الجمعه 11 ذوالقعدة 1446 
qodsna.ir qodsna.ir

فولاذیة أوباما.. «قبة وجدار»!

د. أیمن أبو ناهیة

 

لم تؤد التوترات العرضیة بین أمریکا ودولة الاحتلال الإسرائیلیة حول زیارة جو بایدن وصفعة الاستیطان فی القدس، والخلاف بین إدارة أوباما وحکومة نتنیاهو حول السلام مع الفلسطینیین لتوترات مماثلة على صعید التعاون الأمنی والعسکری، بل أصبحت العلاقات فی أحسن حالاتها، کما وصفها المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمریکیة أن الطرفین یتعاونان عسکریا بطریقة غیر مسبوقة فی تاریخ العلاقات بینهما، أما القول المأثور بأن الدعم الأمریکی العسکری لدولة الاحتلال استثمار فی السلام فهو قول معهود منذ إدارة بوش السابقة ولم یحدث أی استثمار ولا تقدم فی السلام، وفی حقیقة الأمر مهما کبر حجم الدعم الأمریکی العسکری لدولة الاحتلال أثناء إدارة جورج بوش السابقة، فإنه لم یصل لما تبدیه إدارة أوباما، إذ إنه أصبح أضعافا مضاعفة ولم تشهده من قبل أی إدارة أمریکیة.

هذه المرة سوف تحظى دولة الاحتلال على رزمة مساعدات أمنیة عسکریة أمریکیة لتعزیز الدفاعات الصاروخیة ذاتیة الدفع على رأسها مشروع "القبة الفولاذیة"، والتی وصفت بأنها الأکبر فی التاریخ، أغلبها من عائدات دافعی الضرائب الأمریکیین وبدعم سخی من إدارة أوباما وبدعم أوسع من الکونغرس، بحجة أن هذه الصفقة التی تبلغ کلفتها 2،775 ملایین دولار أمریکی هذا العام والتی من المقرر أن تزید فی العام المقبل لتصل إلى 3،2 ملیارات دولار ستحمی دولة الاحتلال من الصواریخ الصغیرة المنطلقة من قطاع غزة، مما یعنی أن أکثر من ربع میزانیة الإنفاق العسکری الإسرائیلیة تأتی من أمریکا، ویأتی مشروع "القبة الفولاذیة" هذا کزیادة من إدارة أوباما على الدعم الموجود، ویضاف لمنح أمریکا العسکریة لدولة الاحتلال، فالأخیرة تخزن ذخائر وقطع غیار وأجهزة اتصالات ومعدات أخرى وکلها تعود لأمریکا ولکن دولة الاحتلال تستطیع استخدامها فی حالة حصول نقص لدیها حالة تعرضها لحرب.

ولم تخف دولة الاحتلال مناوراتها التجریبیة لنظام الصواریخ الدفاعیة المتحرکة ذاتیة الدفع بما یسمى "القبة الفولاذیة"، بالإضافة لتزویدها بأسلحة وأنظمة دفاعیة الکترونیة متطورة، وهناک تبادل عسکری یجرى أسبوعیا على أعلى المستویات بین الطرفین، حیث تصطحبها زیارات متبادلة تهدف إلى تبادل فی المعلومات الأمنیة والتعاون العسکری بینهما، وکدلیل على هذا التعاون فقد شارک خلال هذا العام أکثر من ألف جندی فی مناورات عسکریة مشترکة للصواریخ الدفاعیة والتی جرت تحت اسم زیت الکوبرا وهی أول مناورة عسکریة ضخمة تتم بین الطرفین.

ولا یتوقف الدعم الأمریکی العسکری المطلق لدولة الاحتلال على مشروع "القبة الفولاذیة"، فهناک یبنى "جدار فولاذی" آخر على الحدود المصریة الفلسطینیة بتمویل أمریکی لتشدید الحصار على قطاع غزة، ناهیک عن تزویدها سنویا بمساعدات لدعم نظامین صاروخیین آخرین یعرفان بـاسم "سهم ومقلاع داوود".

فهل ثَم هناک اعتقاد بأن الدعم الأمریکی العسکری المطلق لدولة الاحتلال هو استثمار فی السلام؟! وهل بقیت هناک قناعة بأن الدعم العسکری اللامحدود من قبل إدارة أوباما لدولة الاحتلال سوف یجلب الأمن والاستقرار فی المنطقة؟!! ومن منا أصبح یصدق وعود إدارة أوباما بعد کل هذا الدعم المطلق لدولة الاحتلال بقیام الدولة الفلسطینیة؟!!! کیف لا والأمور تسیر على قدم وساق فی استمرار الاحتلال والحصار وبناء المستوطنات وازدیاد الحواجز العسکریة والطرق الالتفافیة وبناء جدار الفصل العنصری وتهوید القدس والمدن والقرى الفلسطینیة؟!.

لقد انکشفت حقیقة أوباما وتعرت مواقف إدارته وانکشفت سیاسة تضلیل الرأی العام العربی والإسلامی بتلک المواقف التی تحاول امتصاص النقمة ضد الاحتلال وتهدئة الرأی العام الثائر على ممارساته العدوانیة والمنادی بإنهاء الاحتلال الإسرائیلی. نعم تخطئ أمریکا والى الأبد إن هی ظنت أنها تستطیع تقدیم الدعم والحمایة لدولة الاحتلال، لقد تغیرت المواقف وتغیرت موازین القوى العالمیة، وعلى أمریکا أن ترفع غطاءها عن دولة الاحتلال وتعمل على دعم حق تقریر المصیر للشعب الفلسطینی وإنهاء الاحتلال الإسرائیلی لکافة الأراضی الفلسطینیة والعربیة إن هی بالفعل أرادت مساعدة حلیفتها، وإلا فإن التغیرات أقوى من کل تلک المحاولات الدبلوماسیة والعسکریة الضاغطة، لأن العالم الیوم متجه نحو الحق الفلسطینی بازدیاد؛ وعلى أمریکا وحلیفتها أن تنظرا بمرآة الحقیقة التی تقول إن القوة والبطش والجرائم لن تجلب سوى المزید من المناعة والصلابة للفلسطینیین لأنهم هم أصحاب الحق وأصحاب الأرض وأبناء هذا الوطن الذی لا بد وأن یتحرر من الاحتلال الإسرائیلی.. فهل تعی أمریکا الأمر جیدا؟!.

ن/25

 


| رمز الموضوع: 142997







الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS
فيديو

وكالةالقدس للأنباء


وكالةالقدس للأنباء

جميع الحقوق محفوظة لوکالة القدس للأنباء(قدسنا)