26 أیلول.. ما قبله وما بعده!
26 أیلول.. ما قبله وما بعده!
جواد البشیتی
فی مقالة سابقة، أی قبل السادس والعشرین من أیلول الجاری ببضعة أیام، قلت: حکومة نتنیاهو لن تجتمع لِتُعْلِن "على الملأ" أنَّها قرَّرت "تحریر" الاستیطان من "القیود" التی قیَّدته بها عشرة أشهر "انتهت فی السادس والعشرین من أیلول الجاری". ویصعب على المرء، فی الوقت نفسه، أن یتوقَّع أن تَقْدِم حکومة نتنیاهو على بناء "عشرات الآلاف من المنازل "للمستوطنین" المقرَّر بناؤها"، فهذا الأمر "أو ذاک" سیضطَّر رئیس السلطة الفلسطینیة محمود عباس إلى أنْ یفی بالعهد الذی قطعه على نفسه إذ قال "لن أستمر فی المفاوضات "المباشرة" یوماً واحداً إذا ما استأنفت إسرائیل الاستیطان".
وقلت: التوقُّع الذی نَسْتَسْهِل الآن هو أن تقرِّر حکومة نتنیاهو إضافة شهرین، أو ثلاثة أشهر، إلى الشهور العشرة التی انقضت، أو أنْ تُحْجِم عن إعلان أی قرار "فی شأن الاستیطان" ملتزمةً، فی الوقت نفسه، عدم الإفراط فی البناء الاستیطانی، أی أن تبنی فی المستوطنات؛ لکن بما لا یتسبَّب بهدم المفاوضات.
لقد حثَّتها إدارة الرئیس أوباما، علانیةً، وغیر مرَّة؛ وکأنَّها تستجدیها، أن تقرِّر وتُعْلِن إضافة شهرین أو ثلاثة أشهر إلى شهور "التجمید" العشرة التی انقضت، فما کان من حکومة نتنیاهو إلاَّ أنْ لاذت بالصمت، الذی فیه قالت للمستوطنین ومنظماتهم وزعمائهم إنَّ "تجمید" البناء الاستیطانی قد انتهى، وحان لکم، بالتالی، أن تستأنفوا هذا البناء، متمنیةً علیهم، فی الوقت نفسه، أن یزهدوا فی احتفالهم بهذا "العید"، فـ "العمل فی صمت "ذهبی"" خیر وأجدى!
قرار نتنیاهو کان "الصمت"، فهذه المرَّة، استشعر أهمیة وضرورة أن یستعین على قضاء حوائجه بالصمت؛ ولقد دعا وزراءه إلى أن یقتصدوا فی التعبیر عن فرحهم وسرورهم وسعادتهم؛ وکأنَّ هذا یکفی إسرائیلیاً لمجاملة الرئیس أوباما سیاسیاً، ولتشجیع رئیس السلطة الفلسطینیة محمود عباس على المضی قُدُماً فی المفاوضات المباشرة، وکأنَّ استئناف النشاط الاستیطانی، على افتراض أنَّه توقَّف عشرة أشهر، لا یمنع، ویجب ألاَّ یمنع، الاستمرار فی المفاوضات المباشرة التی استؤنفت فی الثانی من أیلول الجاری.
وبعد هذا الصمت نطق نتنیاهو کُفْراً، إذ دعا، فی بیان أصدره، الرئیس عباس إلى الاستمرار فی المفاوضات المباشرة، وکأنَّه یقول له: اغْتَنِمْ استئناف الاستیطان "أو عدم الاستمرار فی "تجمید" الاستیطان" للاستمرار فی المفاوضات المباشرة!
سلفان شالوم، وبصفة کونه قائماً بأعمال رئیس الوزراء الإسرائیلی، ذهب "فوراً" إلى الخلیل، لیشارک بنفسه فی الاحتفال بوضع حجر الأساس لمدرسة دینیة یهودیة فی الحیِّ الاستیطانی الیهودی فی المدینة الفلسطینیة "غیر المحاذیة لخطِّ الرابع من حزیران 1967".
وذهب نواب من الائتلاف الحاکم إلى مستوطنات فی الضفة الغربیة لیبلغوا إلى المستوطنین فیها أن "التجمید" قد انتهى، وأنَّ علیهم استئناف البناء فی هذه المستوطنات.
رئیس الائتلاف الحاکم زئیف الکین حضر اجتماعاً لزعماء المستوطنین فی مستوطنة "غوش عتصیون"؛ ثمَّ خطب فیهم قائلاً: "اجتماعنا هنا له أهمیته الرمزیة؛ فهذه المستوطنة جُمِّد فیها البناء عشرة أشهر. هنا یوجد سکان منذ عشرین سنة، مُنِعوا من بناء منازل لهم هنا؛ لکن هذه الضائقة ستنتهی هذه اللیلة "لیلة السادس والعشرین من أیلول الجاری". الصراع لم ینتهِ بعد؛ ونحن نرید توقیع باراک "وزیر الدفاع الإسرائیلی" من أجل الاستمرار فی البناء فی مستوطنات أخرى".
والحقیقة التی تبدو لنا وللعالم جلاءً هی أنَّ الاستیطان فی القدس الشرقیة لم یکن مشمولاً بـ"التجمید"، وأنَّ الأعمال الاستیطانیة فی الضفة الغربیة لم تتوقَّف فی أشهر "التجمید" العشرة التی انقضت، والتی فیها صادرت إسرائیل نحو 5906 دونمات من أراضی الضفة الغربیة.
فلسطینیاً، أحسب أنَّ من الأهمیة بمکان التذکیر بوعد، أو تعهُّد، أو قَسَم، الرئیس عباس؛ فلقد أعلن قبل بضعة أیام من انتهاء أشهر "التجمید" العشرة أنَّه لن یستمر یوماً واحداً فی المفاوضات "المباشرة" إذا ما "استأنفت" إسرائیل نشاطها الاستیطانی "الذی لم یتوقَّف حتى یُسْتأنف". هل "استأنفت" إسرائیل نشاطها الاستیطانی بعد السادس والعشرین من أیلول الجاری؟
أحسب أنَّ الرئیس عباس لا یستطیع أنْ ینفی؛ بل یمکنه، وینبغی له، أنْ یؤکِّد، أنَّ هذا النشاط قد استؤنِف. لکن، هل یقرِّر الآن "الانسحاب" من المفاوضات "المباشرة" وقد هیَّأت له حکومة نتنیاهو السبب، أو الذریعة، للانسحاب؟ عن هذا السؤال أجاب بنفسه قائلاً: لن ننسحب "فوراً".
والکلمة "فوراً" قد تُذکِّر الفلسطینیین بأسوأ معنى لها، فإنَّ مجلس الأمن الدولی دعا، فی قراره الشهیر الرقم 242، إسرائیل إلى الانسحاب "فوراً" من الأراضی التی احتلتها فی حرب حزیران 1967.
قبل "رسالة الضمانات" التی تسلَّمها شارون من بوش، فاوض الفلسطینیون إسرائیل، متوهمین أنَّ مفاوضات السلام، أو مفاوضات الحل النهائی، ستتمخَّض، حتماً، عن نتائج تذهب بکل ما أقیم من مستوطنات "فی الضفة الغربیة" و"أحیاء یهودیة "فی القدس الشرقیة""، فمصر استعادت سیناء خالیةً من المستوطنین ومستوطناتهم.
وبعد "الرسالة"، فاوض الفلسطینیون إسرائیل، متوهمین أنَّ مفاوضات السلام ستنتهی لا محالة، وعمَّا قریب، إلى اتفاقیة حل نهائی، بموجبها یُعدَّل خط الرابع من حزیران 1967 تعدیلاً طفیفاً، ویُعوَّض الفلسطینیون خسارتهم لجزء ضئیل من أراضی الضفة الغربیة، یترکَّز فیه المستوطنون، بما یماثله، کمَّاً ونوعاً، من أراضٍ إسرائیلیة.
وأحسبُ الآن أنَّ المفاوض الفلسطینی یفاوض إسرائیل وهو یؤمن إیماناً لا یتزعزع "وإنْ لا یجرؤ على إشهار إیمانه هذا" بأنَّ ما حلَّ بالمستوطنین ومستوطناتهم فی سیناء؛ ثمَّ فی قطاع غزة، لن یحلَّ بهم أبداً فی الضفة الغربیة، وفی القدس الشرقیة على وجه الخصوص.
وإنَّه لوهم خالص أن یُظَن أنَّ مفاوضات الحل النهائی یمکن أن تتمخَّض عن اتفاقیة یلقى فیها المستوطنون "فی الضفة الغربیة، وفی القدس الشرقیة على وجه الخصوص" المصیر الذی لقیه أشقاؤهم فی سیناء، وفی قطاع غزة، أو تغدو فیها مستوطناتهم مع سکَّانها مشمولةً بسیادة الدولة الفلسطینیة، ولو بما یجعل هذا الوجود الیهودی الاستیطانی شبیهاً بدولة فی داخل دولة.
المفاوض الفلسطینی، ومنذ تسلَّم شارون "رسالة الضمانات" من بوش، سلَّم بأنَّ اتفاقیة الحل النهائی لن ترى النور إذا لم یَقْبَل فیها ضمَّ جزء "یرید له أن یکون ضئیلاً" من أراضی الضفة الغربیة "والقدس الشرقیة" یترکَّز فیه المستوطنون إلى إقلیم دولة إسرائیل؛ لکنَّ الذی یُقْلِقه هو أنَّ "مفاوضات السلام" یمکن أن تستمر عشرات السنین من غیر أن تأتی بنتیجة تُذْکَر، فیستمر الاستیطان "والتهوید" وینمو دیمغرافیاً، ویتَّسِع جغرافیاً، فی مناخ الاستمرار فی "مفاوضات السلام" التی لا نهایة لها، ولا نتیجة عملیة إیجابیة فلسطینیاً تمخَّضت، أو یمکن أن تتمخَّض، عنها.
ویکفی أن یقترن استمرار هذه المفاوضات "المُنَمِّیة للاستیطان والتهوید" بغیاب "أو ضعف" المقاومة الشعبیة الفلسطینیة بأشکالها وصورها المختلفة حتى ندرک ونتعرَّف حجم الکارثة الفلسطینیة.
لو کان الخیار هو أن یستمر التفاوض "غیر المجدی" عشرات السنین فی مقابل الوقف التام للنشاط الاستیطانی "وللتهوید" لمَا شقَّ على الفلسطینیین کثیراً قبوله؛ ولو کان الخیار هو أن تستأنف حکومة نتنیاهو النشاط الاستیطانی بعد السادس والعشرین من أیلول الجاری فی مقابل حصول الفلسطینیین على ضمانات حقیقیة یتأکَّدون من خلالها أنَّ المفاوضات المباشرة ستنتهی فی زمن لا یزید عن 12 شهراً إلى اتفاقیة یحصلون من خلالها على دولة مستقلة ذات سیادة، حدودها النهائیة هی خط الرابع من حزیران 1967 المعدَّل تعدیلاً طفیفاً، عملاً بمبدأ "التبادل المتکافئ للأراضی"، لمَا استصعب الفلسطینیون قبوله.
إنَّ ما یشبه ظاهرة "السقوط الحر للأجسام" قد بدأ فلسطینیاً وعربیاً مع تسلُّم الرئیس أوباما مقالید الحکم فی الولایات المتحدة، فهذا الرجل الذی تفاءل به الفلسطینیون والعرب کثیراً سرعان ما تورَّط، مورِّطاً معه الرئیس عباس، فی مواقف أثارت حفیظة حکومة نتنیاهو.
قصَّة "الشجرة وسُلَّمها" رواها، وأحسن روایتها، بیریز إذ قال: "الرئیس أوباما جَعَلَ "بمواقفه الأولى من الاستیطان، والإیجابیة فلسطینیاً" الرئیس عباس یصعد إلى أعلى الشجرة؛ ثمَّ أخَذَ السُلَّم.. إنَّ خطأ الرئیس الفلسطینی یکمن فی کونه ابتنى له من مواقف الرئیس أوباما سقف توقُّعات عالیاً، معلِّلاً نفسه باعتقاد "أی بوهم" أنَّ باراک أوباما سیتبنَّى الموقف الفلسطینی "من الاستیطان"". وعلیه، أعرب بیریز عن "تفهمه لشعور عباس بخیبة الأمل".
وإنصافاً للحقیقة، إذا ما کان فی الأمر "حقیقة" تستحق "الإنصاف"، نقول إنَّ الرئیس أوباما، وبعدما أصعد الرئیس عباس إلى أعلى الشجرة، وأخَذَ السُلَّم، سعى فی إقناع نتنیاهو بأن یُحسِّن مواقفه من قضیة "وقف النشاط الاستیطانی" بما یمکِّن "النجَّار" میتشل من أن یصنع من هذه المواقف المحسَّنة سُلَّماً یساعِد الرئیس عباس فی النزول من أعلى الشجرة.
هل تَذْکُرون ما حَدَثَ فی تموز 2009 عندما أعلنت حکومة نتنیاهو خطَّة لبناء نحو عشرین منزلاً "فقط" للمستوطنین فی حیِّ الشیخ جرَّاح فی القدس الشرقیة، والذی یقع فی خارج أسوار البلدة القدیمة من المدینة المقدَّسة؟
للتذکیر إنْ نفعت الذکرى، اسْتُدْعی السفیر الإسرائیلی فی واشنطن إلى وزارة الخارجیة لِیَنْقُل إلى حکومة نتنیاهو رسالة مؤدَّاها أنَّ إدارة الرئیس أوباما تقف ضد خطة إسرائیلیة لبناء منازل "نحو عشرین شقة سکنیة" للمستوطنین فی حی الشیخ جراح فی القدس الشرقیة، وتدعوها، فی الوقت نفسه، إلى وقف هذا النشاط الاستیطانی الجدید، الذی یرفض نتنیاهو تصویره على أنَّه نشاط استیطانی؛ لأنَّ "القدس الموحَّدة"، فی زعمه، لیست بـ "مستوطنة" حتى یشملها "تجمید" النشاط الاستیطانی، وإنَّما هی، فی الزعم الإسرائیلی التلمودی، "عاصمة الشعب الیهودی، ودولة إسرائیل"، والسیادة الإسرائیلیة علیها لیست، ولن تکون، على ما صرَّح نتنیاهو، محل جدل. على ما عَلِمْنا وفَهِمْنا، قالت إدارة الرئیس أوباما لحکومة نتنیاهو إنَّ علیکم أن تتوقَّفوا عن بناء تلک المنازل فی حیِّ الشیخ جراح فی القدس الشرقیة، فردَّت علیها حکومة نتنیاهو قائلةً إنَّها لن تتوقَّف أبداً.
وفی تعلیقی على هذا الموقف قلت: إنَّه لأمر جیِّد أن یرکب نتنیاهو رأسه، وأن یَظْهَر متحدِّیاً تلک الإدارة على هذا النحو؛ ولکنَّ الأهم من ذلک، وبعد ذلک، والآن، هو "الخطوة التالیة" التی ینبغی لإدارة الرئیس أوباما أن تخطوها، فهل تکون خطوة إلى الأمام، فی مواجهتها هذا التحدِّی الاستیطانی والسیاسی الإسرائیلی، أم خطوة، أو أکثر، إلى الوراء، وکأنَّها مستعدة لفعل أی شیء من أجل التوصُّل إلى حلٍّ نهائی للنزاع بین إسرائیل والفلسطینیین، على ألاَّ یتسبَّب فعلها هذا بإغضاب نتنیاهو وحکومته!
وقلت: بناء عشرین شقة سکنیة للمستوطنین فی حیِّ الشیخ جراح لیس فی حدِّ ذاته بالشیء الذی یَزِن وزناً یعتدُّ به بالمیزان الاستیطانی العام؛ ولکن فی هذا "الشأن الصغیر" تکمن الآن معانی کبیرة وعظیمة، فالنتائج التی سیتمخَّض عنها هذا "النزاع الاستیطانی الجدید والصغیر" بین إدارة الرئیس أوباما وحکومة نتنیاهو هی أهم "بالون اختبار"، فارقبوا هذه النتائج فإنَّها کالسیف، أصدق إنباءً من الکتب، فی حدِّه الحدُّ بین الجدِّ واللعب. إنَّها رودوس التی تتحدَّى أوباما أن یقفز منها!
وسرعان ما وَقَفْنا على "المعانی الکبیرة والعظیمة" التی کانت کامنة فی ذلک "الشأن الصغیر"، وعلى النتائج التی تمخَّض عنها ذلک "النزاع الاستیطانی الجدید والصغیر" بین إدارة الرئیس أوباما وحکومة نتنیاهو، والتی کانت أهم "بالون اختبار"، وکالسیف، أصدق إنباءً من الکتب، فی حدِّه الحدُّ بین الجدِّ واللعب؛ و"رودوس" تلک، أی الشیخ جرَّاح، تحدَّت أوباما أنْ یقفز منها، فما کان منه إلاَّ أن عاد القهقرى إلى الوراء، مستقبلاً، فی البیت الأبیض، نتنیاهو الذی قرَّر أن یبنی لیس عشرین منزلا للمستوطنین، وإنَّما 1600 منزل، فی "عاصمة الشعب الیهودی منذ ثلاثة آلاف سنة"!
فی وضوح ما بعده وضوح، قال "أسد الاستیطان"، فی واشنطن، إنَّ تلک القدس لیست "مستوطنة؛ بل عاصمة "لدولة إسرائیل""، وإنَّ البناء "الاستیطانی" فیها مثل البناء فی تل أبیب، وإنَّ الولایات المتحدة والاتحاد الأوروبی، والفلسطینیین أیضاً، یعرفون هذا الأمر، ویعرفون أیضاً أنَّ "الأحیاء الیهودیة"، فی القدس الشرقیة، والتی یقطنها الآن نحو 200 ألف مستوطن، ستکون، أو ستظل، جزءاً لا یتجزأ من إقلیم دولة إسرائیل، وأنَّ اتفاقیة الحل النهائی مع الفلسطینیین ستتضمَّن، حتماً، إقراراً فلسطینیاً بأن تلک الأحیاء ستبقى مشمولة بالسیادة الإسرائیلیة.
لکنَّ نتنیاهو، وعن عمد، تحدَّث بشیء من "الغموض البنَّاء"، أی الذی یسمح بابتناء مزیدٍ من الأوهام فی رؤوس الفلسطینیین والعرب، فهو "أوضح" أنَّ البناء الاستیطانی فی القدس الشرقیة سیستمر "فحسب" فی "الأحیاء الیهودیة"، وعددها 12 حیَّاً، یقطنها نحو 200 ألف مستوطن، وأنَّ خطَّة حکومته لبناء نحو 1600 منزل للمستوطنین فی القدس الشرقیة "أو فی تلک الأحیاء، أو فی حی، أو مستوطنة، "رامات شلومو"" لن تکتمل تنفیذاً إلاَّ بعد ثلاث سنوات، وأنَّ کل هذا الذی "أوضحه"، فی شأن الاستیطان فی القدس الشرقیة، التی یقطنها الآن نحو 270 ألف فلسطینی، یجب أن یُقْنِع حتى إدارة الرئیس أوباما بأنَّ سیاسة "البناء فی القدس "الشرقیة" مثل البناء فی تل أبیب" لا تتعارض ومبدأ "حل الدولتین".
وهذا "الغموض البنَّاء" أسیء فهمه، فلسطینیاً وعربیاً إذ فُهِمَ على أنَّه حلٌّ إسرائیلی لمشکلة القدس الشرقیة، یقوم على إطلاق الاستیطان فی تلک "الأحیاء الیهودیة" فحسب، والتی ستصبح جزءاً لا یتجزأ من إقلیم دولة إسرائیل، وعلى جَعْل بقیة القدس الشرقیة "الأحیاء العربیة أو الفلسطینیة" والتی یقطنها الآن نحو 270 ألف فلسطینی جزءاً من إقلیم الدولة الفلسطینیة.
نتنیاهو، الذی "هنَّأ الرئیس أوباما بنجاحه فی جَلْب السلطة الفلسطینیة إلى طاولة المفاوضات المباشِرة من دون شروط مسبقة، وکما طالب بذلک منذ سنة ونصف السنة "، قرَّر جَعْل یوم السادس والعشرین من أیلول الجاری دلیلاً على أنَّ المفاوضات المباشِرة قد بدأت من دون شروط "فلسطینیة" مسبقة، أی من دون أن تلبِّی حکومته مطلب الفلسطینیین الوقف التام للنشاط الاستیطانی؛ وأنَّها یمکن ویجب أن تستمر کما بدأت.
وأعلن نتنیاهو انتصاره، وشرع یحتفل به، فعبارته الشرطیة "أنْ یأتی الفلسطینیون إلى المفاوضات المباشِرة بلا شروط مسبقة" کانت حجر الأساس فی "الدعوة" التی وجَّهتها کلینتون، والتی سرعان ما لبَّتها السلطة الفلسطینیة؛ والسیِّد والسیِّدة، یفهمان عبارة "بلا شروط مسبقة" على أنَّها قبول "المفاوِض الفلسطینی" التخلَّی عن مطلبه "أو شرطه" الوقف التام للنشاط الاستیطانی، وللخاص منه بالقدس الشرقیة "محافَظةً ومدینة" على وجه الخصوص؛ ولقد سعى نتنیاهو، بدءاً من لحظة توجیه "الدعوة"، وتلبیة السلطة الفلسطینیة لها، فی إثبات وتأکید أنَّ "عدم الوقف التام" للنشاط الاستیطانی، ومن الوجهة العملیة والواقعیة، هو معنى قبول الفلسطینیین الذهاب إلى المفاوضات المباشِرة "بلا شروط مسبقة"؛ کما هو معنى "12 شهراً من التفاوض المباشِر".
حتى "تمدید" هذا "التجمید" رفضه نتنیاهو، وکأنَّه یرید أن یقول للرئیس عباس إنَّ علیکَ الاستمرار فی المفاوضات المباشِرة، فی مناخ من النشاط الاستیطانی الذی تحرَّر من قَیْد قرار الحکومة الإسرائیلیة "تجمیده" حتى السادس والعشرین من أیلول الجاری، فإنَّ مزیداً من الاستیطان یمکن ویجب أن یأتی بمزیدٍ من التفاوض، وإنَّ مزیداً من التفاوض یمکن ویجب أن یأتی بمزیدٍ من الاستیطان؛ فهذا هو وحده المعنى الحقیقی لمفاوضات السلام!
أمَّا إدارة الرئیس أوباما فقد أوضحت للسلطة الفلسطینیة، على ما کشف "کبیر المفاوضین" الفلسطینیین صائب عریقات، أنَّها لا تضمن لها عدم استئناف إسرائیل لنشاطها الاستیطانی بعد السادس والعشرین من أیلول 2010؛ لکنَّها، أی إدارة الرئیس أوباما، تعتقد بوجود إمکانیة کبیرة لاستمرار "التجمید" إذا ما ذهب الفلسطینیون إلى المفاوضات المباشِرة.
إدارة الرئیس أوباما دعت العرب إلى أن یؤیِّدوا "عبر "لجنة مبادرة السلام العربیة"" اقتراحها إجراء مفاوضات غیر مباشرة بین الفلسطینیین وإسرائیل، فاستجابوا، وفوَّضوا إلى الرئیس الفلسطینی محمود عباس أمْر خوض هذه التجربة، مؤکِّدین، فی الوقت نفسه، عدم ثقتهم بجدوى التفاوض مع حکومة ننتیاهو.
وعندما دَعَتْهُم إلى تأیید الانتقال من تلک المفاوضات "التی لم تأتِ إلاَّ بما یقیم الدلیل على عدم جدوى التفاوض مع هذه الحکومة" إلى المفاوضات المباشِرة، استجابوا، وفوَّضوا إلى الرئیس عباس أمْر تقریر متى تبدأ هذه المفاوضات، معیدین تأکید عدم ثقتهم بجدوى التفاوض مع حکومة نتنیاهو، وکأنَّهم أرادوا أن یقولوا لإدارة الرئیس أوباما إنَّهم یَثِقون فحسب بها، وبنیَّاتها، ویتوقَّعون أنْ تُغیِّر سیاستها ومواقفها بعد أن تَقْتَنِع بما اقتنعت به "لجنة مبادرة السلام العربیة"، وهو تعذُّر، إنْ لم یکن استحالة، أن تجنح حکومة نتنیاهو لمفاوضات سلام جادة ومثمرة.
لکن، هل "اقتنع" الرئیس أوباما "اقتناعاً"، بجدوى وضرورة وأهمیة أن یتراجع عن مطلبه وَقْف کل نشاط استیطانی "قبل، ومن أجل، بدء، أو استئناف، مفاوضات السلام" حتى تَنْتَظِر "اللجنة"، وتتوقَّع، أن "یقتنع "اقتناعاً"" بعدم جدوى التفاوض مع حکومة نتنیاهو؟ إذا کان علیهم أنْ یجیبوا عن هذا السؤال فسوف یجیبون عنه قائلین: "کلاَّ، لم یقتنع اقتناعاً، وإنَّما أُرْغِم إرغاماً، فالضغوط التی تعرَّضت لها إدارته هی التی حملته على التراجع". والسؤال الذی تَلِده تلک الإجابة هو "هل سیمارِس العرب من الضغوط على إدارة الرئیس أوباما ما یَحْمِلها على تغییر سیاستها ومواقفها بما یَحْمِل حکومة نتنیاهو على التفاوض الجاد والمثمر؟".
إذا کان لـ "الواقع" أن یجیب عن هذا السؤال فلن یجیب إلاَّ بما یؤکِّد أنْ لا "ضغط" یمکن أن یمارسه العرب على إدارة الرئیس أوباما إلاَّ الذهاب إلى الأمم المتحدة "مجلس الأمن الدولی" أو التهدید بالذهاب، فإذا ذهبوا، وسعوا فی استصدار قرار دولی جدید، ولقی سعیهم حتفه بـ "فیتو" الولایات المتحدة، فلن یفعلوا بعد ذلک إلاَّ ما یقیم الدلیل على أنْ لا مصلحة حقیقیة، واقعیة، للعرب من ملتزمی السلام خیاراً إستراتیجیاً إلاَّ أنْ یتصالحوا، مرَّة أخرى، مع خیار "التفاوض الأبدی"، فإنَّ هذا الشر، إذا ما کان شرَّاً فی معتقدهم، یظلُّ أهون ألف مرَّة من شرِّ تطلیقهم ثلاثاً الخیارین معاً "خیار "السلام المُطْلًق" وخیار "التفاوض الأبدی"".
"لجنتهم" برَّت بوعدها، فالانتقال من المفاوضات غیر المباشِرة إلى المفاوضات المباشِرة لن یکون آلیاً، تلقائیاً، ولو کرهت حکومة نتنیاهو؛ ولقد اجتمعوا، واطِّلعوا، وتدارسوا، وحلَّلوا، واتَّصلوا؛ ثمَّ أعلنوا وقرَّروا، مُتحدِّین عقلاء العالم جمیعاً أن یفهموا شیئاً مِمَّا أعلنوا وقرَّروا؛ فإنَّ "عدم الوضوح "غیر الخلاَّق" والتناقض فی المنطق وَجَعْل البسیط من الأمور مسْتَغْلَقاً على الفهم" أصبح سیاسة عربیة خالصة.
فی قرارهم المُعْلَن، والوجیز، والذی فیه فحسب رکَّزوا کل ما لدیهم من وضوح، أو توضیح، قالوا لإدارة الرئیس أوباما "الجادة الصادقة فی سعیها إلى السلام، والتی تبدی وتُضْمِر کثیراً من النیَّات الحسنة الطیِّبة"، إنَّ "اللجنة" فوَّضت إلى رئیس السلطة الفلسطینیة محمود عباس أمْر الذهاب إلى المفاوضات المباشِرة"، تارکةً له أنْ یقرِّر هو بنفسه "متى یذهب"، أو "متى تبدأ هذه المفاوضات".
ما الذی فعله، أو اجترحه، "المُفَوِّضون" العرب، الذین فوَّضوا أمْرَهم إلى إدارة الرئیس أوباما، المٌفوِّضة أمْرها إلى نتنیاهو ـ لیبرمان؟ عن هذا السؤال، أو التساؤل، أجابنا الأمین العام لجامعة الدول العربیة عمرو موسى إذ قال: "حاول نتنیاهو أن یضع الکرة فی ملعبنا، فلم ینجح؛ فنحن لم نمنحه هذه الفرصة، وأرجعنا الکرة إلى الملعب الإسرائیلی مرَّة أخرى"!
کلاَّ، لیس هذا هو الذی حدث، فنتنیاهو حاول وضع الکرة فی ملعب "اللجنة العربیة"، فما کان من هذه اللجنة إلاَّ أنْ وضعت الکرة فی ملعب عباس، إذ قرَّرت أنَّ رئیس السلطة الفلسطینیة هو وحده المخوَّل الآن، أو من الآن وصاعداً، أنْ یحدِّد ویقرَّر متى یذهب إلى المفاوضات المباشِرة مع نتنیاهو، فإذا انتهت هذه المفاوضات إلى ما انتهت إلیه مفاوضات التقریب غیر المباشِرة، فلن یتحمَّل المسؤولیة غیر هذا الذی لم یُحسِن تحدید وتقریر موعد بدء المفاوضات المباشِرة.
إنَّ لدیهم إیماناً لا یتزعزع، على ما أظهروا، بأنْ لا سلام مع إسرائیل ما بقی نتنیاهو رئیساً لحکومتها، وبأنَّ التفاوض مع هذه الحکومة، أکان غیر مباشِر أم مباشِر، هو مضیعة للوقت؛ ولکن لدیهم، فی الوقت نفسه، ثقة بجدیة إدارة الرئیس أوباما، وبنیَّاته؛ ثمَّ استخذوا، ولو قلیلاً، لسلطان "الحکمة"، فتساءلوا عمَّا إذا کان من الواقعیة فی شیء أن نتوقَّع تحقُّق السلام بـ "النیِّات الطیبة والصادقة" وحدها، وهم الذین لا یملکون أکثر ممَّا تملکه إدارة الرئیس أوباما "إذا ما افترضنا أنَّها تملکه" وهو "النیَّات الطیِّبة"!
لقد اقتربت مواقف الرئیس أوباما، واقتربت کثیراً، من مواقف "نتنیاهو ـ لیبرمان"؛ ثمَّ تولَّى الرئیس أوباما مهمة "إقناع" الدول العربیة و"لجنتها" بضرورة وأهمیة أن یَحْمِلوا السلطة الفلسطینیة على أنْ تقترب بمواقفها من مواقفه؛ وإنَّنا لم نرَ حتى الآن من مواقف لإدارة الرئیس أوباما إلاَّ تلک التی تُخَطُّ بمداد الخضوع والاستخذاء لمشیئة حکومة نتنیاهو، ومؤیِّدی سیاستها ونهجها فی داخل الولایات المتحدة؛ ولم نرَ من مساعیها إلاَّ سعیها إلى إکراه الفلسطینیین على إبداء مزیدٍ من "المرونة"، فإذا استصعب الرئیس عباس، أو شقَّ علیه، قبول مقترحاتها "المتوافقة مع مواقفها تلک" دعت العرب، ممثَّلین بتلک "اللجنة"، إلى تشجیعه على القبول، وإلى "تعریب" قرار القبول.
کل هذا الإفراط العربی فی إظهار العجز، وممارسته، لا یصلح دلیلاً على أنَّ العرب قد أتوا بمعجزة بلوغ "العجز المطلق"، فهم، والحقُّ یقال، أعْجَزوا نتنیاهو عن الإتیان بأیِّ عمل یمکن أن یستفزهم، أو یخرجهم عن طورهم، أو لا ینزل علیهم برداً وسلاماً، وکأنَّ الموت فیهم هو آخر ما بقی فیهم من "قوَّة"، فالمیِّت أقوى من الحیِّ لجهة کونه عصیِّاً على الاستفزاز!
نتنیاهو لم "ولن" یَسْتَجْمِع للعرب من الأسباب ما یَحْمِلهم على الثقة بحسن نیَّاته، وبجدوى التفاوض معه، وبالتوصُّل إلى مزیدٍ من السلام مع دولته؛ ولکنَّه اسْتَجْمَع لهم من الأسباب ما یکفی، لو کانوا طُلاَّب حقیقة، وینتمون إلى العالم الواقعی للسیاسة، لجنوحهم للحرب، وللسیر فی طریقها التی هی نفسها الطریق "المستقیمة" إلى السلام، أو إلى جعل إسرائیل فی حاجة إلیه، فإنَّ ما یدهشنی حقَّا لیس عدم تحقُّق السلام، وإنَّما عدم وقوع الحرب، بعدما هیَّأ لها نتنیاهو من الأسباب ما یکفی لإرغام العرب على خوضها.
التجربة، أی تجربة الاستیطان والتفاوض، أقامت الدلیل على أنَّ الاستیطان والتفاوض "متصالحان" أکثر من کونهما "متضادین"، فإنَّ مزیداً من التفاوض کان یأتی بمزیدٍ من الاستیطان، وإنَّ مزیداً من الاستیطان کان یأتی بمزیدٍ من التفاوض، فلا الاستیطان مَنَع التفاوض، ولا التفاوض مَنَع الاستیطان!
وأحسبُ أنَّنی لا أجافی، ولا أُجانِب، حقیقةً موضوعیة، إذا ما قُلْت "لولا المفاوضات لَمَا عمَّ وازدهر الاستیطان"، فالمفاوضات "أکانت مباشِرة أم غیر مباشِرة" هی، على ما أثبتت وأکَّدت التجربة، المناخ الذی فیه یزدهر الاستیطان؛ أمَّا التعلیل أو التفسیر فهو افتقار تلک المفاوضات لمنطق ولمقوِّمات المفاوضات "الحقیقیة"، التی لن تکون کذلک، أی لن تکون "حقیقیة"، إذا لم یتسلَّح فیها المفاوِض الفلسطینی "والعربی" بفنَّی "الإقناع" و"الإکراه" معاً.
وحتى لا یُساء فهم أوجه العلاقة بین "الاستیطان" و"المفاوضات"، التی هی فی "حقیقتها الفلسطینیة "والعربیة"" تشبه "المفاوضات" شکلاً، وتخالفها حتى التضاد، محتوى، أقول توضیحاً إنَّ الاستیطان لم یزدهر "فی أثناء" المفاوضات فحسب، وإنَّما "بفضلها"، و"بسببها"، فلو نطقت القیادة الفلسطینیة بالحقیقة، أی بحقیقة أنَّ التفاوض مع إسرائیل "الآن" یضر ولا ینفع "فلسطینیاً" لأنَّ الفلسطینیین والعرب لم یستوفوا بعد شروط الدخول فی "مفاوضات حقیقیة" مع عدوهم القومی، لحرَّرت شعبها من أوهام، ینبغی له التحرُّر منها قبل، ومن أجل، التحرُّر من الاحتلال الإسرائیلی، ولساهمت، بالتالی، فی التأسیس لحالٍ من المقاوَمة الشعبیة القومیة، التی فی مناخها یغدو ازدهار الاستیطان من الصعوبة، أو الاستعصاء، بمکان.
فی السیاسة، التی لأصحابها مصلحة "حقیقیة" فی بثِّ الأوهام، وبَسْط سلطانها على أبصار وبصائر الفلسطینیین، یمکن ویجب القول بالمفاوضات "التی فیها وبها یتأکَّد أنَّ إسرائیل تُفاوِض الفلسطینیین وکأنَّها تُحاوِر نفسها لیس إلاَّ" طریقاً "وطریقاً وحیدةً" إلى السلام؛ أمَّا فی السیاسة المضادة، التی حان لها أن تَخْرُج من رحم زمن طویل من المفاوضات فلا بدَّ من الإقرار بحقیقة أنَّ المفاوضات هی الطریق "والطریق الأقصر" إلى مزیدٍ من الاستیطان.
من ألفباء العمل السیاسی أن یعرف السیاسی، أو الذی فی موقع القیادة السیاسیة، ماذا یرید، والهدف النهائی الذی من أجله یعمل ویتحرَّک، وکیف یتوصَّل إلى تحقیق ما یرید، وأن یجید لعبة الانتقال من مسار إلى مسار من غیر أن یضل الطریق إلى الهدف النهائی، والتی، أی الطریق، فی عالم السیاسة الواقعی والحقیقی لن تکون الأقصر إلاَّ إذا قلَّت استقامتها، وزاد انحناؤها.
إذا اتَّخَذنا من هذا الذی قلنا فی اختصار وإیجاز مقیاساً نقیس به منسوب السیاسة فی القیادات السیاسیة الفلسطینیة والعربیة التی ما زالت تُحْکم قبضتها على القرار السیاسی فإنَّنا لن نحید عن الحقیقة الموضوعیة قید أنملة إذا ما قلنا إنَّ هذا المنسوب قد قلَّ وهبط وتراجع بما یکفی لاستقالة، أو إقالة، تلک القیادات من عالم السیاسة.
إنَّ أحداً من تلک القیادات، التی تَکْثُر وتتکاثر وتسود، عادةً، فی مراحل وفترات الرکود التاریخی ـ السیاسی، والتی قادت وانقادت إلى ما نحن فیه الآن من تیه سیاسی لم نرَ له مثیلاً منذ زمن طویل، لا یملک من قوَّة البصر والبصیرة ما یُمکِّنه من أن یرى "قبل ومن أجل أن نرى من خلاله" أین یقف الآن، أو إلى أین یتَّجِه فی سیره إذا ما کان سائراً، أو إذا ما کان هو نفسه فی مسارٍ سیاسی حقیقی یسیر فیه.
وإنِّی لأرى أنَّ الرئیس أوباما هو الذی یتحمَّل المسؤولیة الأولى والکبرى عمَّا أصاب القیادات الفلسطینیة والعربیة من ضلال وضیاع، فهو توهَّم، ثمَّ أوْهَمها، ثمَّ غادر مملکة الأوهام عائداً "عودة المغلوب على أمره" إلى أرض الواقع، بحقائقه التی تسر إسرائیل وحکومتها التی یرأسها نتنیاهو، وتغیظ الفلسطینیین والعرب.
ن/25
الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS