الاثنين 14 ذوالقعدة 1446 
qodsna.ir qodsna.ir

صراعنا مع العدو.. فی المیزان

 

صراعنا مع العدو.. فی المیزان

معن بشور

 

رغم کل مخططات التهوید والصهینة الجاریة على قدم وساق فی القدس ومقدساتها، ورغم کل القیود والحواجز المفروضة من سلطات الاحتلال على المسجد الأقصى وحرمه الشریف،أدّى أکثر من 150 ألف فلسطینی الصلاة فی أولى القبلتین وثالث الحرمین الشریفین لیجسدوا المضمون النضالی لصلاة الجمعة الأولى فی رمضان، ولیؤکدوا تصمیم الشعب الفلسطینی العظیم على التمسک بکل حبة تراب من أرضه وبکل حق من حقوقه.

ورغم کل إجراءات الحصار وجرائمه المستمرة ضد قطاع غزة، وهی إجراءات یشارک فیها العدو والشقیق معاً، فإن الصمود الأسطوری لأبناء فلسطین فی غزّة والالتفاف الشعبی العربی والإسلامی والعالمی لکسر الحصار عنهم یعبران عن نفسهما کل یوم بأروع التجلیات، وبالإصرار على تجاوز الحصار والدمار والموت والفقر والجوع عبر متابعة لتفاصیل الحیاة ومواجهة لهمومها والإبداع فی سبل ووسائل التأکید للعدو، کما للعالم، على طبیعة شعب لا یقهر.

ورغم الدعم غیر المحدود، السیاسی والعسکری والاقتصادی والعالمی، الذی تقدمه الولایات المتحدة الأمریکیة وحکومات الغرب، فإن ذلک لم یمنع أن یخرج مئات المثقفین فی جامعات بریطانیا وأمریکا ودول أوروبیة، آخرها ایرلندا، لیطلقوا حملات مقاطعة ثقافیة وأکادیمیة، وأحیاناً تجاریة للکیان الصهیونی، وفی إحکام عزلة دولیة لهذا المشروع العنصری الاستیطانی تذکر بالعزلة التی فرضها العالم على النظام العنصری فی جنوب إفریقیا حتى تهاوى ذاک النظام وانهار...

وحتى التفوق العسکری والتکنولوجی الخارق لهذا الکیان والمعزز بإسناد غیر مسبوق من قبل حلفائه وآخرها بیع أحدث طائراته الحربیة المتطورة "الشبح- ف 35"، فإنه یقف مرتبکاً مزعزعاً أمام إرادة مجموعات باسلة شامخة من المقاومین فی لبنان وفلسطین، احتفلوا قبل أربعة أیام بالذکرى الرابعة لانتصار مبین ما زالت تداعیاته تتوالى حتى الساعة داخل الکیان الذی قدّم نفسه بأنه یمتلک أقوى جیش من المنطقة، بل الجیش الذی لا یقهر.

والجدار الذی حلم العدو یوماً بإقامته من دول الجوار العربی یسقط تباعاً سواء فی إیران قبل 30 عاماً ونیف، أو مؤخراً فی ترکیا حیث عمّد شهداؤها من أبطال أسطول الحریة بدمائهم مرحلة تحوّل کبرى فی تاریخ هذا البلد العریق.

وفیما یتراجع الرئیس الأمریکی أوباما عن تعهداته وتصریحاته، یوماً بعد یوم أمام ضغوط اللوبی الصهیونی ذی النفوذ والتأثیر الکبیر فی أوساط دوائر القرار الأمریکی، یتقدم عدد من کبار المحاربین القدامى فی مجتمع الاستخبارات الأمریکیة، وجلهم مما أمضى عقدین ونیّف فی خدمة الإدارة، رسالة مفتوحة إلى رئیس بلادهم یحذرونه من مغبة التحاق السیاسة الخارجیة الأمریکیة بالتوجهات الصهیونیة، لا سیّما فی مجال الحرب على إیران، مذکرین بخسائر کبرى منیت بها بلادهم منذ حرب 1967 إلى الحرب على العراق 2003 نتیجة انصیاع الإدارة إلى الإملاءات الصهیونیة المغلفة بالمناورات والدسائس والأکاذیب، وهی رسالة تکشف أن دائرة الاعتراض على الالتحاق الأمریکی بالسیاسة الصهیونیة تتسع یوماً بعد یوم ولم تعد محصورة بمثقفین وأکادیمیین وناشطین، أو بعدد محدود من الرؤساء والوزراء أو أعضاء الکونغرس السابقین.

فهل یعقل أن تشهد القضیة الفلسطینیة کل هذه التطورات الإیجابیة على المستوى الفلسطینی والعربی والإسلامی والعالمی بینما یتصرف النظام الرسمی العربی عموماً، والنظام الرسمی الفلسطینی خصوصاً، بهذا المستوى من الاستسلام المهین لمشیئة الأعداء، والصمت المریب عن جرائم هزت العالم ولم تهز ضمائر حکام وحکومات فی وطننا العربی عموماً وفی فلسطین المحتلة خصوصاً.

هل یعقل أن تبدأ عواصم العالم بمقاضاة مجرمی الحرب الصهاینة وملاحقتهم وحرمان الکثیر منهم من التجول بحریة فی أرجاء واسعة من الدنیا، فیما ینزلق بعض رموز النظام الرسمی العربی إلى استقبال المجرمین الصهاینة إیاهم، ویندفع بعض رموز السلطة الفلسطینیة إلى التنسیق مع قوات الاحتلال برعایة المفوض السامی الأمنی الأمریکی الجنرال دایتون لملاحقة المجاهدین والقادة الوطنیین فی الضفة الغربیة أو للمشارکة فی إحکام الحصار، ولو عن طریق حرمان أهل غزة من الکهرباء بعد أن حرموا من حاجات أساسیة کثیرة.

هل یعقل ألا یقرأ القیمون على شؤون أنظمتنا عموماً، وأمور الحکومة الفلسطینیة خصوصاً، کل هذه التطورات الضخمة من حولهم لصالح قضیتنا، فیما القلق على المصیر والوجود یتحکم بالعدید من قادة العدو ومثقفیه ومؤرخیه وهم یرون، حتى الأعداد المتزایدة من یهود العالم، تتبرأ من جرائمهم ومجازرهم وسیاساتهم؟ وهل یعقل أن تصبح المحادثات المباشرة مع العدو هی المطلب الرسمی العربی والفلسطینی، فیما المصالحة الوطنیة الفلسطینیة ممنوعة بقرار أمریکی- صهیونی، وبتنفیذ رسمی عربی وفلسطینی أیضاً؟!

أسئلة نطرحها ونحن نعتز بتصمیم شعب فلسطین وقد بدا جلیاً فی أول صلاة جمعة من رمضان المبارک، کما فی صمود غزّة، والمواجهات ضد الجدار، وتمسک أهل فلسطین 48 بهویتهم.

ن/25


| رمز الموضوع: 143013







الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS
فيديو

وكالةالقدس للأنباء


وكالةالقدس للأنباء

جميع الحقوق محفوظة لوکالة القدس للأنباء(قدسنا)