الجمعه 11 ذوالقعدة 1446 
qodsna.ir qodsna.ir

شالیط یکشف الانقسام داخل الکیان الصهیونی

شالیت یکشف الانقسام فی داخل الکیان الصهیونی
حلمی موسى
خرجت عائلة الجندی الإسرائیلی الأسیر لدى حرکة المقاومة الاسلامیة حماس جلعاد شالیت عن صمتها، وشرعت بحملة «شعبیة» للضغط على حکومة بنیامین نتنیاهو للإسراع فی الإفراج عن ابنها، وبالتالی إبرام صفقة تبادل أسرى مع حماس.
وتتجلى الحملة، التی انضم إلیها عشرات الآلاف فی الیومین الماضیین، بمسیرة من الشمال إلى القدس المحتلة بهدف الاعتصام حتى الإفراج عن شالیت. وحظیت الحملة والمسیرات بتغطیة إعلامیة واسعة لم یسبق لها مثیل .
ومما لا ریب فیه أن الحملة الراهنة تکشف فی الوقت ذاته مقدار الانقسام فی المجتمع الإسرائیلی حول هذه القضیة. فالکیان الإسرائیلی، بطبیعته العسکریة، ینطوی على إقرار بأن کل شاب وشابة یمکن أن یکون فی الجیش مجندا أو ضمن قوات الاحتیاط. ولذلک فإن مصیر جندی قد یعنی مصیر کل شاب فی الخدمة أو کل شاب قد یلتحق بالخدمة. ولهذا السبب هناک هذا الاهتمام بالقضیة تأییدا أو اعتراضا.
فالسؤال المطروح هو: ما هو الثمن الذی یمکن لإسرائیل دفعه مقابل جندی أسیر؟ البعض فی إسرائیل یقول بوجوب الإفراج عن الجندی بکل ثمن. آخرون یقولون أن فی شعار «بکل ثمن» مقدمة للقضاء على (الأمن القومی لإسرائیل)، ولذلک فإن الأمر مرفوض.
ولکن ورغم أن الحملة موجهة بشکل أساس ضد الحکومة الإسرائیلیة التی بیدها قرار الإفراج عن شالیت والتجاوب مع مطالب حماس، فإن الأمور من ناحیة أخرى لا تبدو کذلک. فقد تضامن مع الحملة والمسیرة العدید من الوزراء، بل أن ثلاثة منهم أعلنوا أنهم سیشارکون فیها. کما أن نتنیاهو أبرق لوالد شالیت معلنا تضامنه معه.
وهنا یطرح السؤال: هل أن هذه الحملة تضغط على نتنیاهو أم على حماس؟ فی إسرائیل من یعتقد بأن مثل هذه الحملة تسند حماس وتدفعها إلى مزید من التشدد. ویستند هؤلاء إلى ما أعلنه رئیس المکتب السیاسی لحرکة المقاومة الاسلامیة حماس ، خالد مشعل ، بشأن زیادة حماس للثمن کلما زادت مماطلة الحکومة الإسرائیلیة. غیر أن فی إسرائیل من یشیرون إلى خلاف ذلک. ویرى هؤلاء أن «صمود» نتنیاهو أمام ضغط «شعبی» إسرائیلی بهذا الحجم سیطلق رسالة لحماس بأن علیها هی أن تتراجع، وأن لا تنتظر «تنازلات» إسرائیلیة جدیدة على هذا الصعید.
وبعیدا عن البلاغة یمکن القول أن الصحافة الإسرائیلیة تطفح بالأخبار والتقاریر والتعلیقات حول هذه القضیة. والخلاف قائم لیس فقط فی الشارع وإنما أیضا فی المؤسسة السیاسیة والعسکریة. ویکتب وزراء فی الصحف مع المسیرة وضدها ومع الصفقة مع حماس وضدها.
وفی کل الأحوال ثمة حاجة للإشارة إلى أن انطلاق السجال من جدید حول قضیة شالیت فی إسرائیل جاء بالتزامن مع الذکرى الرابعة لأسره على الحدود مع غزة ومع تضارب الحدیث عن استئناف الوساطة بشأنه. وهناک أحادیث لم تتأکد عن محاولة إسرائیلیة للعودة إلى الوساطة المصریة بعد أن أخفقت الوساطة الألمانیة، رغم تحقیقها إنجازات.
من الواضح أن الطرفین حماس وإسرائیل وبعد سنوات من المفاوضات بوساطات مختلفة توصلا إلى اتفاق حول إطار الصفقة. وبموجب هذا الإطار فإن إسرائیل ستفرج عن 450 أسیرا ضمن قائمة متفق علیها، وبترتیب تدرجی، مع عملیة نقل شالیت إلى طرف ثالث، ومن ثم تسلیمه لإسرائیل. وبعد ذلک تفرج إسرائیل عن 650 أسیرا فی إطار حسن نیة خلال شهر من عملیة التبادل.
غیر أن الشیطان یکمن فی التفاصیل. وبعد مفاوضات مطولة مع حکومتین فی إسرائیل، ایهود أولمرت ونتنیاهو، تم التوافق فقط على أسماء 325 أسیرا، وبقی الخلاف یدور على أسماء 125 آخرین. وقد شرح القیادی فی حماس محمود الزهار، فی مقابلة تلفزیونیة قائلا «لقد أمضینا 4 سنوات فی مفاوضات عبر وساطات مصریة متعددة، ووساطات أوروبیة وألمانیة، وتوصلنا إلى 325 اسما وبموافقة نتنیاهو وبمشارکة حاجای هداس وباعتراف الوسیط الألمانی وهی موثقة. وبعد أن وصل الأمر إلى قبول من جانب حماس کخطوة أولى لـ325 وبقی 125 اجتمعت الحکومة الإسرائیلیة المصغرة ورفضت جوهر الصفقة».
وأضاف الزهار أن إسرائیل بعد ذلک «غیرت آلیات» تحدید الـ125 الباقین، و«کان من المفترض أن تقدم حماس، کما قدمت فی الـ325 الأولى، قائمة أسماء ویوافق علیها الجانب الإسرائیلی. بدأت إسرائیل بوضع عقبات تعرف بأن حماس لن تقبل بها، ولن ترضى بها الوساطات، على أن تقدم أسماء لمحکوم علیهم بالسجن بین خمس إلى 15 سنة، أی من هم على وشک الخروج من السجن، وترید من حماس أن توافق علیها».
وشدد مراسل عسکری على أن القضیة فی جوهرها قضیة قیمیة وسیاسیة. فإسرائیل تصر على إبعاد قسم کبیر من الأسرى الفلسطینیین إلى خارج الضفة الغربیة، إما إلى غزة وإما إلى الخارج. وهی ترى ضرورة ذلک لأن الإفراج عن هؤلاء الأسرى فی الضفة یوجه ضربة شدیدة لمساعی حکومة رام الله ویجعل الضفة الغربیة مرتعا لحماس.
ثمة من یقول أن حکومة إسرائیل قدمت الحد الأقصى من التنازلات، وأن هناک إجماعا فی المؤسسة الأمنیة على ذلک. من الواضح أن الأمر لیس هکذا، ولکن ما هو أهم منه أن استمرار أسر شالیت یظهر المفارقة الإسرائیلیة بکاملها: تطلق أقمارا صناعیة وتدعی معرفتها بما یجری على بعد آلاف الکیلومترات وهی لا تعلم ما یجری لأسیرها على بعد أمتار قلیلة منها فی قطاع غزة.
انتهی / شا / 24


| رمز الموضوع: 142984







الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS
فيديو

وكالةالقدس للأنباء


وكالةالقدس للأنباء

جميع الحقوق محفوظة لوکالة القدس للأنباء(قدسنا)