عباس ونهایة مطاف التنازلات
عباس ونهایة مطاف التنازلات
محمد دلبح
یحسن رئیس السلطة الفلسطینیة المنتهیة ولایته، محمود عباس صنعا إذا نفذ تهدیداته المتکررة بالاستقالة من منصبه.
وسیحفظ الفلسطینیون له صنیعه إذا تخلى عن منصبه طواعیة قبل أن یختتم حیاته السیاسیة بارتکاب ما یوصف عادة فی الأدبیات السیاسیة جرم 'الخیانة الوطنیة'، حیث نقلت عنه صحیفة 'صندای تایمز' البریطانیة یوم الأحد قوله 'اذا کان الاسرائیلیون جادین وتوصلنا الى اتفاق، فاننا سنعلن ان هذا هو انتهاء الصراع ونهایة المطالب التاریخیة للشعب الفلسطینی'. وسواء حظی 'اتفاق أبو مازن- نتنیاهو' فی غضون عام من المفاوضات المباشرة برعایة أمریکیة، بموافقة أو رفض من الشعب الفلسطینی فإن أبو مازن أعلن أنه یعتزم الذهاب إلى منزله ولکن بعد أن یعرض اتفاق تفریطه بفلسطین وحقوق شعبها على ذلک الجزء من الشعب الفلسطینی فی الضفة الغربیة الخاضعة لسلطة قمع مزدوجة طرفاها الاحتلال الإسرائیلی وقوات أمن السلطة الفلسطینیة التی تشرف على تدریبها وتمویلها ووضع برنامج عملها وأدائها الولایات المتحدة.
ابو مازن لم یسأل شعبه ولم یستفته عندما اتفق 'تحت جنح الظلام' وفی سریة مطلقة بتوجیه من یاسر عرفات مع الإسرائیلیین فی أوسلو فی عام 1993 بالتنازل عن 80 فی المئة من فلسطین وإقامة سلطة حکم ذاتی محدود على بعض الجیوب فی قطاع غزة والضفة الغربیة وإقامة أجهزة أمن وشرطة مهمتها وقف العمل الفدائی وحمایة أمن الکیان الصهیونی وتحویل الفلسطینیین فی کامل فلسطین التاریخیة إلى 'جماعة سکانیة' تعیش فی ذیل المجتمع الإسرائیلی، وهو الآن بعد أن أوصل قطاعا کبیرا من الفلسطینیین إلى حافة الیأس وزیف فیه وعی قطاع آخر یرید أن یستفتیهم فیما یصرح مستشاره التفاوضی المصری أحمد أبو الغیط بأن الفلسطینیین سیتلقون 45 ملیار دولار تعویضات عن وطن لم یعد وطنهم.
أبو مازن الذی کان دیدنه منذ أن ألحقه عرفات بحرکة فتح فی عام 1968 العمل ضد المقاومة وشرعیتها لتحریر فلسطین واستبدالها بالمفاوضات مع الإسرائیلیین تارة تحت ستار الحوار مع الإسرائیلیین 'غیر الصهاینة' فی السبعینات ثم مع أی إسرائیلی مهما کانت أیدیولوجیته إلى الحوار مع قادة الاستعمار الصهیونی فی فلسطین وتبویسهم، انتهى به المطاف مهما کانت تبریراته وتصریحاته إلى تقدیم التنازلات المجانیة عما لا یملکه من حقوق الشعب الفلسطینی مثل حق العودة للاجئین وتفریطه بالقدس المحتلة وحتى الـ (دولة) التی یروج ومساعدوه وأتباعه لها فی حدود الـ 12 فی المئة من فلسطین التاریخیة ستکون خاضعة للهیمنة الإسرائیلیة جوا وبحرا وبرا.
قد یکون أبو مازن الوحید من أعضاء اللجنة المرکزیة لحرکة فتح منذ عام 1968 الذی شهد تصاعدا للمقاومة الفلسطینیة بعد معرکة الکرامة الذی لم یذکر تاریخ العمل الوطنی الفلسطینی أی تصریح له یشید بالمقاومة وکان یوصف فی أوساط فتح بأنه 'زعیم المدرسة الانهزامیة المغلفة بشعارات الواقعیة'، وقد سبق له القول 'لیس بمقدورنا أن نقاتل الدولة الیهودیة الأقوى من کل الدول العربیة معا، ومن نحن حتى نواجهها؟ ومع ذلک استمر أبو مازن لأکثر من أربعین عاما أحد قیادات منظمة تصف نفسها بحرکة تحریر وطنی. وبعد تولیه السلطة رئیسا لحکومتها فی عهد عرفات ورئیسا للسلطة نفسها بکل مقدراتها منذ رحیل عرفات لم تصدر عنه سوى تصریحات یجرم فیها المقاومة ویعتبر ان عناصرها ومقاتلیها خارجون على القانون یتوجب ملاحقتهم واعتقالهم.
منذ عام 1969 الذی شهد تولی عرفات رئاسة اللجنة التنفیذیة لمنظمة التحریر الفلسطینیة بقیت 'المنظمة' تتقاذفها أهواء 'قیادة فتح' وسیاساتهما 'التسوویة' إلى أن ألزمها التحالف الأمریکی- العربی الرسمی لمحمود عباس لکی ینفذ برنامجه الخاص الذی یقول کوادر عدیدة فی حرکة فتح انه یهدف إلى تصفیة القضیة الوطنیة للشعب الفلسطینی، ولنا فی تصریح أبو مازن الذی نقلته 'صندای تایمز' ما یؤکد ذلک، وهو یؤکد أیضا أن ابو مازن قد أصبح عبئا على الفلسطینیین والوطنیین العرب.
فهل یصحو هؤلاء؟
ن/25
الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS