأعمال الشاقة والهامشیة.
وواضح هنا أن استعداد السلطة الفلسطینیة للتنازل عن الثوابت لم یعد له سقف ولا ثمن سوى أن تظل فی دائرة الرضا الأمریکی والإسرائیلی وأن تقیم حکما ولو على قطعة صغیرة من أرض الضفة تمارس فیها التنسیق الأمنی مع إسرائیل وتعتقل المقاومین بمن فی ذلک أبناء فتح وتتولى قطع الطریق أمامهم کی لا یحصلوا على أسلحة یستخدمونها فی الدفاع عن الأرض، فی المقابل یتنعم بعض المسؤولین وأبناؤهم بالهبات والرشاوى الأمریکیة والعربیة التی تُرسل فی قالب دعم لأهلنا بالداخل وتذهب إلى جیوب الفساد وتجار القضیة.
السلطة الفلسطینیة، ورغم کم التنازلات المجانیة، التی قدمتها لإسرائیل لم تحقق شیئا یحفظ لها ماء الوجه، وبدل أن توقف هذا التفاوض العبثی وتعود إلى المؤسسات الفلسطینیة وتتمسک بالعمق العربی، خیّرت المزید من الهرولة، وهو ما یجعلنا ندعو تلک المؤسسات إلى أن تتحرک لوقف هذا المهزلة.
والمقصود هنا، الفصائل التی تنضوی صلب منظمة التحریر مثل الشعبیة والدیمقراطیة، والفصائل التی لم تنتم إلیها بعدُ، والشخصیات الوطنیة الفلسطینیة المستقلة التی قدمت الکثیر لفائدة القضیة، من حق هؤلاء جمیعا أن یقولوا لسلطة أوسلو کفى وأن یطالبوا بعزل عبد ربه من مختلف المؤسسات الفلسطینیة ما دام قد داس على الثوابت وتخلى عن حق العودة وحرّض على أهالی 1948 وأعطى مسوغات کافیة لطردهم، وأن یعیدوا بناء منظمة التحریر على قاعدة الثوابت ویفتحوا أبوابها أمام المتمسکین بالمقاومة، وأن یصوغوا میثاقا وطنیا جدیدا ینهض على تحریر الأرض وحق العودة وتتم بمقتضاه المصالحة الوطنیة.
والنداء نفسه نوجّهه إلى القوى الفاعلة فی الساحة العربیة بمختلف مشاربها للتحرک السیاسی والإعلامی من أجل خلق رأی عام شعبی یضغط لوقف تلاعب سلطة أوسلو وبعض أنظمة "الاعتدال" العربی بالحقوق التاریخیة للشعب الفلسطینی وتوجیه الصراع وجهته الصحیحة، أی فی مواجهة الاحتلال الصهیونی المسنود أمریکیا وأوروبیا باعتباره شوکة فی حلق الأمة ویهدف إلى إلهائها عن بناء تجارب تنمویة تفک فیها الارتباط مع القوى الاستعماریة وتحقق بها الاستقلال بمعناه العمیق.
والحقیقة المؤلمة أن بعض الفصائل والقوى الوطنیة فی الساحة الفلسطینیة قد غیّرت البوصلة وابتلعت الطعم الصهیونی ووجهت البندقیة إلى صدور الفلسطینیین بدل صدور أعدائهم وصار همها الأساسی السیطرة على "الأمن" وفرض "الاستقرار" بما قد یعنیه من تکمیم للأفواه والبنادق، وبدل أن یکون العدو المشترک هو إسرائیل وأمریکا صار العدو إیران أو ترکیا أو مصر أو حماس وفتح والجهاد.
إن تصریحات یاسر عبد ربه "الثوری القدیم" الحاثة على الاستسلام للعنصریة والمشرّعة للتطهیر العرقی تمثل فرصة أمام مختلف القوى الوطنیة والعربیة کی تعید القضیة إلى حاضنتها القومیة، أی الإیمان بالتلازم فی معرکة التحرر سواء بفلسطین أو العراق أو غیرها وواجب کل العرب بالنهوض بالمهمة.
( عن العرب انلاین اللندنیة )
ن/25
الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS