إستراتیجیة السلم والحرب على حالها فی إسرائیل
إستراتیجیة السلم والحرب على حالها فی إسرائیل
خالد خلیل
من أهم استنتاجات تقریر معهد أبحاث الأمن القومی فی جامعة تل أبیب أنّ الوضع الاستراتیجی لدولة إسرائیل یزداد تعقیدًا وسوءًا بسبب اقتراب إیران من إنتاج القنبلة النوویة، وکنتیجة للاستخدام المفرط للقوة والدمار الذی خلفته فی لبنان وغزة إضافة إلى حادثة أسطول الحریة وقتل تسعة من ناشطی حقوق الإنسان، مما أدى إلى زیادة النقد الدولی لإسرائیل ووضعها فی عزلة على المستوى السیاسی الدبلوماسی.
ویخلص التقریر إلى أنّ الخروج من هذا الوضع المحرج والالتفاف على قرارات اللجان الدولیة وتوصیاتها التی تدین إسرائیل بشدة، إنما یکمن فی تسریع العملیة السیاسیة والمفاوضات المباشرة مع الفلسطینیین.
ومع أنّ تقریر معهد دراسات الأمن القومی لا یعوِّل کثیرًا على المفاوضات، إلا أنّه یرى فیها بارقة الأمل الوحیدة لتفادی تعمّق الأزمة الدبلوماسیة والسیاسیة أمام الساحة الدولیة من جهة، ولإقناع أمریکا من الجهة الأخرى أن تشدّد سیاستها ضد إیران لیس فقط على مستوى العقوبات، وإنما أیضًا ضرب المنشآت النوویة.
ویؤکد معدو التقریر الأمنی أنّ المخاطر الأمنیة على إسرائیل مردها أیضًا إلى تنامی قوة حزب الله فی الحدود الشمالیة، وعدم النجاح بتحجیم سلطة حماس فی غزة. ویستنتجون أنّ قوة الردع وشدتها أدت إلى نتائج عکسیة فی الشمال والجنوب على حدٍ سواء.
ویعتقد الباحثون أنّ عدم نجاح التسویة بفتح أفق سیاسی جدید فی المنطقة من شأنه تأزیم الأوضاع الأمنیة التی قد تؤول إلى الانفجار.
ورغم عدم توقع حلول جذریة للصراع العربی الإسرائیلی یؤکد الباحثون على أن تجربة أوسلو کانت مفیدة لإسرائیل على الأقل على مستوى العلاقات الدولیة مع الاتحاد الأوروبی وترکیا ودول العالم الأخرى وحلف الناتو.
من الواضح أنّ القیادة الإسرائیلیة تأخذ هذه التوصیات "التی صدرت فی تموز 2010" على محمل الجد وترى المفاوضات مخرجًا أساسیًا من عزلتها على الساحة الدولیة، ولیس کما یعتقد الکثیرون أنّ الضغط الأمریکی هو الذی أدى إلى قبول إسرائیل بالانتقال من المفاوضات غیر المباشرة إلى المباشرة فهذه قضیة تکتیکیة تکاد لا تکون لها علاقة بالسیاسات الإستراتیجیة لإسرائیل.
وبما أنّ إسرائیل ترفض حتى الآن إجراء أی تقدّم على المسار السوری فیما یتعلق بالعملیة السیاسیة، فإنّ ذلک یفتح المجال للاستنتاج أنّ خیار الحرب ما زال قائمًا وبشدة على الجبهة الشمالیة، حیثُ یؤکد باحثو معهد دراسات الأمن القومی على أنّ قرار التسویة مع سوریا مرتبط بالقرار الإسرائیلی، ولیس بشروط تعجیزیة تضعها سوریا، خاصة وأنّ الصفقة معروفة والخلافات التی بقیت مع سوریا هامشیة، کما یقول شلومو بروم "أحد معدی التقریر"، الذی یعتقد أیضًا أنّ مطالبة سوریا بقطع علاقتها مع إیران وحزب الله غیر واقعیة، لأنه إذا ما حصل اتفاق مع سوریا فإنّ الربح الإسرائیلی سیکون بقدرتها على تغییر علاقتها مع حزب الله وتأثیرها علیه دون قطع العلاقات.
التعنت الإسرائیلی إنما یعبِّر عن توجه استراتیجی طالما عملت إسرائیل فی إطاره وهو التفوق الاستراتیجی عسکریًا وسیاسیًا واقتصادیًا دون مراعاة التوازنات لمصالح الدول الإقلیمیة.
ویُستدل من التقاریر الإسرائیلیة المتعاقِبة على أنّ إسرائیل لا تنوی تغییر هذه الإستراتیجیة، مما یعنی أنها ماضیة فی تنفیذ سیاسة القوة وفرض أجندتها على المنطقة ویعنی أیضًا أنّ خیار الحرب سیبقى خیارًا مفتوحًا فی المدى المنظور.
وبذلک تکون المفاوضات الحالیة تکتیکیة من أجل تخفیف الحصار الدبلوماسی والسیاسی التی تورطت فیه إسرائیل ولیس من أجل الوصول إلى حلول معقولة تُرضی جمیع الأطراف.
وبغض النظر عن نوایا السلطة الفلسطینیة فإنها بذلک تکون تلعب فی الملعب الإسرائیلی ووفقًا لتوجهات القیادة الإسرائیلیة، تمامًا مثل الجامعة العربیة وما یُسمى بدول الاعتدال العربی التی تزُج بالسلطة فی مفاوضات وهمیة لن تُسفِر عَن شیء.
ن/25
الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS